الجمعة 3 مايو 2024

16 كاتباً يروون قصصهم بأقلامهم فى 100 عام رؤساء تحرير «المصور».. المهنية.. التنوير.. الدور الوطنى

صورة أرشيفية

5-12-2023 | 19:23

ملف أعده: أشرف التعلبى
طوال مائة عام تولى إدارة تحرير مجلة «المصور» 16 رئيس تحرير، بدأ من صدورها عام 1924 وحتى يومنا هذا، وطوال هذه السنين تغير شكل «المصور» ومضمونها، فقد زادت صفحاتها وتغير تصميمها، وتحولت من الأبيض والأسود إلى الألوان وتغير حجمها أو عدد صفحاتها، وتنوع كتابها.. لقد كان كل رئيس تحرير يتولى المهمة يحاول جاهدًا فى مواكبة التغيرات الصحفية والتكنولوجيا التى تتطور سريعًا.. ورغم كل هذا لم تتخل يومًا عن مبادئها ونسقها العام، بأنها تضع الصورة قبل الكلمة وتضع التنوير قبل الإثارة وتضع الهم الوطنى قبل الخاص.. مسيرة طويلة حفلت فيها «المصور» بنجاحات كثيرة، وزادت ثقة قرائها يومًا تلو الآخر، لتبقى حتى يومنا هذا تؤدى رسالتها فى ظل الصعوبات الكثيرة التى تتعرض لها الصحافة الورقية. إميل وشكرى زيدان عندما أصدرت «المصور» فى 24 أكتوبر عام1924 كان لها رئيسان للتحرير، هما الأخوان إميل وشكرى زيدان، وهما ابنا مؤسس دار الهلال الأديب جورجى زيدان.. وقد وافق قلم المطبوعات بوزارة الداخلية بعد صدور دستور 1923 على اختيار الأخوين ليرأسا تحرير «المصور»، ليظلا فى منصبهما عشر سنوات امتدت حتى عام 1934، وتميزت هذه الفترة بالاهتمام بالصور وبالمقالات، مع الحرص على تغطية الأحداث العالمية، ومتابعة النشاط السياسى المصرى فى الداخل والخارج، بجانب الحرص على تحديد هوية «المصور»، حتى لا تنافس مجلة الهلال الثقافية، أو مجلة «الإثنين» التى تهتم بالكاريكاتير والرسوم، أو «الدنيا» المهتمة بالفكاهة والأدب الساخر.. وجاء فى خطاب قلم المطبوعات بوزارة الداخلية عام 1930، أن القلم المخصوص بحكمدارية البوليس قد وافق على إصدار مجلة أسبوعية تحمل اسم «المصور الفنى والرياضى» توزع بجانب «المصور» الأسبوعى. وعن هذه الفترة يقول فوميل لبيب، مدير تحرير مجلة «المصور» فى مقاله المنشور بـ «المصور» فى ديسمبر 1984: «كنا فى دار الهلال نعمل كالأسرة الواحدة، رغم أن صاحب العمل فرد - إميل وشكرى زيدان - لكن الجميع كان يشعر شعور الأسرة.. وإميل زيدان كرئيس عمل شخصية لا تنسى، وهذا ما جعلنى أنطلق فى العمل الصحفى منذ بدايتى، فقد كان تعامله مع الجميع بمنتهى الاحترام، ومنه تعلمت الكثير.. كان منضبطًا جدًا - ويوميًا يمر على مكاتب المحررين، ولا يسمح بالأكل فى المكتب ولا وجود الضيوف، وكان يقول إن العمل الصحفى له أسراره، ولذلك لا يجب أن يكون الضيف فى المكتب، كانت تهمه الناحية الأخلاقية للمحرر، ويقول: «أنا أستطيع أن أعلم الإنسان صحافته لكنى لا أستطيع أن أعلمه الأخلاق، لأن الأخلاق تأتى معه من بينه».. وكان يتتبع سلوكياتنا خارج العمل، ويقول إن الأخلاق لا تتجزأ، فمن يسىء التصرف فيما يخصه يسىء التصرف فيما يخص الدار.. وفى اجتماع التحرير الأسبوعى كان يطلق «إميل زيدان» التنافس بيننا، ويشجع التعاون بين الزملاء. فكرى باشا أباظة- أطول مدة يقضيها رئيس تحرير تولى فكرى أباظة رئاسة تحرير «المصور» من عام 1934 وحتى عام 1962، وظل رئيسًا فخريًا حتى رحيله، وبذلك يعتبر أكثر رؤساء التحرير بقاء فى منصبه، وقد كلفه الأخوان إميل وشكرى زيدان، برئاسة التحرير فى 29 أغسطس 1933، عندما بعث شكرى زيدان إلى مدير قلم المطبوعات بإحاطته علمًا بأنهما يرغبان فى إسناد رئاسة تحرير مجلة «المصور» إلى فكرى أباظة ابتداء من العدد الذى يصدر فى 6 أكتوبر 1934: قائلاً فى رسالته: الرجاء أن تأخذوا علمًا بذلك وأن تفيدونا بالموافقة، وفى 9 سبتمبر 1933 يكتب فكرى أباظة المحامى إلى مدير قلم المطبوعات مؤكدًا أنه قبل مهمة رئيس تحرير «المصور» ابتداء من التاريخ المحدد فى الطلب الذى تقدم به صاحبا مجلة «المصور» الأسبوعية، فوصل خطاب موجه من إدارة المطبوعات إدارة عموم الأمن العام إلى مدير دار الهلال بتاريخ 20 سبتمبر عام 1933: «ردًا على خطاب حضرتكم فى 29 أغسطس 1933، الذى تطلبون فيه إسناد رئاسة التحرير إلى حضرة الأستاذ فكرى أباظة المحامى، بدلاً من حضرة الأستاذ «إميل زيدان» أتشرف بأن أبلغ حضرتكم ابتداء من العدد الذى يصدر فى 6 أکتوبر من العام القادم، يصبح فكرى أباظة رئيسًا لتحرير «المصور». وعن هذه الفترة كتب الصحفى حبيب جاماتى- الذى عمل مع فكرى أباظة سنوات طويلة- فى مقاله المنشور بـ«المصور» فى 18 أبريل 1949: كان الأستاذ فكرى أباظة يكتب افتتاحية المجلة، فيسبغ عليها حلة زاهية من غزارة الفكر ورونق الشباب... ومن لم يعرف فكرى أباظة شابًا، فقد فاتته أشياء.. فافتتاحيات فكرى أباظة فى «المصور» كانت فى ذلك الوقت «فتحًا» جديدًا فى عالم الصحافة وأساليب الكتابة، وكانت المشكلة الكبرى بل الكارثة المفجعة يوم تأخر مقال «فكرى باشا» عن الوصول من الزقازيق، فكان سكان دار الهلال يصعدون ويهبطون بين الدور الأول والبدروم، هذا يصيح وذلك يتململ وذاك يضرب الأرض بقدميه، وكان- فكرى- دائمًا يثبت لنا ببلاغة المحامى الذى لا يجارى، أن الحق على «البوسطة يا أخي».. البوسطة التى لا تراعى مصالح الصحافة والجمهور. على أمين فى مايو عام 1962، صدر قرار الرئيس جمال عبدالناصر بوصفه رئيسًا للاتحاد الاشتراكى، بإسناد رئاسة تحرير «المصور» إلى فكرى أباظة وعلى أمين، على أن تكون المسئولية القانونية لعلى أمين، وقد حرص على أمين، على أن يجذب أقلام عدد من تلامذته فى «أخبار اليوم» للعمل فى «المصور» وكان من أبرز هؤلاء أحمد رجب، وأنيس منصور، ومحمد عفيفى، بجوار عدد من المصورين والرسامين. يقول فكرى أباظة فى مقال بعنوان «رئيسى على أمين» المنشور فى كتاب «على أمين الإنسان والصحفى» الصادر عن دار أخبار اليوم: «هذه الكلمة عن «على أمين» لا علاقة لها بأنه صحفى وإنما العلاقة كل العلاقة بأنه كان «إنسانًا» بكل معنى الإنسانية والنبل وكرم الأخلاق.. ففى شهر مايو سنة 1962 حل محلى فى رئاسة مؤسسة دار الهلال.. وكنت قبل ذلك فى الشارع مفصولاً- من كل مناصبى وكانت فترة الشهور التسعة فترة عنيفة- أى فترة طردى وشقاوتى - وحرمانى - وإقتار رزقى حسب ما جاء فى دعاء النصف من شهر شعبان المكرم. دهشت وذهلت حين قرأت فى «ترويسة المصور» أن رئيسى التحرير هما فكرى أباظة وعلى أمين!، فسألت زملائى كيف حدث هذا وهو رئيس المؤسسة ورئيس التحرير؟ قالوا أراد وقرر ذلك وكتب «الترويسة» بنفسه على أن يتقدم اسمك على اسمه!. وجاء بعده الصحفى البارع زميلى «أحمد بهاءالدين» فلم يغير شيئًا من الوضع ووضع اسمه كرئيس لتحرير المصور بعد اسمى، وحل محله أستاذنا الكبير يوسف السباعى، فلم يغير الوضع وجاء اسمه بعد اسمى كرئيس للتحرير.. وقلت فى مذكراتى لفتته تلك لم تكن نبيلة، ولا إنسانية فقط وإنما كانت شجاعة، لأنه يعلم تمام العلم أن صاحب الشأن الذى أقصانى لن يرضيه أن أبقى فى مكان الصدارة والترتيب والتعقيب فى تحرير «المصور». أحمد بهاء الدين أصدر الرئيس الراحل جمال عبدالناصر قرارا بان يتولى أحمد بهاء الدين وفكرى أباظة رئاسة تحرير «المصور» على أن تكون المسئولية القانونية لأحمد بهاءالدين، كان ذلك فى أبريل 1964.. وفى تلك الفترة تصدر «المصور» الصحافة السياسية الأسبوعية فى العالم العربى.. حيث اهتم أحمد بهاءالدين بالتحليل السياسى والاقتصادى، وكتب فى النقد الفنى والأدبى والرياضى مع تحقيق التوازن بين الكلمة والصورة، وتميزت تلك الفترة أيضًا بجذب الاتجاهات الفكرية المختلفة على صفحات «المصور» فكانت من بينها أقلام الأهرام وأخبار اليوم وروزاليوسف والمصرى، بجانب اتساع رقعة التعامل مع أشهر كتاب الستينيات وتقديم أجيال شابة للصحافة. يقول أحمد بهاءالدين فى مقاله المنشور «بالمصور» فى ديسمبر 1984: صدر قرار تعيينى رئيسًا لمؤسسة دار الهلال وأنا فى الجزائر: وقررت عدم العودة وعدم تنفيذ القرار.. أولاً: لأن دار الهلال كانت المؤسسة الصحفية الوحيدة التى لم أدخل بابها قط بعكس سائر المؤسسات الصحفية، وثانيًا: لأننى كنت أقاوم الاشتغال بأية مسئولية إدارية تشغلنى عن العمل الصحفى، والمؤسسات الصحفية الكبرى مثل دار الهلال، صحافة من جهة وصناعة ضخمة من جهة أخرى - وإذا سمح لى القراء بأن أزعم أننى أحسن «فن الإدارة» إلى درجة معقولة، ربما لدراستى القانونية التى تشمل الاقتصاد والإدارة، إلا أن مسئولياتها مرهقة وتحتاج فى رأيى إلى تفرغ تام. ويضيف بهاءالدين: ولما مرت بضعة أشهر، وكان لا بد مما لابد منه تسلمت عملى، كانت تزعجني- بينى وبين نفسى مشكلتان شخصيتان: الأولى: اسمها الأستاذ فكرى أباظة والثانية هى السيدة أمينة السعيد.. كلاهما فى مقام الأستاذ بالنسبة لى، ولكنى كنت أعرف «أمينة السعيد» شخصيًا، فضلاً عن معرفتى لدورها البارز الذى يستحق أن يروى يومًا فى الحركة النسائية، وبالتالى فلم أشعر بأنه ستكون هناك مشكلة، وأنا أعرفها وأعرف خلقها، بل توقعت أن تكون لى نعم المرشد، وهو ما رجوته فعلاً. ولكن فكرى أباظة، لم أتعرف عليه قط.. كانت له فى نفسى مكانة كبرى، فهو الصحفى والكاتب والمحامى الذى لا يحتاج إلى تعريف، وهو أحد أبرع من عرفتهم البرلمانات المصرية- وهو صاحب المواقف الوطنية الخالصة فى كل أزمة واجهتها البلاد ثم إنه فوق هذا وذاك وتلك هى المشكلة فى مقام الأب بالنسبة لى- فاسمه مكتوب كرئيس تحرير لمجلة «المصور»، قبل أن أولد. وكنت أتصور أنه سينزعج من وجود واحد فى سن أولاده رئيسًا له وكان الكثيرون يجدون لذة فى التحكم فيمن كانوا أساتذتهم، فمن حقه أن يتساءل بينه وبين نفسه عن هذا الشاب الذى سيكون رئيسًا له على آخر الزمن!.. وكما لا أعرفه فهو لا يعرفنى، وبعد أن باشرت عملى، شعرت فعلاً بوجود هذا التخوف فى نفسه، وهو الرجل المعتد بكرامته إلى آخر الحدود، ومن اليوم الأول جاءنى رسول ينقل إلى اقتراحًا منه بأن يرفع اسمه كرئيس تحرير «للمصور»، لأننى سأكون أنا رئيس التحرير، وأنه يكفيه أن يكون مستشارًا للدار وكان الأستاذ فكرى أباظة، وهو فوق الثمانين من العمر وقد تأثر بصره إلى حد كبير، ولم يعد يزاول رئاسة التحرير منذ سنوات، وإن بقى اسمه على المجلة.. فرفضت اقتراح الرسول، وقلت له إن اسم فكرى أباظة كان أول اسم كرئيس تحرير «للمصور»، وقد اشتهر «المصور» وتميز به، فهو باق فى مكانه دائمًا، وأما أنا فسأضع اسمى كرئيس تحرير تالٍ لاسمه، وارتاحت نفسه فيما أعتقد، وبدأنا نتصل ببعضنا مباشرة، حول فنجان قهوة فى حجرتى أو فى حجرته. وليعذرنى الزملاء إذا قلت إن وسطنا الصحفى لا يتميز بالأخلاقيات والمثاليات الرفيعة، ولكننى لم أر فى حياتى رجلاً له أخلاقيات ومثاليات فكرى أباظة.. كنا نسميه – الباشا- وكنت أقول لزملائى إذا كانت الألقاب قد اُلغيت، فهذا لقب شعبى تمنحه لدار الهلال كلها عن رضاء واعتزاز.. وكان الذى يزعجنى أنه على كل هذا، يعاملنى كرئيس فى مزيج نادر من الأدب والكبرياء». يوسف السباعى فى يوليو 1971 أصدر الرئيس أنورالسادات، بوصفه رئيسًا للاتحاد الاشتراكى قرارًا بتعيين يوسف السباعى رئيسًا لتحرير «المصور» خلفًا لأحمد بهاءالدين الذى صدر قرار بنقله إلى رئاسة مؤسسة «روزاليوسف»، التى اعتذر عنها واختار الانضمام كاتبًا فى «الأهرام» الذى كان يرأسه محمد حسنين هيكل.. وتميزت فترة «السباعي» بتدعيم الاتجاهات الأدبية والثقافية التى كانت تسود فى تلك الفترة بجانب الحرص على أبراز صف ثانٍ من القيادات الصحفية من بين المشتغلين بالصحافة فى دار الهلال، وهو ما انعكس عليها بعد ذلك، وانتهت رئاسته بعد عامين فقط. وفى اليوم الذى تولى فيه «السباعى» رئاسة التحرير كان «المصور» يستعد لإصدار عدد خاص احتفالاً بذكرى 23 يوليو، فكان أول مقال له عن الثورة، بعنوان «سننتزع الفجر.. من كل ما يحيط بنا من ظلمات»، وقال فيه: مع كل ما يبدو فى الأفق من سحب ومهما اكفهر الجو فليس أمامنا سوى السلاح فى يدنا وفأسنا فى اليد الأخرى، نحن مقرروا مصيرنا ومحرروا أرضنا وبناة مستقبلنا.. ونحن بكل ما فى قلوبنا من إيمان بالله وبأنفسنا وبقيادتنا وبوحدتنا سننتزع الفجر من كل ما يحبط بنا من ظلمات، وسنظفر بالنصر ونحقق آمال ما بعد النصر». وقد تولى «السباعى» العديد من المناصب، ففى عام 1952م عمل مديرًا للمتحف الحربى، وبعد تقاعده من الخدمة العسكرية تقلّد عددًا من المناصب منها سكرتير عام مؤتمر الوحدة الأفروآسيوية، ثم عمل رئيسًا لتحرير مجلة «آخر ساعة»، وعضوًا فى نادى القصة، ورئيسًا لتحرير مجلة «الرسالة الجديدة»، ورئيسًا لمجلس إدارة دار الهلال فى عام 1971م، ثم اختير للعمل وزيرًا للثقافة فى مارس 1973م فى عهد الرئيس السادات، وله الكثير من المؤلفات الأدبية منها رواية نائب عزرائيل، أرض النفاق، إنى راحلة، فديتك يا ليل، البحث عن جسد، بين الأطلال، رد قلبي، طريق العودة، نادية، جفت الدموع، ليل له آخر، نحن لا نزرع الشوك.. وغيرها. فكرى أباظة وصالح جودت صدر قرار رئيس الاتحاد الاشتراكى فى يوليو 1973 إسناد رئاسة تحرير «المصور» إلى فكرى أباظة وصالح جودت معًا، على أن يتحملا المسئولية القانونية مشاركة أيضًا، وتميزت تلك الفترة بالاهتمامات الأدبية، خاصة الشعر إلى جانب العودة إلى أسلوب مجلة «الإثنين» التى كانت تصدرها دار الهلال، ورأس تحريرها صالح جودت، قبل أن تتوقف عن الصدور نهائيًا. وعن صالح جودت يقول فكرى أباظة فى عدد 30 نوفمبر 1973: «زاملنى عدة أعوام مشرفًا على حسابات نقابة الصحفيين- وكان عهدًا من أمجد عهود النقابة، وزاملنى عدة أعوام فى تحرير «المصور» وكان عهدًا من أمجد عهود هذه المجلة الزاهرة.. والآن يزاملنى فى رئاسة تحرير «المصور» وأنا سعيد بهذه الزمالة- داعيًا الله مزيد من النجاح والتوفيق. كان صالح جودت واحد من أهم الشعراء والأدباء فى مصر والعالم العربى، وله ستة دواوين شعرية، منها ليالى الهرم، وأغنيات على النيل، وحكاية قلب، وألحان مصرية، والله والنيل والحب، فضلاً عن عدة روايات وقصص قصيرة، وبعض المؤلفات الأدبية، وتغنى بقصائده كبار المغنين منهم: أسمهان أوبريت الشروق والغروب، وأم كلثوم أذكروه خلدوه - يا شباب الثورة البيضاء، وسعاد محمد أنا وحدي، وشادية أنا بنت حلوة، وصباح خدعتنى وخدعنى هواك، وعبدالحليم حافظ فاتونى، وغنى له محمد عبدالوهاب وفريد الأطرش وليلى مراد. مرسى الشافعى وصبرى أبوالمجد تنفيذًا لقرار رئيس الاتحاد الاشتراكى فى أبريل 1976، تولى رئاسة تحرير «المصور» كل من مرسى الشافعى وصبرى أبوالمجد على أن يتحملا معًا المسئولية القانونية.. لكن مرسى الشافعى انتقل فى أبريل 1977، إلى مؤسسة «روزاليوسف» رئيسًا لمجلس إدارتها ورئاسة تحرير «روزاليوسف»، وبقى صبرى أبوالمجد رئيسًا لتحرير «المصور»، وهى الفترة التى تميزت بالاهتمام بالدراسات التاريخية ونشر الوثائق والمستندات الخاصة بتاريخ ما قبل الثورة، بجانب الاستعانة بكتابة عدد من القانونيين.. ونشر «صبرى أبوالمجد» سلسلة مقالاته الطويلة بعنوان: «مع السادات فى المسيرة الطويلة»، وله العديد من المؤلفات التى تتحدث عن التاريخ المصرى قبل ثورة 1919م وبعدها، كما ألف العديد من كتب السير الذاتية أو الشخصية. وقال صبرى أبوالمجد عن زميله مرسى الشافعى فى مقاله المنشور 29 أبريل 1977 بمجلة المصور: «لقد أتيح لى أن أعمل مع مرسى الشافعى طوال تلك المدة الطويلة فى «المصور» بصفة خاصة ودار الهلال بصفة عامة، وأُتيح لى خلال عام مضى أن أقاسمه مسئولية رئاسة تحرير «المصور» كما أُتيح لى أيضًا أن أزامله فى عضوية مجلس نقابة الصحفيين فى أكثر من دورة، وأشهد أنه كان مثال الصحفى الوطنى الصادق الأمين، وإذا كان قد عز علينا نحن أسرة «المصور» بصفة خاصة وأسرة دار الهلال بصفة عامة أن ينتقل مرسى الشافعى من دار الهلال إلى روزاليوسف بعد تلك الزمالة، والصداقة والأخوة، التى امتدت سنوات وسنوات وبعد ذلك الجهد الشاق والمضنى الذى بذله مرسى الشافعى فى خدمة دار الهلال إلا أننا نتمنى له التوفيق والنجاح. أما عن مرسى الشافعى، فقال فى ذات العدد: «ماذا أقول وأنا اليوم أستأذن زملائى الأصدقاء الأحباب فى دار الهلال.. أن أنتقل بهذه السطور الأسبوعية «باختصار» من المصور إلى روزاليوسف، ربع قرن من الزمان على وجه التقريب عشته فى دار الهلال.. حفلت سنواته المتلاحقة بالعمل الصحفى الجاد الشاق الصعب السهل المضنى الممتع.. سنوات من العمر طيبة.. طاحنة، أحاطنى زملائى خلالها بكل الحب، بروح الأسرة المتماسكة، بأصول الفريق الواحد الصلب الذى يكمل أفراده بعضهم بعضًا، يحاولون طاقة الجهد أن يؤدوا واجبهم على خير ما يكون الأداء.. كنا نعيش السنوات المتلاحقة متفائلين.. نرفض التشاؤم نواجه بصلابة وإصرار الظروف الصعبة التى كانت تواجهها حبيبتنا مصر». وعن علاقة صبرى أبوالمجد بالصحافة فهى تبدأ عندما عمل محررًا فى مجلة المصور لمدة ثمانية عشر عامًا، ثم بعد ذلك أصبح مديرًا للتحرير، ثم رئيسًا للتحرير ونائبًا لرئيس مجلس إدارة دار الهلال من 1977 إلى 1981، وأشرف على جريدة مصر، ثم أصبح رئيسًا لتحرير جريدة «مايو» لمدة خمسة وعشرين شهرًا. وحسبما جاء فى «المصور» فى عدد 3 ديسمبر 1991: «أن صبرى أبوالمجد تولى سكرتير عام نقابة الصحفيين المصرية وأمين عام اتحاد الصحفيين العرب، وطوال ذلك لم ينقطع عن الكتابة فى مجلة المصور وكذلك مجلة الكواكب، وحتى آخر لحظة فى حياته وآخر عمل عام تولاه هو أمانة المجلس الأعلى للصحافة. ولم يتقاضَ أبوالمجد أجرًا عن رئاسته لتحرير «مايو» لإيمانه بأن العمل الحزبى تطوعى، ومن الثوابت الأخرى عن صبرى أبوالمجد هو عدم السفر فى المهمات الخارجية لرئيس الجمهورية، فلم يسافر مرة واحدة مع رئيس الجمهورية، وهو هكذا دائمًا يبتعد عن أصحاب المناصب حتى لو كانوا أصدقاءه.. وكانت من متعه فى الحياة هى البقاء فى مكتبه بدار الهلال بين أطنان الكتب والمراجع والصحف القديمة، يكتب ويوثق وينشط الذاكرة الوطنية، حتى لا تتنكر للماضى وتنسى عظمتها وحتى تعرف أن الذى وراءها من سنين ليس خواء. وله العديد من المؤلفات منها: «سنوات الغضب ثورة 23 يوليو، وسنوات ما قبل الثورة، وكتاب عن فكرى أباظة، وكتاب نهاية إسرائيل، وكتاب عن زكريا أحمد، وغيرهم، وبناء على وصيته خرجت جنازة الكاتب الكبير صبرى أبوالمجد من دار الهلال فى الحادية عشرة من صباح يوم 28 نوفمبر 1991، وتقبلت أسرة الدار العزاء فى فقيدها مساء اليوم نفسه، وكان صبرى أبوالمجد قد انتقل إلى رحمة الله عن عمر ناهز 72 عامًا. أمينة السعيد جرى العرف على أن يكون رئيس مجلس إدارة دار الهلال هو نفسه رئيس تحرير «المصور» ولأن القرار «2» لعام 1977 الذى أصدره الرئيس أنورالسادات بوصفه رئيسًا للاتحاد الاشتراكى ينص على أن تقوم أمينة السعيد برئاسة مجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، فقد أصبحت بالتالى رئيسًا لتحرير «المصور»، فى نفس الوقت ظل القرار السابق باسم مرسى الشافعى وصبرى أبوالمجد، سارى المفعول. بدأت «أمينة السعيد» بكتابة سلسلة من المقالات السياسية، بجانب الأحاديث مع عدد من نجوم العمل السياسي، وهو نوع من الكتابة يختلف عما اعتاده القارئ منها فى بابها الشهير «اسألونى» الذى يعتبر من أعرق الأبواب الصحفية التى تتصل مباشرة مع هموم وانفعالات القارئ العربى. وقد عملت السعيد بعد تخرجها سنة 1935 فى مجلة «المصور»، ثم ترأست مجلة حواء فى عام 1954 كأول رئيسة تحرير لها، ثم رئاسة مجلس إدارة دار الهلال عام 1976، وكانت أول صحفية تزور الولايات المتحدة الأمريكية والاتحاد السوفيتى.. وأول سيدة مصرية تنتخب عضوًا فى مجلس نقابة الصحفيين، وأول سيدة تتولى منصب وكيل نقابة الصحفيين فى عام 1959، وعضوًا بالمجلس الأعلى للصحافة، وبعد إحالتها للمعاش أصبحت مستشارة لدار الهلال وعضوًا بالمجالس القومية المتخصصة والسكرتيرة العامة للاتحاد النسائى وعضوًا بمجلس الشورى لدورتين. وظلت تكتب عمودها بانتظام حتى قبيل وفاتها، وكثيرًا ما دافعت من خلاله عن قضايا المرأة، بجانب عودتها لتحرير باب «اسألونى» بعد انتهاء فترة رئاستها، وقالت المصور فى افتتاحية عدد 2 أكتوبر 1981: «اليوم تعود أمينة السعيد إلى تحرير هذا الباب من جديد، لا كصحفية شابة، ولكن كخبرة وقيمة أدبية واجتماعية وصحفية تعلم على يديها الكثيرون، واستفاد من رأيها الألوف». وجاءت آخر كلماتها المنشورة قبل وفاتها بأربعة أيام فى مجلة المصور عن حال الست المصرية: «لقد أفنيت عمرى كله من أجلها، أما الآن فقد هدنى المرض، وتنازلت النساء عن كثير من حقوقهن.. فالمرأة المصرية صارت ضعيفة.. فلا خلاص للمرأة إلا بالنضال والأمل»، ورحلت الصحفية الكبيرة أمينة السعيد عن عالمنا فى يوم 13 أغسطس عام 1995، بعد أن أوصت أن تخرج جنازتها من مؤسسة دار الهلال التى أفنت عمرها كله فى العمل بها. مكرم محمد أحمد فى يوليو 1981 وتنفيذًا لقرار مجلس الشورى، تولى مكرم محمد أحمد رئاسة تحرير «المصور» بجوار رئاسته لمجلس إدارة مؤسسة دار الهلال، وبقى مكرم محمد أحمد فى منصبه حتى يوليو عام 2005.. وفى تلك الفترة التى تصل لربع قرن كانت «المصور» لسان حال كل الاتجاهات المستقلة والمعارضة والتيارات السياسية، كان ذلك من خلال الحوار الأسبوعى الذى بدأه «المصور» فى خريف عام1981، كما اهتم «المصور» بقضايا السياسة الداخلية وتيارات السياسة العالمية، وفتح نافذة للرأى لأصحاب وجهات النظر المختلفة، لتطرح قضاياها العامة من خلال «المصور» وأتاح الفرصة لأجيال جديدة من شباب الصحفيين للتدريب لأول مرة فى مدرسة «المصور» وانضم عدد كبير منهم لأسرة التحرير، وأصبحت «المصور» واحدة من أهم المجلات الأسبوعية السياسية التى تصدر فى الوطن العربى. يقول الصحفى الراحل مكرم محمد أحمد، الذى تولى رئاسة تحريرها فى مقاله المنشور فى ديسمبر 1984: «وما أظن أن مجلة أخرى فى عالمنا العربى غير «المصور» تواصلت رسالتها على هذا المدى خلال عقود من الزمن بلا انقطاع. إن كانت «الهلال» هى المنعطف الذى خرج من تحته كل هذه المجلات الأدبية التى تنتشر فى أرجاء عالمنا العربى الآن، فإن «المصور» باليقين هى المنعطف الذى خرج من تحته هذا الفيض من المجلات المصورة فى مصر والعالم العربى. وقال «مكرم محمد أحمد» لقد مرت «المصور» بفترات قوة وفترات ضعف، لكنها بقيت أبدًا المجلة العربية الأكثر احترامًا، والأكثر مصداقية، والأكثر إيمانًا بدورها الثقافى على امتداد عالمنا العربى، ولعلنى لا أبالغ إذا قلت إنه ما من مجلة أخرى فى العالم العربى أسهمت هذا الإسهام العريض فى إنجاز ثقافة عربية مشتركة أضافت إلى أواصر أمتنا العربية الكثير. ويضيف مكرم أن الصحف الشامخة كالأشجار العريقة يعطيها الزمن إحساسًا بالرسوخ يضرب جذوره فى أعماق التربة، ويعطيها إحساسًا بالزهو، أصيلًا عريقًا يتبدى فى رونقها العام، لكن الصحف الشامخة تحتاج بين الحين والآخر إلى من يجدد شبابها، من يعطيها مع شموخ القدم نكهة العصر، من يمزج داخلها بين الأصالة والإبداع، ولقد كان من حسن حظ «المصور» أن يأتيها بين الحين والآخر من يجدد شبابها، من يعطيها نكهة العصر إلى جوار شموخ القدم، فعل ذلك فكرى أباظة وعلى أمين وأحمد بهاءالدين، وكان الثلاثة رموزًا حية على فترات إبداع عظيمة فى تاريخ «المصور». أعطاه فكرى أباظة هذا المذاق المصرى الخاص الذى جعل منه منافسًا عظيمًا لكل الصحف اليومية، والذى أضاف إليه نكهة ناقدة ضاحكة باكية، تبدت فى سخرية لاذعة من كثير من أمراض السلوك المصرى، النفاق والخداع والكذب وتجاهل الشعور العام. وأعطاه على أمين، تلك الحيوية الدافقة بحثًا عن الخبر والصورة، وذاك الإيقاع السريع مع مجريات الحدث اليومي.. وجاء أحمد بهاءالدين، ليعطيه عمق الرؤية وشمولية النظرة.. وفى الحقيقة فإن ما ترسب فى ضمير «المصور»، وفى جهد أجيالها المتتابعة، إنما كان مزيجًا من ذلك كله، يصلح بالفعل لأن يكون محور رؤية مستقبلية لدور «المصور» فى الحياة المصرية والعربية. وفى حواره المنشور بعدد 4856 الصادر أول نوفمبر 2017 يؤكد «مكرم» أن «المصور» لعبت دورًا عظيمًا كسجل يسرد تاريخ مصر الحديث، وثّقت بصدق كافة أحداث القرن العشرين، وأعتقد أنه لا يوجد صورة فوتوغرافية تتعلق بتاريخ مصر وما مرت به من أحداث إلا ونجدها داخل مجلة المصور منشورة بشكل يتناسب مع أهمية الحدث، «المصور» كانت المجلة الوحيدة المتخصصة فى نشر الصورة فى مجال الصحافة. ‎وخلال فترة رئاسته للتحرير بذل كل ما يستطيع من مهارة صحفية لكى تتصدر العمل الصحفى باحتراف شديد، كانت تنشر بشكل مستمر كل الأخبار والأحداث، بل كانت أحيانًا تسابق الصحف اليومية فى ذلك، خاصة أن «المصور» كانت مجلة موقف وليس مجرد إصدار يتابع الأحداث. عبدالقادر شهيب يوم 4 يوليو 2005 أصدر مجلس الشورى قرار تعين عبدالقادر شهيب رئيسًا لمجلس إدارة مؤسسة دار الهلال ورئيسًا لتحرير مجلة «المصور».. يقول «شهيب» فى مقاله المنشور بالمصور فى 1 نوفمبر 2017: «لقد حرصت المصور دائمًا على ألا تخدع قارئها أو تضلله أو تكذب عليه، رغم التغييرات السياسية والاجتماعية التى شهدتها البلاد، وأيضًا رغم شدة الظروف أحيانًا التى عاشت فيها المجلة على مدى فترات متلاحقة.. وحتى عندما كانت المجلة تقع فى خطأ سرعان ما كانت تتداركه وتعود لتصحح مسارها من جديد مرة أخرى، لتمضى فى طريق احترام القارئ والحرص على تقديم الحقيقة له سليمة غير مشوهة أو منقوصة، لأن الحقيقة المشوهة كذب، مثلها كالحقيقة المنقوصة أو الناقصة. ويضيف: وهكذا.. لم تحتل «المصور» مكانة كبيرة، وخاصة داخل دار الهلال وحدها، حيث صارت هى الإصدار الرئيسى والأساسى لهذه الدار، وهى التى أعدت أعدادها الأولى من بدروم فى المبنى القديم لدر الهلال لمكان زاحم فيه المحررون والصحفيون الورق، الذى كان مخزنًا فيه وإنما احتلت المصور مكانة كبيرة وخاصة بين الصحافة المصرية أولاً ثم العربية ثانيًا.. فقد كانت «المصور» أول مطبوعة صحفية مصرية، بل وعربية تهتم بالصورة منذ العدد الأول لها، ولذلك تعتبر المصور التى كان اسمها موفقًا جدًا سجلاً مصورًا وافيًا وشاملاً لمصر الحديثة أو سجلاً لتاريخها الحديث.. ولأن المصور اهتمت بمحيطنا العربى فقد اجتذبت اهتمام القراء العرب أيضًا، خاصة بعد أن انتهجت نهج إصدار أعداد خاصة للعرب وقضاياهم بهذا الدستور، الذى سنته لنفسها «المصور»، وكونت مكانتها ونالت الاحترام بين الصحفيين والقراء، خاصة من المثقفين والمفكرين والسياسيين وصناع الرأى العام. وأوضح «شهيب» أن دستور المصور هو دستور احترم القارئ ورفض أن يخدعه أو يغرر به أو يخفى عنه الحقيقة أو يقدمها له ناقصة وغير مكتملة مشوهة.. ولذلك صنعت مصداقية واسعة لم تفرط فيها حتى فى أصعب الظروف وأشدها، وهو أيضًا دستور صاغ له مهمة الإسهام فى عملية تنوير المجتمع ونشر القيم الإيجابية وحمايته من التطرف الديني، الذى صنع لنا وحوشًا آدمية انطلقت بيننا تقتل وتدمر وتخرب وتفجر وتحرق، ولذلك حظيت «المصور» باحترام واسع داخل وخارج مصر أيضًا. حمدى رزق تولى حمدى رزق رئاسة تحرير المصور يوم 11 ابريل 2009، وأثناء فترة رئاسته شهدت مصر أحداثًا متلاحقة وجسيمة غيرت شكل الحياة، حيث قامت ثورة 25 يناير وتنحى الرئيس محمد حسنى مبارك ووصلت جماعة الإخوان الإرهابية لسدة الحكم ورغم صعوبة المرحلة لكن حافظت «المصور» خلالها على طابعها كمطبوعة تحارب التطرف وتواجه الجماعة الإرهابية.. وصف «رزق» مجلة «المصور» هذه الفترة فى مقاله المنشور بالمصور يوم 5 أغسطس 2020: «المصور» ليست مطبوعة باردة إنها دفتر حياة دافقة، وفى مروجها «صفحاتها» خطونا، وعلى أرائكها جلسنا وفى ربوعها حلمنا، وفى مرابعها غنينا للحياة وللحب وللوطن، «المصور» حياة كاملة، أفراح وأتراح قصص وحكايات معارك وتحديات، أسماء وأفكار شيوخ وشباب، وأجيال تسلم أجيالاً، وأجيال وراء أجيال. وأضاف «رزق» محظوظ أنا أن توليت رئاسة تحرير هذه المطبوعة العريقة «مارس 2009 / يوليو 2012»، وجلست على مقعد العظماء وأنا صحفى مغمور، كبراء مبجلون منهم من قضى نحبه ومنهم من ينتظر، جورجى زيدان وفكرى أباظة وأحمد بهاءالدين ومكرم محمد أحمد، وبينهم حمل الأمانة مقدرون ممن لا تتسع لذكر فضائلهم هذه السطور، علامات على الطريق، حفروا اسم «المصور» فى الوجدان المصرى والعربى عرفت «المصور» بهم وعرفوا بـ»المصور» رفعوا إلى أعلى عليين فى مكان محفوظ. أخطأت وأصبت، وحاولت، ونجحت وأخفقت، ولكنى أحببت وأخلصت فى حبى، ولم يغادر حبها قلبي، وأفرح لفرحها وأحزن لو مسها الضر، وأقف على حروفها مدافعًا عن بقائها، ففى بقائها حياة، وأجيال على درجها الرخامى طالعين لوش النشيد لله در الشباب. وأكد «رزق» تجربتى القصيرة فى عمر «المصور» الطويل للتاريخ، تاريخ «المصور»، وسطر من هذا كتبته عندما اصطفيت صديقى أحمد أيوب فى منصب مدير تحرير مجلة المصور جنبًا إلى جنب مع رفاق الدرب، سليمان عبدالعظيم وعزت بدوى وغالى محمد وحلمى النمنم، كنت أزاوج بين خبرة الشيوخ وهم علامات فى طريق «دار الهلال» وطموح الشباب الذى يمثله «أيوب» وجيله ممن لا تتسع لذكرهم هذه السطور. لم أكن أدرى أنهم جميعًا سيخلفوننى تباعًا، خير خلف وكل منهم وضع لبنة فى البناء العظيم، وتولى رفاق الدرب المهمة فى «المصور» توليًا مشرفًا مخلصًا لاسمها العريق، كل منهم ترك بصمة وحافظوا على التراث العريق لدار تحدت الزمان وبلغت من العمر أكثر من قرن وربع القرن شامخة منيرة حادبة على التنوير». عزت بدوى تولى عزت بدوى رئاسة تحرير المصور يوم 15 أغسطس 2012، وعن هذه الفترة يقول عزت بدوى فى مقاله المنشور بعدد 1 نوفمبر 2017: «من رحلتى كصحفى فى معشوقتى «المصور» الرصينة إلى تجربتى كرئيس لتحريرها لمدة عام وعشرة أشهر و20 يومًا أى ما يقرب من 23 شهرًا جلست خلالها على كرسى عمالقة عظام تداولوا رئاسة تحريرها منذ تأسيسها فى أكتوبر عام 1924 بداية من مؤسسها جورجى زيدان وامتدادًا بفكرى باشا أباظة وأحمد بهاءالدين، وصبرى أبوالمجد ومكرم محمد أحمد وعبدالقادر شهيب وحمدى رزق، وأعددت نفسى منذ اللحظة الأولى للمفاجأة غير المتوقعة بتولى رئاسة التحرير أن أغادر فى أى لحظة فى ظل الظروف الحرجة، التى كانت سائدة فى ذلك الوقت، ولذلك سجدت لله شكرًا حينما تحللت من المسئولية وتم تسليم الراية لزميلى غالى محمد فى أول يوليو. عام 2014.. لم أكن أتوقع أن يتم اختيارى لهذا المنصب الرفيع فى هذا التوقيت بالذات، خاصة بعد أن اعتلى الإخوان سدة الحكم فى البلاد، ولا سيما أنه سبق أن تم ترشيحى لهذا المنصب فى مارس 2011 وبعد ثورة 25 يناير أثناء حكومة الفريق أحمد شفيق، وتم إبلاغى بهذا الترشيح، إلا أن ما حدث فى عام 2012 لم يكن متوقعًا.... منذ هذه اللحظة هيأت نفسى بأن أترك هذا المنصب فى أى لحظة وإن لم يكن اليوم فهو غداء، فالمنصب والكرسى لا يدوم إنما أهم شيء هو الحفاظ على هوية مجلة «المصور» وقيمها ورسالتها السامية، وقررت أنه إذا كانت المناصب لم تعد مغرية فإن مؤسسة دار الهلال العريقة ومجلة المصور ومكانتها السامية التى تحتلها فى صدارة الصحافة العربية هى مسئولية ضخمة لا ينبغى أن أفرط فيها أو أتهاون معها، بل أسعى بكل ما أملك أن أحافظ على قوميتها فهى مجلة قومية بمعنى الكلمة، ولم ولن تكون فى يوم ما حكومية، بل هى ملك للشعب المصرى تعبر عن آماله وآلامه وطموحاته». غالى محمد اختار المجلس الأعلى للصحافة غالى محمد رئيسًا لمجلس إدارة دار الهلال ورئاسة تحرير «المصور» يوم 2 يوليو 2014، وبدأت فترته مع تولى الرئيس عبدالفتاح السيسى الحكم، والتى بدأها الرئيس السيسى بترسيخ سياسة مصر الداخلية والخارجية واستعادت مكانتها بقوة.. وعن هذه الفترة يقول غالى محمد: رغم أنى بدأت حياتى الصحفية بمجلة «المصور» عام 1981، عقب تخرجى مباشرة فى كلية الإعلام جامعة القاهرة، متدربًا حتى تم تعيينى رسميًا فى فبراير 1983.. والحديث هنا عن فترة رئاستى لتحرير المصور التى استمرت نحو ثلاث سنوات، وتحديدًا من يونيه 2014 وحتى نهاية مايو 2017، وهى تقريبًا فترة الثلاث سنوات الأولى من حكم الرئيس عبدالفتاح السيسى خلال فترة حكمه الأولى.. وما أريد أن أقوله إننى توليت رئاسة تحرير «المصور» إضافة إلى منصبى كرئيس مجلس إدارة دار الهلال فى فترة حرجة فى تاريخ الوطن وفترة مهمة أيضًا فى حكم الرئيس السيسى، خلال تلك الفترة، اجتهدنا أنا وكافة زملائى الكتاب والصحفيين والمحررين فى مجلة «المصور» أن تكون المصور صوت كل الاتجاهات السياسية طالما تصب فى المصلحة العليا للوطن باستثناء التيار الفاشى للإخوان الذى حمل السلاح لإشعال مصر والعمل على إسقاطها. وأضاف «غالى» استوعبنا كل الآراء دون تعصب لرأى معين، وكانت «المصور» بستانًا لكافة الآراء، وكنا نصل إلى الخطوط الحمراء وما بعدها طالما نقف على أرضية وطنية تعلى مصالح مصر العليا.. وقد حرصنا فى «المصور» أنا وكافة زملائى أن تكون لدينا ملفات صحفية ساخنة، تعبر عن كافة قضايا الوطن التى تعكس هموم ومشاكل وقضايا الأغلبية من المصريين ولم يكن لدينا محظور فى أى قضية صحفية، كما اعتدنا على دوائر حوار «المصور» فى كافة القضايا خاصة التى تتعلق بالإرهاب فى سيناء الحبيبة، واستضفنا فى كافة هذه الدوائر كافة الاتجاهات السياسية، دون أى حظر على أى اتجاه، إلا الذين خططوا لهدم وإشعال وتدمير مصر المحروسة، ولم نمنع مقالاً فى أخطر القضايا، طالما كنا نحقق التوازن الصحفى للرأى والرأى الآخر فى القضايا الخلافية.. واقتحمنا كل القضايا الحرجة خلال هذه السنوات الثلاث، وأشهد أمام الله أن الرئيس السيسى لم يكن يغضب ولم تأت أى رسالة بمنع كاتب أو مقال، حتى فى أخطر الظروف الصحفية الحرجة التى تقدمنا لها.. «المصور» تناولنا قضايا كثيرة تختلف أحيانًا مع توجهات الرئيس السيسى من أرضية وطنية، ومع ذلك لم يغضب الرئيس لأننا كنا فى «المصور» نركز على إضاءة معالم الطريق من خلال كافة الآراء ودون تستر على أية معلومة. أحمد أيوب اختارت الهيئة الوطنية للصحافة أحمد أيوب رئيسًا لتحرير «المصور» يوم 31 مايو 2017 ومازال حتى الآن رئيسًا للتحرير.. كتب يقول بمناسبة مئوية المصور: «ليست سنوات تمر وإنما أحداث وحكايات وحقب زمنية، وحروب، وصراعات، وحكام ورؤساء، وبطولات وانتصارات وانكسارات.. تاريخ كامل سجلته المجلة التى منذ عددها الأول كانت صادقة فى رسالتها، وفية لقرائها، مخلصة فى تناولها للأحداث، موضوعية فى حملاتها ومعاركها التى لم تتوقف طوال تاريخها دفاعًا عن الحرية والتنوير، والثقافة، وقبل كل ذلك الانتماء الوطنى. وأضاف «أيوب» طوال تاريخها لم تكن المصور مجرد مطبوعة يقرؤها الناس للتسلية، بل سجل رصد بصدق وأمانة وحيادية وموضوعية ووطنية ما شهدته مصر ومرت به عبر ما يقرب من قرن من الزمان من معاناة تحت الاحتلال، وجهاد من أجل الاستقلال وثورات للخلاص من الحكم غير المصريين وحروب من أجل التحرير للأرض، وانتفاضة شعب ضد جماعة فاشية أرادت أن تسيطر وتغير هوية وطن، وصولاً إلى رحلة تتم الآن بكل جدية من أجل بناء وطن يستوعب كل المصريين ويحفظ الكرامة لهم. وذكر «أيوب» تعشق أغلفة المصور البناء، تتجمل بصورها كلما كانت متاحة ليس أجمل من أغلفتها وهى تحمل صورة إنجاز يسهم فى بناء الوطن، مصنع يزيد إنتاجنا أو طريق يفتح شريان التنمية أو مدينة تزيد مساحة العمران أو مشروع يضيف لقوتنا الاقتصادية... فليس أفضل من صفحات المصور وهى تتلون بلقطات من مشاهد التشييد العظيم، كان هذا ما ظهر على المصور خلال فترة عبدالناصر وتعيده الآن لكن بشكل مختلف لأن التحديات أخطر والصعوبات أكثر والمؤامرات أشد، ورغم ذلك تسير الدولة فى البناء بإصرار وعزيمة، فخلال السنوات الست الماضية تعددت أغلفة المصور التى تحمل صورة البناء؛ لأن المشهد الذى أصبح معتادًا فى مصر منذ تولى الرئيس السيسى هو البناء، من بناء مشروعات إلى بناء قيم وثقافة إلى بناء علاقات مع كل دول العالم إلى بناء الإنسان نفسه، كل يوم طوبة جديدة تؤكد إعادة الدولة، وتثبت أركانها، وتوطد مكانتها وتأثيرها، والمصور بأغلفتها وصفحاتها كالعادة شاهدة على البناء والعمران وراصدة لكل خطوة يقطعها رئيس وطنى فى سبيل استعادة الدولة التى كادت تصل إلى حد الانهيار. «المصور» مجلة تكتب صفحاتها بمداد الوطن، ويصنعها شباب وشيوخ من طينته الطيبة، يعشقون وطنهم ويتمنون التقدم له والازدهار، ولهذا فدائمًا يسعدهم أن تكون مشروعات البناء والتعمير هى عنوان المصور التى لم تتخلف يومًا عن قضية وطنية، ولم تنحرف عن ثوابته، ولم تخرق قيمه أو تقاليده، ولم تخذل مؤسساته، بل قاتلت وستقاتل بكل قوة وفى كل الاتجاهات، وهذا عهدها ولن تخلفه أبدًا.