الأحد 28 ابريل 2024

قانون الهجرة الفرنسي.. احتفاء يميني واستقالات محتملة في حكومة ماكرون

البرلمان الفرنسي

عرب وعالم22-12-2023 | 18:55

دار الهلال

بعد مفاوضات عسيرة وأشهر من فصول تشريعية، صادق البرلمان الفرنسي، بشكل نهائي، على مشروع قانون الهجرة، بتأييد 349 نائباً ومعارضة 186 نائباً، فيما تعهد الرئيس إيمانويل ماكرون، بأنه "سيحمي البلاد من المهاجرين غير الشرعيين"، وذلك في أعقاب أزمة حكومية خلفها القانون، بعد استقالة وزير الصّحة وتهديد المعارضة باللجوء إلى المجلس الدستوري للطعن فيه.

وكان لافتاً تصويت اليمين المتطرف (المعارض) بزعامة حزب التجمع الوطني على القانون، وهو ما خلف أزمة سياسية داخل الأغلبية الحكومية، التي رأت في هذا التصويت "إذلالاً" وخضوعاً لأفكارهم، بينما صوت اليسار ضدّه.

جاءت أولى تداعيات هذا القرار، من خلال تقديم وزير الصحة أوريليان روسو، استقالته، احتجاجاً على التصويت على القانون، حسبما أكد المتحدث باسم الحكومة أوليفييه فيران، في ختام اجتماع مجلس الوزراء في الإليزيه.

وسيحيل ماكرون قانون الهجرة إلى المجلس الدستوري للتأكد من احترامه لقيم الجمهورية والدستور.

واعترفت رئيسة الحكومة، إليزابيث بورن في تصريحات لـ"فرانس إنتر"، بأن الإجراءات الواردة في مشروع قانون الهجرة، تتعارض مع الدستور. وتؤكد أن "رئيس الجمهورية سيحيل الأمر إلى المجلس الدستوري ليقول كلمته"، لكنها قالت بأن القانون "يحمي قيم فرنسا".

وقال وزير الداخلية، جيرالد دارمانان، أمام مجلس الشيوخ، إن النص يمكن أن يحتوي على "إجراءات تتعارض بشكل واضح وصريح مع الدستور"، مضيفاً أن "المجلس الدستوري سيقوم بمهمته، لكن السياسة ليست أن تكون محامياً قبل المحامين، السياسة هي وضع المعايير ومعرفة ما إذا كانت تتفق معنا أم لا".

ويهدف القانون، بحسب معطيات نشرها مجلس الشيوخ الفرنسي إلى تعزيز مكافحة الهجرة غير النظامية، وتقديم تصاريح إقامة للعمال غير النظاميين.

كما يهدف إلى تسريع معالجة طلبات اللجوء، وتبسيط النزاعات الإدارية المتعلقة بحقوق الأجانب، وحتى جعل الحصول على بطاقة إقامة متعددة السنوات مشروطاً بإتقان الحد الأدنى من اللغة الفرنسية.

ومن بين أبرز النقاط التي يتضمنها القانون الجديد، تسهيل إبعاد المهاجرين غير النظاميين إلى بلدانهم الأصلية، خاصة أولئك الذين ارتكبوا جرائم خطيرة، وذلك بتقليص سبل استئناف الحكم أمام المحاكم. 

ويشرع مجلس الشيوخ الفرنسي في مناقشة مشروع قانون للهجرة وسط خلافات حادة بين المعارضة والأغلبية حول بعض بنوده، فيما يلقى دعما كبيرا من قبل شرائح واسعة

وحالياً، يستفيد المهاجرون غير النظاميين الموجودين في فرنسا منذ 3 أشهر على الأقل من خدمة المساعدة الطبية للدولة، التي تتيح تغطية حتى 100% من مصاريف العلاج. لكن هذه الخدمة يمكن أن تتحول بحسب المشروع إلى مساعدة طبية للحالات العاجلة فقط.

واعتبر ماكرون في لقاء مع قناة "فرانس 5"، أن القانون هو "الدرع التي نفتقر إليها".

وأشار إلى أن النص يهدف إلى ردع المهاجرين غير الشرعيين، لكنه رفض بشكل قاطع أن تكون أحكام القانون مستوحاة من اليمين المتطرف.
وتعهد ماكرون بـ"حماية فرنسا والفرنسيين من المهاجرين غير الشرعيين الذين يشكلون خطراً على قيم الجمهورية".
وأضاف أنه "ليس صحيحاً" أن القانون يتضمن أفكاراً يمينية متطرفة، مؤكداً أن القانون يهدف "بكل وضوح" إلى منع الهجرة غير الشرعية.
وأكد ماكرون، أن إقرار القانون يشكل على العكس من ذلك "هزيمة" لحزب التجمع الوطني.
واعتبرت رئيسة الحكومة، إليزابيث بورن، أن قانون الهجرة الجديد، "يحترم قيم الجمهورية الفرنسية"، مشددة على أنها خاضت معارك حاسمة ومشاورات طويلة، حتى يكون القانون في مستوى تطلعات الفرنسيين.
وأضافت في مقابلة مع "فرانس إنتر"، "أنا إنسانية بعمق"، مشيرة إلى أنها "ابنة مهاجر قدم إلى فرنسا، وحصل على الجنسية". كما أكدت أن "النص يحترم قيمنا الإنسانية، ويضع حداً للتهديدات التي تواجه بلادنا".

ورفض وزير الصحة، أوريليان روسو، إلغاء حكومته المساعدة الطبية الحكومية (AME)، المفتوحة للمهاجرين غير الشرعيين في وضع غير قانوني، والتي تقدم علاجاً مجانياً للمهاجرين والأجانب، واعتبر أن إلغاءها يشكل ضغطاً على خدمات المستشفيات التي تعاني أصلاً من خصاص كبير في الأطباء والممرضين. 
وهدد العديد من الوزراء، بمن في ذلك وزيرة النقل، كليمنت بون، ووزيرة الثقافة، ريما عبد الملك، ووزيرة التعليم العالي، سيلفي ريتيليو، ووزيرة الإسكان، باتريس فيرجريت، ووزيرة الصناعة، رولاند ليسكور، بترك مناصبهم داخل "السلطة التنفيذية"، حسبما نقل "راديو فرانس".
وأكدت رئيسة الحكومة، إليزابيث بورن لـ"فرانس إنتر"، أنه "ليس هناك أزمة في الأغلبية"، فيما من المقرر أن ينظر المجلس الدستوري في نصوص القانون وما إذا كانت تتعارض مع قيم الجمهورية.
وسارع وزير الداخلية جيرالد دارمانان، إلى الترحيب بإقرار مشروع القانون، وقال في منشور على منصة "إكس"، إنّ "نصّ الهجرة تمّ إقراره بشكل نهائي. معركة طويلة من أجل دمج أفضل للأجانب وطرد أولئك الذين يرتكبون أعمالاً إجرامية. نصّ قويّ وحازم".
بدورها، قالت زعيمة حزب التجمع الوطني اليميني المتطرف، مارين لوبان: "اليوم نبتهج بانتصار أيديولوجي حقيقي للتجمع الوطني، إذ أصبحت أفكاره الآن منصوصاً عليها في هذا القانون. ولا يزال هناك الكثير مما يتعين القيام به، بما في ذلك إجراء استفتاء دستوري بشأن الهجرة كما نقترح".
كما اعتبرت أن النص الذي تم التصويت عليه "خطوة صغيرة"، مضيفة، "ما ندعو إليه بعيد كل البعد عن المراجعة الدستورية اللازمة للسيطرة الحقيقية على الهجرة، ولكنه يمثل انتصاراً أيديولوجياً لا جدال فيه لحزب التجمع الوطني".
ودعت في بيان عبر منصة "إكس"، إلى "طرد الأجانب المرتبطين بشبكات الإرهاب، وتجريد مزدوجي الجنسية من جنسيتهم، ومحاكمة المواطنين بتهمة التخابر".

وفي المقابل، ندّد زعيم حزب "فرنسا الأبيّة" (يسار راديكالي)، جان لوك ميلانشون، بنص القانون، معتبراً إقراره "نصراً مقزّزاً" تحقّق بفضل أصوات اليمين المتطرّف.
وقال ميلانشون عبر منصة "إكس"، "لقد تأسّس محور سياسي جديد"، وناشد: "لا تدعوا التجمع الوطني (اليمين المتطرف) يلوث القوانين".
وندد المرشح الرئاسي السابق بـ"الانتصار الأيديولوجي" لحزب التجمع.
وأعلن الحزب الاشتراكي عزمه الطعن على النصّ أمام المجلس الدستوري.
وأمام المجلس الدستوري (أكبر هيئة دستورية في فرنسا)، شهر واحد، لاتخاذ موقف حاسم بشأن قانون الهجرة، ولا يمكن أن يكون هذا موضوعاً لأي استئناف، سواء من قبل الحكومة أو المعارضة.
وإذا صادق قضاة وحكماء المجلس على القانون، فيمكن نشره من قبل رئيس الحكومة في الجريدة الرسمية في أجل لا يتعدى 15 يوماً. 
وعلى العكس من ذلك، إذا رأوا أن النص يتعارض مع الدستور، فسيتم إلغاء التصويت في البرلمان.
كما يمكن للقضاة الحكم على القانون بأنه صحيح جزئياً، وفي هذه الحالة يمكن إصداره، باستثناء المواد التي تعتبر غير دستورية.
وقال الرئيس الفرنسي السابق، فرانسوا أولاند (2012-2017)، الذي أعلن في عام 2015 تمديد إسقاط الجنسية عن مزدوجي الجنسية المدانين بارتكاب "جرائم إرهابية"، قبل أن يتخلى عنها، أنه مع هذا القانون الجديد، "نحن ندخل بشكل خبيث في التفضيل الوطني".
وتوصل البرلمان الأوروبي والدول الأعضاء في الاتحاد الأوروبي الأربعاء إلى اتفاق بشأن إصلاح واسع لنظام الهجرة واللجوء، في ختام مفاوضات طويلة ومناقشات دامت سنوات.
وأضاف في مقابلة مع صحيفة "لوموند": "هي هزيمة لقيم الجمهورية، عندما يتم إقرار نص يتضمن إجراءات مخالفة للدستور، فلا يمكن اعتباره تقدماً. فعندما تعتبر عائلة لوبان، استناداً إلى المبادئ الأساسية، أنها حققت نصراً أيديولوجياً، فلا يمكن أن يكون ذلك نصراً. وعندما تتفكك الأغلبية، فإن هذا الاستنتاج لا يمكن أن يكون انتصاراً لرئيس الجمهورية". 
واعتبر أن الرئيس ماكرون وحكومته "لم يحصلوا على أصوات التجمع الوطني، بل أخذوا أفكاره"، مضيفاً أنه صوّت بحسن نية لصالح ماكرون من أجل استبعاد "التجمع الوطني" في الجولة الثانية من الانتخابات الرئاسية.

Dr.Randa
Dr.Radwa