الأربعاء 26 يونيو 2024

د. محمد أبو الغـــار: ٦٠ عاماً داخل قصر العينى

23-2-2017 | 10:57

حوار أجرته: ايمان رسلان

 

هو أحد أبرز أعلام قصر العينى والطب فى مصر له نظريات عالمية باسمه فهو رائد أطفال الأنابيب فى مصر، إنه د. محمد أبو الغار أستاذ النساء والتوليد المتفرغ فى قصر العينى وأحد أبرز وجوه مصر العالمية فى الخارج، وهو بجانب براعته الطبية وتأسيسه لأول مدرسة لأطفال الأنابيب فهو معروف أيضًا بنضاله الديمقراطى والسياسى حيث أسس هو ومجموعة من الأساتذة جماعة ٩ مارس للإصلاح الجامعي، والآن مازال يذهب إلى قصر العينى يباشر إشرافه العلمى ويذهب إلى عيادته أيضًا بجانب عمله كأستاذ زائر فى الجامعات الأجنبية.

يقول د. أبوالغار: دخلت قصر العينى عام ١٩٥٧ بعد أن أمضيت عام ١٩٥٦ فى كلية العلوم حيث كانت تعتبر هى تمهيدى الطب أى أن جميع طلاب الطب الذين قبلوا فى دفعة ١٩٥٦ وكنت أحدهم لابد أن نقضى العام الأول فى كلية العلوم أى أننى الآن عمرى اقترب من ٦٠ عامًا داخل صرح قصر العينى وبدون مبالغة هو صرح علمى وطبى بحق وحقيقى.

ويضيف أبوالغار: دفعتى كان عددها ٢٢٠ طالب وطالبة وكنا نقسم على مجموعات فمثلا مجموعة التشريح كان عددنا أربعة طلاب نقف جميعًا مثلا على تشريح اليد الإنسانية أو على الساق فقد كنا نقوم بالتشريح بأنفسنًا فى وجود «المعيد» ومعنا الكتاب الأساسى حول التشريح.

أعتقد أن طلاب السنوات الحديثة لا يعرفون الجثة الحقيقية كما كان الحال على أيامنا وإنما تعايشوا الآن مع مستنسخ للجسم البشرى «المانيكان». وازدياد الأعداد بالطب كان بالتأكيد وراء افتقاد وجود «المشرحة» فى حياة الطلاب وعمومًا المشرحة فى زماننا على أهميتها القصوى فى تكوين الطبيب إلا أنها كانت صعبة على الكثيرين فى تحمل الآلام وقبلها العثور على جثة للقيام بالتشريح.

ويوضح أن الأساتذة كانوا يعرفوننا بالاسم خاصة المتفوقين منا كان يعرفهم أيضًا عميد الكلية، والأساتذة كانوا يشاركون معنا فى كل الأنشطة الطلابية التى نقوم بها، فقد كان لدينا ملعب هوكى وحمام سباحة أوليمبى وحلبة مصارعة والأهم أن الكلية كانت بها حجرة للموسيقى بها مختلف الآلات بل كان لنا مدرب مخصوص لكل هذه الأنشطة ، وكان هناك نشاط للرسم أيضًا ولكن من أهم الأشياء التى ساهمت فى تكوينىهى المسرح، حيث إن كلية الطب مشهورة بفرق التمثيل بها وكنا نفوز دائمًا فى مسابقة الجامعة،

فليس معنى أننا بكلية عملية أن لا يكون لنا هوايات نمارسها لكن الأهم هو أن الجامعة هى التى كانت توفر لنا الوقت الذى نمارس فيه الهوايات لذلك أنا سعيد الآن بعودة الحفلات إلى الجامعة وذهاب الطلاب إلى الأوبرا وتوفير الكتب الثقافية لهم، فهذا بحق عودة إلى دور الجامعة فى المساهمة فى تكوين شخصية الطالب، وهذا المجهود لابد من دعمه لأنه السبيل الأول للوقوف أمام محاولات نشر التعصب والتطرف، وهنا أتذكر واقعة هامة كنت شاهدًا عليها أى شاهد عيان، والواقعة هى أنه فى عصر السادات ومع عودة إحياء الإخوان وتشكيل الجماعات الإسلامية أن قام طلاب الجماعة الإسلامية بالكلية منهم بإحراق مسرح الكلية ولم يعد النشاط مرة أخرى إلى الجامعات إلا مؤخرًا وظل الصراع منذ ذلك الوقت وحتى الآن الفن والإبداع والقراءة والحوار.

وحول الاهتمام بالسياسة أثناء فترة الدراسة يقول أبوالغار: كانت حياتنا كتابا مفتوحا وجيلى كان مهموما بالسياسة أيضًا لأننا الجيل الذى التحق بالجامعة فى أواخر الخمسينيات وحتى الستينيات، وأنا استمررت فى الجامعة بعد ذلك فقد تم تعيينى كمعيد قبيل نكسة ١٩٦٧ وكانت أيام صعبة علينا كلنا حتى إننا كنا نتحفظ جدًا على سلوك الأساتذة حيث كانوا ملكيين أكثر من الملك نفسه، وأقصد أن عبد الناصر نفسه اعترف بالهزيمة، وهم كانوا يطلبون منا أن نذهب فى وفود إلى قصر العينى للتأكيد ونحن كطلاب مستجدين «معيدين» كنا فى حالة كبيرة من الاستياء من هذا السلوك «التعبوي» وكان يشاركنا فى هذا الإحساس أيضًا طلاب منظمة الشباب بالكلية، وللحقيقة هذا ما أدى إلى عضب الشباب ومظاهراتهم فى ١٩٦٨ ردا على أحكام الطيران ...فالتأكيد المستمر من المسئولين لم يكن مطلوبًا وأعتقد أن حتى عبدالناصر نفسه لم يكن يعرف ذلك، فبطانة السوء والتأييد المستمر خطر حتى على الحاكم نفسه.

انتخابات العمداء لم تكن موجودة فى العهد الناصرى.. هكذا يقول أبوالغار مشيرا إلى أنها جرت بعد قانون الجامعات فى ١٩٧٢ بواسطة وزير التعليم العالى آنذاك د. شمس الدين الوكيل وكان أستاذا منفتحا للغاية ليبراليا يفسد الديمقراطية وحق التعيين، واستمر نظام الانتساب حتى منتصف التسعينيات حتى تم إلغاء النظام فى عهد د.حسين كامل بهاء الدين وكان هذا سبب أزمة بينى وبينه.

وطوال حقبة التسعينيات وحتى ثورة ٢٥ يناير ٢٠١١ ونحن ننافس ضد مبدأ التعيين للمناصب فى الجامعة لأنه للحقيقة هذا النظام يفرز قيادات «غير جيدة» تسمع الكلام.

ومن هنا كانت المعارضة لنظام التعيين بالجامعات، ليس لأن نظام الانتخابات هو الأفضل بشكل مطلق ولكن هو الأفضل لإصلاح الجامعات فى مصر.

ويختتم أبوالغار حديثه معنا بالقول قضيت عمرى كله منذ كان عمرى ١٦ عامًا حتى الآن أى ٦٠ عامًا داخل قصر العينى فهو قلعة الطب فى مصر بلا منازع، وهو ملاذ الفقراء وشعب مصر كله، فأفضل العمليات وأصعبها تتم داخل المستشفى لأن أفضل الأساتذة موجود به وبالتأكيد العلاج المجانى أيضًا الذى يخدم ٩٥ ٪ من الشعب المصري.