قال أحمد أبو الغيط، الأمين العام لجامعة الدول العربية، إن الواقع القائم حاليا فى منطقة الشرق الأوسط، يحتاج لتطبيق مبادئ معاهدة وستفاليا (التى أنهت حرب الثلاثين عاماً بين البروتستانت والكاثوليك عام 1648).
أضاف أبو الغيط فى كلمته بالندوة التى عُقدت على هامش مؤتمر ميونخ للأمن 2017، اليوم، تحت عنوان "هل يُمكن تطبيق معاهدة وستفاليا فى الشرق الأوسط؟"، إن تلك المعاهدة أرست مبدأ التسامح الدينى فى العلاقات الدولية، ولها علاقة بالفكرة القائلة بأن فى الإمكان صياغة نظام إقليمى جديد من خلال انخراط أطرافه فى مفاوضات مطولة تُعالج المعضلات الأمنية، وتُلبى تطلعاتهم القومية والدينية.
وأوضح الأمين العام للجامعة العربية: "ما نحتاجه اليوم ليس نظاماً جديداً بشكلٍ كامل، ربما ما نحتاجه حقاً هو العودة إلى ذات المبادئ التى تأسس عليها نظام وستفاليا، وهى بالتحديد: الاعتراف المتبادل بالسيادة المتكافئة بين الدول، وعدم التدخل فى الشئون الداخلية، والفصل بين الدولة والدين".
ولفت أبو الغيط إلى أنه من ضمن التحديات التى يتعرض لها النظام الإقليمى، توظيف القومية العربية من جانب بعض البلدان فى عقودٍ سابقة من أجل تبرير مساعيها للسيطرة.
وقد كان التحالف الدولى ضد صدام حسين فى 1991، والذى ضم الدول العربية الرئيسية، مثالاً كلاسيكياً لاستعادة النظام والدفاع عن مبدأ أساسى من مبادئ وستفاليا وهو السيادة المتكافئة، حتى لأصغر الدول.
وأوضح أبو الغيط أن "النظام الوستفالى" فى الشرق الأوسط لم يعمل بصورة مثالية، بسبب استمرار الاحتلال الإسرائيلى للأراضى الفلسطينية والعربية، وأن إحدى نتائج وستفاليا فى أوروبا، البزوغ التدريجى لمبدأ حق تقرير المصير كصيغة مقبولة لتأسيس الدول.
وبالنظر للشرق الأوسط، قال أبو الغيط: "معاناة الفلسطينيين، والفشل فى تلبية طموحاتهم المشروعة بإقامة دولة مستقلة لهم، ظلت لوقت طويل مصدراً للغضب والتوتر، ليس فقط فى فلسطين ولكن بطول العالم العربى كله. ومن المؤكد أن القضية الفلسطينية تُمثل سبباً جذرياً فى البلاء الذى تعرضت له المنطقة خلال الأعوام الستين المُنصرمة، ذلك أنها خلقت شعوراً نفسياً عميقاً بالظلم لدى العرب، وستظل هذه القضية مصدراً للمتاعب فى المنطقة لسنواتٍ قادمة، ما لم يتم معالجتها بصورة عادلة وشاملة. وكلنا يعلم أن الطريق لتحقيق تلك الغاية هو إنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإقامة الدولة الفلسطينية المُستقلة".
كما شدد أبو الغيط على أن الإسلام السياسى شكل تحدياً آخر للنظام، موضحا إن الجماعات الإسلامية كان يحركها شعور عميق بالإذلال على أيدى الغرب خلال الحقبة الاستعمارية، ووجد الإسلاميون تربة خصبة لتجنيد الشباب لأهدافهم المتطرفة بهدف نشر أيديولوجيتهم الأصولية، كما استغل الإسلاميون كذلك الشعور السائد بالظلم الذى أفرزته مأساة الفلسطينيين.