الإثنين 13 مايو 2024

مؤلف كتاب «COP28» لـ«دار الهلال»: التغيرات المناخية تٌهدد الشرق الأوسط وتعقد خطط مكافحة الإرهاب

يوسف جمعه الحداد مؤلف كتاب COP28

أخبار11-12-2023 | 12:38

حوار/ مي عبدالهادي

تصاعدت وتيرة التعاون بين الدول لمواجهة التغير المناخي باعتباره يشكل تهديدا أساسيا لصحة الإنسان والبيئة وعلى جميع أشكال الطبيعة والظروف الاجتماعية والاقتصادية، فتشكل تحديات مختلفة وينهي عقودا من التقدم فى كل المجالات وتهدد الدول جراء انتشار العواصف وحرارة شديدة وفيضانات عارمة، وهو الأمر الذي يزيد من عدد الوفيات وظهور الكثير من الأمراض.

أولت الامارات اهتماما كبيرا بقضية التغير المناخي والحفاظ على البيئة والاستدامة أمية كبيرة منذ سنوات طويلة، وتوجت جهودها ورؤيتها على هذا الصعيد بانعقاد الدورة الثامنة والعشرين لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ COP28 في مدينة أكسبو خلال الفترة من 30 نوفمبر إلى 12 ديسمبر الجاري بهدف السعي لإحراز تقدم ملموس في العمل المنا«خي العالمي وإعطاء دفعة للجهود الدولية الساعية إلى تنفيذ تعهدات مواجهة التغيرات المناخية.

التقت «دار الهلال» المصرية بالباحث والاعلامي الاماراتي يوسف جمعه الحداد مؤلف كتاب " COP28 قمة تنفيذ الأهداف، حيث أكد في حوار  أن مؤتمر الأطراف بشأن التغير المناخي COP28 يعد نسخة تاريخية من المؤتمر توقف أمامها العالم مليّاً، حيث مثلت هذه الدورة نقطة تحول في تاريخ هذه الفعالية المؤثرة في مسيرة الإنسانية ومستقبلها.

وأضاف وأثبت استضافة الإمارات لمؤتمر المناخ قدرة الدولة على إحداث تغيير إيجابي لضمان مستقبل قائم على التنمية المستدامة، وثقة العالم بمكانتها في البحث عن حلول عملية للقضايا الدولية المحورية، حيث شارك في المؤتمر نخبة من قادة العالم وخبراء وصانعي القرارات والناشطين الدوليين لمواصلة جهود العمل المناخي، والتصدي للتحديات العالمية، ودفع التنمية الاقتصادية المستدامة للأمام. وفيما يأتي نص الحوار:

لو تحدثنا عن إصدارك " قمة تنفيذ الأهداف COP28.. الإمارات تواجه تحديات تغير المناخ ".. أهم ما تناولته.. ؟

على أن الرغم من استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة للفعاليات الكبرى أصبح أمراً مألوفاً في المنطقة والعالم، فإنها لا تدَّخر وسعاً في تقديم أرفع مستوى ممكن في تنظيم هذه الفعاليات، وهي تخوض منافسة مع نفسها في كل مرة، لكي تضيف إلى نجاحها السابق. وكما كانت استضافة الدولة «إكسبو 2020» علامة فارقة في تاريخ المعرض، فإن  مؤتمر الأطراف بشأن التغير المناخي COP28 يعد نسخة تاريخية من المؤتمر توقف أمامها العالم مليّاً، حيث مثلت هذه الدورة نقطة تحول في تاريخ هذه الفعالية المؤثرة في مسيرة الإنسانية ومستقبلها.

انطلاقاً مما سبق، فإن «COP28» استحق الكثير من الجهد لتقصي الأبعاد والدلالات ذات الصلة باستضافة دولة الإمارات له، وفرض على الباحثين والمفكرين من أبناء الدولة أن يعملوا على تغطية هذا الحدث الوطني من مختلف جوانبه. وفي هذا السياق جاء كتابي، ليسجل سبقاً في تناول مؤتمر الأطراف من كل زواياه. وقد بنيت الكتاب على محورين رئيسيين، أولهما سرداً تاريخياً للجهود الدولية في مجال تحدي التغير المناخي، بدءاً من «قمة الأرض» التي عقدت في ريو دي جانيرو عام 1992 وصولاً إلى الأجندة المقترحة لقمة «COP28». فيما تناول المحور الثاني تصورات دولة الإمارات لمعالجة ما يعانيه التمويل المناخي من فجوات وتحديات.

كيف ترى ردود الأفعال حول الكتاب ؟

وردت لي شخصيا وللناشر "شبكة ياس الاخبارية" الكثير من ردود الفعل الإيجابية، وما نشر عنه في  الصحف والمجلات والمواقع الالكترونية  وكتاب المقال والكثير من  الجهات الاعلامية والبحثية المرموقة داخل الدولة وخارجها خاصة وأن الكتاب جاء مواكباً للحدث، بل سابقاً له، كما أنه قدم إحاطة  دقيقة بكل تفاصيل التغير المناخي من جهة، والتحضيرات الجارية لعقد «COP28»، الأمر الذي يجعل منه مرجعاً قيّماً ووثيقة مهمة للباحثين والإعلاميين، قبل انعقاد هذا الحدث العالمي وبعده. 

كيف نظرة إلى استضافة دولة الإمارات العربية المتحدة لقمة المناخ «COP28»؟

جاء انعقاد مؤتمر الدول الأطراف في الاتفاقية الإطارية للأمم المتحدة بشأن تغير المناخ «COP28»، لمواكبة تعزيز الجهود الأممية من قبل دولة الإمارات التي تسير وفق رؤية استباقية في إطار جهودها المناخية، كإطلاق استراتيجية "الحياد المناخي"، بهدف الوصول لنسبة صفر انبعاثات كربونية بحلول عام 2050.

وأثبت استضافة الإمارات لمؤتمر المناخ قدرة الدولة على إحداث تغيير إيجابي لضمان مستقبل قائم على التنمية المستدامة، وثقة العالم بمكانتها في البحث عن حلول عملية للقضايا الدولية المحورية، حيث شارك في المؤتمر نخبة من قادة العالم وخبراء وصانعي القرارات والناشطين الدوليين لمواصلة جهود العمل المناخي، والتصدي للتحديات العالمية، ودفع التنمية الاقتصادية المستدامة للأمام، حيث أقيم المؤتمر في مرحلة بالغة الأهمية، نظراً للآثار السلبية بالغة الخطورة، التي يعاني منها العالم بسبب تغير المناخ، وتحديات ضمان أمن الطاقة والأمن الغذائي والمائي.

ولأن دولة الإمارات قد بدأت مسيرة المناخ، بتوجيهات القيادة الرشيدة، منذ فترة طويلة، وكانت أولى خطواتها الدولية الانضمام إلى اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ عام 1995، ومنحت الدولة خلال العقود الثلاثة الماضية اهتماماً كبيراً لمعالجة الأزمة المناخية، وتبذل في سبيل ذلك جهوداً كبيرة لمواجهة تحديات الاستدامة العالمية، والمساهمة في الحراك البيئي العالمي نحو عالم أفضل، لهذا كله فإننا نشعر بالسعادة الغامرة إزاء نجاح قمة «COP28» حيث تعد الإمارات منصة عالمية مثالية للنقاش والوصول إلى حلول حول أخطر التحديات التي تواجه البشرية في الوقت الراهن، وهو التحدي المناخي.

كيف ترى دور المؤسسات العسكرية للتعامل مع تأثيرات التغيرات المناخية ومعضلة الأمن المناخي؟

يفاقم تغير المناخ المخاطر والتهديدات على العالم، مما سيؤثر على السلم والأمن الدوليين، خصوصاً في الشرق الأوسط، ومناطق مختلفة حول العالم، ومن المعروف أن تغير المناخ يؤثر على المهام والقدرات العملياتية للمؤسسات العسكرية والأمنية على مستوى العالم، ومن هذا المنطلق فقد وجب العمل على مراعاة الأمن المناخي، وكل ما يتعلق بتأثير تغير المناخ على السياق الاستراتيجي والتوازنات الجيوسياسية، ومهام الجيوش ووسائل تنفيذها لتلك المهام.

لذلك من المهم أن تهتم المؤسسات العسكرية والأمنية على مستوى العالم بالمناخ وبالقضايا المتعلقة به وتأثيراتها المختلفة وحدود هذه التأثيرات ولاسيما فيما يتعلق بالقدرات الدفاعية والعملياتية للجيوش، حيث إن تكيف الجيوش مع تغير المناخ أمراً بات ضرورياً يؤثر بلا شك في السياسة والاستراتيجية العسكرية والأمنية للدول، ويمكن العمل في هذا السياق من خلال السيطرة على تداعيات تغير المناخ على مهام وقدرات المؤسسات العسكرية، والتنسيق مع الشركاء الدوليين في الحد من التداعيات المناخية، وتنمية قدرات استشراف تحديات تغير المناخ بوسائل ابتكارية، ودعم البحث العلمي في هذا الشأن.

كيف تؤثر التغيرات المناخية في المكافحة الدولية للمليشيات الإرهابية؟ وهل من تداعيات مناخية على الصراعات المسلحة ومكافحة الإرهاب في منطقة الشرق الأوسط؟

هناك شواهد ومؤشرات عدة على أن التغيرات المناخية ستتسبب في تعقيد خطط المكافحة الدولية للإرهاب، إذ أدت الظاهر المناخية إلى زيادة النزوح الداخلي والخارجي وتسببت في ايجاد بيئة مواتية لانتشار المليشيات الإرهابية في مناطق عدة، حيث يجد الإرهابيون في النازحين مصدراً لتجنيد عناصر إرهابية جديدة، ومع تفاقم الفقر والبطالة، حيث يبحث الناس في المناطق الفقيرة عن الالتحاق بالمليشيات الإرهابية بغرض الحصول على المال.

وبانخفاض الموارد نتيجة تغير المناخ، تتنافس الدول على الموارد الطبيعية، مما يؤدي إلى صراعات مسلحة يمكن أن تستغلها المليشيات الإرهابية، وبحدوث كوارث طبيعية وخسائر في الأرواح والممتلكات، يمكن أن يستغل الإرهاب الوضع لنشر الفوضى والاضطراب، وبالتالي، فإن التغيرات المناخية تمثل تحدياً خطيراً لجهود المكافحة الدولية للإرهاب، ويجب التعاون الدولي لمواجهة هذه التحديات خلال مكافحة الإرهاب.

وتمثل التغيرات المناخية تحدياً خطيراً للسلام والأمن على الصعيدين الاقليمي والدولي، حيث تسهم في تفاقم الصراعات المسلحة والإرهاب، فقد أدت التغيرات المناخية إلى زيادة الجفاف ونقص المياه، مما أدى إلى النزوح الكبير، واستغلال التنظيمات الإرهابية في تجنيد النازحين، وتوسيع السيطرة على مناطق النزوح.

وبالفعل تواجه منطقة الشرق الأوسط العديد من التحديات التي تسهم في تفاقم الصراعات المسلحة والإرهاب، ومن بينها التغيرات المناخية، ولمواجهة هذه التحديات، على الدول والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات لتعزيز التنمية المستدامة، وبناء مجتمعات أكثر مرونة، بإجراءات تساعد على التكيف مع آثار التغير المناخي.

ما هو دور البحوث العلمية والتطور التكنولوجي في مكافحة التغيرات المناخية بوسائل مبتكرة للتكيف؟ وماذا عن دور المؤسسات العسكرية والأمنية في هذا الشأن حاليًا؟

تعد البحوث العلمية والتطور التكنولوجي من الركائز الأساسية لجهود مكافحة التغيرات المناخية، حيث يمكنها تطوير حلول مبتكرة جديدة تساعد في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، وتساعد المجتمعات على التكيف مع آثار التغيرات المناخية.

ويمكن الاعتماد على البحوث العلمية والتطور التكنولوجي في تطوير مصادر الطاقة المتجددة بتكلفة أقل، وتطوير تقنيات تعمل على خفض استهلاك الطاقة، مما يساعد في الحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، والتوصل إلى تقنيات الزراعة المستدامة القادرة على مساعدة المجتمعات على التكيف مع آثار التغيرات المناخية، والبحث عن تكنولوجيا الحماية من الكوارث الطبيعية والتنبؤ بها مبكرا لمواجهتها. وهناك العديد من الأمثلة على البحوث العلمية والتطورات التكنولوجية التي تجري حالياً في مجال مكافحة التغيرات المناخية، منها تطوير تقنيات جديدة لتوليد الهيدروجين الأخضر، وهو مصدر طاقة وقود نظيف.

من جانبها ينبغي على المؤسسات العسكرية والأمنية على مستوى العالم أن تؤدي دوراً مهماً في تطوير البحوث العلمية والتكنولوجيا في مكافحة التغيرات المناخية، من خلال عدد من البرامج البحثية والابتكارية، والتعاون مع المؤسسات العلمية والبحثية العالمية، بهدف تطوير التكنولوجيا، التي يمكن أن تساعد في مكافحة التغيرات المناخية، وتعزيز التكيف مع آثارها.

كيف ترى دوافع التوجه نحو «الجيوش الخضراء»؟ وهل من خطة للتحول إلى جيش أخضر؟

دفعت التغيرات المناخية الدول إلى التوجه نحو "الجيوش الخضراء"، لعدة أسباب، أبرزها: الالتزام بالأهداف العالمية للتنمية المستدامة، ومنها اتخاذ إجراءات عاجلة لمكافحة تغير المناخ، والحاجة إلى حماية البيئة، حيث تؤدي انبعاثات غازات الاحتباس الحراري إلى التأثير على البيئة، ويعد التحول إلى جيوش خضراء أحد الأساليب التي يمكن للدول من خلالها حماية البيئة.

ومن ناحية التكلفة، يمكن أن يؤدي التحول إلى "جيوش خضراء" إلى تقليل التكاليف العسكرية التشغيلية والعملياتية، حيث يمكن أن يساعد في خفض تكاليف الوقود والصيانة، واستخدام أساليب إعادة التدوير والتخلص من النفايات، وبالتالي تحسين الكفاءة العملياتية، ويمكن أن يساعد التحول في زيادة سرعة ودقة التحرك، وحماية الجنود من المخاطر البيئية وتداعياتها.

وبالفعل تبنت بعض الدول على مستوى العالم النهج «الأخضر» في الجيوش، وهو نهج يقوم على خطط استراتيجية تهدف إلى تحقيق انبعاثات كربونية أقل، لتعزز الجهود العالمية للتصدي لتغير المناخ، وبناء جيوش أكثر استدامة وكفاءة.

ما أهمية قمة المناخ «COP28» في اتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة الآثار السلبية لتغير المناخ على المستوى العالمي؟

مثلت قمة المناخ «COP28» فرصة مهمة لاتخاذ خطوات ملموسة لمعالجة الآثار السلبية لتغير المناخ على المستوى العالمي، ووضع خارطة طريق لمستقبل أكثر استدامة، حيث ركز المؤتمر على توفير حلول ملموسة لمساعدة المجتمعات على التكيف مع تداعيات تغير المناخ وإدارة الآثار المناخية المتزايدة.

وعملت الدبلوماسية الإماراتية على تقريب وجهات النظر بين قادة الدول المشاركة في المؤتمر، خاصة في قضايا التكيف لتحسين الحياة وسُبل العيش، وخطة الاستجابة العالمية المتعلقة بأهداف اتفاق باريس، وتوفير التمويل المناخي، لتعويض الدول الفقيرة المتضررة من تغير المناخ، ونتيجة لذلك تم الاعلان عن التزامات دولية جديدة بشأن انبعاثات الغازات، وفرص استثمارية جديدة في مصادر الطاقة المتجددة، والتعاون الدولي في مجال البحث العلمي والتكنولوجيا المناخية.

وخلال «COP28» طرح قادة المجتمع الدولي خلال نقاشاتهم في القمة سبل التعاون في المعالجة المناخية على كافة المستويات الحياتية، الاقتصادية والبيئية والأمنية وغيرها، بما يعود بالنفع على المجتمع الدولي برمته.

لقد كانت قمة COP28 لحظة فارقة للعمل المناخي العالمي، وضعت رئاسة المؤتمر خطة عمل طموحة للغاية حققت من خلالها نتائج تفاوضية فعالة، مع برنامج عمل قوي لتنفيذ تلك الخطة في العالم الحقيقي، حيث دعت رئاسة المؤتمر كافة الحكومات وأصحاب المصالحة الرئيسيين في مجال المناخ إلى اتخاذ إجراءات فعالة لتسريع الانتقال إلى عالم منخفض انبعاثات ثاني أكسيد الكربون، وإصلاح التمويل المناخي من خلال الوفاء بالتعهدات القديمة ووضع إطار عمل لصفقة جديد بشأن التمويل، كما ركزت القمة على الأفراد وسبل العيش والحياة، مع ادماج كافة الفئات من أجل مؤتمر أطراف أكثر شمولاً على الاطلاق.

لقد حملت الامارات على عاتقها ونجحت في ذلك مهمة شاقة للغاية، استلزمت وحدة العمل من أجل تحقيق أهداف مختلفة من قمة المناخ COP28 من أهمها اتخاذ خطوات حقيقية لتسريع الطريق نحو صافي صفر انبعاثات لثاني أوكسيد الكربون، وتوفير تمويلات مؤكدة لدعم هذه الخطوات وتعزيز مشروعات التنمية المستدامة والطاقة النظيفة في الدول الأكثر تضرراً، ما جعل "التمويل" هو الموضوع الأبرز مناقشة خلال القمة وقد نجحت في ذلك.

 

 

 

 

 

 

 

Dr.Radwa
Egypt Air