السبت 4 مايو 2024

مصر والصومال.. تاريخ حافل بالتعاون والعلاقات الوثيقة

الرئيس السيسي ورئيس الصومال

تحقيقات21-1-2024 | 16:47

كانت مصر ولازالت سباقة وحاضرة مع كل أشقائها وبالأخص دولة الصومال حيث وجدت العلاقات بين مصر والصومال منذ التاريخ، فقد بدأت منذ عهد الفراعنة وذلك عندما قامت الملكة حتشبسوت بإرسال البعثات التجارية الي "بلاد بونت" الصومال حاليا لجلب منتجات تلك المنطقة خاصة البخور، وفي العصر الحديث كانت مصر اولي الدول التي اعترفت باستقلال الصومال عام 1960، فتتميز العلاقات المصرية الصومالية بتعدد الروافد في اطار من المصالح المشتركة والامن المتبادل لتشمل جميع المجالات السياسية والاقتصادية والاجتماعية والثقافية والمجال العسكري كما شهدت العلاقات بين البلدين ازدهارا منذ حقبة الستينيات وحتي انهيار نظام سياد بري، وقفت الي جانب الصومال في نضاله ضد الاستعمار البريطاني والإيطالي وبعد حصوله علي الاستقلال.

 

 

ويضاف لتاريخ مصر انها بذلت مجودا كبيرا لمنع وقوع الحرب الاهلية في الصومال وشهدت القاهرة والسفارة المصرية في مقديشو، لقاءات واجتماعات لمنع وقوع صراع مسلح وانهاء الصراع بين الحومة والمعارضة بطرق سليمة ، ولم تتوقف جهودها بعد اندلاع الحرب في الصومال 1991، فكانت حاضرة بقوة في جميع الجهود الدولية للمّ شمل الصوماليين، ورفضت تقسيم الصومال أو الاعتراف بانفصال إقليم الشمال "صومالاند"، ورحبت بآلاف الصوماليين الذين نزحوا من دمار الحرب، فاستقبلتهم ومدت لهم يد العون وتم منحهم تعليما مجانيا وتمت معاملتهم كمعاملة المصريين في المدارس والجامعات ،وهذه المعاملة الأخوية أثمرت عن تخرج الآلاف من الشباب الصوماليين من الجامعات المصرية تقلد بعض منهم مناصب في الحكومة المركزية والحكومات الاقليمية في الصومال، والبعض الآخر يحاضرون في الجامعات الصومالية وبعض الجامعات في دول الجوار.

 

 

ويبرز دور مصر في العلاقات السياسية بين البلدين في انها تعد عضواً فاعلاً فى مجموعة الاقتصاد الدولية التى تُعنى بالمشكلة الصومالية وتحرص على المشاركة فى كافة الاجتماعات التى تعقدها المجموعة، كما كثفت تحركاتها الدولية خلال السنوات الاخيرة لدعم القضية الصومالية، وحث القوى الدولية للمساهمة في إعادة بناء المؤسسات الوطنية الصومالية نظرا للأهمية القصوى التي تشكلها الصومال ودورها في تعزيز الأمن القومي المصري، كما شاركت بوفد ترأسه المهندس شريف إسماعيل رئيس الوزراء، في مؤتمر لندن حول الصومال في مايو 2017 بالتعاون بين الأمم المتحدة والحكومة الصومالية والحكومة البريطانية من أجل بحث دعم الاستقرار والسلام في الصومال .

 

 

أما العلاقات الاقتصادية بين البلدين فقد شهدت تطورا ملحوظا في السنوات الاخيرة، فبلغ حجم الميزان التجاري بين مصر والصومال نحو 88 مليون دولار خلال عام 2017 مقارنة بـ 54 مليون دولار عام 2016، وتتمثل الصادرات المصرية للصومال في السلع الغذائية ومواد البناء، وقطاع الأدوية، فيما تستورد مصر من الصومال الماشية، حيث ارتفعت قيمة التبادل التجاري بين مصر والصومال إلى 67.5 مليون دولار خلال عام 2021 مقابل 65.8 مليون دولار خلال عام 2020 بنسبة ارتفاع قدرها 2.6 %، وكانت من أهم المجموعات السلعية التي استوردتها مصر من الصومال خلال عام 2021، هي أغذية محضرة للحيوانات بقيمة 520.3 ألف دولار، ونباتات بقيمة 411.6 ألف دولار، وبذور وأثـمار زيتية بقيمة 314.1 ألف دولار، بينما أهم المجموعات السلعية التي صدرتها مصر إلى الصومال خلال عام 2021، هي منتجات مطاحن بقيمة 39.6 مليون دولار، ومنتجات الصيدلة بقيمة 7.5 مليون دولار، ومحضرات خضر بقيمة 3.9 مليون دولار، وصدرت مصر للصومال، سجاد وأغطية أرضيات بقيمة 2.1 مليون دولار، وسكر ومصنوعات سكرية بقيمة 1.9 مليون دولار، وهكذا مرت مصر بعدة محطات اقتصادية مهمة في علاقتها بالصومال تتمثل في تعزيز الاستثمارات بين البلدين في الصناعة والتجارة والري والموارد المائية والري.

وفي مجال التعليم كانت مصر ولاتزال القبلة الأولى لأهل الصومال للحصول على التعليم، حيث تحظى المنح الدراسية المصرية الجامعية باهتمام كبير، واطلقت مصر مبادرات ومشاريع تهدف إلى دعم قطاع التعليم في الصومال من بينها، مشروع المساعدات العينية للطلبة من ذوي الدخل المحدود في مدارس الحكومية المصرية، وتغطية مصاريف الطلبة المسجلين في برنامج البعثات الجامعية خارج الدولة، ومبادرات تحسين الظروف المادية للطلبه المحتاجين وتمكينهم من مضاعفة جهدهم وزيادة تحصيلهم العلمي، كما تلعب  دوراً هاماً إلي اليوم في نشر الثقافة والتعليم في الصومال الشقيقة من خلال إيفاد المدرسين التابعين لوزارة التربية والتعليم للتدريس بالمدارس الصومالية، أو المعلمين التابعين للأزهر الشريف، وايضا خبراء الصندوق المصري للتعاون الفني مع أفريقيا الذين يقومون بنشر العلم في مؤسسات التعليم العالي، كما يقدم الأزهر الشريف عدداً من المنح الدراسية السنوية للطلاب الوافدين من جمهورية الصومال للدراسة بجامعة الأزهر أو المعاهد الأزهرية.

 

 

كما قامت بدور بارز في الجهود الدولية التي تهدف لإعادة بناء المؤسسات الأمنية الصومالية، وذلك في إطار خطة مصرية طويلة الأمد لتدريب الشرطة والجيش وتوفير ما تحتاجهما من أجهزة وعتاد، ويقوم الصندوق المصري للتعاون الفني مع إفريقيا، الذي أنشئ عام ١٩٨٠، بدعوة الجانب الصومالي للمشاركة في الدورات التدريبية التي ينظمها بصفة دورية في مجال الشرطة في إطار الإستراتيجية المصرية لدعم المؤسسات الأمنية الصومالية وقد شهدت مصر خلال الفترة الماضية زيارات لعدد من الوزراء والعسكريين الصوماليين، حيث توصل البلدان إلى توقيع مذكرة تفاهم بشأن التعاون والتكامل المشترك في العديد من المجالات العسكرية بما يدعم جميع مجالات التصدي للإرهاب، كما برز دور الازهر الشريف في هذا الجانب فقد ادان التفجيرات الارهابية التي حدثت في مختلف الفترات مثل التفجير الإرهابي الذي استهدف نقطة تفتيش قرب المطار الدولي بالعاصمة الصومالية "مقديشو"، مما أسفر عن مقتل 17 شخصاً، وإصابة 28 آخرون، وأكد الأزهر رفضه القاطع لمثل هذه الأعمال الإرهابية البغيضة، الي تستهدف الأبرياء وتروع الآمنين، وترفضها كل الشرائع السماوية والمواثيق الدولية، مشدداً على ضرورة تكاتف الجهود الدولية للقضاء على وباء الإرهاب اللعين.

 

 

وأبرم عدد من الاتفاقيات بين البلدين منذ استقلال الصومال أحدثها أنه في 9/1/2023 شهد الدكتور مصطفى مدبولي، رئيس مجلس الوزراء، وحمزة عبدي بري، رئيس وزراء جمهورية الصومال الفيدرالية، مراسم التوقيع على عدد من مذكرات التفاهم بين البلدين، منها مذكرة تفاهم لتوسيع التعاون بين وزارة الأوقاف المصرية، ووزارة "الأوقاف والشئون الدينية" بجمهورية الصومال الفيدرالية خلال الفترة من ٢٠٢٣ حتى ٢٠٢٦، والبرنامج التنفيذي للتعاون في مجال التعليم العالي ٢٠٢٣-٢٠٢٦، وذلك بين وزارة "التعليم العالي والبحث العلمي المصرية" ووزارة التربية والثقافة والتعليم العالي بجمهورية الصومال الفيدرالية، ومذكرة تفاهم بين "وزارة الثقافة" المصرية، ووزارة "الإعلام والثقافة والسياحة" بحكومة جمهورية الصومال الفيدرالية؛ وذلك لتعزيز التعاون الثقافي المشترك بين البلدين، ومذكرة تفاهم بشأن تعزيز التعاون المشترك في المجال الإعلامي، وذلك بين "الهيئة العامة للاستعلامات " المصرية و"وزارة الإعلام والثقافة والسياحة" بحكومة جمهورية الصومال الفيدرالية.

 

وفي ضوء استكمال  العلاقات المصرية الصومالية يستقبل الرئيس عبد الفتاح السيسي، اليوم الأحد بقصر الاتحادية، رئيس جمهورية الصومال الشقيقة حسن شيخ محمود ، وذلك لعقد مباحثات بشأن سبل تعزيز العلاقات الثنائية والأوضاع الإقليمية، حسبما صرح المستشار أحمد فهمي المتحدث الرسمي باسم رئاسة الجمهورية، وهذه الزيارة تتضمن لقاء الرئيس عبد الفتاح السيسي، والأمين العام للجامعة العربية أحمد أبو الغيط، والإمام الأكبر شيخ الأزهر، لبحث مستجدات الأوضاع في المنطقة وحرص الصومال علي تنسيق المواقف مع مصر نظرا لدورها البارز الذي تلعبه في المنطقة حسبما قال السفير الصومالي في مصر الياس عمر ابو بكر، مشيرا للدعم المصري الكبير للصومال في ازمته الراهنة وانها دائما سباقة في اتخاذ مواقف بارزة لدعم الاشقاء، وتعتبر هذه الزيارة الثانية من نوعها منذ توليه الحكم.

 

.