من الخطأ أن نحاول فهم تصريحات الرئيس الأمريكي حول معبر رفح على أنها انعكاس لتدهور صحي أو تراجع عقلي لكنها مجرد محاولة من قاتل لدفع التهمة عن نفسه والنكوص على المبادئ الأمريكية التي تعلي من حقوق الإنسان وتروج على أنها قناعة تسعى إلى نشرها عبر العالم.
وبايدن وإدارته التي لم تقدم لأهل غزة سوى الموت بصواريخها وقنابلها الذكية يحاول استغباء العالم وستر الوجه القبيح للولايات المتحدة الذي كشفته أحداث غزة والتي فضحت ذلك الانفصام والتحيز البغيض حين يتعلق الأمر بحقوق العرب التي لا تراها الإدارة الأمريكية إلا بعيون المحتل الذي فاقت أفعاله كل حدود العقل والمنطق حيث يتعامى بايدن عن كل الأصوات الصارخة حول العالم والتي تطالبه بوقف دعم الحرب الظالمة في غزة وضرورة كبح جماح زمرة المتطرفين أصحاب القرار في تل أبيب والذين تقودهم روح ثأر لا يستطيعون إنفاذه سوى باستهداف النساء والأطفال وممارسة عقاب جماعي غير مسبوق في تاريخ الإنسانية.
إن بايدن لم يكن يهذي بتصريحاته حول المساعدات ومعبر رفح بل كان يحاول الهرب من حقيقته وما يمارسه من أفعال هو وإدارته التي تقود المنطقة إلى اقتتال لا يعلم إلا الله مداه وعاقبته فالإدارة الأمريكية شريكة في الجريمة الإنسانية في غزة ليس بمجرد الصمت والتوقف عن اتخاذ ما يلزم لتهدئة الأمور بل بالتشجيع على الاستمرار في القتال توهما منها بقدرة على تغيير الواقع على الأرض بمحو شعب بأكمله وإزالة حقه الذي كفله له القانون الدولي في العيش آمنا بكرامة على أرضه المحتلة إن بايدن مجرد قاتل أنيق غارق في حالة من الترقب المستمر وكل خطوة يخطوها تبدو أمامه مشبعة بالمخاطر والشكوك وهو يعلم أنه ترك بصماته الخبيثة على ساحة الجريمة ويبحث بيأس عن مخرج يمكنه من التهرب من العدالة الساحقة وحين يفيق من هذا السبات العميق ينطق كما نطق مؤخرا ليبدأ في سرد الرواية الملتوية لجريمته ويختزن تفاصيلها السوداء في عقله كالأسرار المحفوظة في صندوق خشبي غامض ليلوم الظروف القاسية والعوامل الخارجية ويضع عبء الذنب على كاهل الحظ العاثر ويحاول بشكل يائس تبرير أفعاله المشؤومة بإلقاء المسئولية على غيره ومع كل كلمة ينطق بها تكبر دائرة الأكاذيب حوله وتتسع الشبكة الملتوية لتغطي كل مساراته المظلمة لكن في النهاية يبقى القاتل يتجاهل الصوت الداخلي الذي يصرخ بالحقيقة ليستمر في مهمته الشيطانية لتضليل الحقيقة وتحويل الأنظار عنه وهو يحاول بكل جهده المحاولة البائسة لإخفاء جرائمه وتبرير أفعاله الشنيعة.
إن بايدن الذي لا يكترث لأمن حدود بلاده واصطدم بحكام ولاية تكساس حين قرروا أن يخالفوا أوامره بفتح الحدود أمام المهاجرين من المكسيك والجميع يعرف أنه ما فعل ذلك إلا لتغيير قواعد اللعبة في الانتخابات المقبلة ودخول أصوات جديدة إلى حسابه في التصويت المقبل والذي يبدو أنه سيكون هزيمة كاملة ونهاية منطقية لعهده البائس وفشله المتصاعد في كل الملفات الداخلية والخارجية وهو يصم أذنيه عن الأصوات التي تدعوه إلى احترام حالته المرضية والابتعاد عن العمل العام والتوقف عن الإضرار بصورة الولايات المتحدة والتي تضررت بشكل عميق حول العالم وليس في المنطقة العربية وحدها.
إن التشابه بين نتيناهو وبايدن شديد يكاد يصل إلى حد التطابق فكلاهما يسعيان إلى نصر يبقيهما في السلطة بعد أن تصدعت تحت أقدامهم حتى ولو كان عبر سفك الدماء ودفع العالم إلى صراعات مدمرة لا نهاية لها وحسنا ما فعلته الرئاسة المصرية التي أصدرت بيانا يعد صفعة نزلت بها على وجه بايدن لتفضح كذبه وبهتانه ولم يكن بمقدور تلك الإدارة إلا الصمت إزائه لأنه في النهاية لا يدوم الكذب وإن كان محكما.