أصدرت لجنة المندوبين الدائمين المنبثقة عن مجلس جامعة الدول العربية، تقريراً تضمن 19 إجراء عملياً في الإطار الاقتصادي والقانوني والسياسي والدبلوماسي، يمكن أن تقوم بها الدول العربية سواء على المستوى الوطني أو على المستوى العربي، لوقف جريمة "الإبادة الجماعية" التي ترتكبها إسرائيل- القوة القائمة بالاحتلال- ضد الشعب الفلسطيني.. مشيرة إلى مبدأ احترام قرار الدول الأعضاء السيادي في اختيار ما يتناسب معها من تلك الإجراءات.
وقال المندوب الدائم لدولة فلسطين لدى جامعة الدول العربية السفير مهند العكلوك- في بيان صادر اليوم /الثلاثاء/ عن مندوبية فلسطين بالجامعة- إن اللجنة قد أنهت أعمالها يوم الثلاثاء 30 يناير 2024، بعد أن تدارست مجموعة من الإجراءات العملية التي يمكن تبنيها من قِبل الدول العربية، بهدف وقف جريمة الإبادة الجماعية الإسرائيلية ضد الشعب الفلسطيني، وقامت الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بتعميم تقرير اللجنة على جميع الدول العربية بعد انتهاء أعمالها مباشرة، وذلك بناءً على التفويض الممنوح للجنة من قِبل مجلس الجامعة.
وأضاف السفير العكلوك: أن اللجنة أقرت ما يمكن أن تسميته بنك إجراءات اقتصادية وقانونية وسياسية ودبلوماسية مؤثرة من شأنها أن توقف العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني لو تم تطبيقها من قِبل الدول العربية، وأن جميع الإجراءات التي أقرتها اللجنة، إنما هي تنفيذ لنصوص وروح قرارات مجلس جامعة الدول العربية على مستويات القمة والوزاري والمندوبين الدائمين، وقرارات المجالس الوزارية العربية المتخصصة، وتوصيات اللجان والفرق العربية العاملة في إطار جامعة الدول العربية، والمتعلقة بالقضية الفلسطينية.
وأفادت المندوبية الدائمة لدولة فلسطين بأن الإجراءات الواردة في تقرير لجنة المندوبين الدائمين شملت، تجميد أو تعليق أو إلغاء الاتفاقيات الاقتصادية، ووقف جميع أنواع التعاملات التجارية والاستثمارات مع إسرائيل- القوة القائمة بالاحتلال- بما يشمل وقف الاستيراد والتصدير، ومقاطعة البضائع والمنتجات الإسرائيلية، ومقاطعة جميع الشركات ومؤسسات الأعمال، التي وردت في قاعدة البيانات المحدثة التي أقرها مجلس حقوق الإنسان للشركات ومؤسسات الأعمال الضالعة في أنشطة داخل المستوطنات الواقعة في جميع أنحاء الأرض الفلسطينية المحتلة.
كما شملت الإجراءات وقف دعوة أو استقبال المسؤولين ورجال الأعمال الإسرائيليين- إن وُجد- والنظر في إغلاق المجال الجوي للدول العربية أمام الطيران المدني الإسرائيلي- إن وُجد- ووقف جميع النشاطات والفعاليات الثقافية والرياضية مع الاحتلال الإسرائيلي- إن وُجد- وإعلان المنظمات والجماعات والحركات الإسرائيلية المتطرفة، التي تقتحم المسجد الأقصى المبارك، وتلك المرتبطة بالاستيطان الاستعماري الإسرائيلي والتي تمارس أعمالاً إرهابية ضد المواطنين الفلسطينيين"منظمات إرهابية" ووضعها على قوائم الإرهاب الوطنية العربية، ثم اعتماد قائمة على مستوى جامعة الدول العربية، توضع عليها تلك المنظمات الإرهابية.
وتضمنت الإجراءات كذلك إعلان "قائمة العار" لتشمل الشخصيات الإسرائيلية التي تبث خطاب الإبادة الجماعية والتحريض ضد الشعب الفلسطيني، تمهيداً لاتخاذ الإجراءات القانونية ضدهم، ورصد جميع الدول والشخصيات والجهات التي تتساوق مع الاحتلال الإسرائيلي في موضوع التهجير القسري تمهيداً لاتخاذ إجراءات قانونية ضدها عربياً ودولياً، والقيام بتخفيض مستوى التمثيل الدبلوماسي بين الدول العربية وإسرائيل- إن وُجد- على إثر قبول محكمة العدل الدولية ولايتها القضائية الأولية، في الأمر الذي أصدرته المحكمة يوم 26/1/2024، والمتعلق بدعوى الإبادة الجماعية التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل، القوة القائمة بالاحتلال.
وذكرت مندوبية فلسطين أن الإجراءات شملت أيضا دعم جهود العضو العربي في مجلس الأمن، الجمهورية الجزائرية الديمقراطية الشعبية، بالتنسيق مع المجموعة العربية في نيويورك، والعمل على تقديم مشروع قرار عربي في مجلس الأمن، يلزم إسرائيل بتطبيق التدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية يوم 26/1/2024 في دعوى الإبادة الجماعية، وإلزامها بالوقف الفوري للعدوان وإطلاق النار، وانضمام الدول العربية الأعضاء في اتفاقية منع الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها لعام 1948 وخاصة الدول غير المتحفظة على المادة (9) منها، إلى دعوى جنوب إفريقيا ضد إسرائيل، وتقديم إحالات وشكاوى عربية إلى المحكمة الجنائية الدولية بالجرائم الإسرائيلية المُرتكبة ضد الشعب الفلسطيني.
ولفتت المندوبية الفلسطينية إلى أن الإجراءات تضمنت أيضا اتخاذ إجراءات لحث المدعي العام للمحكمة الجنائية الدولية من أجل اتخاذ خطوات حقيقية وملموسة تحقيقاً ومقاضاة، تجاه الأفعال الإجرامية لإسرائيل القوة القائمة بالاحتلال، والتي تنتهك بشكل جسيم مبادئ القانون الدولي الإنساني، وتوجيه مجلس السفراء العرب في لاهاي للعمل مع منظمة حظر الأسلحة الكيماوية، باتجاه فتح تحقيق في استخدام إسرائيل للأسلحة الكيماوية في الأراضي الفلسطينية واللبنانية، وحث منظمات المجتمع المدني والاتحادات والنقابات الحقوقية العربية، لمباشرة رفع قضايا ضد المسؤولين الإسرائيليين في المحاكم الوطنية والدولية.
وشملت الإجراءات كذلك تشكيل وفود عربية إغاثية تقود تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية والطبية لكامل قطاع غزة بالتنسيق والتعاون مع المنظمات الدولية، براً وبحراً وجواً، تنفيذاً للتدابير المؤقتة التي أمرت بها محكمة العدل الدولية يوم 26/1/2024، وتنفيذاً لقرار كسر الحصار الإسرائيلي على قطاع غزة، والذي تبنته القمة العربية الإسلاميةالتي عُقدت في الرياض بتاريخ 11/11/2023، وتشكيل وفد عربي-دولي برئاسة المملكة الأردنية الهاشمية، يضم رجال دين، ومؤسسات وطنية وإقليمية ودولية، متخصصة بالشؤون الدينية والثقافية، لترتيب زيارة عاجلة لمدينة القدس، لتقييم الأوضاع في المسجد الأقصى المبارك، خاصة في ظل الحصار الإسرائيلي المفروض عليه، واقتحامات المستوطنين الإسرائيليين له، وتقويض حرية العبادة ودخول المصلين المسلمين إليه، ومحاولات تقسيمه زمانياً ومكانياً، ودعم اختيار دولة فلسطين ليوم محدد من كل عام لاستذكار جريمة الإبادة الجماعية المستمرة التي ارتكبتها إسرائيل بحق الشعب الفلسطيني، واعتماد قرار من مجلس الجامعة على المستوى الوزاري أو القمة لإقرار هذا اليوم تحت اسم تقره دولة فلسطين، والدعوة لاعتماده على المستوى العربي والإسلامي والدولي.
ونوه السفير مهند العكلوك بأن ولاية لجنة المندوبين الدائمين تزامنت مع صدور أمر محكمة العدل الدولية بتاريخ 26/1/2024، والذي تضمن القبول بالولاية القضائية للمحكمة للبت في الدعوى التي رفعتها جنوب أفريقيا ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جريمة الإبادة الجماعية والتحريض عليها، وتضمن أمر المحكمة أيضاً إقرارها بأن الشعب الفلسطيني محمي بموجب اتفاقية منع جريمة الإبادة الجماعية والمعاقبة عليها، كما تضمن أمر محكمة العدل الدولية الإقرار بأن هناك أسساً معقولة لادعاءات جنوب إفريقيا ضد إسرائيل بارتكاب أعمال محتملة في إطار جريمة الإبادة الجماعية ضد الشعب الفلسطيني، وأمرت محكمة العدل الدولية إسرائيل بتنفيذ ستة تدابير مؤقتة شملت وقف قتل المدنيين الفلسطينيين أو إيذائهم جسدياً أو عقلياً، ووقف منع الولادات للنساء الفلسطينيات، والسماح بدخول المساعدات الإغاثية لقطاع غزة، وتقديم تقرير عن تنفيذ هذه التدابير المؤقتة خلال شهر من أمر المحكمة.
وأضاف العكلوك: أنه بناءً على أمر المحكمة، فإن هناك مسؤولية دولية تضاف إلى المسؤولية الإنسانية والقومية العربية، تقع على عاتق الدول العربية، اتجاه تطبيق تلك الإجراءات على وجه السرعة.
واختتمت المندوبية الدائمة بأن تشكيل اللجنة وعملها وتقريرها أتى تنفيذاً لقرار مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين في دورته غير العادية التي عقدت في مقر الجامعة بتاريخ 22/1/2024 بشأن استمرار جرائم العدوان الإسرائيلي على الشعب الفلسطيني، والذي نص على: "تشكيل لجنة مؤقتة مفتوحة العضوية من المندوبين الدائمين والأمانة العامة لدراسة إجراءات عربية يمكن القيام بها على المستويات الاقتصادية والقانونية والسياسية والدبلوماسية لتفعيل مضامين هذا القرار، وإصدار تقريرها وتعميمه على الدول الأعضاء خلال أسبوع من تاريخه"، تم تشكيل لجنة المندوبين الدائمين المؤقتة برئاسة المندوب الدائم لدولة الكويت الشقيقة، وعضوية مندوبي 10 دولة عربية أخرى والأمانة العامة لجامعة الدول العربية.