الإثنين 29 ابريل 2024

جريمة الاعتداء على المال العام .. موضوع خطبة الجمعة اليوم

خطبة صلاة الجمعة اليوم

تحقيقات29-12-2023 | 09:31

محمود غانم

تنشر بوابة "دار الهلال" نص خطبة صلاة الجمعة اليوم، والتي جاءت تحت عنوان_جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام_ إذ تؤكد الخطبة على حرمانية الاعتداء على المال العام وما كان في حكمه، موضحة ذلك عبر الآيات القرآنية والأحاديث النبوية.

نص الخطبة 

"جريمة الاعتداء على المال العام والملك العام والحق العام"

الحمد لله رب العالمين، القائل في كتابه الكريم: {قل لا يستوي الخبيث والطيب ولو أعجبك كثرة الخبيث فاتقوا الله يا أولي الألباب لعلكم تفلحون}، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن سيدنا ونبينا محمدا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه، ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين، وبعد:

فلا شك أن المال العام والملك العام والحق العام ركائز بناء الأمم والأوطان؛ لذلك شدد ديننا الحنيف على حرمة الاعتداء على أي منها، حيث نهى ديننا الحنيف

عن أكل أموال الناس بالباطل، يقول الحق سبحانه: {يا أيها الذين آمنوا لا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل إلا أن تكون تجارة عن تراض منكم ولا تقتلوا أنفسكم إن الله

كان بكم رحيما * ومن يفعل ذلك عدواناً وظلماً فسوف نصليه ناراً وكان ذلك على الله يسيراً}، ويقول سبحانه: {ولا تأكلوا أموالكم بينكم بالباطل}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (كل لحم نبت من سحت فالنار أولى به).

ولما كان المال العام والملك العام والحق العام مما تتعلق به حقوق واسعة؛ وجب علينا المحافظة عليه، وحمايته، والعمل على تنميته وتطويره؛ فإن الأمانة فيه أشد،

والمسئولية عنه أعظم، كما أن حرمته أشد إثما وجرمًا وخطرا من حرمة الأموال الخاصة والأملاك الخاصة والحقوق الخاصة؛ لكثرة الذمم المتعلقة بالحقوق العامة.

وقد حذر ديننا الحنيف من الاعتداء على المال بصفة عامة، حيث يقول الحق سبحانه: {ومن يغلل يأت بما غل يوم القيامة ثم توفي كل نفس ما كسبت وهم لا

يظلمون}، ويقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (إن رجالاً يتخوضون في مال الله بغير حق فلهم النّار يوم القيامة)، ويقول (صلى الله عليه وسلم): (كل جسد نبت من سحت فالنار أولى به). 

وشدد الإسلام في الاعتداء على أملاك الآخرين، سواء أكانت عامة أم خاصة، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (من اقتطع شبراً من الأرض ظلماً طوقه الله إياه يوم القيامة من سبع أرضين)، وقد سأل سيدنا عبد الله ابن مسعود (رضي الله عنه) نبينا (صلى الله عليه وسلم): أي الظلم أظلم؟ فقال (صلى الله عليه وسلم): (ذراع من الأرض ينتقصها المرء المسلم من حق أخيه، فليس حصاة من الأرض يأخذها أحد إلا طوقها يوم القيامة إلى قعر الأرض، ولا يعلم قعرها إلا الله عز وجل الذي خلقها). ومن الحقوق العامة التي يجب الحفاظ عليها، واستخدامها استخداماً رشيداً المرافق العامة التي تقوم الدولة ببنائها وتطويرها، فذلك واجب شرعي ووطني وإنساني، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (لا ضرر ولا ضرار)، وهو واجب لا يقف عند حدود الحفاظ عليها فحسب، بل يمتد إلى العمل على تعظيمها، والإسهام في تطويرها، حيث يقول نبينا (صلى الله عليه وسلم): (سبع يجري للعبد أجرهن وهو في قبره بعد موته: من علم علماً، أوكرى نهراً، أو حفر بئراً، أو غرس نخلاً، أو بنى مسجداً، أو ورث مصحفاً، أو ترك ولداً يستغفر له بعد موته). 

الحمد لله رب العالمين، والصلاة والسلام على خاتم الأنبياء والمرسلين، سيدناً محمد (صلى الله عليه وسلم)، وعلى آله وصحبه أجمعين. ومن صور الاعتداء على الملك العام التعدي على مال الوقف، الذي هو مال الله (عز وجل)، وحق للمجتمع كله، كما أن له دورًا كبيرًا في تنمية المجتمع في العديد من المجالات الاجتماعية، وخدمة القرآن الكريم، والإسهام في عمارة المساجد، وبناء المدارس والمستشفيات، وعلاج المرضى، ورعاية المحتاجين من الفقراء والأيتام والأسر الأولى بالرعاية؛ لذلك تجب المحافظة عليه وتنميته واستثماره، ويحرم أكله أو تضييعه، أو التحايل بأي حيلة لاستباحته، أو الاعتداء عليه، أو تسهيل الاستيلاء عليه؛ فإن ذلك إثم كبير وجرم عظيم، يحول حياة المتعدي عليه إلى جحيم الدنيا والآخرة؛ فلا تقبل له دعوة، ولا يبارك له في مال أو ولد، حيث ذكر نبينا (صلى الله عليه وسلم) الرجل يطيل السفر أشعث أغبر يمد يديه إلى السماء: يا رب يا رب، ومطعمه حرام، ومشربه حرام، ومكسبه حرام، وغذي بالحرام، فأنى يستجاب لذلك؟)، فما بالكم بمن يعتدي عليه؟! فضلاً عما ينتظر المتعدي عليه أو على غيره من المال العام من سوء العاقبة يوم القيامة. فما أحوجنا إلى الحفاظ على المال العام والملك العام والحق العام، مع إدراكنا لحرمة التعدي على المال العام بصفة عامة والمال الموقوف الله (عز وجل) بصفة خاصة. 

اللهم احفظ مصرنا وارفع رايتها في العالمين

Dr.Randa
Dr.Radwa