الأحد 5 مايو 2024

72 عاما على ملحمة الإسماعيلية في 1952.. 25 يناير يوم شاهد على بطولة رجال الشرطة

ملحمة الاسماعلية

تحقيقات25-1-2024 | 10:28

محمود غانم

ملحمة دونها التاريخ بأحرف من نور، تمراليوم ذكراها الـ72 ، هي معركة الإسماعيلية 25 يناير 1952 أو مجزرة الإسماعيلية كما أوردتها كتب التاريخ والتي ارتكبت في ظروف غير عادلة، حيث انعدمت الكفاءة في العتاد والمعتاد بين طرفي الصراع، فلم يكن لرجال البوليس المصري إلا رصاصهم، فيما كان للقوات الإنجليزية الدبابات والمصفحات والمدافع التي أحكمت تطويق الميدان، ليتصدى رجال الشرطة المصرية ببطولة لقوات الاحتلال ويدافعون بدمائهم عن كرامة وطنهم في ملحمة تحولت لعيد للشرطة يحتفل به المصريون في 25 يناير من كل عام.

 

إلغاء معاهدة 1936
كانت الظروف ما قبل 25 يناير 1952 مضطربة، ففي مساء يوم الإثنين الموافق 8 أكتوبر 1951، اجتمع البرلمان بمجلسيه، وألقى مصطفى النحاس رئيس الوزراء آنذاك بياناً عن سياسة الحكومة نحو معاهدة 1936، أعلن النحاس قطع المفاوضات السياسية التي كانت قائمة في عهد وزارة الوفد بين الحكومتين المصرية والبريطانية "بعد أن تبين عدم جدواها".

بالإضافة إلى إلغاء معاهدة 1936، واتفاقيتي 19 يناير و10 يوليو عام 1899 بشأن إدارة السودان، وقدم إلى البرلمان المراسيم بمشروعات القوانين المتضمنة هذا الإلغاء.

قابل البرلمان تلك المراسيم بالتأييد والموافقة والحماسة البالغة، ووقف ممثلو المعارضة في كلا المجلسين، وأعلنوا تأييدهم إلى للحكومة في موقفها، وأقر البرلمان هذه المراسيم بالإجماع.

في المقابل، أعلنت بريطانيا تمسكها بالمعاهدة، وصرح هربرت موريسون وزير خارجيتها بأن بريطانيا ستقابل القوة بالقوة إذ اقتضى الأمر لبقاء قواتها في منطقة قناة السويس، وأن الحكومة البريطانية لن تذعن لمحاولة مصر تمزيق المعاهدة.

وأصدرت السفارة البريطانية في القاهرة مساء 8 أكتوبر سنة 1951 بياناً، أعلنت فيه أن إلغاء الحكومة المصرية للمعاهدة من جانبها وحدها عمل غير قانوني ويخالف أحكام المعاهدة، وأن الحكومة البريطانية تعتبرها سارية المفعول، وتعتزم التمسك بحقوقها بمقتضى هذه المعاهدة.

ما قبل العاصفة 
في ضوء ما سبق، قامت مظاهرات شعبية بمدينة الإسماعيلية ابتهاجاً بإلغاء المعاهدة، قابلت القوات البريطانية هذه المظاهرات بالتحرش والاستفزاز، إذ سيرت في شوارع المدينة سيارات مصفحة تقل جنوداً بريطانين مسلحين بالبنادق والمدافع الرشاشة، وأطلقوا النار على المتظاهرين.

 ووقع تصادم بين الجانبين أدى إلى قتل سبعة من المواطنين وإصابة آخرين بلغ عددهم الأربعين، من بينهم بعض رجال البوليس الذين كانوا يؤدون واجبهم محاولين السيطرة على الموقف ودفع عدوان المعتدين.
واحتلت القوات البريطانية المدينة بدعوى المحافظة على الأمن وحماية أرواح الرعايا البريطانيين، في حين لو ترك الأمر لقوات البوليس لأمكنها المحافظة على الأمن والنظام.

وفي واقعة أخرى، قامت القوات البريطانية بإطلاق النار على رجال البوليس وهم في ثكناتهم، فأصيب اثنان منهم بجروح بالغة، فاضطر زملاؤهما إلى رد العدوان بإطلاق النار مما لديهم من أسلحة.

ثبت رجال البوليس المصري ضد العدوان الإنجليزي، مما دفع القوات البريطانية إلى طلب نجدات كبيرة، وأحاطوا بالثكنة التي كان يرابط بها رجال البوليس، وأمطروا عليها وابلاً من الرصاص.

في الوقت نفسه، أخذت القوات البريطانية تطلق النيران في مختلف أنحاء المدينة دون تمييز بين رجال البوليس والمدنيين، كذلك اشترك في العدوان بعض الدبابات والمصفحات البريطانية، وحلقت بعض الطائرات البريطانية الإنجليزية على ارتفاع قليل فوق ميدان المعركة لتلقي الرعب في النفوس، واشترك في المعركة بعض المدنيين البريطانيين فكانوا يطلقون النار من نوافذ مساكنهم.

بالتوازي مع ذلك، كان العمل الفدائي على أشده ضد القوات البريطانية المتمركزة بمدن القناة على وجه الخصوص مدينة الإسماعيلية، التي أصبحت محور احتدام المعارك بين القوات البريطانية والكتائب الفدائية.

العمل الفدائي 
كانت أشهر محطات العمل الفدائي بمدن القناة، حين ألقى بعض الفدائيين ثلاث قنابل يدوية على سيارة البريجادير جنرال أكسهام، قائد القوات البريطانية في منطقة الإسماعيلية، بالقرب من كوبري نفيشة، أثناء ذهابه إلى منطقة القصاصين، لكن شاءت الأقدار أن ينجوا أكسهام من الحادث.

في أعقاب ذلك، قامت القوات البريطانية تؤيدها الدبابات والمصفحات على طول الطريق حتى أبوصوير، وأخذت تفتيش المارة في تعسف واستفزاز، ثم حاصرت بعض القرى وفتشت منازل الأهالي بحجة اعتصام الفدائين بها.

وكان العمل الفدائي يتم بتنسيق مع رجال البوليس، وقد فطنت القوات الإنجليزية لذلك؛ لتقرر إخراج كافة رجال البوليس من مدن القناة، على أن يكون ذلك في فجر يوم 25 يناير 1952. 

25 يناير 1952
هي مجزرة الإسماعيلية كما أوردتها كتب التاريخ، والتي ارتكبت في ظروف غير عادلة، حيث انعدمت الكفاءة في العتاد والمعتاد بين طرفي الصراع، فلم يكن لرجال البوليس المصري إلا رصاصهم، فيما كان للقوات الإنجليزية الدبابات والمصفحات والمدافع التي أحكمت تطويق الميدان.

ففي 25 يناير 1952، احتشدت قوات ضخمة من الجيش البريطاني تشد أزرها قوات كبيرة من الدبابات والمصفحات ومدافع الميدان، وحاصرت مبنى محافظة الإسماعيلية وثكنات بلوكات النظام، فكان هذا الحصار إيذاناً بأن حادثاً رهيباً على وشك الوقوع.

بالتوازي مع ذلك، قصد ضابطان بريطانيان منزل   البكباشي شريف العبد، وطلبا منه مقابلة البر يجادير إكسهام قائد القوات البريطانية بمنطقة الإسماعيلية، فلما قابله سلمه أكسهام إنذاراً طلب فيه تسليم أسلحة جميع قوات البوليس من بلوكات النظام وغيرهم الموجودين بالإسماعيلية، وجلاء تلك القوات عن دار المحافظة وعن الثكنات مجردة من أسلحتها.

أبلغ العبد، هذا الإنذار إلى قائد بلوكات النظام اللواء أحمد رائف، وإلى وكيل المحافظة على حلمي فرفضاه، ثم اتصلا على الفور بوزير الداخلية فؤاد سراج الدين،  وأبلغاه الأمر، فأقرهما على موقفهما، وطلب إليها عدم التسليم، ومقاومة أي اعتداء يقع على دار المحافظة أو على ثكنات بلوكات النظام أو على رجال البوليس أو الأهلين، ودفع القوة بالقوة، والصمود في الدفاع حتى آخر طلقة مع القوات، کما طلب إليهما تبليغ ذلك إلى القيادة البريطانية.

وبعد دقائق، عاد قائد القوات البريطانية، وأبلغ قائد البوليس المصرى بأنه إذ لم تسلم القوات المصرية أسلحتها فوراً فستهدم دار المحافظة والثكنات على من فيها.

نفذ البريطانيون إنذارهم وأخذوا يضربون دار المحافظة والثكنات بالمدافع ويطلقون عليهم القنابل، وانهال الرصاص من الدبابات والسيارات المصفحة على جنود البوليس.

فرد جنود البوليس البواسل على هذا العدوان بالدفاع المشرف، وقابلوا الضرب بضرب مثله، مع هذا الفارق بين القوتين في العدد والمعدات الحربية والأسلحة، فإن قوة البوليس لم تكن تزيد على ثمانمائة جندى بثكنات بلوكات النظام، وثمانين بالمحافظة، وليس لديهم من السلاح سوى البنادق، أما قوات الإنجليز فكانت تبلغ سبعة آلاف جندى مسلحين بالدبابات الثقيلة والمصفحات والسيارات والمدافع.

ونشبت بين الطرفين معركة دموية رهيبة، أبدى فيها جنود البوليس الذين كانوا مرابطين في الثكنات وضباطهم شجاعة جعلتهم مضرب الأمثال في البطولة والتضحية، ولم يتوقفوا عن إطلاق النار حتى نفدت آخر طلقة لديهم، بعد أن استمرت المعركة ساعتين، وعندئذ اقتحمت الدبابات البريطانية الثكنات وأسرت من بقى حياً من رجال البوليس.

أما القوة المصرية الأخرى التي حوصرت في دار المحافظة فقد تحصنت بها وأبلت بلاء عظيم، وقاومت العدوان البريطاني بروح عالية وشجاعة نادرة. 

ولما رأى الإنجليز شدة مقاومتهم أنذروهم بأنهم سينسفون مبنى المحافظة على رؤوس من فيها إذا لم تسلم القوة سلاحها، ولكن رجال القوة وقائدهم رفضوا الإنذار، وقال الضابط اليوزباشی مصطفی رفعت عندما طلب منهم التسليم : « لن يستلم البريطانيون منا إلا جثثاً هامدة »، وظلوا يقاومون ببسالة إلى النهاية، ولم يتراجعوا أمام العدوان المسلح، ولم يضعف من استبسالهم تهدم الدار من ضرب المدافع واشتعال النار فيها، واستمروا في مقاومتهم حتى نفذت ذخيرتهم، ومن ثم استسلموا للأمر الواقع.

وأحنى قائد القوة البريطانية رأسه احتراما لهم، وقال لضباط الاتصال بأن رجال القوات المصرية جميعاً قد دافعوا بشرف واستسلموا بشرف، فحق عليه احترامهم جميعا ضباطاً وجنوداً.

وقد سقط في ميدان الشرف في هذه المعركة من جنود البوليس 50 شهيد وأصيب منهم نحو 80 جريح.

وأسر الإنجليز من بقى على قيد الحياة من رجال البوليس وضباطهم وعلى رأسهم اللواء أحمد رائف قائد بلوكات النظام واليوزباشي مصطفى رفعت ولم يفرج عنهم إلا في شهر فبراير 1952.

وقدرت القيادة البريطانية خسائر الإنجليز 13 قتيل و12 جريح، ويرجح أنهم حوالى 20 قتيل و30 جريح.

 

أسماء شهداء محلمة الإسماعلية

وسجل التاريخ أسماء شهداء ملحمة الإسماعيلية 25 يناير 1952، وهم:

١- رضوان احمد رضوان (من المطيعة).

٢- عبد ربه عبدالجليل عامر (أم دينار)

٣- أنور مصطفى عويس (نزلة عليان)

٤- فؤاد عبدالرازق على ( ہال مطای)

٥- عبدالنبی سالم جمعه (إسنا)

٦- محمد أحمد صيره (أبطوجا)

٧- عبدالسلام سليم على صالح (بانوب)

٨- أبو زيد احمد رزق (بنی علی)

٩- السيد مجاهد على الزيات (الغبيصات)

١٠- أحمد مراد أحمد عمر (کفر نصار)

١١- ریاض عبود سعد مسلم (المحمودية)

١٢- فتحى أمين جمعه (المناسترلى)

١٣- عبدالحميد إبراهيم على منصور (ديرب نجم)

١٤- أبو الفتوح أحمد سنار (البقيلة)

١٥- عبدالله حامد على رزق (المعصره)

١٦- عبدالله بهنسی عمر (المعصره)

١٧- إسماعيل محمد وهدان (كرویده)

١٨- محمد حسن فرحات (كفر الزيات)

١٩- السيد إبراهيم أحمد جودة (كوم الشقافة بالإسكندرية)

٢٠- عبدالفتاح عبدالنبي العطار (الفواترية مركز رشيد)

٢١- عبدالفتاح شاهين عطية (القاهرة قسم الوايلى)

٢٢- محمد إبراهيم المنصوري (القاهرة قسم الخايفة)

٢٣- بیومی طنطاوی بیومی (كفر عطا الله)

٢٤- محمد الطوخي (الدخلة مركز بنها)

٢٥- عبدالعزيز محمد غنيم (میت راضی مرکز بنها)

٢٦- محمد الجميل إبراهيم

٢٧- عبدالله مرزوق عبدالله (قايتباي)

٢٨- إبراهيم مرقس لويس (البهی مرکز ایتاى البارود)

٢٩- عبدالمنعم بيومى البنا (كفر منقباد)

٣٠- محمود عبدالفتاح

٣١- البسيونى على الشرقاوى (عزبة الباشا ربيع)

٣٢- أمين عبدالمنعم المنصوري (شبرا بابل)

٣٣- محمد المليجي أحمد على (الجعفرية)

٣٤- محمد محمد البياع (المحلة الكبرى)

٣٥- جاد إبراهيم حامد (كفر الصارم)

٣٦- السعيد على السباعي (قنا)

٣٧- محمد محمد شرف الأمين (سبربای)

٣٨- عبدالسلام عبدالسلام عمران (الطويلة مركز الدلنجات)

٣٩- إبراهيم فرج موسى  (البهی مرکز ایتاى البارود)

٤٠- فرج السيد على إسماعيل (منية الملاح)

٤١- محمد عبد الفتاح (مرصفا مرکز بنها)

٤٢- السيد على جمعه عبدالله (الفيوم)

٤٣- محمود صالح حسن (ناطورة)

٤٤- عبدالحميد معوض حشیش (القاهرة عابدين)

٤٥- مصطفى عبدالوهاب السعداوي (صنافير)

٤٦- محمد إبراهيم أحمد الغرباوى ( بيشة فايد)

٤٧- عبدالله حمدين (بانوب ديرمواس)

٤٨- جابر على أحمد

٤٩- کامل مازن حسنين

٥٠- عبدالحميد على سليمان

٥١- ثابت مصطفی