الجمعة 10 مايو 2024

معرض القاهرة الدولي للكتاب الأقدم تاريخيًّا والأكبر والأطول زمنًا والأكثر زوارًا

محمد رشاد

ثقافة5-2-2024 | 14:19

محمد رشاد

تعتبر معارض الكتب العربية التي تقام في كل البلدان العربية من أهم الأحداث الثقافية التي ينتظرها الكُتّاب والمفكرون والمثقفون والناشرون ومحبو القراءة من عام إلى عام.

إذ إن هذه المعارض تصبح فرصة حقيقية من خلال الفعاليات الثقافية التي تستضيف كُتّابًا ومفكرين ومؤلفين وناشرين من مختلف البلدان العربية للالتقاء مع نظرائهم في البلد المضيف للمعرض.

لتتلاقى الأفكار والآراء بينهم، ويتعرف القراء على كل جديد يصدر في العالم العربي لدى الناشرين العرب وأيضًا يتعرف الناشرون على الميول القرائية لدى القراء أو اكتشاف مؤلفين جدد.

نشأة معارض الكتب في البلدان الأوربية

عندما اخترع يوحنا جوتنبرج آلة الطباعة في عام 1440م في مدينة ماينز الألمانية، وبدأ الناشرون في طبع العديد من نُسخ للكتاب الواحد، عوضًا عن نسخ الكتاب المخطوط المحدود العدد، وجد الناشرون أنهم يحققون خسائر كبيرة لقلة عدد سكان مدينة ماينز، وارتفاع تكلفة الطباعة، ففكر جون فاست وبيتر شوفار، وهما من الناشرين في ضرورة عرض كتبهم على أكبر عدد من السكان، فتمت إقامة أول معرض للكتاب عام 1454م في كنيسة سان بول في مدينة فرانكفورت القريبة من مدينة ماينز، وذلك لزيادة توزيع الكتب.

وتلا ذلك إقامة معرضين في مدينة ليون بفرنسا ومدينة البندقية في إيطاليا لوجود أنهار  لديهما تسهل وتخفض تكلفة نقل الكتب، واستمر معرض فرانكفورت يقام سنويًّا حتى عام 1632م، ثم توقف نظرًا للحروب التي قامت في أوربا بين مختلف الدول، ثم عاد في ثوب جديد عام 1949م واستمر حتى يومنا هذا، ويشارك به أكثر من 100 دولة من مختلف قارات العالم، وما يقرب من 8000 ناشر، وزائروه حوالي ربع مليون زائر، وهو معرض لصناع النشر يضم الناشرين والمؤلفين والفنانين وشركات المطابع والورق، وكل من يشتغل بمهنة النشر، ويقتصر على عرض الكتب فقط لبيع أو شراء الحقوق بين الناشرين والمؤلفين، وهو يعتبر أكبر معرض على مستوى العالم، فيبلغ عمره أكثر من 500 عام، ثم أقيم معرض لندن عام 1971م، وهو يعتبر ثاني معرض في العالم لأنه أهم معرض للناطقين باللغة الإنجليزية، وأن لندن عاصمة النشر الأولى في العالم.

نشأة معارض الكتب في البلدان العربية

كانت هناك مبادرات من بعض دور النشر المصرية الخاصة في إقامة معارض الكتب مثل دار المعارف المصرية التي أقامت معرضين في عامي 1948، 1952م وأيضًا بعض دور النشر المصرية الأخرى التي حذت حذو دار المعارف المصرية. وعلى المستوى العربي، أقام النادي الثقافي العربي في بيروت عام 1956م، وهو نادٍ أدبي، أول معرض للكتاب شارك فيه عدد صغير من الناشرين، حيث إن صناعة النشر كانت تتركز في القاهرة وبيروت وبعض البلدان العربية، وكانت غالبية البلدان العربية خالية من صناعة نشر.

نشأة معرض القاهرة الدولي للكتاب

ونحن نرتقب قرب افتتاح معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الخامسة والخمسين في الفترة من 24 يناير وحتى 6 فبراير لعام 2024م، نتذكر نواة هذا المعرض، ففي شهر ديسمبر (كانون الأول) عام 1960م، أقامت منطقة الفيوم التعليمية معرضًا للكتاب تحت عنوان "أسبوع الكتاب العربي" ونجحت فكرة إقامة المعرض، الأمر الذى دفع وزارة الثقافة المصرية إلى تعميم إقامة معارض للكتب في مختلف المحافظات في 1963م، ثم توالى ذلك في عام 1964، وما بعدها، حتى أذن الدكتور ثروت عكاشة وزير الثقافة آنذاك بضرورة إقامة معرض دولي للكتاب يشارك فيه الناشرون المصريون العرب والأجانب، فأقيمت الدورة الأولى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب في عام 1969م احتفالًا بالعيد الألفي لمدينة القاهرة، وشارك فيه أكثر من 400 دار نشر، و 27 دولة عربية وأجنبية على مساحة 2000م2، وزاره أكثر من سبعين ألف زائر.

هذه هي بدايات معرض القاهرة الدولي للكتاب في دورته الأولى.

 الدورة (55)

وعندما نتطلع في هذا العام لإقامة الدورة (55) لعام 2024م، نجد أن معرض القاهرة تطور تطورًا كبيرًا، فقد أصبح ثاني معرض للكتاب في العالم عندما تم تصنيفه عام 2006 بعد معرض فرانكفورت الأول.

فهو عربيًّا الأكبر مساحة والأقدم تاريخيًّا والأطول زمنًا والأكثر زوارًا، فقد بلغ عدد زوراه في العام الماضي 2023م ما يقرب من 3500000 زائر، وعدد دور النشر المشاركة في الدورة الخامسة والخمسين في الفترة من 24 يناير حتى 6 فبراير 2024 عددها 1200 ناشر من 70 دولة عربية وأجنبية من مختلف القارات، على مساحة 44000م2

هذا بالإضافة إلى العديد من الأنشطة والفعاليات الثقافية من ندوات وتوقيعات للكتب ولقاءات فكرية، وأمسيات للسرد والشعر.

وأيضًا برامج مهنية تشمل ندوات وورش عمل عن مختلف قضايا النشر، بجانب مؤتمرات متخصصة عن حقوق الملكية الفكرية والترجمة كبيع وشراء الحقوق، وأيضًا مستحدثات النشر الرقمي والتفاعلي والصوتي.

هذه الفعاليات والأنشطة الثقافية لم تكن وليدة الدورة الخامسة والخمسين، ولكنها بدأت منذ الدورة الأولى، ثم تطورت منذ عام 1982م إلى مناسبات ثقافية كبرى شارك فيها كبار رواد الفكر والأدب والفن من مصر ومن مختلف البلدان العربية والأجنبية، ثم تنوعت هذه الأنشطة منذ عام 1985م، وأصبحت الفعاليات والأنشطة الثقافية والمهنية تجذب رواد المعرض من خلال اللقاءات الفكرية ومعارض الفنون التشكيلية والأعمال الدرامية واستضافة البلدان العربية والأجنبية كضيف شرف بحيث تعرض هذه الدول ثقافتها ومبدعيها ومفكريها، وكلما زادت سنوات عمر إقامة معرض القاهرة الدولي للكتاب، كان هناك الجديد والإضافة للمعرض من عام إلى عام حتى أصبح مثالًا يحتذي به سائر المعارض العربية، التي سارت على نهجه في وجود أنشطة وفعاليات ثقافية في كل المعارض العربية، والتي أقيمت بعده مثال معرض الكويت عام 1973م، والرياض 1976م، والدوحة 1977م، والخرطوم 1978م، وأبوظبي 1981م، ثم توالت إقامة المعارض العربية للكتب في كل البلدان العربية.

هذا هو معرض القاهرة الدولي للكتاب أيقونة المعارض العربية، عرس جميل لكل صناع النشر عربيًّا ودوليًّا، يتميز دون المعارض الأخرى بتواجد معظم الناشرين خاصة العرب حتى وإن لم يكن لهم مشاركة مباشرة في المعرض بالإضافة إلى الكُتّاب والمفكرين وأصحاب المطابع والفنيين.

ومما يعطيه تميزًا خاصًّا حرص كل الناشرين المصريين وأيضًا غالبية الناشرين العرب أن تكون أحدث إصداراتهم متزامنة بداية معرض القاهرة الدولي للكتاب، فصار فاتحة المعارض، وفاتحة الإصدارات.

مشاركة الناشرين العرب

ومن حسن الطالع أن اتحاد الناشرين العرب يعتبر شريكًا مع إدارة معرض القاهرة الدولي في الإعداد والتنظيم لإقامة المعرض استجابة للقرار الحكومة المصرية الحكيم بأن يمثل اتحاد الناشرين العرب في اللجنة العليا لتنظيم المعرض، الأمر الذي يسمح لممثل الاتحاد من خلال رئيسه في التعبير عن الناشرين العرب المشاركين في المعرض، وتقديم كل التسهيلات التي تجعل مشاركتهم إيجابية وتحقق لهم أهدافهم المرجوة من المشاركة.

وسوف يبادر اتحاد الناشرين العرب بحملة دعائية كبيرة أثناء الدورة (55) لإعلان عن نسب خصومات كبيرة يمنحها الناشرون العرب للقراء تصل إلى 50% وأكثر لزوار المعرض، تضامنًا مع المعرض من أجل استمرارية نجاحه.

الخاتمة

ولابد من الإشادة بالقارئ المصري الذي كان شريكًا أساسيًّا في ازدياد وتألق معرض القاهرة الدولي للكتاب الذي يحرص على ارتياد المعرض والبحث والحصول على الكتب التي يرغب في اقتنائها رغم الظروف الاقتصادية، فهو قارئ محب ونهم للقراءة ويبحث دائمًا عن الجديد، فلولاه ما وصل معرض القاهرة الدولي للكتاب لهذه المكانة والمنزلة الكبيرة مقارنة بالمعارض الأخرى.

فتحية له ولكل القائمين على تنظيم وإقامة المعرض ولكل الناشرين المصريين والعرب.

وليظل معرضًا ناجحًا ومتألقًا ويزداد نجاحه من عام إلى عام.

Dr.Radwa
Egypt Air