السبت 4 مايو 2024

قليني فهمي باشا يروي ذكرياته مع الخديو إسماعيل «مقال نادر»

الخديو إسماعيل

كنوزنا31-12-2023 | 14:12

بيمن خليل

تحل اليوم ذكرى ميلاد الخديو إسماعيل، خامس حكام مصر من الأسرة العلوية، الذي ولد في 31 ديسمبر 1830م، يُلقَّب بالمؤسس الثاني لمصر، بعد أن شهد عصره نهضة شاملة طُوِّرت خلالها الملامح العمرانية والاقتصادية والإدارية للبلاد بشكل كبير. 

نَشَرت مجلة الهلال، عام 1939م، مقالًا بقلم قليني فهمي باشا، إحدى الشخصيات البارزة التي عاصرت فترة مهمة من تاريخ مصر الحديث، وكان من المقربين من الخديو إسماعيل، يسرد فهمي باشا في مقاله بعضَ ذكرياته مع الخديو إسماعيل في منفاه بالدول الأوروبية. 

 

كتب فهمي باشا عن تفاصيل لقائه بالخديو في فيلته في المنفى، وعن سخط الخديوي على الحركة العرابية، وانتقاده للخديو توفيق، وعن اطلاع الخديو الواسع على أحوال مصر آنذاك.

 

نص المقال:

يقول قليني باشا فهمي أنه اتفق ذات يوم وأنا في مدينة فيشى بفرنسا أن قابلني درانیت باشا - ودرانيت باشا هذا كان أجزجي باشا المغفور له الخديو اسماعيل - فقال لي: «أفندينا اسماعيل لاحظ وجودك هنا منذ يومين، واستغرب عدم زيارتك لسموه» فأجبته بما يأتي: «إنني صغير جدا في سني ومركزي وليس لي أن أكون من زوار سموه».

 

فقال الأجزجي: «ولكن أفندينا يسر برؤيتك، وهو الذي أمرني باخبارك بذلك».. فطلبت منه موعدا للمقابلة، فقال: «من الساعة الثانية إلى الخامسة فاحضر في الساعة التي تريدها، والخديو ساكن فى فيلا تسمى فيلا روز»، فسعيت في اليوم التالي للحصول على طربوش ألبسه، وذهبت في الساعة الثانية تماما إلى الدار التي يقطنها سموه، وهي دار جميلة جدا في وسط حديقة غناء..

 

سخطه على الحركة العرابية

وكنت أعرف أن أفندينا ذو لحية تركية، وشواربه تتناسب معها، فلما أتيت الفيلا، وجدت رجلا جالسا ببابها، شواربه ممتدة ولحيته مسترسلة طويلة، فدنوت منه، وقلت له: «أنا عندي موعد لمقابلة أفندينا في هذه الساعة» فقال «تعالى معي وأنا أوديك عنده» ووضع يده في يدي، ودخلنا صالونا بالدار كانت به نفائس.. ومن بينها «كنبة» صغيرة لطيفة تسع شخصين فقط، فجلس وأجلسني بجواره، وقال امكث حتى يأتي أفندينا، وبعد ان استرحنا قال بالعربية: «أنا مسرور برؤيتك يا قليني بك) فقلت له: «أشكرك، هل حضرتك سكرتير أفندينا؟» فقال:

- أنا هو افندينا . . .

فوقفت في الحال، وقلت: «استغفر الله يا أفندينا» فقال لي: «ما ألطف هذه المناورة الصغيرة التي سرت قلبي اجلس»، فأطعت الأمر وجلست، ولكن تولاني خجل عظيم من هذا العطف الكريم، ثم بادرني سموه معلنا سخطه على الحركة العرابية، وما ترتب عليها من خسارة البلاد أدبيا وسياسيا، وعزا استفحال أمرها إلى ضعف الخديو توفيق .

 

انتقاده للخديو توفيق

ثم استرسل الخديو إسماعيل في نقد أعمال الخديو توفيق مما أحرج مركزي، فقلت لسموه إن الخديو توفيق من المخلصين لذاتكم الكريمة، ويعد نفسه أنه قائم مقامكم مدة غيابكم.. ثم استطرد وقال: «لو كان الخديو توفيق يعرف واجباته لقضى على زعماء العرابيين في أربع وعشرين ساعة، ونجى البلاد مما وقعت فيه من الاحتلال الأجنبي»، ثم استمر في السؤال عن كثير من ذوي المقامات في البلاد، وكان لطيفًا معي في كل حديثه، بشوشًا، مطلعا كل الاطلاع على ما يجري في مصر.

Dr.Randa
Dr.Radwa