الإثنين 29 ابريل 2024

القراءة والكتاب.. في عصر الإنترنت

أحمد عبد الرازق أبو العلا

ثقافة5-2-2024 | 14:27

أحمد عبد الرازق أبو العلا
  • هناك نص أدبي فرعوني قديم، يوجه خطابه إلى التلاميذ في المدارس، ليتعلموا من خلاله الذوق الرفيع، ويذكرهم بأن الخلود يكون من نصيب العمل العظيم
  • بدون القراءة لا يمكن الاهتداء إلى تجربة إبداعية حقيقية وصادقة، ويُعد الكتاب هو الوسيلة الأولى لتحقيق هذا الهدف، فهو الأثر الباقي والدائم
  • بمجرد دخولك إلى ساحة الإنترنت، وبضغطة واحدة، تستطيع أن تجد آلاف الكتب في كافة المجالات، تقرأ منها ما تشاء، ويمكن أن تتكون لديك مكتبة بها آلاف الكتب، لا تشغل أي مساحة تُذكر في جهازك
  • حين يلجأ الأدباء والمبدعين إلى الإنترنت للاستفادة من إمكانياته الهائلة، فإنهم مازالوا يتعاملون معه بوصفه مجالا جديدا لنشر إبداعاتهم، وطرح أعمالهم، مستفيدين من تلك الحرية التي تتيحها لهم

عندما افتتحت الدورة الأولى لمعرض القاهرة الدولي للكتاب عام 1969 كفكرة نفذها د. ثروت عكاشة وزير الثقافة في ذلك الوقت، كان الهدف من إقامته هو التعريف بالكتاب والإعلان عنه، وفتح أسواق جديدة أمام الناشرين، فضلا عن بيع الكتب والترويج لها لدعم فعل القراءة لدي الناس.

والسؤال : هل تأثرت القراءة وهل تأثر الكتاب في ظل المتغيرات الجديدة التي أحدثتها تقنيات الإنترنت؟         
وكمحاولة منا للإجابة على هذا السؤال أقول :

 إن القراءة ومنذ عصر الفراعنة تُعد أداة لصقل الموهبة، وبدونها لا يمكن الاهتداء إلى تجربة إبداعية حقيقية وصادقة، ويُعد الكتاب هو الوسيلة الأولى لتحقيق هذا الهدف، فهو الأثر الباقي، والدائم وهناك نص أدبي فرعوني قديم، يوجه خطابه إلى التلاميذ في المدارس، ليتعلموا من خلاله الذوق الرفيع، ويذكرهم بأن الخلود يكون من نصيب العمل العظيم، ومما جاء فيه (كن كاتبا، وضع الأمر في قلبك، وليأت اسمك أيضا إلى الوجود، إن الكتاب هو أكثر فائدة من شاهد قبر منقوش، ومن جدار هيكل بني بناء متينا، فهو يُستخدم كمسكن وكهرم، من أجل أن ينطق اسمهم، أجل إنه مفيد في الجبانة، الاسم الذي ما انفك يتردد على شفتي البشرية، لقد اختفى إنسان، وصار جسده ترابا، وعاد أقرباؤه أجمعين إلى الأرض، ولكن كتابا يذكر، على لسان كل من يقرأ، الكتاب أكثر فائدة من بيت البناء، ومن مساكن الغرب، إنه أفضل من برج دعائمه وطيدة، ومن لوحة تذكارية في معبد)، "كتاب : حضارة مصر الفرعونية- فرانسوا دومة- المركز القومي للترجمة 1998".

  وتذكر البرديات أن طبقة الموظفين التي كان من الضروري، أن تلتحق بالمدارس قبل انضمامها إلى الجهاز الإداري كانت تشكل - بالنسبة للكتاب - جمهورا منتقى من القراء، من الصعب إرضائه، كما كان هذا الجمهور في نفس الوقت متحذلقا بما أكتسبه من معرفة، وها هو الحكيم (آني) يقول : ( اقرأ .. فالقراءة أول خطوة في طريق الإيمان بالإله، فتنعم بقراءة تعاليمه المقدسة التي تفتح لك أبواب الجنة، وتكشف لك أسرار الوجود، ونعم المعرفة المقدسة، وتنير طريق خطواتك في طريق السعادة في الدنيا، وطريق الخلود في الآخرة)، "الحكم والأمثال في الأدب الفرعوني- مكتبة الأسرة 1997".

    اقرأ كفعل أمر، توضح أهمية القراءة، وأهمية ممارستها، بوصفها فعلا إنسانيا، يتفق والطبيعة الإنسانية، فالقراءة تحفز الإنسان على التأمل، والاستغراق في التفكر، والوصول إلى اليقين، وبكل تلك الأشياء، تتحد أبعاد إنسانيته بشكل كامل، وهذا ما يؤكده خطاب الله الآمر، حين أنزل أول سورة من سور القرآن الكريم، حين قال لمحمد صلي الله عليه وسلم(اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ الَّذِي خَلَقَ)[العلق : 1]       
والقراءة بالنسبة للقارئ العادي وسيلة للمتعة، أما بالنسبة إلى المتخصصين من الكتاب والمبدعين، فإنها وسيلة للوصول إلى المعرفة، وتُعد مجالا لتصحيح آراء الآخرين .

     وسأضرب - هنا-  بعض الأمثلة التي تؤكد على أهمية الكتاب، بوصفه مادة للقراءة الحقيقية - أتحدث عن الكتاب الورقي، وقبل ظهور الكتاب الرقمي، وانتشاره - لنتبين كيف أن الكتاب، بوصفة أداة للمعرفة، كان - في مختلف العصور - أداة لتهديد أي سلطة غاشمة، تخشى أن يحرك الكتاب عقلية القارئ، فيتشكل وعيه، وبهذا الوعي يواجهها ويواجه سلوكها، ويسعى إلى تصحيح مسارها، ولذلك نراها تلجأ إلى القمع، القمع الفكري، الذي يأخذ صورا متعددة  منها : مصادرة الكتب، أو حرقها، أو منعها من الوصول إلى أيدي القراء .. ولقد أشارت إلى ذلك بعض أساطير الشرق القديم، فهناك أسطورة صينية تتحدث عن الأسباب التي جعلت الصين هي بلد الحكمة والفلسفة وتحكي (أن أحد الأباطرة العظماء الذين حكموا الصين تجبَّر في البلاد وقهر العباد ومنع الكتاب، وخاف الجميع من العقاب وآثر كل من عنده كتاب أن يضحي ويرميه في النهر حتى لا يعرف الإمبراطور له طريقاً. وفي الصباح انطلق دوي لم يكن له سابق في العنان، فمنذ الإبكار توجه الناس إلى أعمالهم وفوجئوا بالكتب والمعلومات في كل مكان تطفو فوق الماء، فأخذ كل منهم بدوره يحاول أن يخفي ما يجد فتقع عينه على معلومة فيحاول أن يستزيد وأخذ الحال بهم إلى أن أصبحوا يتبادلون القصص والمعرفة ويتبادلون الأفكار حتى أدركوا أن بقاء هذا الحال من المحال، مما دفع بالجميع إلى الثورة والتخلص من حاكمهم الطاغية، ومن هنا كانت البداية حتى أصبحت الصين تدعى بلد الحكمة والأسفار).

  ولعلنا نتذكر (جوزيف مكارثي) الذي «أخاف الأميركيين خوفا حقيقيا، ولا يصدقون اليوم- بعد أربعة وسبعين عاما - كيف أخافهم مكارثي ..هذا الرجل الذي مات منبوذا ومريضا  ومدمنا، قاد ما سمي ب(حملة الخوف) التي استمرت  خمس سنوات (1950ـ1955) بسبب ما أسماه «الخطر الشيوعي» على أمريكا، غير أن آثارها السياسية والثقافية على أمريكا ظلت حاضرة لأكثر من 5 سنوات، فقد دفعت العشرات من المثقفين والفنانين والكتاب الأميركيين إلى الهجرة أو الانزواء بعيدا عن خطر الاعتقال، وذلك( لأن حملة مكارثي خلطت بين الخطر الحقيقي (الشيوعية) وبين اليساريين والليبراليين والنقابيين الذين يريدون إصلاح ظروف العمل في أمريكا، وتقليل الفوارق بين الطبقات، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية)،  "أشار فيلم فهرنهيت 451 الى هذه الحادثة"  ولذلك رأيناه يحرق الكتب، ويدفع بالذين يقتنونها إلى الاعتقال، مما جعل أكثر الناس يحفظون الكتب - خاصة الممنوع منها - خوفا من الاقتناء الذي سيكون سببا في الاعتقال !!

  ونتذكر - أيضا - كيف أن رواية لم يقرأها إلا القليل من القراء  في مصر- وليمة لأعشاب البحرللكاتب السوري "حيدر حيدر" - قد أثارت جدلا واسعا بعد أن أتهمها واحد من كتاب جماعات الظلام، بأنها رواية تتعرض للذات الإلهية، وأنها تعارض الدين والأخلاق، وأن خطرها كبير، فما كان من طلاب جامعة الأزهر، إلا أن خرجوا بأعداد كبيرة يسدون شوارع حي مدينة نصر - مقر الجامعة - يعلنون احتجاجهم - ضد عمل لم يقرؤوه - لكنهم سمعوا عنه، وقرأوا ما كتب عنه، وكادت تلك المظاهرة الضخمة، أن تحدث حريقا في قلب العاصمة ، عام 2000   تلك الحادثة كشفت عن تلك المخاوف التي قد يسببها كتاب، لم يوزع وقتها أكثر من ألف وثلثمائة نسخة، من مجموع ثلاث آلاف نسخة، وصودر المتبقي منها، في حين أن القراء - بعد تلك الضجة والمصادرة - ازداد عددهم إلى أكثر من مليون، خاصة مع انتشار النت، وبيعت الرواية بأسعار خيالية، وتم تصويرها، لتتسع دائرة القراءة، وذلك لأن الممنوع مرغوب كما يقولون !!! وبعدها بأشهر قليلة - يناير 2001- حدثت أحداث جديدة، متعلقة بصدور ثلاث روايات قيل - وقتها - أنها تخدش الحياء، وتعتدي على قيم المجتمع، في حين أن تلك الروايات لم يوزع بعضها أكثر من ثلاثمائة نسخة قبل المصادرة، في حين أن المصادرة، والضجة الكبيرة التي لاحقتها، قد أثرت على أعداد القراء الذين كانوا يبحثون عن تلك الروايات بأي ثمن، ليس لقيمتها، ولكن لمعرفة أسباب تلك الضجة، والوقوف علي أسباب المخاوف التي دفعت السلطات إلى اتخاذ إجراءات رادعة تجاه الذين قاموا بنشرها !! وكنت واحدا منهم حين كنت مديرا لإدارة النشر بالهيئة العامة لقصور الثقافة.

   تلك الأزمات كلها وغيرها بالطبع كثير، كانت تحدث مع الكتاب الورقي، فما هو الموقف تجاه الكتاب الرقمي ؟! بالطبع الأمر يختلف اختلافا كبيرا، فبمجرد دخولك إلى ساحة الإنترنت، وبضغطة واحدة على الماوس، تستطيع أن تجد آلاف الكتب في كافة المجالات، تقرأ منها ماتشاء ، وترفع منها - علي جهازك- ما تشاء، ويمكن أن تتكون لديك مكتبة بها آلاف الكتب، لا تشغل أي مساحة تُذكر في جهازك، خاصة مع زيادة حجم الهارد، وزيادة سرعة التحميل، ومجانية الدخول إلى الإنترنت، فهل في ظل تلك الثورة المعلوماتية الكبيرة، يمكن أن يتعرض الكتاب للقمع الفكري بشكله التقليدي؟؟ بالطبع لن يحدث هذا، والذي يحدث أحيانا هو أن يتم اختراق أحد المواقع التي تقوم بنشر كتب تراها بعض الحكومات ضارة، ومغرضة - من وجهة نظرها بالطبع - ولأهداف وأسباب سياسية.                             
   إذن الموقف تغير تماما عن ذي قبل بسبب تقدم تقنيات الإنترنت، والسؤال : هل تغيرت العقلية، التي مازالت ترى بعض الكتب رجز من عمل الشيطان، ينبغي مطاردة أصحابها، وينبغي مصادرتها ومنعها من التداول؟؟ هل أصبح مثل هذا السلوك المتخلف، صالحا الآن مع تلك الثورة المعلوماتية الكبيرة؟ وهل مسألة القراءة أصبحت هي نفسها التي كانت مطروحة قبل ظهور تلك التقنيات الجديدة، وهل تلك التقنيات الحديثة جاءت في صالح عملية القراءة، أم جاءت ضدها؟؟  

  -  من اللافت للنظر وجود إحصائيات تؤكد أن معدلات القراءة للإنسان العربي يضمحل كثيرا فوفقا لآخر الإحصاءات فإن معدل القراءة عند الإنسان العربي 6 دقائق في السنة مقابل 36 ساعة عند نظيره الغربي، أما الناشرون العرب مجتمعون فإنهم يصدرون سنويا كتابا واحدا لكل ربع مليون شخص في العالم العربي مقابل كتاب يصدر لكل خمسة آلاف شخص في الغرب، أي مقابل كل كتابين يصدران في العالم العربي هناك مائة كتاب تصدر في الغرب

  أما الطفل العربي فيكتب له أسبوعيا كلمة واحدة وصورة واحدة، في حين أن الطفل الأمريكي نصيبه الأسبوعي 12 مجلة، "أعلنت هذه الاحصائية أثناء ندوة نظمها المجلس ألأعلى للثقافة عام 2008" يتضح منها أن هناك مشكلات يتعرض لها الكتاب المطبوع، بعضها يتعلق بطريقة توزيعه ، وبعضها الآخر يتعلق بكمية المطبوع منه، وهناك مشكلات أخرى متعلقة بالقارئ نفسه، الذي انصرف عن القراءة، ولم تعد تمثل له ضرورة، ينبغي المحافظة عليها. كل ذلك يحدث، مع ظهور تلك الشبكة العنكبوتية ، والمعلوماتية التي لانهاية لها..أليس هذا الأمر يدعو إلي الدهشة والحيرة معا؟! ويجعلنا نبحث عن الأسباب التي أدت إلى حدوث هذا الخلل.                                  

  ومن المعلوم أن طبيعة النشر الرقمي تختلف كلية عن النشر الورقي، ومازال الكتاب يُستخدم على الشبكة العنكبوتية، بنفس الصيغة التي يتم بها في النشر الورقي، ويكون ذلك إما عن طريق تصوير صفحاته الأصلية ـ أي تحويل الصفحة المطبوعة إلى صورة رقمية pdf - أو القيام بجمع المادة مرة أخرى، ووضعها في صيغة وورد، وبهذه الطرق لا نستطيع أن نفرق كثيرا بين النشر الورقي، والنشر الرقمي، فعملية القراءة ستكون هي نفسها، بالنسبة للنوعين، وهذا ما يدفع المهتمين، حين يريدون الحصول على معلومات أو كتابات من الإنترنت، إلى تصوير الأوراق، فتتحول الأرقام إلى أوراق مرة أخرى، وما من جديد في تلك المسألة.  

      إن النص، في ذاكرة الحاسوب، ليس مجموعة متناسقة من الكتابات، إنه لا ينص على معاني بعينها، وهو ليس وحده نسيجا عنكبوتيا وإنما مجموعة شذرات يعيد الحاسوب التوليف بينها بكيفيات لا متناهية وذلك بالضبط لحظة ظهورها على الشاشة. وهذا يعني أن أي نص دخل في بنك المعطيات هو في الوقت ذاته نصوص لا حصر لها. هذا النص المولد للنصوص هو ما يسميه البعض النص الأعظم Hypertexte.  وهو يكشف عن أبعاد جديدة للقراءة والرؤية ويجدد طرق التأليف ذاتها. فعن طريق هذا النص يمكن "للقارئ" أن يحدث كل لحظة انفصالا بالنسبة لما يقترحه "المؤلف" وذلك بالانتقال المفاجئ نحو مقطع آخر.... كل هذا يجعلنا نعيد النظر في مفهوم المؤلف الذي كرسته ثقافة الكتاب، بل وفي العلاقة بينه وبين القارئ. فلم يعد القارئ هنا هو المتلقي السلبي المستهلك، كما أن المؤلف لم يعد هو المبدع المُنتج المتحكم في نسج النصوص الإبداعية. لقد فقد سلطته وحجيته. لكن الأهم من ذلك أنه لم يعد ذاتا فردية، وأن النص لم يعد يحمل توقيعا بعينه، ولم تعد له هوية محددة)،  يمكن الرجوع الى مقال ثقافة الكتاب وثقافة الشاشة – عبد السلام بنعبد – الإنترنت.

    غير أننا - حتى الآن - حين نتعامل مع الإنترنت، لا نتعامل معه بوصفه ثقافة مختلفة، لكننا نتعامل معه بوصفة ثقافة موازية للثقافة التقليدية، وأعني بها تلك الثقافة التي جبلنا عليها سنوات طويلة من ناحية التقنية. والأدباء والمبدعين، حين يلجأون إلى الإنترنت للاستفادة من إمكانياته الهائلة، فإنهم مازالوا يتعاملون معه بوصفة مجالا جديدا لنشر إبداعاتهم، وطرح أعمالهم، مستفيدين من تلك الحرية التي تتيحها لهم، فضلا علي أنهم يمكنهم نشر ما يريدونه بضغطة واحدة، وفي نفس اللحظة التي يرسلون فيها موادهم، بل ويمكنهم إنشاء مواقع باسمهم الشخصي، ومدونات تضم كل ما يكتبونه، هذا بالإضافة إلى اشتراكهم في المنتديات الأدبية، التي تتيح حوارا فعالا حول الإنتاج المنشور، والقضايا المطروحة، بشكل حميم، وعلى الرغم من كل هذه الممارسات إلا أن الأمر مازال مسحوبا إلى الخلف، بمعنى أن تلك التقنية الجديدة - في اعتقادنا - لم تثمر إبداعا مختلفا، بل ربما أتاحت الفرصة أمام المدعين، وفاقدي الموهبة، لينشروا إرهاصاتهم الأولى على تلك الشبكة، فيتلقون المجاملات- من زملائهم- حول ما ينشرون، ويعتبرون تلك المجاملات، وكلمات المديح والتشجيع ،و أحيانا كلمات الغزل، يعتبرونها نقدا، وما هي بنقد، ذلك هو التأثير السلبي الذي أتاحته تلك الشبكة، حين أتاحت لكل من يريد أن يكتب، وكل من يريد أن تصل كتاباته إلى الآخرين. ولذلك لا تستطيع أن تقول أن كل ما تقرأه على الشبكة من إبداع، يُعد إبداعا حقيقيا، لكنها طبيعة التطور، وطبيعة التقنية، التي لا تضع أي قيد على المبدعين والكتاب.   

    ويبقى في النهاية أن نطرح السؤال الذي طرحه من قبل واحد من الباحثين والمهتمين بعالم الإنترنت، وعالم النشر والكتاب، واسمه (لوسيان سيفيز)، "هل أصبح الكتاب متجاوزا؟ مقال ترجمه : الحسن بوتكلاي" والسؤال هو : هل أصبح الكتاب متجاوزا؟! وهل تساعد الإنترنت الكتاب؟! يجيب نافيا:

   لا لأنها مكتوبة شفهية (مكتوبة بطريقة المحادثة)، ولأنها تساهم في تجزئة الفضاء العمومي إلى عشرات الملايين من الزمكانات العالمية، غير أنها تساعد الثقافة والانفتاح على الآخر بسرعة الاطلاع على النصوص (وضمنها الكتب) التي بدونها لن نتعرف عليها، أو سنتعرف عليها عن طريق المترجمين بعد مدة طويلة، لهذا نلوم التقنيات الجديدة (التلفزات المشفرة والمدخلة) أقل مما نلوم الخطابات التفاهمية التبريرية الخادعة التي ترافقها.

  كل إنسان يعرف السؤال التقليدي: "إذا كان عليك أن تعيش في جزيرة نائية خالية، ما هو الكتاب الذي ستحمله معك؟" وهو سؤال يختزل ويبسط اليوم في: "ما هي الأشياء التي ستحملها معك إذا أردت أن تذهب إلى جزيرة خالية؟" والجواب سيكون هو "حاسوبي المحمول وهاتفي النقال". وأين الكتاب؟! سيكون ثمة كتاب، ولكن أي كتاب؟ لن يكون بطبيعة الحال لزميل أو قريب، بل كتابا غير معروف من بين ملايين الكتب. وهذه نتيجة التجزئة المفرطة للفضاء العمومي." 

 

Dr.Randa
Dr.Radwa