إذا أردت أن تعرف ثقافة أي بلد ما .. فما عليك سوى أن تتجول في شوارعها لتعرف حقيقة ثقافتها. فالشارع وهو المصنع الحقيقي لثقافة وسلوكيات أي شعب كما انه انعكاس حقيقي لثقاقة البيت و المدرسة و العمل ويعتبر جزءاً من الثقافة الإنسانية على مر العصور ومع إزدياد وسائل التواصل الاجتماعي أصبحت هذه الثقافة أكثر انتشاراً وعلى غير ما كان متوقعاً. وأصبح يفرز منتج ثقافي خاص به لأن الفعل الثقافي هو وليد الشارع والواقع.. فقد أثر في النصوص التي تكتب اليوم وحتى في الموسيقى وغيرها من كل أنواع العمل الثقافي بشكل عام. وعلى مر العقود، نشأت وتطورت عدة ثقافات شارعية معروفة عالميًا، مثل ثقافة الهيب هوب في الولايات المتحدة وثقافة الراب والجرافيتي في العديد من البلدان. وتتأثر ثقافة الشارع بالعوامل الاجتماعية والاقتصادية والثقافية والسياسية، وقد تعكس القضايا الاجتماعية المعاصرة مثل العدالة الاجتماعية والتمييز والمقاومة. كما تعكس روح الابتكار والإبداع، حيث يعمل الفنانون والمبدعون في ثقافة الشارع على ابتكار أساليب راقصة جديدة، وتصاميم فريدة للجدران، وأساليب موسيقية مبتكرة كما تعد ثقافة الشارع وسيلة للتعبير عن هوية المجتمعات والمجموعات الشبابية. وتستخدم أيضا للتعبير عن قضايا اجتماعية وسياسية مهمة، وتشجع التحرك والتغيير في المجتمع وتعكس ثقافة الشارع توازنًا مثيرًا بين الثقافة المحلية والعالمية. فعلى الرغم من أن ثقافة الشارع تنشأ في بيئات محددة ومحلية، إلا أنها قد تنتقل وتتأثر بتيارات عالمية وتتعامل معها بطرق محلية. فهي تجربة حية وديناميكية تطور بإستمرار وهي مصدر للإلهام والتحفيز وتساهم في إثراء المجتمعات والثقافات المختلفة. ومن التحديات التي تواجهنا في نشر مفهوم ثقافة الشارع تحديات تتعلق بالسلامة والقانون فقد يتعرض الفنانون والمبدعون للمخاطر أثناء العمل في الشوارع والأماكن العامة، وقد يواجهون تشريعات وقوانين تحظر أو تنظم الأنشطة الفنية في الأماكن العامة. فنزول المثقف إلى الشارع ومحاولاته للإلتحام به أمر مميز حقاً لإنه يعمل على التوعية والتعاون مع الجهات المعنية لتحقيق توازن بين الحرية الفنية وسلامة المجتمع. ولتوضيح تأثير ثقافة الشارع دعونا نلقي نظرة على بعض دراسات الحالة في مدن مثل برلين وبوينس آيرس إلى تحويل أحياء بأكملها وجذب السياح وتطوير المناطق المهملة بالإضافة إلى ظهور العلامات التجارية لأزياء الشارع. فمثل هذه الأمثلة تلقي الضوء على كيف يمكن أن يكون مفهوم ثقافة الشارع يخلق فرص اقتصادية وتحفيز السياحة وتحدي للأعراف التقليدية. فنحن من نصنعها ومن نعيشها وعلينا أن نشارك مجتمعنا في زيادة الوعي والثقافة في شوارعنا ومدننا ووطننا كل حسب إمكانياته وقدراته.