الأحد 19 مايو 2024

بعد 7 أسابيع من عدوان جيش الاحتلال الرأى العام الأوربى وتغيير موقف الحكومات لصالح الفلسطينيين!

صورة أرشيفية

5-12-2023 | 21:31

بقلـم: نجوان عبداللطيف
مشاهد عديدة على مدى الأيام الماضية تشير إلى أن هناك تغييرا فى مزاج ورؤية المواطن الأوربى تجاه العدوان الإسرائيلى على غزة، هل سيتبع هذا تغييرا فى مواقف الدول الأوربية التى صارت منذ السابع من أكتوبر الماضى على خطى الولايات المتحدة الأمريكية، بدعم إسرائيل بكل قوة، على أساس أن من حقها الدفاع عن نفسها أمام هجمة حركة حماس فى السابع من أكتوبر الماضى، والتى اعتبرتها عملية إرهابية، والتى قتل فيها 1200، وتم احتجاز حوالى 240، بينما وصل عدد الشهداء الفلسطينيين من جراء الحرب الإسرائيلية على غزة أكثر من 15 ألف فلسطينى، بينهم أكثر من 5500 طفل وأكثر من ألفين من النساء، كما تم تدمير من 40 إلى 50 ألف منزل تدميرا كاملًا ومن 70 إلى 100 ألف منزل أصابها قدر من التدمير. مشهد المؤتمر الصحفى لرئيسى وزراء إسبانيا وبلجيكا عند زيارتهما لمعبر رفح من جانب مصر بعد لقائهما مع الرئيس عبدالفتاح السيسى مشهد مهم فى التعرف على بعض من مواقف دول أوربا.. حقيقة موقف كلتا الدولتين كان هو الأفضل تجاه الجانب الفلسطينى، ولكن ما صرحا به هذه المرة كان الأكثر قوة ووضوحًا وفهما واستيعابًا وتأثيرا. قال بيدرو سانشيز رئيس الوزراء الإسبانى تعليقًا على وقف إطلاق النار المؤقت وصفقة تبادل الأسرى الفلسطينيين فى السجون الإسرائيلية مقابل الإفراج عن الأسرى الإسرائيليين لدى حركة حماس: «وقف إطلاق النار الحالى فى غزة ليس كافيًا، ويتعين تنفيذ وقف دائم لإطلاق النار، وعلى إسرائيل احترام القانون الدولى الإنسانى» وأكد سانشيز على ضرورة دخول المساعدات إلى القطاع، وأشار إلى أن إسبانيا مع ضرورة العمل على حل الصراع الإسرائيلى- الفلسطينى، من خلال حل الدولتين من أجل أن يعم السلام على الطرفين، وأهم ما طرحه سانشيز قوله: «حان الوقت لكى يعترف المجتمع الدولى والاتحاد الأوربى بالدولة الفلسطينية، إنه أمر قيم ومهم، ويجب أن نفعل ذلك مع الاتحاد الأوربى وإذا لم يعترف الاتحاد الأوربى بالدولة الفلسطينية، فإن إسبانيا ستفعل ذلك، وتتخذ قرارها بنفسها». يتوافق رئيس وزراء بلجيكا ألكسندر دى كرو مع موقف سانشيز فى الدعوة إلى وقف إطلاق النار، وقال إن بلاده تسعى للوصول إلى وقف دائم لإطلاق النار فى قطاع غزة مضيفا أن «الحل الوحيد هو الحل الدبلوماسى، ووقف إطلاق النار فرصة يجب أن نستغلها وألا نفقدها، والأولوية فى الأيام القليلة القادمة لإطلاق سراح المحتجزين ووقف إطلاق النار». أثار موقف إسبانيا وبلجيكا رد فعل إسرائيلى متشنج وغاضب، إلى حد استدعاء الخارجية الإسرائيلية لسفيرى البلدين، لتوبيخهما على هذا الموقف، ويبدو أن نتنياهو شعر أن البساط ينسحب من تحت أقدامه، ولم يعد كما كان تأييدا أعمى لحربه على غزة. وهاجم نتنياهو رئيس وزراء إسرائيل تصريحات رئيسى الوزراء الإسبانى والبلجيكى، وقال فى بيان صادر عن مكتبه: «أدين بشدة تصريحات رئيسى الوزراء بشأن عدم تحميل حماس مسئولية الجرائم التى ترتكبها ». مشهد آخر يشير إلى تنامى الأصوات فى البلدان الأوربية الداعمة للفلسطينيين والمطالبة بوقف الحرب على غزة، وهو مشهد مظاهرات فى شوارع باريس ضد الحرب على غزة، يرفعون علم فلسطين ويهتفون ضد إسرائيل ورغم الأمطار الغزيرة خرج الآلاف من الفرنسيين فى تلك المظاهرات ممسكين بالشماسى فى يد والأخرى تحمل يافطات مكتوباً عليها لا للحرب على الفلسطينيين، وكانت فرنسا منعت فى بداية الحرب على غزة أية مظاهرة تأييدًا للفلسطينيين، بل كانت قوات الشرطة تلقى القبض على من يحاولون ذلك، أو يرفعون علم فلسطين وتطبق عليهم قانون معاداة السامية، ومع ضغط الشارع اضطر الرئيس ماكرون إلى الدعوة لوقف إطلاق النار منعًا لزيادة أعداد القتلى من المدنيين الفلسطينيين، وهو الذى هرع فى بداية الحرب لزيارة إسرائيل وتقديم الدعم الكامل لها. ولا أحد يمكن أن يتجاهل المظاهرات الضخمة التى ملأت شوارع لندن والمدن الإنجليزية والتى تخطت أعدادها فى إحدى المرات 300 ألف متظاهر فى مشهد لم يتكرر كثيرا فى تاريخ إنجلترا، ولكن للأسف لم تغير تلك المظاهرات من موقف الحكومة البريطانية الداعم لإسرائيل، وهكذا الحال فى ألمانيا. وكان مسئول السياسة الخارجية فى الاتحاد الأوربى جوزيب بوريل حذر من أن التكتل الأوربى يواجه مشاعر عداء متزايدة فى مختلف أنحاء العالم الإسلامى، بل وخارجه أيضا بسبب اتهامه بالتحيز لإسرائيل، وازدواجية المعايير بشأن الحرب فى غزة، وقال بوريل إنه يخشى أن يؤدى مثل هذا الشعور بالمرارة إلى تقويض الدعم الدبلوماسى لأوكرانيا فى جنوب العالم، وإضعاف قدرة الاتحاد الأوربى على الإصرار على بنود حقوق الإنسان فى الاتفاقيات الدولية، وقال إنه يتعين على الاتحاد الأوربي، أن يبدى «المزيد من التعاطف» إزاء ما يتكبده المدنيون الفلسطينيون، من خسائر فى الأرواح فى الحرب الإسرائيلية على غزة.. قالت صحيفة “فايننشال تايمز” البريطانية، إنها رصدت تغييراً فى الرأى العام الغربى، خاصة الولايات المتحدة، حيال إسرائيل والفلسطينيين بعد اندلاع حرب غزة فى 7 أكتوبر الماضى، وأن سفك الدماء بين الإسرائيليين والفلسطينيين طالما قسّم العالم، ودفع بالشعوب إلى الشوارع للاحتجاج، وبعثر المجتمع الدولى. وأضافت الصحيفة أن الهجوم الذى شنته حركة حماس فى 7 أكتوبر، والحرب الإسرائيلية «الانتقامية» ضد غزة المستمرة، دفعا نحو مزيد من الاستقطاب فى وجهات النظر، خاصة مع سيطرة المشاهد المروعة من الحرب على الأخبار وشبكات التواصل حول العالم، واعتبرت أنه “على الرغم من أن الرأى العام كان بعيدا عن التوقع أو الوضوح، إلا أنه كانت هناك تحولات مهمة من الولايات المتحدة إلى أوربا امتدت أصداؤها عبر السياسة، مشيرة إلى المظاهرات الأمريكية ضد الحرب الإسرائيلية على غزة والمساندة للفلسطينيين الذين يتعرضون للقتل بالقنابل والأسلحة الثقيلة والطائرات، كما تقوم القوات الإسرائيلية بغارات تقصف البيوت على ساكنيها العزل من المدنيين، وسياسة التجويع من خلال منع دخول المساعدات الغذائية والطبية لولا نجاح الضغوط المصرية فى إدخال المساعدات ومنع مقومات الحياة عن الشعب الفلسطينى من مياه الشرب إلى الكهرباء إلى الطاقة، إلى الأدوية والمستلزمات الطبية. كما نشرت صحيفة «واشنطن بوست» الأمريكية موضوعًا عن الحرب على غزة، أشارت فيه إلى أن أعداد القتلى من الفلسطينيين المدنيين فى 7 أسابيع ضعف عدد المدنيين الذين ماتوا فى أوكرانيا خلال حربها مع روسيا.. عبدالرحيم الفرا السفير الفلسطينى لدى الاتحاد الأوربى فى حديث تليفزيونى قسم الموقف الأوربى غير المتجانس إلى ثلاثة أقسام، وأضاف أن هناك حتى هذه اللحظة انقساما واضحا فى مواقف الدول الأوربية، وقال: “قسم صغير وليس الأغلبية يطالب بوقف شامل لإطلاق النار، ولا ينظر إليه لأنه ما زالت أوربا تتبع القرار الأمريكى فى هذا الموضوع.. أما القسم الثانى من الدول الأعضاء فيطالبون بوقف إطلاق نار إنسانى لعشرة أيام أو أسبوع.. لكن حتى هذه اللحظة أيضا لم يتمكنوا من تمرير طلبهم والقسم الثالث والذى وصفه «الفرا» بالأكبر، يتبنى الدعوة إلى هدن إنسانية لمدة ساعات فقط للسماح بدخول المواد الأساسية والمساعدات الإنسانية لغزة، وأيضا فتح ممرات آمنة، مثل ألمانيا وإيطاليا وإنجلترا والنمسا والتشيك والمجر على غرار موقف الولايات المتحدة الأمريكية، وأشار «الفرا» إلى تغيير فى بعض مواقف دول الاتحاد الأوربى (الذى يشمل 27 دولة) مثل فرنسا التى تغير موقفها تغييرا جذريًا وأصبحت تتحدث عن وجوب وقف هذا العدوان، وعن الضحايا من الأطفال، والاستخدام المفرط للقوة من جانب الإسرائيليين، بعد أن كانت داعمة لإسرائيل تمامًا . المؤكد الآن أن الرأى العام فى أوربا تغير ويتغير لصالح الفلسطينيين، وأن الإعلام أيضًا بدأ يعود تدريجيًا إلى صوابه، وينشر بعضا من الحقائق على الأرض، بعد أن كشفت مواقع التواصل الاجتماعى والإعلام المصرى زيف ما ينشرون، الشارع الأوربى أظهر أنه متقدم على حكوماته إنسانيًا، ولكنه لم يستطع تغيير الكثير من مواقف حكوماته التى تحكمها المصالح. وبينما تمثل «المصور» للطبع تعقد جلسات اجتماع دول الاتحاد من أجل المتوسط الذى يشمل العديد من الدول العربية فى برشلونة التى أعلنت قطع علاقاتها مع إسرائيل قبل يومين، وكانت إسرائيل قد أعلنت مقاطعتها للاجتماع بسبب الموقف الإسبانى، وتشير بعض المعلومات المنشورة إلى أن رئيس إسبانيا الذى يرأس الاجتماع سيعمل على الدعوة لوقف دائم لإطلاق النار، وبحث ومناقشة الصراع الإسرائيلى - الفلسطينى، وسيدعو للاعتراف بدولة فلسطين، وهو نفس الموقف الذى تتخذه مصر وتدعمه بقوة وتدعو إليه، هل ستنجح هذه الدول المتوافقة على هذا التوجه فى فرض رؤيتها؟، أم أن الضغوط الأمريكية والإسرائيلية ستعيد أوربا للمربع رقم واحد؟