الأحد 28 ابريل 2024

إسرائيل تدعم حماس وتحاربها!

خالد ناجح

مقال رئيس التحرير 30-11-2023 | 15:27

خالد ناجح

سؤال صعب سألته لنفسي.. لماذا انصرف المواطن الفلسطيني عن منظمة التحرير والسلطة الفلسطينية؟

تجد الإجابة أن السلطة الفلسطينية في حقيقة الأمر لا تحمي مواطنيها من بطش دولة الكيان الصهيوني، بل تحدث مداهمات من جيش الكيان وعنف من المستوطنين، وما السلطة الفلسطينية إلا مجرد كيان هش لا يحمي مواطنيه بل لا يستطيع أن يحمي نفسه من بطش العدو الصهيوني.

إسرائيل أرادت نزع كل عوامل القوة من السلطة وجعلتها مجرد "بقال تموين" في الضفة الغربية التي يتعرض مواطنوها للاعتقال والمداهمات وعنف المستوطنين ومصادرة أراضيهم.

وعلي الجانب الآخر لو أنك مواطن فلسطينى تجد نفسك متعاطفًا ولن أقول متعصبًا لحركة حماس التى تحارب العدو، وتوقع به خسائر مادية وبشرية تشفي غليل أمهات الشهداء والمصابين، بل وتعمل على توجيه مواطنى غزة، التي تخضع لحكمهم، إلى ما يريدون عبر إعلام قوي ومؤثر عاطفيًا.

حماس بدت للموطن الفلسطيني المحرر الوطني، بل بعد انفصالها عن الضفة هي الدولة الفلسطينية، وساعدها في ذلك ضعف السلطة وانقسامها، والعدوان الغاشم من الكيان الصهيوني خلق حالة من العداء من كل المواطنين في غزة، وكأن لسان حالهم يقول "نار حماس ولا جنة الصهاينة"، بالطبع ساعدها في ذلك كم الانتهاكات التي يقوم بها الجيش الصهيوني، فالأم التي فقدت ابنها والأب الذي فقد ابنته والاخ الذي فقد شقيقه والطفل الذي فقد والديه.. كل هؤلاء لديهم ثأر مع الكيان الصهيوني، هذا إضافة لكم الاعتقالات التي يقومون بها بحق المواطنين الفلسطينيين في كل مكان.

حماس من وجهة نظر معظم الفلسطينيين هي التي تقاوم.. وهي التي تُجبر العدو الصهيوني على تحرير الأسرى الفلسطينيين في الضفة والقطاع والقدس، فالضفة التي تحت حكم السلطة يدخل الجيش الصهيوني ويعتقل وحماس تفاوض وتحرر.

حجم الدمار وكم الوحشية من جيش الاحتلال ومن المستوطنين خلق حالة من العداء والثأر لدى الكثيرين في كل فلسطين مع الاحتلال، وفي الوقت نفسه خلق تعاطفًا، ولن أقول تعصبًا لحماس التي تحارب العدو من وجهة نظرهم .

البعض كان يرى أن حماس دخلت في مغامرة أو "حسبتها غلط" بعملية "طوفان الأقصي" في 7 أكتوبرالماضي، لكن هؤلاء أيضا غيّروا رأيهم جراء مشاهدة حجم الدمار ومدى الوحشية التي تعامل بها الاحتلال مع المواطنين الفلسطينيين خاصة مشاهد الأطفال والنساء.

كم من قادة حماس قتله جيش الاحتلال؟.. كم قائد تم اعتقاله؟.. الإجابة لا شيء. لكن تم اعتقال الكثيرين في الضفة والقدس وتدمير بنية جنين التحية!

نعم لا شيء حققه جيش متكبر متغطرس غرق في "شبر ميه"، أيضًا علو سقف أهداف العملية من جانب دولة الاحتلال سياسيين وعسكريين، وإذا بقادة الكيان كـ "عبدالفتاح القصري في فيلم ابن حميدو الشهير" يقدمون التنازل تلو الآخر "خلاص هتنزل المرة دى"، وبعد أن كان هدف العملية القضاء على حماس وتغيير السلطة وإعادة المحتجزين وعدم دخول أي شيء يبقي الفلسطينيين على قيد الحياة.. مياه وغذاء ودواء ووقود، إلى جانب تدمير المستشفيات والمراكز التعليمية والثقافية والكنائس والمساجد.. بل قطعت أغصان الزيتون.

بالطبع هناك عوامل خارجية تسببت في ضغط كبير على الكيان؛ مثل الضغط الذى مارسته مصر والأردن، الذي حال دون تهجير الفلسطينيين وتصفية القضية الفلسطينية، ومع ارتفاع أعداد الضحايا وظهور حجم الدمار بدأ المجتمع الدولي يضغط أيضًا لإيقاف نزيف الأرواح .

وبجهود مصرية قطرية ومشاركة مصرية كانت هدنة التقاط الأنفاس للشعب الفلسطينى وفرصة لدخول المساعدات والوقود، وبالنسبة لدولة الكيان التقطت الفرصة للحفاظ على ماء وجهها بعد فشلها في الدخول البري بل وفشل كل أهداف حملتها العسكرية التي تجاوزت الحدود، ومن هنا كان التنازل الكبير بالموافقة علي صفقات تبادل المحتجزين  بالأسرى، وهنا أجبر الوسطاء (مصر وقطر) الكيان على التعامل مع حماس، بل والقبول بمعظم شروطها في أغلب الأحيان.

لعبت مصر دورًا كبيرًا في تحجيم وحشية العدو وأفشلت كل مخططاته وليس مخطط التهجير وحسب.

وبعد كل ذلك كان هدف الاحتلال الكبير المعلن هو القضاء على حماس!

وهنا لابد أن نسأل.. متى وافقت دولة الاحتلال على الانسحاب من شبر واحد بتفاوض أو بغرض السلام؟.. لم يحدث.

متى قدمت الدولة الصهيونية تنازلًا واحدًا برضاها وبدون إجبارها عليه؟.. لا يوجد.

إذن هى مَن وضعت الطريقة التي يجب أن يعاملها بها الآخرون، وإذا لم تستمع لصوت الحكمة والقبول بحل الدولتين فعملية "طوفان الأقصى" لن تكون الأخيرة بل بداية لعمليات أكثر وأكثر.

ومن إيجابيات ما يحدث في فلسطين تلك الإيجابية العربية للعملية التي أعادت إلى المدارس والشوارع القضية الفلسطينية، وعرف الأبناء في العالم العربي كله مَن هو العدو، بل شاهدوا جرائمه بشكل مباشر وتعاطف مع القضية الفلسطينية بعد أن ظن البعض أنها توارت خلف الأزمات العالمية.

Dr.Randa
Dr.Radwa