السبت 4 مايو 2024

بعد نجاح المرحلة الأولى تمديد الهدنة مطلب عالمى .. وجهود مصرية قطرية لاستمرار التهدئة

صورة أرشيفية

6-12-2023 | 10:50

تقرير: دعاء رفعت
بعد نجاح الجهود المصرية القطرية فى تمديد الهدنة الإنسانية ليومين آخرين، شهدت الدوحة أمس الثلاثاء مباحثات بين مسئولين مصريين وقطريين وأمريكان وإسرائيليين؛ لمناقشة تمديد جديد للهدنة بعدما أكدت كل المؤشرات نجاح الهدنة الأولى وتحقيقها للأهداف المرجوة منها، وكما كشفت مصادر مصرية للقاهرة الإخبارية فإن اللواء عباس كامل، رئيس جهاز المخابرات العامة المصرية، شارك فى مباحثات الدوحة مع رئيس الموساد الإسرائيلى ومدير «CIA» الأمريكية وعدد من المسئولين القطريين من أجل تمديد الهدنة وتثبيتها وتوسيع نطاقها. زيارة الوزير عباس كامل ومشاركته فى اجتماع الدوحة تؤكد الدور المصرى الكبير فى تحقيق الهدنة ووقف نزيف الدم الفلسطينى وحماية قطاع غزة من الكارثة الإنسانية والعمل من أجل ضمان هدنة مستدامة، وصولا إلى وقف كامل لإطلاق النار بعد أن أصبح هذا مطلبًا دوليًا تؤكد عليه كل القوى والعواصم والمنظمات الحقوقية والمؤسسات الدولية وفى مقدمتها الأمم المتحدة التى عبر أمينها العام «جوتيرش» عن أن الهدنة بادرة جيدة ويجب أن تستمر، ليس هذا فقط بل إن الغالبية فى إسرائيل تسعى إلى تمديد الهدنة، وحسب ما أكده مدير المعهد الديمقراطى الإسرائيلى فإن الأغلبية فى دولة الاحتلال تؤيد تمديد الهدنة، وإطلاق مزيد من الرهائن، وهو نفس ما أكدته حماس التى أعلنت موافقتها على تمديد جديد وإطلاق أكبر عدد من الأسرى الفلسطينيين وإن كانت أكدت أنها ترهن الإفراج عن الرهائن العسكريين بإطلاق إسرائيل سراح كل المعتقلين الفلسطينيين فى سجونها. وكانت الأيام الماضية منذ سريان الهدنة الأولى شهدت إفراج الاحتلال الإسرائيلى عن 150 أسيرًا من المعتقلات والأطفال، فى حين أطلقت الفصائل 33 أسيرًا إسرائيليا، إضافة إلى عدد من المحتجزين الأجانب الذين أطلقتهم ضمن مبادرات إنسانية منفصلة. حيث تم أمس الثلاثاء تسليم الدفعة الخامسة من الأسرى، حيث تم الإفراج عن 30 أسيراً من المدنيين الفلسطينيين مقابل خروج 10 من المحتجزين الإسرائيليين فى غزة، وستتواصل عمليات الإفراج عن الأسرى، حسب ما سيتم الاتفاق عليه فى الهدنة الثانية نتيجة الجهود المصرية القطرية من أجل إنهاء المعاناة الفلسطينية وإيقاف الحرب. نجاح الهدنة لاقى ترحيبا دوليا، خاصة أنه أوقف الدماء، فقد أعلن حلف الناتو ترحيبه بتمديد الهدنة ووقف القتال فى غزة وإطلاق سراح المحتجزين بغزة، مشددًا على ضرورة إيصال المساعدات للقطاع. فى الوقت نفسه شهد معبر رفح المصرى نشاطا كبيرا، سواء بتوافد عشرات الفلسطينيين الراغبين فى العودة إلى غزة، أو تواصل المساعدات حيث واصلت مصر جهودها الكثيفة لإيصال المساعدات الإنسانية إلى قطاع غزة عبر منفذ رفح، والتى استمرّت طوال فترة العدوان على القطاع، وتكثفت مع سريان الهدنة الإنسانية فى مرحلتها الأولى، وهو ما سيتواصل أثناء المرحلة الثانية، فقد عبرت أمس الثلاثاء فقط 250 شاحنة محملة بمختلف المساعدات الإنسانية والغذائية والمستلزمات الطبية والأدوية دخلت إلى غزة، والمساعدات تدخل لقطاع غزة تباعا بعد انتهاء إجراءات دخولها. ليتجاوز عدد الشاحنات التى عبرت 2500 شاحنة محملة بآلاف الأطنان من المساعدات ومن بينها نحو 1100 طن من السولار والغاز. هذا الجهد المصرى المتواصل يأتى دعما للأشقاء ومحاولة لمساندة القطاع الذى أكدت كل التقارير الدولية، أنه تعرض لتدمير شبه كامل وخاصة المنشآت الطبية حيث لم يعد هناك سوى ثلاثة مستشفيات فقط تقدم خدماتها الطبية للمصابين. الجهد المصرى نال إشادات من الجميع، وخاصة الولايات المتحدة والتى أكدت أن الدور المصرى فى مفاوضات الهدنة الإنسانية فى غزة كبير، وأن القاهرة كانت وما زالت تلعب دورا مهما وجوهريا فى مفاوضات إطلاق سراح الرهائن والمحتجزين والمستجدات فى القطاع. الموقف المصرى لم يتوقف عند هذا الحد، بل واصلت القاهرة أيضا جهودها للحشد الدولى لدعم القضية الفلسطينية والثوابت التى أعلنتها وفى مقدمتها الرفض التام للتهجير أو تصفية القضية وأنه لا بديل عن حل الدولتين ومنح الفلسطينيين دولتهم المستقلة على حدود 67 وهو ما أعلنه الرئيس السيسى خلال استقباله رئيسة دولة المجر، وأكد عليه سامح شكرى خلال مشاركته فى مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط. الموقف المصرى أعلنه أيضاً السفير أسامة عبدالخالق، مندوب مصر فى الأمم المتحدة، والذى قال إنه يجب أن تؤدى الهدنة لوقف دائم لإطلاق النار بغزة وإدخال المساعدات إلى القطاع دون عوائق، وأشار فى كلمته بجلسة الجمعية العامة للأمم المتحدة حول الأوضاع فى قطاع غزة، إلى أهمية إغاثة المدنيين فى غزة وإنهاء الاحتلال الإسرائيلى وإنشاء الدولة الفلسطينية المستقلة على حدود 4 يونيو. ولفت «عبدالخالق» إلى أن الهدنة المؤقتة الحالية التى توسطت فيها مصر وقطر وأمريكا بجهود حميدة لا يمكن أن تغنى بأى حال من الأحوال عن وقف دائم لإطلاق النار، حقنا لدماء المدنيين ومنعا من انزلاق المنطقة نحو مواجهات أوسع، وإغاثة للمدنيين الفلسطينيين فى غزة، حيث طالت معاناتهم من سياسات الحصار والتجويع والتشريد. وأضاف: «أنه يجب أن تضطلع الأمم المتحدة بكامل مسئولياتها فى هذا الصدد»، مشيرًا إلى أن الانتهاكات الإسرائيلية الجسيمة فى حق الشعب الفلسطينى ليست ظاهرة حديثة، حيث يرسم تقرير اللجنة المعنية بممارسة الشعب الفلسطينى لحقوقه غير القابلة للتصرف صورة قاتمة لهذه الانتهاكات، وتابع مندوب مصر لدى الأمم المتحدة، أن التقرير تناول الغارات الإسرائيلية المكثفة فى الضفة الغربية والازدياد المطرد فى ضم الأراضى الفلسطينية بصورة غير مشروعة وبناء المستوطنات غير المشروعة، بالإضافة إلى الهجمات الوحشية من جانب المستوطنين على المواطنين الفلسطينيين والتى بلغت 849 هجوماً. وكما قال رياض منصور المندوب الفلسطينى الدائم بالأمم المتحدة، فإن 15 ألف فلسطينى استشهدوا فى غزة ونحو 80 بالمائة من سكان القطاع تحول إلى لاجئين ونازحين، مضيفًا أن الحرب فى قطاع غزة تستهدف المدنيين فى المقام الأول. وأضاف خلال كلمته بجلسة الجمعية العالم للأمم المتحدة حول الأوضاع فى غزة، أن أكثر من 3 آلاف من المدنيين الفلسطينيين تعرضوا للاعتقال والتوقيف على يد قوات الاحتلال فى الضفة الغربية منذ بدء العدوان. وتابع أن الحكومة الإسرائيلية تستهدف تدمير الأمة الفلسطينية ووجود الشعب الفلسطينى من خلال التهجير، مؤكدا أن إسرائيل تواصل بلا هوادة عمليات الاستيطان والضم للأراضى الفلسطينية، مضيفا أنه ما من سلام فى الشرق الأوسط دول حل عادل ودائم للقضية الفلسطينية بموجب القانون الدولى. وأوضح أنه يرفض تصريحات الوزير الإسرائيلى التى وجهها للشعب الفلسطينى بشأن الخضوع أو التهجير أو الموت، مؤكدا أن حرية الشعب الفلسطينى هى مسار السلام والأمن للجميع. فيما أكد الرئيس الأمريكى جو بايدن، أن بلاده لن تتوقف عن العمل حتى تعيد الرهائن المحتجزين فى قطاع غزة إلى وطنهم، وأن حل الدولتين هو السبيل الوحيد لضمان الأمن على المدى الطويل للإسرائيليين والفلسطينيين، مشيرًا إلى أن الولايات المتحدة ستواصل العمل من أجل تحقيقه. بينما قال العاهل الأردنى الملك عبدالله الثانى، إن الحرب على غزة يجب أن تتوقف، واصفا «عدوان إسرائيل البشع على غزة وانتهاكاتها اللاشرعية بالضفة الغربية بأنها تتنافى مع قيم الإنسانية وحق الحياة»، مضيفاً أن استمرار إسرائيل فى القتل والتدمير ومحاولات تهجير الفلسطينيين فى قطاع غزة والضفة الغربية تحدٍ للقانون الدولى الإنسانى. ورغم تأكيد تقرير نشرته صحيفة جيروزاليم بوست الإسرائيلية، أن رئيس الوزراء الإسرائيلى بنيامين نتنياهو، أصدر أوامر لجهاز الموساد الإسرائيلى باغتيال كبار مسئولى حماس. وذكرت الصحيفة أن نتنياهو، أعلن صراحة عن تلك الأوامر فى اجتماع مع وزير الدفاع الإسرائيلى يوآف جالانت والوزير بحكومة الحرب بينى جانتس، وأنه أصر على أن «بند الالتزام بالهدنة ضد قادة حماس» غير موجود فى اتفاق الهدنة، إلا أن كل هذا لم يمنع موافقة دولة الاحتلال على المشاركة فى مفاوضات تمديد الهدنة، ووفقًا للمصادر الإعلامية، تركزت المباحثات، على ضمان الإفراج السلس عن الرهائن والأسرى من الجانبين، حيث أعلنت الخارجية الأمريكية عن أملها فى الإفراج عن كل الرهائن، وربما تمديد الهدنة المؤقتة لأيام أخرى من أجل ضمان إطلاق سراح جميع النساء والأطفال، حيث تعتقد إسرائيل أن هناك ما يصل إلى 93 امرأة وطفلاً محتجزين لدى الفصائل الفلسطينية، باستثناء خمس جنديات، وتعتقد أن اليومين المقبلين حاسمان فى إقناع حماس بتمديد الصفقة لتشملهم جميعًا، وقد يكون مد الهدنة بداية لتمهيد الطريق لصفقات مستقبلية يمكن أن تشمل الرهائن الذين لم يشملهم الاتفاق الحالي، ومنهم رجال وربما جنود، وذلك بعد أيام من دخول الهدنة الأولى حيز التنفيذ يوم الجمعة، حيث أطلقت إسرائيل سراح 150 أسيرًا فلسطينيًا - من ضمن ما يقرب من 10 آلاف فلسطينى فى السجون الإسرائيلية من ضمنهم 3260 امرأة - على ثلاث دفعات، بينما أطلقت حماس سراح 69 امرأة وطفلاً، من بينهم 51 إسرائيليًا و18 مواطنًا أجنبيًا. وفى سياق ذلك ذكرت وسائل إعلام إسرائيلية أن جيش الاحتلال يعيد تجميع صفوفه استعدادًا للمرحلة التالية بعد انتهاء الهدنة، وهو نفس ما تفعله المقاومة، وأكدت مصادر أخرى أن رئيس الوزراء نتنياهو أعلن أن هناك ثلاثة أهداف لن يتم وقف الحرب قبل تحقيقها، وهى القضاء على حماس واسترجاع الأسرى ومنع أى تهديد من قطاع غزة، لكن فى المقابل تواجه حكومة الاحتلال ضغطاً داخلياً لقبول الهدنة من أجل إطلاق المحتجزين. وسط كل هذا تواترت أنباء تؤكد عودة وزير الخارجية أنتونى بلينكن، لإسرائيل والضفة الغربية فى الأيام القليلة القادمة فى الرحلة الثالثة للمنطقة منذ بداية الحرب، خاصة فى ظل تزايد المعارضة من المجتمع الدولى، لمواصلة الحرب ضد غزة، وحسب ما أكدته تقارير إعلامية، فضلاً عن مسئولين أمريكيين كبار، فإن إدارة جو بايدن، أبلغت إسرائيل بأن عليها العمل على تجنب المزيد من التهجير الكبير للفلسطينيين فى جنوب غزة إذا جددت حملتها العسكرية بعد الهدنة، وأكد المسئولون الأمريكيون، الذين تحدثوا للصحفيين شريطة عدم الكشف عن هوياتهم، أن الحكومة الأمريكية تسعى إلى تجنب وقوع المزيد من الضحايا المدنيين أو عمليات النزوح الجماعى التى حدثت قبل بدء الهدنة يوم الجمعة، وأن البيت الأبيض بدأ فى ممارسة المزيد من الضغوط على إسرائيل لضمان أن هجومها المستقبلى يجب أن يتم «التفكير فيه بعناية»، خاصةً وسط تقارير منظمة إنقاذ الطفولة التى تؤكد بأن فشل المجتمع الدولى فى التوصل إلى وقف إطلاق نار لمدة أطول سيترك أطفال غزة فى كابوس بشع مرة أخرى، فالرجوع إلى الحرب يعنى قتل المزيد من الأطفال، ووفقًا لأحدث الإحصائيات، وصل عدد شهداء الحرب فى غزة إلى نحو 15 ألف فلسطينى من بينهم نحو 6 آلاف طفل. فى الوقت نفسه، أكد المكتب الإعلامى الحكومى فى غزة أن القطاع يحتاج إلى 1000 شاحنة مساعدات يوميًا للتعافى. وقال الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، إن الفلسطينيين يعانون من «أحد أحلك الفصول» فى تاريخهم. ووفقًا لشبكة NBC، عقدت مجموعة من الديمقراطيين فى مجلس الشيوخ الأمريكى اجتماعًا مع مسئولين بالجيش الإسرائيلى يوم الإثنين فى واشنطن العاصمة، لمناقشة الأزمة الإنسانية المتزايدة فى غزة، والمساعدات الأمريكية العسكرية التى تقدمها الولايات المتحدة لإسرائيل، ووفقًا للتقرير الوارد، صرح السيناتور بيرنى ساندرز، بأن «فكرة منح إسرائيل ببساطة 14 مليار دولار دون أى شروط ستكون لها نتائج عكسية»، مشيرًا إلى أن الشعب الأمريكى قلق للغاية بشأن عدد النساء والأطفال الفلسطينيين الذين قتلوا حتى الآن خلال القصف الإسرائيلى للقطاع. يأتى القلق الأمريكى من حجم المساعدات المقدمة لتل أبيب بعد إقرار مجلس النواب الأمريكي، فى وقت سابق من الشهر الجاري، خطة جمهورية تقدم مساعدات عسكرية بقيمة 14.5 مليار دولار لإسرائيل، مما أدى إلى صراع حزبى حول القضية التى عادة ما تكون بين الحزبين الجمهورى والديمقراطي. وفى سياق مرتبط أكد مؤتمر الاتحاد من أجل المتوسط على أهمية الوقف الكامل لإطلاق النار، وأكد سامح شكرى وزير الخارجية المصرى على الرفض القاطع لأى محاولات للتهجير القسرى، وشدد على أهمية إحياء عملية السلام على أسس تضمن إقامة الدولة الفلسطينية. وتواصل اللجنة الوزارية العربية الإسلامية جهودها فى الحوار مع القادة الأوربيين لنقل مخرجات القمة العربية الإسلامية والتأكيد على الثوابت العربية.