الجمعة 29 نوفمبر 2024

المعنى الوطنى للمنافسات الرياضية

  • 24-2-2017 | 14:02

طباعة

بقلم : د. عبدالله النجار

للمنافسات الرياضية إشارات وطنية سامية لأنها تحفز همة المواطنين جميعا للوقوف خلف فريقهم المنافس وهم لا يملكون إلا أن يقفوا مع فريقهم هذا الموقف لأنه يمثلهم في جلب النصر لهم ويحل محلهم في منافسة تعلي من شأنهم وكان من المتعين أن يقوم بها كل منهم, لكن الفريق الوطني قام بهذا الدور نيابة عنهم وبخاصة في المنافسات الدولية التي يقف وراء كل فرقة من الفرق المتنافسة فيها شعب بأكمله يردد الهتافات ويرفع الرايات ويدعو من أعماق نفسه أن ينصر الله بلده وأن يؤيد فريقها لتحقيق هذا النصر الذي يفرح له الجميع كما يفرحون بأي إنجاز يرفع شأنهم ماديا أو أدبيا. والرياضة فضلا عن كونها أداة لحفز الهمة الوطنية لدي المواطنين وتوحيد صفوفهم خلف فريق بلدهم على أساس أنه يمثلهم ويحقق لهم النصر والكرامة والعزة التي يفخرون بها بين الأمم ويتلقون التهاني من بعضهم ومن غيرهم عليها وهم في سبيل هذا الهدف الوطني النبيل يتناسون همومهم ويعبرون خلافاتهم ويجلس كل واحد منهم بجوار الآخر في الساحات العامة والطرقات والمقاهي والنوادي يشجعون فريقا واحدا ويرددون هتافا واحدا لا يخرج أحد عنه ولا يسمح لإنسان أن يتجاوزه وقد تختلف عباراتهم في التشجيع والهتاف ولكنهم لا يخرجون عن المقصد العام وهو صالح مصر وفريق مصر, وهذا المقصد لا يمكن أن يتحقق بمثل هذا الإخلاص, وذلك الحماس إلا من خلال تلك المنافسة الرياضية التي ينسي فيها الجميع أنفسهم ويتحولون جميعا إلى كيان  واحد يصور لنا المقولة الشهيرة  للمرحوم الأستاذ توفيق الحكيم وهي: (الكل في واحد), ولا يوجد ما يظهر هذا المعني غير المنافسة الرياضية الشريفة. والتفوق في المنافسة الرياضية عندما يكون على المستوى الدولي, ويحقق الفريق الوطني نصرا على الفريق المنافس, فإنه يظهر مدي قدرة الدولة على المنافسة الدولية في مختلف المجالات لأن الرياضة تمثل جانب الكماليات في النشاط البشري لأي دولة حيث تدل على أنها قد تجاوزت مرحلة توفير الحاجات الضرورية للناس, ودخلت في مرحلة الرفه الاجتماعي الذي تعالى فوق الضرورات ودخل في مجال الكماليات أو التحسينيات بلغة الفقه والتشريع, وكلما تفوقت الدولة في هذا المجال كلما كان ذلك مؤشرا على استقرارها أمنيا واقتصاديا, وأنها أصبحت ذات قدرة على المنافسة فيما بعد ذلك, وهي المنافسات الرياضية وغيرها من الأنشطة المتعلقة بجانب الكماليات الإنتاجية, ومن شأن ذلك أن يجلب لها السياح والمستثمرين فيتقدم الاقتصاد وتسعد البلاد, ومن المعلوم أن الرياضة أصبحت علما له معاهده وجامعاته وأساتذته وتخصصاته التي تبدأ بالتربية الرياضية البسيطة, والمظهر الرياضي للاعبين, وتسويق اللقاءات الرياضية, ثم تدخل بعد ذلك في مجال الصناعات الرياضية لما يلبس في الأقدام أو على الأجسام, والطب الرياضي, وتأهيل اللاعبين والحكام وهذا وغيره يمثل دائرة واسعة من الأنشطة التي تحتاج إلى جهود خلاقة واتفاقات كثيرة, وتستوعب عددا كبيرا من العاملين في مجالها, ويحقق للبلاد التي تتفوق فيها دخلا اقتصاديا قد يعوض لديها ما عند الدول الأخرى من موارد الدخل الكبيرة كالبترول أو الزراعة أو الصناعة وما إلى ذلك من مصادر الدخل العام.

كما أن الرياضة لها سمة أساسية في تعليم الناس معنى التعاون من أجل إصابة الهدف واقتحام الشبكة وإلجام الفريق المنافس, وتحقيق التناسق الدقيق بين التفكير والحركة, والعقل والجسم, وهو نوع من السلوك لا يتقنه إلا من حباه الله بنعمة الموهبة, والتوفيق فيما يريد أن يقدمه في هذا النشاط الذي يستوعب جميع الطاقات, ويستحث في اللاعب أن يبذل كل ما لديه لتحقيق هدفه وهو أمور يجب أن يهتم بها الناس, وأن يتخذوا من الرياضة أداة للتطبيق في الحياة العملية وما يحتاجون إليه من ضرورات الحياة في الصناعة والزراعة والتجارة وكافة أنشطة الحياة, حتى إذا فرح الناس بالإنجازات الرياضية وهي من الكماليات الترفيهية لا يأخذ عليهم لائم أنهم يفرحون بالنصر الرياضي, ولا يبذلون جهدهم لتحقيق النصر الإنتاجي في الأمور التي يحتاجون إليها في مجال الاقتصاد والتعليم والصحة وكرامة الإنسان وتحقيق العدل الاجتماعي والمساواة بين كافة المواطنين دون تمييز بينهم, إن الفرح بالانتصارات الرياضية يجب أن ينبهنا لأن نفرح بالانتصارات الأهم وهي النصر الاقتصادي والقضاء على الإرهاب.

    الاكثر قراءة