الإثنين 29 ابريل 2024

قصف المشافي وقبر الجرحى أحياء .. ماذا فعلت إسرائيل بالمنظومة الصحية في غزة

جرائم الاحتلال ضد القطاع الصحي في غزة

تحقيقات20-12-2023 | 13:54

محمود غانم

لطالما كانت المشافي في أي حرب أو نزاع خطوطاً حمراء لا تستطيع أي قوة تجاوزها، أما بعد العدوان الإسرائيلي على غزة في السابع من أكتوبر الماضي، لم تتجاوز إسرائيل فقط الخطوط الحمراء بل أحرقتها.

فعلى مدار 75 يوماً من العدوان على القطاع، أسفرت الإنتهاكات الإسرائيلية المتكررة ضد المنظومة الصحية عن استشهاد 310 كادر صحي، إضافة إلى تدمير 102 سيارة إسعاف. 

كذلك، طالت الإنتهاكات الإسرائيلية 140 مؤسسة صحية، نتج عنها خروج 23 مستشفى و53 مركزاً صحياً عن الخدمة.

 

المنظومة الصحية في غزة 

وتتعايش المنظومة الصحية في قطاع غزة في ظل أوضاع كارثية، وقطعاً لاتصلح كلمة كارثي أو صيغ المبالغة منها للتعبير على ما آل إليه الوضع الصحي شمال وجنوب غزة.

ففي شمال، قامت قوات الاحتلال بتصفية الوجود الصحي بالحصار والإستهداف المباشر، وبذلك يكون قد تم تشريد 800 ألف نسمة من الخدمات الصحية، وحرمان آلاف الجرحى والحوامل والمرضى المزمنين من الخدمات الصحية.

في غضون ذلك، اقتحمت قوات الاحتلال، أمس الثلاثاء، مستشفى الأهلي العربي "المعمداني" في حي الزيتون بمدينة غزة، ما أدى إلى توقفه عن العمل.

وذكرت إدارة المشفى،  بأن قوات الاحتلال ودباباته حاصرت المستشفى، واعتقلت عدداً من الأطباء والممرضين والجرحى من داخله، ما أدى إلى خروجه عن الخدمة، علما بأنه آخر المستشفيات التي كانت تعمل في شمال قطاع غزة.

وأضافت، أن المستشفى خرج عن الخدمة بسبب اقتحام قوات الاحتلال له، ولم يعد بالإمكان استقبال مرضى أو مصابين، رغم بلاغات بوجود عشرات الجرحى بالشوارع جراء العدوان الإسرائيلي المستمر.

وكشفت عن استشهاد أربع مواطنين متأثرين بجروحهم التي أصيبوا بها. 

وكانت منظمة الصحة العالمية قالت الأحد إن المستشفى المعمداني يعد الوحيد "الذي يعمل جزئياً" في الوقت الحالي في شمال قطاع غزة بأكمله، حيث تعمل ثلاثة مستشفيات بشكل محدود فقط هي الشفاء والعودة والصحابة. 

وقبل بدء العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة السابع من أكتوبر، كان هناك 24 مستشفى في هذه المنطقة، قبل أن يستهدفها الاحتلال بالقصف والاقتحامات والحصار والتدمير، لتخرج جميعها عن الخدمة

وفي شمال أيضاً، اقتحمت قوات الاحتلال الإسرائيلي مستشفى العودة، وحوّلته إلى ثكنة عسكرية بعد احتجازها 240 مواطن، بينهم 80 كادراً طبياً و40 مريضاً، كما اعتقلت ستة من مسؤولي المستشفى من بينهم مديره الدكتور أحمد مهنا، إضافة إلى مريض ومرافق.

في غضون ذلك، قالت منظمة "آكشن إيد" الدولية، في بيان أمس، إن المستشفيات في قطاع غزة لا تزال تتعرض لهجمات مكثفة، ما يجعل الموظفين يكافحون من أجل إنقاذ الأرواح وسط ظروف شبه مستحيلة.

وفي جنوب القطاع، باتت المستشفيات عاجزة أمام الأعداد الهائلة من الإصابات، حيث تضطر إلى المفاضلة بين أعداد هائلة من الإصابات لانقاذ حياتها بما يتوفر من إمكانيات سريرية وطبية وبشرية محدودة.

وفي الوقت الذي يكون فيه القطاع أحوج ما يكون لمنظومة صحية، لم يعد هناك إلا 11 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى تعمل بشكل جزئي.

 

جرائم متكررة

وفي أكتوبر الماضي، أقدمت قوات الإحتلال الإسرائيلي وبدم بارد على قصف مستشفى المعمداني شمال غزة مما أسفر عن مقتل مايزيد عن 500 شهيد، فضلاً عن إصابة مئات الجرحى، وهي الجريمة التي أثارت حالة من الغضب العربي والعالمي، ووصفوها بأنها إبادة جماعية لا تقل وحشية عن مجازر الاحتلال على مر التاريخ.

وفي نوفمبر الماضي، أخلت قوات الإحتلال مجمع الشفاء الطبي، من المرضى والجرحى والأطفال الخدج، وذلك بعد حصار دام أيام، إذ خرج من المجمع ما يزيد عن 500 مريض وجريح أنهكهم الجوع والعطش جراء الحصار.

وقام الاحتلال بتحويل المجمع الطبي إلى ثكنة عسكرية، تزامناً مع وجود 259 جريحاً داخل المجمع لا يستطيعون الحركة.

وبعد دخول هدنة السبعة أيام حيز التنفيذ بين المقاومة والاحتلال، انسحب جيش الإحتلال، من مجمع الشفاء الطبي في قطاع غزة بعد نحو 10 أيام على اقتحامه وتدمير أجزاء فيه.

وقامت قوات الإحتلال قبل انسحابها بتفجير مرافق المستشفى بينها مولدات الكهرباء ومضخات الأكسجين وأجهزة الأشعة، إضافة إلى تفجير بعض أقسام ومباني المستشفى الأكبر بالقطاع.

 

قبر المصابين أحياء

وفي مستشفى كمال عدوان، ارتكبت قوات الاحتلال ما لايرتكب وفعلت ما لايفعل، لقد وصل بها الحال إلى قبر المصابين أحياء، وقالت وزارة الصحة بغزة، إن القوات الإسرائيلية أطلقت الكلاب على الأطقم الطبية والنازحين بمستشفى كمال عدوان، شمالي القطاع، التي نهشت جريحاً فلسطينياً قبل استشهاده.

وذكرت أن القوات الإسرائيلية حفرت حفرة كبيرة وألقت فيها جثث الشهداء باستخدام جرافاتها.

وطالبت الوزارة، بتحقيق دولي بالقصف والحصار الذي فرضته قوات الاحتلال على مستشفى كمال عدوان.

وأشارت إلى أن أكثر من 12 جريحاً استشهدوا في وقت لاحق ولا تزال جثثهم داخل مستشفى كمال عدوان.

في غضون ذلك، كشف المرصد الأورومتوسطي لحقوق الإنسان، عن تلقى شهادات وشكاوى من فرق طبية وإعلامية تؤكد أن الجرافات الإسرائيلية دفنت فلسطينيين أحياء في ساحة المستشفى قبل انسحابها منه.

وأضاف أنه كان بالإمكان مشاهدة أحد الجثث على الأقل وسط أكوام الرمال، وسط تأكيد مواطنين أنه كان مصاباً قبل دفنه وقتله.

وأشار المرصد إلى أن فرقه تواصل توثيق ما جرى في المستشفى بما في ذلك المعلومات عن قتل أحياء ومصابين بدفنهم في ساحة المستشفى.

وأكد على ضرورة فتح تحقيق دولي في مجمل ما شهده المشفى من انتهاكات فظيعة، استهدفت المرضى والنازحين والفرق الطبية على مدى الأيام الماضية.

وكشف المرصد عن قيام قوات الاحتلال بتدمير البوابات الخارجية وجزءاً من مبنى الإدارة والصيدلية، وأحرقت مخزن الأدوية قبل تدميره، ودمرت بئر المياه ومولد الكهرباء ومحطة الأكسجين.

وقال إن الفظائع التي اقترفها الاحتلال في مستشفى كمال عدوان، امتداد للهجمات المتكررة على المرافق والفرق ووسائل النقل الطبية ضمن سياسة ممنهجة منذ 7 أكتوبر الماضي، هدفت إلى تدمير نظام الرعاية الصحية في قطاع غزة، مما يشكل جريمة حرب بموجب قواعد القانون الدولي الإنساني.

واستكمالاً لمسلسل الجرائم، تقوم قوات الاحتلال الساعة بمحاصرة مركز إسعاف الهلال في جباليا وبداخله 127 شخصاً بينهم مسعفون ونازحون.

 

القانون الدولي

ويوفر القانون الدولي حماية عامة للمواقع المدنية، وحماية خاصة للمرافق الصحية، وطبقاً لاتفاقية جنيف الرابعة، لا يجوز بأي حال الهجوم على المستشفيات المدنية التي تقدم الرعاية للجرحى والمرضى والعجائز والنساء، حيث يوجب القانون احترام هذه المستشفيات وحمايتها.

وتؤكد الإتفاقية، على عدم جواز وقف الحماية الواجبة للمستشفيات المدنية، كما تؤكد اتفاقيات جنيف الأربع جميع الأطراف بجمع الجرحى والمرضى والعناية بهم.

وبالنظر إلى النظام الأساسي للمحكمة الجنائية الدولية، فإن تعمد توجيه هجمات ضد المستشفيات وأماكن تجمع الأفراد والجرحى يعتبر جريمة حرب.

Dr.Randa
Dr.Radwa