السبت 4 مايو 2024

حارس البوابة يضمن شرعية الصحافة التقليدية في مواجهة السوشيال ميديا

مقالات11-12-2023 | 11:06

رغم الدور الكبير الذي قامت به الصحافة التقليدية في تشكيل وعي وتثقيف العديد من الأجيال المتعاقبة، ومساهمتها في صنع النجوم في الحقول السياسية والاقتصادية والفكرية والفنية والرياضية وغيرها، إلا أنها باتت مهددة في عقر دارها بفعل تأثيرات مواقع التواصل الاجتماعي على العمل الصحفي والهوية الصحفية المهنية التقليدية.
 
فقد أكدت العديد من الدراسات على أن مواقع التواصل أسهمت في إحداث تغييرات كبيرة فــي القواعد والممارسات الصحفية؛ بسبب تفاعل الجمهور على المواقع أكثر من الصحف، ولذلك، قامت المؤسسات الصحفية ووكالات الأنباء بوضع قواعد إرشادية لاستخدام الصحفيين لمواقع التواصل، خاصة وأن الصحافة لم تعد وحدها منفردة بتحقيق السبق الإخباري، فمواقع التواصل صارت تشكل تحديا للقيم الصحفية من حيث الخدمة العامة والموضوعيات والأخلاقيات، بل إنها برأي البعض تشكل تهديدا لبقاء مهنة الصحافة حية نابضة، كما أنها قلصت من تفرد الصحف وقيامها بتحقيق للسبق الإخباري.
 
وشكلت مواقع السوشيال ميديا تحديًا للقيم الصحفية المتمثلة في الخدمة العامة والاستقلالية والموضوعية والأخلاقيات، بل يرى البعض أن مواقع التواصل الاجتماعي تمثل تهديداً لبقاء الصحافة كمهنة ، الأمر الذي يتطلب ابتكار أساليب حديثة للعمل الصحفي.
 
فقد أتاحت مواقع التواصل الاجتماعي لكل من يجيد استخدام  الإنترنت في أن يتحول إلى مالك صحيفة خاصة  يدون ويحرر فيها ما يشاء ، دون أي رقابة أو ضوابط أخلاقية تحكم عمله، ودون أية خبرة تمنع حدوث كوراث أخلاقية أو سياسية أو اجتماعية تنتج عن نشر محتـواه الصحفي، ومن دون أيضا وجود أية ضوابط لتصحيح الأخطاء الواردة في هذه المحتويات، خاصة إذا كانت ما تحتويه من فيديوهات ووثائق مزيفة وليست حقيقية .
 
وحققت صحافة المواطن ـ رغم كل هذه السلبيات والمخاطر ـ شهرة واسعة لأصحابها بقدرتهم على تحقيق الترند والربح المادي على حساب أخلاقيات العمل الصحفي التقليدي  ، فانتشـرت الأكاذيب والتشكيك في الثوابت والأعراق والتقاليد وهدم القيـم ممـا يؤثر سلبا على أخلاقيات  المجتمع خاصة لدى الأجيال الناشئة و الأسرة و المجتمع.

ومن مظاهر خطورة صحافة المواطن أن بعض منها يجري تدشينه تحت أسماء مستعارة  وشخصيات وهمية بحسابات رقمية وهمية يسهل التخلص منها وعدم تحمل تبعات جرائمها بحق المجتمع من التزييف وإثارة  البلبة.

ووسط هذه الأعاصير والأمواج العاتية تجاهد الصحافة علّى البقاء بما تملكه من خبرة حـارس البوابة المتمثل في قدرة القائم بالاتصال على فلترة المادة الإعلامية التي تصل إليه قبل النــشـــر، أو بث المضامين التي يرغب بها و تتسق مع السياسة التحريرية لصحيفته وبما يتفـق مع القواعد المهنية التي تتبناها المؤسسة  الصحفية واتباعا لمواثيق الشرف الإعلامية.  

حقائـق  وحلول
 
لا شك أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت مصدرا مهما من مصادر الأخبار وقضاياها ومؤشرا ومصدرا لكثير من الأفكار  والموضوعات المحايدة، و أن الغالبية العظمي من القائمين بالاتصال  في الصحف يدركون أن مواقع التواصل الاجتماعي تهتم بالأخبار المحلية والعالمية، وأنها باتت مؤثرة في الرأي العام  ولا يمكن تجاهلها، فالقائم بالاتصال في مواقع التواصل الاجتماعي تتوافر له مقومات النجاح الكبير في توصيل رسالته لجمهوره، مثل الحرية المتاحة في نقل الأخبار وسرعة نقلها، وتنوع الموضوعات والتغطية الشاملة للأحداث وإمكانية تحقيق السبق الصحفي.

والحقيقة الثابتة أيضا، أن مواقع التواصل الاجتماعي صارت مهددة لعرش الصحافة بما تملكه من تشاركية وتفاعلية والمتابعة الأسرع في تغطية الأحداث موثقة بالفيديوهات والصور الحية ونقل الأخبار العاجلة أسرع من الصحف ووسائط الإعلام الأخرى.

ورغم التأثير الكبير لمواقع التواصل الاجتماعي في أجندة الصحف  وتوجهاتها العملية، لكنها تفتقر إلى الدقة والمصداقية وقوانين تضبط عملها  وتحفظ للمتلقي الخبر الصادق وتحميه من الشائعات والبلبة.

ورغم فقدان المصداقية لمواقع السوشيال ميديا، فإنه يتوقع زيادة استخدام الصحافة لمواقـــع التواصل بفعل جماهيرتها وشهرتها وسرعة تفاعلاتها، الأمر الذي يتطلب إيجاد عملية توظيف قدرات السوشيال ميديا والعمل الصحفي بما يحقق المصداقية ويحمي الجمهور المتلقي مـن تزييف وعيه، من خلال وضع ميثاق  وقوانين تضبط إيقاع النشر على مواقع التواصل، مع إطلاق مبدأ حرية تداول المعلومات

و تنظيم دورات تدريبية للصحفيين لتدرييبهــــم على كيفية التعامل مع إعـلام السوشيال ميديـا، والتدقيق فيما تبثه من أخبار والتحري في صدق معلوماته تضييق طاقات حارس البوابة في الصحافة التقليدية عند الاستفادة من معلومات السوشيال ميديا لكسب ثقة الجمهور والحفاظ علي وعيه من التضليل والتزييف.

 وبالنهاية فإن الصحف الورقية تكون هي الملكة لو اجتمع بها دقة الخبر  و صحته و سلامة لغته و حرية التعبير عنه إضافة لسرعة  التغطية لتواكب سرعة انتشار أخبار السوشال ميديا
مضافا لها مواكبة الأحداث من تفاصيل و متابعة.

وأتوقع انه أصبح من الضروري  أن  يكون لكل صحيفة مواقع علّى السوال ميديا تتعامل تقنيا مثل أصحاب الصفحات المشهورة  إنما بشرط الدقة و الثقة بصحة الخبر والمعلومات ومن موقعه ومصدره، على أن يكون لها أرشيف ورقي خوفا من أي عطل أو توقف في الشبكات العنكبوتية لأي سبب وتحت أي ظرف خاصة أن المحول الرئيسي ليس تحت سيطرتنا.

Dr.Randa
Dr.Radwa