حقق الرئيس الأمريكي جو بايدن فوزا سهلا في الانتخابات التمهيدية الرئاسية للحزب الديمقراطي في ولاية ميشيجان، لكنه انطوى على رسالة توبيخ من الأمريكيين العرب، احتجاجا على موقفه من الحرب التي تشنها إسرائيل في غزة.
وجاءت نتيجة الانتخابات التمهيدية للحزبين خالية من التشويق، إذ لا وجود لمنافسة فعلية تقريبا لبايدن في الترشيح الديمقراطي، بينما أعلن الجمهوريون عن فوز دونالد ترامب بشكل مبكر في انتخاباتهم، التي تنقسم إلى مرحلتين، وستختتم مع نهاية الأسبوع.
وبعد إغلاق مراكز الاقتراع مساء الثلاثاء، أفادت المقاطعات في نتائج أولية أن 16% من الديمقراطيين في الولاية صوتوا بـ"غير ملتزم" بدلا من إعطاء صوتهم لبايدن، في إطار حملة لإقناع الرئيس بالتراجع عن دعمه لإسرائيل.
ومن الجدير بالذكر أنه في الدورتين الانتخابيتين الأخيرتين لم تتجاوز نسبة غير ملتزم" 2%، بينما بلغت 11% في المرة الأخيرة التي سعى فيها رئيس ديمقراطي في الحكم إلى إعادة انتخابه، حين فاز باراك أوباما عام 2012.
ولا يواجه بايدن، البالغ من العمر 81 عاما، أي معارضة جدية لترشحه لولاية ثانية في البيت الأبيض. ولكن مع تزايد عدد القتلى المدنيين في الحملة العسكرية التي تنفذها إسرائيل في غزة ضد حماس، تراجع تأييده بين المسلمين والعرب الأمريكيين، وهم كتلة حسمت فوزه في ميشيجان بفارق ضئيل عام 2020 على ترامب.
وتضم هذه الولاية في الغرب الأوسط الأمريكي أكبر نسبة من السكان الذين يعرفون عن أنفسهم بأنهم من أصل شرق أوسطي أو شمال إفريقي في البلاد، ويتركز معظمهم حول ديترويت.
وقالت النائبة الديمقراطية عن ميشيجان رشيدة طليب، الفلسطينية الأمريكية الوحيدة في الكونجرس: "شعرت بالفخر اليوم بسحب بطاقة اقتراع للحزب الديمقراطي والتصويت بـ+غير ملتزمة+".
وأضافت في تسجيل على وسائل التواصل الاجتماعي، أن "74 في المئة من الديمقراطيين في ميشيجان يدعمون وقف إطلاق النار، إلا أن الرئيس بايدن لا ينصت إلينا، بهذه الطريقة يمكننا استخدام الديمقراطية للقول +استمع إلى ميشيجان+".
ولن يمنع ذلك نيل بايدن بطاقة ترشيح الحزب الديمقراطي بسهولة، إذ أن نتائج منافسه الرئيسي المحتمل، عضو الكونجرس عن ولاية مينيسوتا دين فيليبس، متدنية في استطلاعات الرأي.
لكن من شأن عدد كبير من الأصوات القائمة على الاحتجاج أن يثير القلق قبيل انتخابات نوفمبر العامة، ولن يكون بإمكان بايدن خسارة حتى جزء من أصوات ائتلافه في الولاية.
بدأت الحرب إثر هجوم شنته حماس في إسرائيل في 7 أكتوبر، أدى إلى مقتل نحو 1160 شخصا في إسرائيل، معظمهم من المدنيين استنادا إلى أرقام إسرائيلية رسمية. لكن القلق تصاعد وسط ارتفاع عدد القتلى المدنيين في الحملة الانتقامية الإسرائيلية، الذي يبلغ الآن نحو 30 ألفا، وفقا لوزارة الصحة في غزة.
وقال مسئولو البيت الأبيض، إن مواقف رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتانياهو تشعر بايدن بالإحباط، ولكن ذلك لم يمنعه من الاستمرار في إرسال الأسلحة الأمريكية إلى إسرائيل، حتى مع استمرار الجهود للتوسط في وقف ثان للقتال.
وطلب بايدن من الكونجرس مساعدات عسكرية إضافية لإسرائيل بمليارات الدولارات، واستخدمت حكومته حق النقض ضد دعوات متعددة لمجلس الأمن الدولي لوقف إطلاق النار. ولم تحقق حملة مماثلة تدعو إلى وقف إطلاق النار خلال الانتخابات التمهيدية في ولاية نيوهامبشير أي نتيجة، لكن ميشيجان يعيش فيها عدد أكبر بكثير من المسلمين والعرب.
وقال عبد الله حمود، رئيس بلدية ضاحية ديربورن ذات الكثافة السكانية العربية في ديترويت، إن التصويت الثلاثاء يتعلق "بمحاسبة الرئيس بايدن على أفعاله".
وأضاف على صفحته على إنستجرام: "عندما نذهب إلى مركز الاقتراع ... وندلي بصوتنا على أننا "غير ملتزمين"، فإن ما نقوله هو أن قراره بشأن فلسطين غير مقبول، وأن مقتل 30 ألف شخص غير مقبول، وأن المساعدات العسكرية التي لا تتوقف غير مقبولة".
وكتب حمود الأسبوع الماضي في مجلة "نيويورك تايمز" أنه "مع مرور كل يوم وكل دقيقة يفشل فيها الرئيس في فعل الشيء الصحيح، تتضاءل ثقتنا به، أنا وكثيرون غيري".
وأضاف: "مع كل قنبلة أمريكية الصنع تلقيها الحكومة اليمينية الإسرائيلية على غزة، تلف حالة خدر صارخة وشعور بالعجز كل شيء، ما يحد من أي مساحة يمكن للثقة أن تكبر فيها".
بدورها، شددت فاطمة الصغير (27 عاما) على أنها تسعى إلى أن يجبر تصويتها بـ"غير ملتزمة" بايدن على تغيير مواقفه.
وقالت: "أعتقد أنه من الواضح أن الاستعطاف الإنساني لا يساهم في تغيير مواقف معظم السياسيين، لذا قد تجبره رغبته بالفوز في ميشيجان على الدعوة إلى وقف إطلاق النار".
في الجانب الجمهوري، اكتسح ترامب نتائج الولايات التي صوتت مبكرا، ومن غير المتوقع أن تعيق ميشيجان تقدمه نحو نيل ترشيح الحزب.
وخسرت منافسته الوحيدة المتبقية، السفيرة السابقة لدى الأمم المتحدة نيكي هايلي، في ولايتها كارولاينا الجنوبية أمام ترامب في نهاية الأسبوع، لكنها رفضت التراجع، قائلة إنها لا تعتقد أن ترامب قادر على إنزال الهزيمة ببايدن.
وتلقت هايلي ضربة أخرى الأحد، عندما أعلنت عائلة كوخ الثرية أنها أوقفت تبرعاتها لحملتها.
وينظم كلا الحزبين الانتخابات الثلاثاء، على الرغم من أن الجمهوريين اعتمدوا نظاما هجينا معقدا يختتم المنافسة بعد أربعة أيام، من خلال تجمعات حزبية تشبه المجالس الشعبية الانتخابية (كوكس) في كل منطقة من مناطق الولاية الثلاث عشرة.
في الثاني من مارس، سيتم اختيار أكثر من ثلثي المندوبين الجمهوريين، وهم الأفراد الذين تعينهم كل ولاية لدعم المرشحين في مؤتمر الحزب الصيفي لاختيار المرشح للرئاسة.