الخميس 16 مايو 2024

متى تتجه الجامعات إلى الطاقة الشمسية؟

صورة أرشيفية

5-12-2023 | 19:50

بقلـم: غالى محمد
لا خلاف على أن الرئيس عبدالفتاح السيسى منذ أن تولى الحكم وقد تمكن باقتدار من تحقيق الأمن القومى للطاقة، بل ويصر على ألا يهتز هذا الأمن القومى للطاقة بأى حال من الأحوال. ومن منطلق رؤية الرئيس السيسى فإن الطاقات الجديدة والمتجددة أحد مكونات سلة الطاقة في السنوات والعقود القادمة. ولا يدخر الرئيس السيسى جهدا في تحفيز الحكومة على الاتجاه بقوة إلى الطاقات الجديدة والمتجددة. واتساقا مع تلك الرؤى الوطنية التى تدرك أهمية قضية الطاقة بالنسبة للتنمية فى مصر، وفى ظل القدرات المتاحة للبترول والغاز الطبيعى فى مصر، فإننا نواصل على صفحات مجلة “المصور” التأكيد على أهمية الإسراع بمشروعات الطاقة الشمسية تحديداً، تلك النعمة التى حبا بها الله سبحانه وتعالى مصر المحروسة. وفى المقالات القادمة، سوف ننتقل إلى الحديث عن دور كافة الجهات فى مصر، تجاه الطاقة الشمسية دون التركيز على دور وزارة الكهرباء والطاقة، التى نرى أن تركز على جذب الاستثمارات العالمية والمحلية إلى مشروعات الطاقة الشمسية، حتى نرى كل صحراء مصر عامرة بالمشروعات العملاقة والمجتمعات العمرانية التى تقوم اعتماداً على الطاقة الشمسية. وإذا كنا قد بدأنا فى الأسبوع الماضى عن دور المحليات والمحافظين والنوادى والمدارس والنقابات وضرورة الاعتماد على الطاقة الشمسية، فإننا نركز هذا الأسبوع على الجامعات فى الاعتماد على الطاقة الشمسية. ومن هذا المنطلق الذى نرى فيه أن الطاقة الشمسية إحدى أهم الوسائل لمواجهة أزمات الطاقة. وإذا كنا سوف نبدأ الحديث بنحو 100 جامعة فى مصر حكومية وأهلية وخاصة، تتبعها مئات الكليات بخلاف المعاهد العليا، فضلاً عن المعاهد المتوسطة، فإننا نسأل الدكتور أيمن عاشور وزير التعليم العالى: ماذا يمنع هذه الجامعات أن تعتمد فى احتياجاتها من الطاقة على الكهرباء الشمسية؟ ماذا يمنع كافة هذه الجامعات أن تضيء أسوارها وساحاتها بأعمدة الطاقة الشمسية خاصة أن مبانى تلك الجامعات تقع على مساحات ضخمة، بمبانٍ ليست عالية. ليس هذا فقط، بل إن ساحات تلك الجامعات وما يتبعها من كليات تسمح بنشر مشروعات الطاقة الشمسية، بما فى ذلك الجامعات الأهلية الجديدة التى تقع فى مناطق جديدة، مثل العريش، والطور فى سيناء ومدينة الجلالة وفى كافة المدن الجديدة. ماذا يمنع كافة الجامعات من الاعتماد على الطاقة الشمسية، سواء أثناء الدراسة النهارية التى لا تحتاج مشروعات للطاقة الشمسية، بل تعتمد على بطاريات الليثيوم، مرتفعة التكلفة. وتحديداً، ماذا يمنع الكليات المختلفة أن تعتمد فى الطاقة الشمسية لإضاءة مدرجاتها وتشغيل الأجهزة الصوتية؟ نقول ذلك، إذ إن الطاقة التى تحتاجها هذه الكليات بما فى ذلك الكليات العملية تتطلب قدرات كبيرة من الطاقة مثل المصانع والمستشفيات. نسأل رؤساء الجامعات وعمداء الكليات: ماذا يمنع من التحرك إلى مشروعات الطاقة الشمسية؟ وإذا كان هناك فى الجامعات الحكومية، سيقولون إنه لا توجد اعتمادات مالية، فماذا عن الجامعات الخاصة والجامعات الأهلية التى تحقق أرباحاً ضخمة، أم أن استسهال الاعتمادات على الطاقات التقليدية هو الحل. وإن كنت لا أستثنى الجامعات الحكومية وأرفض التعلل بأى أعذار، لأنها هى الأخرى تحقق أرباحاً ضخمة تؤهلها للاتجاه إلى مشروعات الطاقة الشمسية. وأتوقف كثيراً عند الأفرع الاستثمارية للجامعات الحكومية فماذا يمنع أن تتجه إلى الطاقة الخضراء. وأتوقف أكثر عند كافة كليات الهندسة، بتلك الجامعات وأسأل: ماذا فعلت لمشروعات الطاقة الشمسية ولماذا لا تتجه للاعتماد عليها، حتى لو على سبيل الدراسة العلمية للطلاب؟ كنت أتصور أن تقوم كليات الهندسة فى الجامعات المائة بدور كبير ومهم فى نشر الوعى بالطاقة الشمسية، وكافة أنواع مصادر الطاقات الجديدة والمتجددة بين المصريين أو على الأقل بين طلاب الجامعات والمعاهد، سواء من خلال مؤتمرات أو ندوات، والتركيز بحثياً على نشر الطاقة الخضراء، لكن لا أعرف ما سر هذا الابتعاد والإحجام. لقد تعودنا على أن يكون لكليات الهندسة دور مهم فى الحياة العلمية والابتعاد عن مشاكل الواقع وقضايا المجتمع وعدم الانكفاء على الذات. ورغم تلك الأسئلة فإننى مازلت أرى أن المرحلة القادمة تقتضى أن يكون لكليات الهندسة فى كافة الجامعات المصرية دور كبير، فى إقناع كافة الكيانات المصرية بنشر الطاقة الشمسية وأن تكون البداية بمشروعات من داخل هذه الكليات. ولا أعرف إن كان بتلك الكليات أقسام مخصصة لدراسة الطاقات الجديدة والمتجددة سواء كانت الدراسة نظرية أو عملية. وفى ظل الأولويات فى المرحلة القادمة، أرى أن تركز كليات الهندسة على العديد من الأبحاث والمشروعات، التى تساند كافة الكيانات فى مصر على توطين صناعة الطاقة الشمسية فى مصر، بدلاً من الاعتماد الكامل على البيوت الاستشارية الأجنبية. أتوقع أن نرى بحوثا ونماذج مشروعات لكيفية تحويل الرمال البيضاء إلى مصانع لإنتاج الخلايا الشمسية، وكافة الصناعات الإلكترونية سواء المرتبطة بها أو لتصبح مصر مركزا إقليميا للصناعات الإلكترونية اعتمادا على الخامات التعدينية فى الصحراء المصرية. لقد اتخذت جامعة القاهرة خطوة مهمة نحو المستقبل بالبدء فى إنشاء كلية للطاقة الجديدة والمتجددة وكما قال د.محمد عثمان الخشت رئيس الجامعة فالكلية تراعى متطلبات الثورة الصناعية الرابعة ودعم احتياجات الدولة وتناظر الجامعات العالمية، وهذه الخطوة تحسب لجامعة القاهرة ورئيسها لكنها فى الوقت نفسه تستحق أن تتكرر فى الجامعات الأخرى. وهنا سوف أتوقف مرة أخرى عند جامعة القاهرة التى درست بكلية الإعلام التابعة لها، وأرى أن أسطح كافة مبانى الكليات المختلفة بالحرم الجامعى من الممكن أن تتحول إلى مزارع اقتصادية لتوليد الطاقة الشمسية لهذه الكليات وشخصية الدكتور الخشت تؤكد أنه يمكن أن يتخذ خطوة سباقة فى هذا الاتجاه. بل ويمكن تحويل كافة الأعمدة المنتشرة فى الحرم الجامعى لكى تعمل بالكهرباء الشمسية، بما فى ذلك فرع الجامعة بمدينة زايد. بل ويمكن أن نطمح إلى أكثر من ذلك من الدكتور محمود الخشت رئيس الجامعة وقد عودنا على رؤيته المستقبلية المتميزة، ليبدأ مشروعاً رائداً بإنارة قبة الحرم الجامعى بالكهرباء الشمسية بما فى ذلك المكاتب الإدارية ومكتب رئيس الجامعة بالكهرباء الشمسية. وأتوقع ما هو أكثر من ذلك، لكى تمتد مشروعات الطاقة الشمسية إلى كافة المستشفيات التابعة للجامعة، لإنارة الإضاءات والأعمدة الخارجية وكذلك عمليات التسخين بتلك المستشفيات بالطاقة الشمسية، ولا أقول غرف العمليات وأقسام العناية المركزة وحضانات الأطفال المبتسرين. كما أتوقع من الدكتور الخشت باعتبار الجامعة رائدة فى المشروعات المستقبلية أن تبدأ جامعة القاهرة بنشر الطاقة الشمسية بها، لكى تكون رسائل لكافة الجامعات المائة فى مصر وكافة كلياتها، خاصة أنه هو صاحب فكرة إنشاء كلية للطاقات الجديدة والمتجددة. لن أتحدث عن جامعة عين شمس أو جامعة الإسكندرية، أو جامعة أسيوط أو جامعة المنصورة أو جامعة طنطا، أو جامعة المنوفية أو جامعة بنى سويف، أو جامعة قناة السويس أو جامعة حلوان لأن الذى ينطبق على جامعة القاهرة ينطبق على كافة تلك الجامعات فى ضرورة الاتجاه إلى الطاقة الشمسية. لكنى سوف أتوقف عند جامعة الأزهر وكافة منشآتها وكلياتها، والتى تقع فى أهم مناطق مدينة نصر أو كافة أفرع جامعة الأزهر التى تنتشر فى معظم محافظات الجمهورية، الأمر الذى يجعلنا نتطلع لدور مهم فى نشر الطاقة الشمسية فى جامعة الأزهر بمدينة نصر، وكافة أفرعها. وأعتقد أن رئيس جامعة الأزهر لو طلب من الدكتور أحمد الطيب إمام الجامع الأزهر أية اعتمادات مالية لنشر مشروعات الطاقة الشمسية بجامعة الأزهر وفروعها بل والقيام بدور مهم بنشر الوعى بالطاقة الشمسية بين طلاب الأزهر الذى يتخرج منهم أئمة المساجد. وأعتقد أيضاً أن الإمام أحمد الطيب لن يتأخر فى نشر الطاقة الشمسية بكافة المعاهد الأزهرية بشعار “معهدى الأزهرى يضيء بالطاقة الشمسية”. هذا الدور الذى نتوقعه من كافة الجامعات المصرية لا ينفصل عن الجامعة الأمريكية والجامعة الألمانية بالقاهرة الجديدة وكذلك كافة الجامعات الأجنبية بالعاصمة الإدارية الجديدة وجامعة الأهرام بمدينة 6 أكتوبر. هذا الدور الذى نتوقعه من الجامعات المصرية فى الاتجاه بقوة إلى الطاقة الشمسية وبما يؤدى إلى المساهمة فى خفض استهلاك الوقود البترولي.