● بعد ٥٠ عاما خرجت "وثائق النصر" الى النور لتكون شاهدة على عظمة المقاتل المصري وجيش مصر العظيم.. وأيضا جاءت حاملة لأكثر من رسالة الى جميع الاتجاهات في الداخل والخارج..
فالوثائق التي نشرها الموقع الرسمي لوزارة الدفاع، تحت عنوان "وثائق حرب أكتوبر 1973.. أسرار الحرب"، شملت تقارير العمليات القتالية، ووضع القوات، وسجلات المعلومات الاستخبارية، ومعلومات مفصلة عن التخطيط الإستراتيجي للحرب، وتقييما للوضع الداخلي لمصر وإسرائيل، وتفاصيل أخرى سرية نادرة يكشف عنها للمرة الأولى، يعود تاريخها إلى حرب السادس من أكتوبر 1973، حين بدأت مصر وسوريا هجوما مفاجئا وجريئا ضد إسرائيل؛ لاسترداد الأراضي المحتلة، في حرب ضارية استمرت نحو 3 أسابيع..
صحيح أنه سبق وأن نشر قادة الحرب جزءا كبيرا منها في مذكراتهم، لكن كشف وزارة الدفاع المصرية أثار تساؤلات حول الدلالة الزمنية لنشرها، والحقيقة ان من أسباب رفع السرية هو الاحتفاء بمرور 50 عاما على الحرب، وكذا الأوضاع الأمنية الإقليمية غير المستقرة، بما فيها العدوان على غزة..
وهنا يجب الإشارة إلى ما سبق وأن صرح به اللواء سمير فرج والذي أكد على أن: القوات المسلحة المصرية فكرت في مسألة نشر الوثائق على أساس يتم ذلك بالتزامن مع ذكرى حرب أكتوبر الماضية أي بمناسبة مرور 50 عاماً كوثائق تترك للأجيال الجديدة، وقد اتخذ القرار بهذا الشأن في يوليو الماضي بتكوين لجنة من 12 من ضباط القوات المسلحة الذين عايشوا الحرب والذين يغطون كل أفرع وإدارات القوات المسلحة..
وبالفعل بدأت اللجنة اجتماعاتها في شهر أغسطس الماضي، واستمرت إلى أكتوبر، مشيراً إلى أنه "بحلول ذكرى الحرب لم نكن جاهزين لنشرها، لأنها تتكون من آلاف الوثائق، وقد تم الانتهاء منها الشهر الماضي أي بعد 6 أشهر من تسلم المهمة..
وهو ما يؤكد من وجهة نظري إن رفع السرية جاء رغبة من القوات المسلحة المصرية الباسلة في إطلاع المصريين - خاصة الشباب - والمهتمين بالتوثيق التاريخي، على الوثائق الحقيقية والمتعددة والمتنوعة عن الحرب، التي جاء بعضها بخط يد قادتها العسكريين..
حيث كان من الضروري عرض بطولات الجيش في حربه ضد إسرائيل؛ لتعزيز ترابط الشعب بقيادته وزيادة في تعضيض وتوحيد الجبهة الداخلية، وهذه هي الرسالة الأولى وهي واضحة للداخل المصري..
أما الرسالة الثانية فكانت لعدد من الأطراف الإقليمية، حيث تؤكد الوثائق مدى احترافية وكفاءة وقدرة أجهزة الدولة المعنية، للتعامل مع أي تحديات وتهديدات قد تستهدف الأمن القومي المصري، فضلاً عن كونها بمثابة "رسالة ردع" لمن قد تسول له نفسه المساس بالدولة المصرية...
إن التوقيت الذي اختارته القيادة العامة للقوات المسلحة للإعلان عن تلك الوثائق، في ضوء التهديدات المتزايدة في المنطقة، نظرًا لأنها بما تحتويه من تحديد أدق الخطوات والتفاصيل للتعامل مع استرداد الأراضي المصرية المحتلة آنذاك، وتأمين الدولة المصرية من أية مخاطر ثانوية قد تنشئ، هي بمثابة وكما قلنا "رسالة طمأنة" لكل مصري ومصرية، وبمثابة "ردع معنوي" لمن قد تسول له نفسه المساس بأمن مصر القومي.
إن القراءة المتانية لهذه الوثائق، تؤكد للعالم أجمع أن الدولة المصرية لا تبدأ بالعدوان، ولكن إذا فرض عليها القتال؛ فإن أبناؤها مقاتلين أشداء لحماية كل مصري ومصرية، ويكفي هنا الإشارة إلى ما ذكره "المشير محمد عبدالغني الجمسي.. رئيس هيئة عمليات القوات المسلحة المصرية" الباسلة إبان حرب أكتوبر، بأن مصر نفذت حرب الاستنزاف لتحريك جمود الموقف السياسي لاسترداد الأراضي المحتلة، لكن الوضع شهد حالة "لا سلم ولا حرب"!..
ما استدعى تنفيذ عملية هجومية لتحريك جمود الموقف السياسي، وهو ما تمت دراسته على أعلى مستويات الكفاءة الممكنة، وصولاً لتحقيق النصر..
إن أبناء القوات المسلحة المصرية الباسلة حاليًا هم امتداد طبيعي لـ"جيل أكتوبر"، وقادرين على تأمين حدود الدولة المصرية، والأمن القومي المصري ضد أي تهديد قد يستهدف الدولة على مختلف الاتجاهات الاستراتيجية للدولة..
لقد جاء الإفصاح عن تلك الوثائق في هذا التوقيت الذي تواجه مصر فيه تهديدات متنامية على اتجاهاتها الاستراتيجية المختلفة؛ حيث تؤكد الوثائق للقاصي والداني أن مصر تمتلك مؤسسة عسكرية عريقة، وبأعلى درجات الكفاءة القتالية، فضلا عن وجود عقول وكفاءات تخطيطية وتدريبية على أعلى مستوى وفي كافة التخصصات، ليكون الجيش المصري قادر على الوفاء بمهامه المقدسة بحماية الأمن القومي المصري، وردع من تسول له نفسه المساس بأمننا القومي..
إن الإجراءات التي تقوم بها القوات المسلحة لتأمين الدولة على مختلف الاتجاهات هي إجراءات ممتازة، وتنفذ باحترافية شديدة، وذلك في وقت عصيب؛ فلأول مرة تجد دولة مهددة من كل الاتجاهات الاستراتيجية، مثل ليبيا، والتي نؤمن حدود بطول قرابة 1200 كيلو متر معها...
وهناك انقسامات وحالة عدم استقرار وحرب دائرة في السودان حاليا، فضلا عن حالة توتر وتواجد لقوات أجنبية في البحر الأحمر، فضلا عن التهديدات في الاتجاه الاستراتيجي الشمالي الشرقي..
إن المواطن بل الشعب المصري كله لدبه الثقة التامة في القيادة السياسية للدولة، وفي القوات المسلحة، والذين يقومون بجهد عظيم أمام دولة تواجه تحديات وتهديدات على اتجاهاتها الاستراتيجية المختلفة، وتعمل على تأمين ثرواتها في البحرين الأبيض والمتوسط..