السبت 18 مايو 2024

الحكومة تقتل أصحاب المعاشات

18-1-2017 | 20:28

القرارات الأخيرة التى أصدرتها الحكومة المصرية ومنها تحرير سعر صرف الجنيه فى مواجهة العملات الأجنبية، أو تلك المتعلقة بزيادة أسعار المحروقات أضرت ما يقرب من 9 ملايين من أصحاب المعاشات؛ خاصةً وأن هناك من يتقاضى معاشًا أقل من 500 جنيه، ومنهم من يتقاضى أقل من هذا المبلغ.

بعض أصحاب المعاشات طالب بتفعيل الحد الأدنى للمعاش 1200 جنيه، والبعض الآخر طالب برفعه إلى 2000 جنيه؛ بعد زيادة التضخم، فى التحقيق التالى ترصد «الهلال اليوم» معاناة 9 ملايين من أصحاب المعاشات بعد القرارات الاقتصادية الأخيرة المؤلمة التى أصدرتها الحكومة .

شريف سعد الدين 71 عامًا من أصحاب معاشات القطاع الخاص، كان يعمل فى شركة "أصداء للإعلان" يتقاض معاشًا 1200 جنيه، ولدية فتاة تبلغ من العمر 30 سنة، تدرس فى الجامعة المفتوحة، قال بلغته البسيطة:"بدفع 500 جنيه إيجار شقة، وأنا سني كبير ومقدرش اشتغل حاجه تانى والمعاش بعد ارتفاع الأسعار مبقاش يقضى حاجه، لكن أولاد الحلال كتير اللى بيساعدوني، وتعويم الجنيه أثر عليا كتير، فاتورة الكهرباء بدل ما كنت بتيجى بـ 15 جنيه النهاردا فاتورة الكهرباء بـ60 جنيه، وأنا على قد ما أقدر بحاول أوفر فى الكهرباء، كمان فاتورة الغاز كانت بتيجى بـ 8 جنيه؛ دلوقتى أصبحت 27 جنيه، مع أن معنديش حاجه لاستهلاك ده كله، وبصراحة الأسعار بقت حاجه مش معقولة خالص".

الحاج مرسى 73 سنة من أصحاب المعاشات، كان يعمل سائقًا ويتقاضى 500 جنيه معاش قال،"الحمد الله نصيبنا كدا هنعمل أيه، بيدونى 500 جنيه، طيب بالله عليك يعملوا أيه، وأنا مريض وعندي القلب والسكر، والقرارات الأخيرة للحكومة أثرت على كل الناس، خاصة أصحاب المعاشات، ورفعت عليهم الأسعار بشكل جنوني، والـ500 جنيه اللى بخدهم بدفع منهم 250 جنيه إيجار ومياه وكهرباء، والباقي والله بصرفهم على العلاج."

وحول مدى تأثير تعويم الجنيه على أصحاب المعاشات قال «البدري فرغلي»، رئيس اتحاد أصحاب المعاشات لـ«الهلال اليوم»:"إن قرار تعويم الجنيه كان قرارًا صعبًا على 9 ملايين يتقاضون معاش، لأن القيمة الشرائية لما يتقاضونه من معاش انخفضت لأكثر من 50 %، فعندما ينخفض المعاش إلى 50 % أي أن صاحب المعاش هو الوحيد الذى تدهورت أحواله بشكل يصعب عليه الاستمرار فى الحياة؛ خاصةً وهو مطالب بطعامه وعلاجه.

وأوضح «فرغلي» أن هذه الإجراءات الأخيرة من الحكومة مؤلمة لأصحاب المعاشات، ومازالوا حتى هذه اللحظة فى حالة يُرثى لها؛ خاصةً أنهم 9 ملايين، ومنهم على الأقل 6 ملايين أسرة يعانون الآن من الانهيار الاجتماعي، ويعيشون حالة مأساويه لم تحدث فى تاريخهم، وهناك ما يقرب من 3 ملايين من أصحاب المعاشات يتقاضون 500 جنيه فقط، ولكن المشكلة ليست فى الـ 500 جنيه، لأن من يتقاضون ألف جنيه هم الآن فى مجاعة، وهذه المجاعة ممنهجة ومقصودة من الحكومة والمالية والتأمينات.

وتابع حديثه قائلا:"حتى الآن مازالنا فى معركة دموية من أجل استيرداد أموالنا، ولابد من رفع الحد الأدنى إلى 1200 بدلاً من 500، وهذه خطوة أوليه فقط، و20 % علاوة اجتماعية إضافية؛ لمواجهة ما حدث نتيجة القرارات الأخيرة، وهناك حل نقترحه على الحكومة فى حال عدم تطبيق الحد الأدنى 1200 جنيه، بأن توسع لنا المقابر الموجودة الآن وتفتح لنا مقابر جديدة حتى لا تحدث أزمة موت.

وقال «منير سليمان» مسئول المتابعة بهيئة مكتب الاتحاد، إن القرارات الحكومية الأخيرة، المتعلقة بتحرير سعر الصرف انعكس أثرها على جميع السلع والخدمات بلا استثناء، ونحن كاتحاد نرفض هذه القرارات بالكامل وبشكل قاطع، واصفًا هذه القرارات بأنها كارثية، مضيفًا:"هذه القرارات أشعلت نار الغضب والرفض الشعبي الجماعي لها، وتزايدت حالة الاحتقان والغليان لدى ما يزيد عن 9 ملايين من أصحاب المعاشات وأسرهم، وأنها بمثابة اغتيال لحقوقهم المالية وأشخاصهم معنويًا".

وأوضح «سليمان» في تصريحات خاصة لـ«الهلال اليوم»، أن الأمر أصبح خطيرًا للغاية ولا يحتمل أي تسويف، وعلي الدولة أن تتحمل مسئوليتها، وأن تعمل على رفع الحد الأدني للمعاشات إلى 1200 جنيه، مع منح قدامي أصحاب المعاشات علاوة أقدمية 20% لمن تجاوزت معاشاتهم الحد الأدنى.

«عبدالله أبو الفتوح» الأمين العام للاتحاد العام لنقابات أصحاب المعاشات قال، إن الأهداف الرئيسية لاتحاد المعاشات تتمثل في الدفاع عن الحقوق المشروعة دستوريًا والتي تتمثل في (المواد 17، 27)، بالإضافة إلى الأحكام القضائية التي صدرت لصالح أصحاب المعاشات سواء من المحكمة الدستورية العليا أو من القضاء الإداري بمجلس الدولة، فالمادة (17) تلزم الحكومة برد أموال المعاشات المدينة بها لأصحابها والبالغة 634 مليار جنيه حتى يونيو الماضي، والخطير في الأمر أن (162 مليار جنيه) من هذه الأموال مربوطة لدى الحكومة، وهي تعترف بها، إلا أنها غير مثبتة في أي مجالات تم التصرف فيها.

وأضاف «أبو الفتوح» في تصريحات خاصة لـ«الهلال اليوم»، أن مجمل هذه الأموال يبلغ ما يزيد عن تريليون جنيه، والدستور يلزم الحكومة برد هذه الأموال، لأنها أموال خاصة تتمتع بجميع أوجه الحماية المقررة للأموال العامة، هي وعوائدها حق للمستفيدين منها وتستثمرها استثمارًا آمنًا، وتكون عوائدها لأصحاب المعاشات دون غيرهم، ولاشك أن استرداد هذه الأموال طبقًا لبرنامج الرئيس يتم الاتفاق مع الحكومة بشأنه مع مراعاة الظروف الاقتصادية الصعبة التي يمر بها المجتمع.

وحول إقرار الحد الأدنى للأجور أشار «أبو الفتوح» إلى أن المادة (27) من الدستور فإنها تلزم الحكومة بإقرار حد أدنى للأجور والمعاشات يضمن لهم حدًا أدني من الحياة الكريمة، إلا أن الحكومة قد أقرت حدًا أدنى للأجور يصل إلى 1200 جنيه، وتناست عن عمد إقرار حد أدنى للمعاشات يتساوى مع هذا الحد، بالمخالفة للدستور، وأقرت الحكومة حدًا أدنى للمعاشات لا يزيد عن 500 جنيه فأين هي العدالة؟! خاصةً بعد الزيادات التي طالت جميع الأسعار بلا استثناء.

وقال سعيد مصطفي، الأمين العام المساعد لاتحاد أصحاب المعاشات لـ«الهلال اليوم»، إن أصحاب المعاشات يعانون أشد المعاناة من تدهور الخدمات والرد على استفساراتهم وتلقي شكاواهم واسترداد حقوقهم؛ نظرًا للمستوى المتدني تمامًا بمعظم مكاتب هيئة التأمين القومي، ناهيك عن سوء المعاملة من بعض العاملين، وكأنهم يتسولون للحصول على معاشاتهم، بالإضافة إلى سوء حالة هذه المكاتب التي تبدو كسرادق عزاء يختلط فيه الحابل بالنابل.

وتساءل الأمين العام المساعد قائلاً:"أين هو «الكارت الذهبي» الذي كان يصرف لصاحب المعاش بمجرد تركه الوظيفة؟ والذي كان يتيح له الحصول على العديد من الخدمات والتخفيضات والتيسيرات، وقد توقفت مكاتب الهيئة عن صرف هذا الكارت لأي صاحب معاش؛ رغم أن قوانين التأمينات القائمة تكفل لكل أصحاب المعاشات الحصول على هذا الكارت".

    الاكثر قراءة