الثلاثاء 14 مايو 2024

حكام تل أبيب وتحذير مصر


عمرو سهل

مقالات3-12-2023 | 14:12

إن انحياز إسرائيل إلى خيار انهيار الهدنة وتجديد القصف العنيف والعمليات العسكرية الإسرائيلية ضد قطاع غزة أمر مفروغ منه فإن السلام يحاصر إسرائيل ويخنقها بل ويجبرها على تنازلات مريرة قد لا يقوى على تحملها الائتلاف  المتصدع الحاكم لدولة الاحتلال اليوم حيث تسعي حكومة الاحتلال منذ اليوم الأول إلى عدو ظاهر لتواجهه وتحشد العالم ضده وهو ما حذرت منه مصر فتوسيع العمليات العسكرية خاصة في الجنوب له تبعات خطيرة قد تشكك في وجود هذا الكيان إن اندلعت شرارة مواجهة يظنها المحتل قدرة متوهمة على مواجهة تبعاتها وموقف مصر واضح وراسخ وهو رفض التهجير القسري للفلسطينيين خارج حدود أرضه وعدته خطأ أحمر لن يتم السماح بتجاوزه ما ينذر إلى تلاشي ما رسخته معاهدة كامب ديفيد من مكتسبات.

ولعل التغير في الخطاب الأمريكي حول التهجير رسالة واضحة للمحتلين بأن قدرتكم على القتال في الجنوب بنفس الطريقة التي تدير بها المعركة في شمال غزة لن يؤثر على المكاسب التي يمكن أن تحققها ضد حماس فحيب بل تنذر بصراع أكبر لا يمكن تدارك عواقبه

إن الحصار والخيارات المحدودة أمام إسرائيل في هذه المعركة لا تتخطى السعي إلى قتل قيادة حماس في غزة أو الذين يعيشون خارجها بما في ذلك لبنان وتركيا ويضعه متطرفو تل أبيب هدفًا طويل المدى قد يتعين عليه الانتظار حتى بعد إعادة الرهائن أو حتى إلى ما بعد الحرب وسط تصاعد غضب شعبي داخلي ضاغط على الحكومة للتوصل إلى اتفاق كما أن ضغوط الأمريكيين إلى حل الدولتين بقيادة السلطة الفلسطينية تحاصر نتنياهو وعصابته الذي يبدو مع مرور الوقت يائسا من البقاء في السلطة

وفي الوقت الذي تتواصل جهود مصر والولايات المتحدة وقطر للتوسط لوقف إطلاق نار طويل الأمد لا يشمل إطلاق سراح الرهائن لكنه يمكن الجانبين من التفاوض على هدنة وتشمل شروط الصفقة إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين، بما في ذلك جثث القتلى. وفي المقابل، ستطلق إسرائيل سراح آلاف السجناء الفلسطينيين المسجونين بتهم الإرهاب ونزع سلاح حماس مع احتفاظها بسلطتها السياسية في غزة لكن من دون القدرة العسكرية التي تشكل تهديدا لإسرائيل التي مازالت مزهوة بغرور القوة التي تمارسها ضد المدنيين من الأظفال والنساء  ما دعاها إلى إعلان رفض وقف مؤقت لإطلاق النار لا يشمل إطلاق سراح الرهائن ورفضها صفقة تبقي حماس في السلطة.

على الجانب الآخر لا يتصور أن تتخلى حماس عن أسلحتها وترسخ مبدأ الكفاح المسلح والاستشهاد هما السبيل الوحيد لتحقيق أهدافها.

إذن نحن في لحظة تحتاج إلى حادث وتحرك يمكن أن يحرك الأمور ويحلحل هذا الجمود في موقف الطرفين على الأرض فحماس لن تستأنف المفاوضات ما لم يكن ذلك من أجل التوصل إلى هدنة دائمة في حين قال مدير الموساد إن إسرائيل "لا تتسامح مطلقا" مع ألعاب حماس.

إذن إن تحذير مصر من توسيع العمليات يشير إلى أن ذلك خيار إسرائيلي وقرار غير معلن مهما تصاعدت الضغوط حيث تترسخ قناعة لدى المحتل بأن استئناف الهجوم يفرض ضغوطا كافية على حماس للموافقة على صفقة وفي كل الأحوال فإن مصر تسبق كل السيناريوهات وأعدت لها عدتها وإن ركنت إسرائيل إلى محاولة فرض أمر واقع على مصر عبر جنوب غزة فليس أمام مصر إلا اتخاذ ما تراه من تدابير لحفظ حدودها ويحمل الرئيس السيسي تفويضا رسميا وشعبيا بذلك وساعتها ستتغير الخريطة وتتبدل الحسابات فهل ينتبه متطرفو تل أبيب إلى التحذير المصري أم عقدوا العزم على قتال جديد قد يكون الأخير والمميت لهذا الكيان المغتصب.. الأيام وحدها التي تحمل الإجابة.

Dr.Radwa
Egypt Air