الثلاثاء 7 مايو 2024

معرض الكتاب بين الوعي والتطوير


د. أحمد موسى

مقالات5-2-2024 | 12:48

بقلم د. أحمد موسي

تبدأ خلال أيام فعاليات معرض الكتاب السنوي دورته 55، والتي تنظمه وزارة الثقافة في تفاعل مستمر وثاب منذ 55 عام، ذلك التفاعل الذي شكل وجدان المجتمع المصري، وساهم في تشكيل الثقافة المصرية، وبمشاركة أكثر من 800 دار نشر مصرية وعربية وأجنبية، ذلك العرس الثقافي الذى أصبح نموذجا يحتذى به في العديد من معارض الكتب في الدول العربية، والذى تشارك العديد من دور العرض المصرية به، ولعل أهم ما يميز معرض الكتاب في كونه معرض ثقافي فكرى، هو أنه يمثل وعى ووجدان المجتمع المصري، ويعمل على إثراء الحياة الثقافية والفكرية كرافد من روافد الثقافة المصرية الأصيلة.

ولعل اهتمام الدولة المصرية بمثل هذه المعارض يأخذنا إلى الإبحار في سماء الإبداع الثقافي والفكري، والدعوة إلى تبادل أهم القراءات والمحتويات الفكرية والتي تساهم في تشكيل الوجدان الثقافي والفكري المصري، ولعل هذا التشكيل الذى نبحث فيه ونغوص في قصاصات أوراقه وسطوره وتجارب الآخرين وأفكار المبدعين، يجعلنا نعود إلى دور معرض الكتاب المصري وأثره على تنمية المجتمع وتطوير أفكاره والعمل على إيجاد العديد من القيم المجتمعية السليمة في ظل ما وصلت إليه المجتمعات العربية من هروب من فكرة الكتاب وقراءته، واستبدال ذلك بالكتب الإلكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي.

إن في حقيقة الأمر ورغم الجهد المبذول من قبل وزارة الثقافة تجاه دعم الثقافة في المجتمع المصري بصفة عامة، ودعم معرض الكتاب بصفة خاصة، إلا أن الأمر لا يخلو من الرغبة في المزيد من عمليات التطوير لقيام معرض الكتاب، وعلى السادة المسئولين في وزارة الثقافة عمل رؤية استراتيجية لضمان عودة قراء الكتب من الجديد والإقبال على معرض الكتاب كما كان سابقا، حيث أن في الأعوام الأخيرة ومنذ عام 2000 بدا النزوح وعدم الإقبال على معرض الكتاب كما كان قبل ذلك، وذلك للعديد من الأسباب، لعل من أهمها عدم تطوير المعرض وأسلوبه وطريقة تسويقه مقابل ما يتم من سحب جزء من رواده وزواره في مقابل ما تقوم به التكنولوجيا الحديثة والتي ولا زالت تمثل حجر الزاوية في المعادلة الثقافية وأثرها على المجتمع المصري.

فبنك الأفكار للتطوير لا ينضب ولا ينتهى، ولكن مقابل ذلك يجب أن يتوافر القرار السياسي والإداري والثقافي حتى نصل إلى المبتغى المنشود والتطوير المطلوب، ولعل هناك العديد من الأفكار والتي ولا شك يجب أن تأخذ بعين الاعتبار في إقامة مثل هذه المعارض والتي ولا شك أن طبقت فسوف تكون هناك نقلة نوعية أكثر إيثارا وأكثر تأثيرا في المجتمع المصري، ومن أهم هذه الأفكار الآتي:

إيجاد الفرص التسويقية اللازمة والتي يجب أن تبدأ بأسلوب التسويق الحديث قبل المعرض بفترة كافية.
العمل على تطوير أداء التنظيم لفاعليات المعرض والتي من شأنها جذب العديد من رواد الفكر والثقافة والفنون والآداب والعلم إلى مصر فمثل هذه الفعاليات.
دعوة العديد من المفكرين من أنحاء العالم لحضور مثل هذه الفعاليات والمعرض والتي من شانها عمل رواج ثقافي في المحيط الإقليمي والدولي للثقافة العالمية.
مدُ فترة معرض الكتاب وأن لا يقتصر على المدة المحددة فهي فترة قصيرة بما ما في المعرض من محتوى وكتب.
عمل العديد من الندوات والمناقشات والتي تكون في جميع جوانب المعرفة والآداب والثقافة والفنون وبمشاركة العديد من رواد الثقافة العربية والإفريقية والدولية.
طرح العديد من الأفكار الحديثة في العديد من الموضوعات المؤثرة على المجتمعات العربية والإفريقية وكيفية الاستفادة منها.
طرح فكرة عمل دورات تدريبة طول فترة انعقاد المؤتمرات في عدة موضوعات وذلك من أجل إضافة بند جديد في محتوى المعرض.
دعوة وزراء الثقافة والفنون والأدب والتعليم العالي والتربية والتعليم على مستوى دول العالم لحضور المعرض والمشاركة الفعالة به من حيث المحتوى والندوات والثقافة.
العمل على دعوة الصحافة والإعلام العربي والإفريقيةوالدولي لتغطية مباشرة لفعاليات ودورات وندوات المعرض.
العمل على إنشاء وتطوير وإدارة المعرض باللجنة العالية للثقافة والفنون والآداب وتطوير المحتوى والمضمون كما وكيفيا.
دعوة شركة مصر للطيران لتقديم تخفيضات لزيارة مصر في فترة الانعقاد وتكون بأسعار مخفضة، وذلك للوصول للهدف المنشود وتحقيق الزخم الثقافي.
إنشاء معرض الكتاب الدائم بأرض المعارض وذلك لمن يرغب في استمرار نشر كتبه من دور النشر المختلفة العربية والإفريقية والدولية على طوال العام.
تعاون وزارة الثقافة مع وزارة الاثار في عمل برامج سياحية متميزة للمشاركين في مثل هذه المعارض وزيارة العاصمة الإدارية وغيرها من معالم مصر الحديثة والتي ستساهم في زيادة عدد السياح المقبلين خلال وبعد مدة انعقاد المعرض.
تقديم خدمات الاتصالات والعروض المتميزة من قبل شركات الاتصالات القائمة بمصر وذلك كمساهمة في فعاليات المؤتمر.
عمل عروض مسرحية على هامش المؤتمر بما فيها من إبداعات ثقافية وفكرية وعمل حفلات في الأوبرا المصرية على هامش فعاليات المعرض.
دعوة السفراء والقنصليات التي تعمل في مصر لحضور المعرض والمشاركة به والاستفادة وتبادل الخبرات.

هذه الأفكار هي جزء من كل وقطرة في بحر الإبداع، والتي سوف تساهم في خلق هالة ثقافية وفكرية جديدة لم تطبق من قبل والتي آن الأوان من أجل تطبيقها وعمل العديد من التطوير الملموس لها.

إن صناعة الثقافة تحتاج إلى انفتاح فكرى عميق ورؤيا ثقافية واستراتيجية، تبنى على أسس التطوير الحقيقة وكيفية الاستفادة الحقيقة من الحدث وتسويقه التسويق الأمثل من أجل أن يكون حدث يليق بحجم الثقافة والتاريخ المصري العظيم .

كما أن تعاون الوزرات المختلفة المعنية بهذا الحدث سيساهم في خلق بيئة ثقافية ترتبط في الأساس بالكتاب، وهذا سيدعو إلى مزيد من الأفكار التي تطرح من أجل التطوير والتحديث.

كما أن كل ما سبق سيساهم في زيادة الوعى والفكر المستنير الذى نحن في أمس الحاجه إليه اليوم وغدا، وهذا ما يساهم ويساعد في زيادة الوعى والفهم القومي، ورؤية الاحداث كافة، السياسة والثقافية والاقتصادية وغيرها سواء في مصر أو العمق العربي أو العمق الإفريقي أو الدولي.

إن المجتمعات العربية والإفريقية في أمس الحاجه لعودة الكتاب لسابق عهده من أجل محاربة ابواق التشكيك والتكذيب والحرب التي يدار رحاها على المجتمعات العربية والإفريقية، والتي من شأنها أن تؤدى إلى تدمير القيم والمعتقدات والأفكار البناءه من أجل السيطرة على تلك المجتمعات وتفتيتها.

فالثقافة هي إحدى أهم الأعمدة والأسلحة التي من الممكن محاربة الهجمات الشرسة والتي لا تنتهى وتستمر على كل المستويات، والهدف هو تدمير وتفريغ المجتمعات العربية من مضمونها ومن محتواها بهدف الوصول والسيطرة، من أجل زرع أفكار وثقافات ليست لنا وليست لدولنا ومجتمعاتنا.

فلكل مجتمع ثقافته ومحتواه الفكري والنفسي  والتي يجب الحفاظ عليها وفقا لقيمنا وأفكارنا والتي لا شك تمثل وجدان شعوبنا وعاداتنا وقيمنا وأفكارنا. 

Egypt Air