الأربعاء 8 مايو 2024

حكاية وطن: «هز ديل الكلب»

مقالات8-1-2024 | 19:08

 منذ عدة أيام وبعد ساعات طويلة من العمل وجدت نفسي في حالة جوع شديدة فاقترح أحد الزملاء أن نكسر الملل ونتناول في  أحد المطاعم الشعبية الشهيرة في وسط البلد.

وافقت على المقترح وبالفعل ذهبنا إلى هناك، ولكن لسوء حظي أو ربما العكس مررت في الممر الواقع خلف المطبخ والمخزن المطعم، فرأيت منظر "الأكل" وهو "نيي"، وكذلك منظر من يقومون بطهي الطعام.. منظر كاد أن يجعلني أقوم بإرجاع ما في معدتي الفارغة أصلا، من الرائحة وشكل الأكل ومن يقوموا بطهيه!..

بعد عدة ثواني..
وبمجرد خروجي من ذلك الممر شممت رائحة الكبدة والسجق أثناء طهيهم على العربة الواقعة في مدخل المطعم، الرائحة كانت حلوة لدرجة أنني كدت أن أتراجع في كلامي وأكمل رغم ما رأيته في الفناء الخلفي للمطعم!..

بالضبط...
هذا ما يحدث في مطبخ التلفزيون والإعلام والسياسة في العالم "العلاقة الغير شرعية بينهم في الغرف المغلقة شيئ وما نراه شيئ مختلف تماما"
ولا شيء فيه خاضع لقصة "الحياد" وهو وهم من الاوهام التي نضحك بها على أنفسنا، فلا شيئ اسمه "الحياد" في عالم تحكمه الذئاب والضباع وهذه قصة اخرى !..

 

وهذه فكرة فيلم ( ذيل الكلب Wag the Dog )..
الذي يبدأ بمشاهد يظهر فيها الرئيس الأمريكي يعاني من أزمة سياسية - "فضيحة جنسية خاصة به سيطرت على محور كل الأحداث وشغلت المواطن الأمريكي"، فما كان من الرئيس الأمريكي إلا ان جمع مستشاريه للبحث عن حل والانتخابات الرئاسية على الابواب، ومثل هذه الفضيحة ستقضي على مستقبله السياسي.. 

بعد شد وجذب ونقاشات مطولة وطويلة
ارشدوا الرئيس الى صقر من صقور وكالة الاستخبارات الامريكية، لا تستعصي له مشكلة، وكان مشرفا على قسم العمليات القذرة، 
طلبه الرئيس وعرض عليه المشكلة..

- قال موظف المخابرات : الحل سهل؛ نشعل حربا!..
- سأله نائب الرئيس: لمذا الحرب ومع من؟!..
- موظف المخابرات: ليس مهما مع أي طرف لأنها لن تكون حقيقية.. يكفي أن يخرج الرئيس ويتحدث عن السلام والاستقرار، ويؤكد أنه لن يقوم بأي حرب مثلا  ضد ألبانيا..
وبعدها يشرب الإعلام الطعم، ويزداد الكلام عن تكهنات بحرب مزمعة ضد ألبانيا - "وهناك عندهم وبجوارهم "ناس" سوف تسعدنا دون أن نطلب منهم ذلك!..

فقط سناتي بمخرج - لابد وأن يكون مغمورا وليس له اعمال معروفة - حتى ينفذ لنا عملية الخداع المتقنة، ودون يزعجنا، حيث سيقوم بإعداد عدة أفلام عن أسلحة ممنوعة أو اضطهاد عرقي، أو حتى مواطنين تابعين لنا تم خطفهم ويجب أن نعيدهم إلى الوطن بأي ثمن!..

وهكذا بدأ الشعب الأمريكي كله ينصرف عن "فضيحة الرئيس"..
ويتابع تفاصيل قصة الحرب الوهمية التي رسم تفاصيلها المخرج السينمائي العاطل عن العمل، بل وتحول الامر إلى حقيقة وصدقها الناس..
الفيلم من بطولة العباقرة النجمين العالميين "داستن هوفمان" و"روبرت دي نيرو" ومن انتاج عام ( 1997 )..

وليس له أية علاقة  بسيناريوهات حصلت بعد ذلك في ( أفغانستان ) و ( العراق ) و ( ليبيا ) و ( سوريا )، أو مثلما هو حاصل في ( غزة ) الان مثلا..
أرجوكم لا تتفهموني ( صح )..
وياريت تشغلوا عقولكم ( صح )..
وتربطوا بين سيناريو الأحداث التي تحدث في غزة الآن..
والكلام الكثير عن 
•• حكومة إسرائيلية تعاني قبل اندلاع الأزمة من مشاكل لا اول لها من آخر ورئيس وزراء يواجه قضايا متهم فيها بالفساد، ورئيس أمريكي تعاني دولته حاليا من مشاكل سياسية واقتصادية صعبة للغاية، وانتخابات رئاسية على الأبواب، وحرب في اوكرانيا حتى الآن لم يستطع "الدب الروسي" حسمها، بل وتعصف بكل أوروبا واقتصادها، والصين تتلاعب بكل الأسواق العالمية، و ( الكاوبوي ) عاجز عن مواجهة ( المارد الأصفر )..
ولا مانع من إشعال ( حرب طائفية مقدسة )
ثم اربطوا كل ما سبق بالحديث الكثير عن ضرورة صنع وطن بديل لسكان غزة يكون عن طريق تهجيرهم وأن يكون البديل تهجيرهم إلى سيناء، وفي السكة يتم صناعة ايقونات وابطال وهميين وحكايات غير منطقية في سيناريوهاتها بالمرة ليشغلوا بها ادمغة بل قلوب الشعوب العربية - فالعقل والتفكير للأسف فريضة غائبة عنهم - ومن ثم توجيه مشاعرهم إلى أغراض معينة أهمها صب جام الغضب على الجميع الا السبب الحقيقي، ثم يبدأ "الصبية" في الحديث عن مصر والتطاول عليها والتقليل من دورها والكلام عن فتح "معبر رفح" بدون ضابط أو رابط، فما زالت مصر هي الحجر الصلد الذي تتحطم عليه كل احلام الشياطين..
 ومن هنا يأتي  
سيناريو الأبالسة..
الذي من أجله يجب أن تهز كل ديول الكلاب..

Egypt Air