الخميس 13 مارس 2025

ثقافة

ريشة وقلم (13-30)| فيفيان سمير: لم يبقَ من طقوس رمضان القديمة إلا القليل

  • 13-3-2025 | 17:28

فيفان سمير

طباعة
  • فاطمة الزهراء حمدي

يمثل شهر رمضان الكريم فرصة فريدة للتأمل والتجديد الروحي، وهو أيضًا مناسبة للتواصل الثقافي والفكري،  في هذا الشهر المبارك، تتجلى القيم الإنسانية السامية من تسامح وتراحم، مما يُلهم الأدباء والشعراء والفنانين التشكيليين للإبداع والتعبير بأساليبهم الفريدة، حيث تحمل تلك الحوارات طابعًا مميزًا، وتكشف عن رؤياهم الروحية وتأملاتهم الفكرية، ومن خلال تلك المناسبة تستعرض بوابة دار الهلال مجموعة من الحوارات مع مختلف الأدباء والشعراء والفنانين.

وفي السطور التالية نلتقي مع الكاتبة القاصة والروائية فيفيان سمير عن ذكرياتها في شهر رمضان، وتأثيره على المجتمع المصري.

هل أجواء رمضان تمثل لكي ذكريات جميلة؟ وكيف ترين تأثير رمضان على المجتمع المصري من حيث التضامن والتقارب بين الناس؟

بمجرد أن يبدأ الحديث عن قرب حلول شهر رمضان تتدفق داخلي مشاعر وذكريات خاصة جدًا، تتصاعد وتيرتها وتتزاحم كلما اقتربنا من الشهر الكريم لتمتلكني تمامًا مع ليلة الرؤية وأول سحور، أغرق بكليتي بطقوس رمضان الذي عهدته بثمانينات وتسعينات القرن الماضي بأحد شوارع حي حدائق القبة.

فبمجرد إعلان الرؤية يدق جرس الباب، نعرف جيدًا من القادم، إنهم جيراننا الذين بمثل أعمارنا، أخي وأنا، وأخوتهم الذين يكبروننا قليلًا، فقد حان موعد البهجة لنتشارك بمد أفرع الزينة بين شرفات منزلنا وشرفات منزلهم المواجه لنا، ونضيء الفانوس الملون الكبير أمام منزلنا، وقد امتلأ الشارع بأصوات الأطفال وهم يغنون ويحملون الفوانيس الصغيرة محولين الليل الساكن، عادة، إلى نهار تكلله الفرحة والحركة التي لا تهدأ في تلك الليلة.

ويصدح صوت عم محمود، بائع الفول الذي يجوب شوارع الحي، مناديًا على بضاعته من "الفول الجواهر والبليلة السخنة" فتطل السيدات من النوافذ والشرفات، وكأنه موعد متفق عليه للتهنئة بالشهر الكريم بين الجارات، التي تُدلي كلًا منهن "السَبت" ليضع عم محمود أطباق وعلب الفول والبليلة قبل ظاهرة الأكياس، وتمتد إليه الأيادي الصغيرة حاملة الأطباق والقروش القليلة في مظاهرة للحصول على سيد مائدة السحور لثلاثين ليلة. ويظل الليل مستيقظًا، بأصوات الأغاني الرمضانية والتهنئة المتبادلة بين المارة بالشارع بصوت متهلل مرتفع، حتى صلاة الفجر.

ومع الصباح تهدأ الحركة ولكن كل شيء يخبرك أنك برمضان، واجهات المحال المزينة، بائعي المشروبات الرمضانية والمخللات الذين يفترشون الأرصفة أمام محلاتهم، وخيم الكنافة والقطائف المنصوبة أمام الأفران، وعند نهاية النهار تزدحم الشوارع بالبشر الذين يهرولون للعودة لمنازلهم في وقت واحد تقريبًا قبل موعد الإفطار، وهناك بعض الواقفين على جانبي الطريق يناولون من يؤذن عليهم المغرب وهم بالطريق بعض حبات البلح وأكواب العصائر.

ومع اقتراب موعد أذان المغرب لأول يوم من أيام الصوم يدخل أبي حاملًا لفائف الكنافة والقطائف، ليحل دور أمي في إعدادها ونحن ندور حولها في احتفالية صاخبة استعدادًا لالتهام ما يتم تسويته، وكأنها لا تصنع الحلوى إلا في ذلك الوقت فقط، والحقيقة أن الكنافة والقطائف في ذلك الوقت بالذات يكون حقًا لها طعم مختلف يصاحبه إحساس مختلف، فتنهرنا أمي في حزم "مفيش حلويات غير بعد الأكل هجبهالكم قدام التلفزيون"، نهرول إلى التلفزيون مع موعد الإفطار للحاق بمسلسل الأطفال "بوجي وطمطم"، وقد كان حينها التليفزيون المصري مقتصراً على ثلاث قنوات فقط قبل غزو القنوات الفضائية، بعد صلاة العشاء تطل علينا نيللي أو شريهان بفقرة الفوازير يليها مسلسل ألف ليلة وليلة بعالمه المسحور وحواديته يصاحبه الصوت المميز للفنانة زوزو نبيل، يليه مسلسل أو أثنين على الثلاث قنوات وبعض برامج المسابقات والمقالب خفيفة الظل. فقد كان التلفزيون يتألق كمًا وكيفًا، بمقياس ذلك الزمن، فما يقدمه تسري به روح رمضان التي تميز تلك الأيام وارتبطت في وجداننا بذلك الشهر لتدرك أنه رمضان، ومع الحرص بشغف على متابعة أغلب ما يقدمه التليفزيون تكتمل المتعة بتناول كميات من الحلوى الرمضانية، يصاحبها مراسم إرسال واستقبال الأطباق الحائرة من الحلويات الشرقية بيننا وبين جيراننا والتي تستمر طوال الشهر، لتترك مكانها في نهاية الشهر لأطباق الكحك والبتيفور والبسكويت مع حلول العيد.

لكن للأسف لم يعد رمضان كما كان، ولم يبقى من طقوسه القديمة إلا الشيء اليسير الذي مازلنا نتشبث به، لكنه مازال يثير شجون الماضي ويحيي الحنين لزمن كان أبسط وأقل بكثير في الإمكانيات والاختيارات، لكنه أكثر بهجة ولعله أكثر تقوى وإيمان خالي من المظاهر الزائفة، وله من جوهر الصوم والصلاة نصيب أكبر، كما له من المحبة الحقيقية والتقارب بين الناس مشاعر أكثر صدقا وفاعلية.

هل تفضلين الحوار في مؤلفاتك الأدبية بالعامية أو اللغة العربية؟ ولماذا؟

عادة أفضل اللغة العربية في الحوار لكن في بعض الأحيان يكون استخدام اللغة العامية أكثر صدقا خاصة لو كانت بلهجة خاصة مثل اللهجة الصعيدية كما جاء برواية غالية التي تدور بإحدى قرى الصعيد.

هل تكتبين مجموعات قصصية أو روايات تتعلق بشهر رمضان؟

حتى الآن لم يحدث أن كتبت عمل أدبي خاص بشهر رمضان لكن وارد جدا إذا دعت الضرورة الدرامية بعمل ما.

من هم الكتّاب المفضلون لديكِ؟

الأسماء كثر والقائمة تطول عزيزتي فتراثنا مليء بالكتاب المتميزين ولكل منهم مدرسة خاصة وعالم مختلف وأخشى أن أنسى منهم أحد فلكل منهم بصمته بثقافتنا و تكويننا الفكري.

هل هناك أعمال جديدة قادمة؟

هناك رواية ومجموعة قصصية على الطريق.

أخبار الساعة

الاكثر قراءة