السبت 23 نوفمبر 2024

للحب وجوه كثيرة

  • 23-2-2017 | 13:48

طباعة

بقلم : إيمان حمزة

ما زلنا فى احتفالات العيد العالمى للحب, فهو ليس مجرد يوم واحد بل هو دعوة عامة تنطلق منه لنعيش فيه كل يوم, ليحيى فينا أجمل المشاعر الإنسانية التى تفيض على البشر بوجوهه الكثيرة, فالحب هو الإحساس بالآخرين ومحاولة إسعادهم كل بما تجود به قدراته من جهود وتضحية وإيثار وعطاء, وحكاياتنا الإنسانية للحب مستمرة على مر الحياة وما أحوجنا أن نستعيدها من جديد وخاصة ما أثرت فى حياتنا وما زال تأثيرها ممتدا بيننا حتى الآن, ومن حكاياتنا حلم تحقق باجتماع مجموعة من المصريين المحبين لأهلهم ليتبرعوا بجزء من أملاكهم الزراعية عام 1892 لينشئوا بها أقدم جمعية أهلية فى مصر أطلقوا عليها "جمعية المساعى المشكورة" لمساندة أبناء محافظتهم فى خدمة التعليم كهدف أساسى من إنشائها, فقد تبرع هؤلاء الرجال الذين كان من بينهم عبد العزيز فهمى باشا وزير الحقانية "العدل", وكان رفيقا لسعد زغلول زعيم الأمة فى المطالبة بإلغاء الحماية البريطانية على مصر, وأحمد عبد الغفار باشا وزير الزراعة والذى تبرع هو وابنه وكيل مجلس شورى القوانين الذى أوقف 20 فدانا من أملاكه على الجمعية, وكان أيضا أن تبرع محمود أبو حسين باشا عضو مجلس شورى القوانين بعشرين فدانا من أملاكه مع عبد العزيز حبيب من كبار الملاك حيث تبرع بأكبر وقف ثلاثين فدانا على خدمة التعليم بمدارس الجمعية, وأيضا كان من بين المؤسسين محمد علوى باشا الجزار والذى كان عضوا بمجلس الشيوخ واعتقل وحكم عليه بالإعدام لمواقفه الوطنية المشهودة للنضال ضد المستعمر, ولكن سجن وعفي عنه وقد تبرع بقصره والأرض المحيطة به ليكون عليها مقر جامعة المنوفية, لتصبح بفضل جهود هؤلاء المصريين الشرفاء جمعية المساعى المشكورة هى السبب وراء تحمل المسئولية الأكبر لخدمة التعليم بين أهالى محافظة المنوفية, بل قبل أن تفتتح الحكومة مدارسها الرسمية في الكثير من محافظات مصر, فأنشأت أول مدرسة ابتدائية للبنات بشبين الكوم عام 1899 بين أبناء المجتمع الريفى لتنقلهم للحاق بالمجتمع الحضرى بالقاهرة, حيث كانت المدرسة السنية التى أنشأها الخديوى إسماعيل أول مدرسة للبنات على مستوى الجمهورية, كما افتتحت على أراضيها المدرسة الإعدادية الثانوية بالمساعى المشكورة للبنين والتى ما زالت تحمل نفس الاسم حتى الآن, وبعد إقرار مجانية التعليم تنازلت الجمعية عن مدارسها إلى وزارة المعارف دون مقابل ولكن ظل اسم الجمعية تكريما لدورها الكبير ليس فقط فى التعليم ولكن أيضا فى مجال الخدمات الاجتماعية بما أنشأته من دور ومراكز الأيتام والعجزة والمعاقين ومراكز التدريب المهنى, كما ترفع الجمعية على مر الزمان والتى تحتفل بعيدها 125 هذه الأيام بجهودها المستمرة لخدمة أبناء المحافظة شعار اكفل طالب فى تعليمه منذ الصغر حتى التخرج في الجامعة, وتقدم كل المساهمة المادية والمعنوية وبناء بيت لطلبة الجامعة من الوافدين, وأيضا رعاية النشء وغرس كل القيم الأخلاقية والحفاظ على الدين الصحيح وسماحته ووسطيته بعيدا عن التطرف لتشارك هذه الجمعية كأقدم الجمعيات الأهلية على مستوى العالم العربى فى المؤتمرات لتمثل مصر فى مؤتمرات المنظمة العربية للتنمية لتجسد صورة من أروع وأجمل صور الحب الذى يجعلنا جميعا نتشارك فى تحمل مسئوليتنا تجاه من حولنا حينما يشعر الوزير والغنى بفائدته ودوره الحقيقى لمن حوله, تحية حب وعرفان وتقدير لكل هؤلاء الرجال العظام وإلى روح المستشار حامد عبد الدايم باعث نهضة الجمعية منذ تولى حتى رحيله العام الماضى فى التسعين من عمره وما قدمه من جهود كثيرة, وتحية إلى القائمين عليها الآن من أجل استمرار جهودها فى المجتمع.

    الاكثر قراءة