يتعلق بالصوم جملة من المبطلات، والتي يترتب عليها القضاء أو الكفارة، وفي غضون السياق التالي نستعرض تفاصيل ذلك، طبقاً للمذاهب الفقهية.
جملة مبطلات الصوم
- الأكل والشرب عمداً: فإن أكل أو شرب ناسياً، أو مخطئاً، أو مكرهاً، فلا قضاء عليه ولا كفارة، لقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"من نسي وهو صائم فأكل أو شرب فليتم صومه؛ فإنما أطعمه الله وسقاه".
- القيء عمداً: فإن غلبه القيء فلا قضاء عليه ولا كفارة، وقد ورد عنه -صلى الله عليه وسلم-:" من ذرعَهُ القيءُ فليس عليه قضاءٌ، ومن استقاءَ عمداً فليقضِ".
- الحيض والنفاس: ولو في اللحظة الاخيرة، قبل غروب الشمس، وهذا مما أجمع العلماء عليه.
- الاستمناء: سواء، أكان سببه تقبيل الرجل لزوجته أو ضمها إليه، أو كان باليد، فهذا يبطل الصوم، ويوجب القضاء.
فإن كان سببه مجرد النظر، أو الفكر، فإنه مثل الاحتلام نهاراً في الصيام لا يبطل الصوم، ولا يجب فيه شئ، وكذلك المذي، لا يؤثر في الصوم، قل، أو كثر.
- تناول ما لا يتغذى به، من المنفذ المعتاد، إلى الجوف، مثل تعاطي الملح الكثير، فهذا يفطر في قول عامة أهل العلم.
- ومن نوى الفطر - وهو صائم - بطل صومه، وإن لم يتناول مفطراً، فإن النية ركن من أركان الصيام، فإذا نقضها، قاصداً الفطر ومعتمدا له، انتقض صيامه لا محالة.
- ماذا إن أكل أو شرب أو جامع ظاناً غروب الشمس أو عدم طلوع الفجر فبان خلاف ذلك؟
العلماء في ذلك على مذهبان:المذهب الأول قال به، أبوحنيفة ومالك وأحمد...، وجب عليه القضاء، وأقاموا على ذلك الأدلة منها قول الله تعالى:{حَتَّى يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ مِنَ الْفَجْرِ} [البقرة: 187] وهذا قد أكل في النهار، وبما رواه البيهقي "أنه سئل عن رجل تسحر وهو يرى أن عليه ليلاً وقد طلع الفجر: فقال من أكل من أول النهار فليأكل من آخره، ومعناه قد أفطر".
وروي عن أسماء بنت أبي بكر الصديق رضي الله عنهما قالت:"أَفْطَرْنَا علَى عَهْدِ النَّبيِّ صَلَّى اللهُ عليه وسلَّمَ يَومَ غَيْمٍ، ثُمَّ طَلَعَتِ الشَّمْسُ. قيلَ لِهِشَامٍ: فَأُمِرُوا بالقَضَاءِ؟ قالَ: لا بُدَّ مِن قَضَاء" رواه البخاري.
المذهب الثاني قال بصحة الصوم، وهو مذهب عروة بن الزبير والحسن البصري ومجاهد، واحتجوا بحديث رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "إن الله تجاوز عن أمتي الخطأ والنسيان وما استُكرهوا عليه"، وجميع ما سبق من المفطرات يوجب القضاء.
- أما ما يبطل الصوم ويوجب القضاء، والكفارة، فهو الجماع لاغير، عند "الجمهور" فعن أبي هريرة رضي الله عنه قال { بينما نحن جلوس عند النبي صلى الله عليه وسلم إذ جاءه رجل . فقال : يا رسول الله ، هلكت . قال : ما أهلكك ؟ قال : وقعت على امرأتي ، وأنا صائم - وفي رواية : أصبت أهلي في رمضان - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم : هل تجد رقبة تعتقها ؟ قال : لا . قال : فهل تستطيع أن تصوم شهرين متتابعين ؟ قال : لا . قال : فهل تجد إطعام ستين مسكينا ؟ قال : لا . قال : فمكث النبي صلى الله عليه وسلم فبينا نحن على ذلك أتي النبي صلى الله عليه وسلم بعرق فيه تمر - والعرق : المكتل - قال : أين السائل ؟ قال : أنا . قال : خذ هذا ، فتصدق به . فقال الرجل : على أفقر مني : يا رسول الله ؟ فوالله ما بين لابتيها - يريد الحرتين - أهل بيت أفقر من أهل بيتي . فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى بدت أنيابه . ثم قال : أطعمه أهلك}.
ومذهب الجمهور في ذلك، أن المرأة، والرجل سواء، في وجوب الكفارة عليهما ما داما قد تعمدا الجماع، مختارين، في نهار رمضان ناويين الصيام.
فإن وقع الجماع نسياناً، أو لم يكونا مختارين، بأن أكرها عليه، أو لم يكونا ناويين الصيام، فلا كفارة على واحد منهما، فإن أكرهت المرأة من الرجل، أو كانت مفطرة لعذر وجبت الكفارة عليه دونها.
فيما ذهب الشافعي، أن لا كفارة على المرأة مطلقاً، لافي حالة الاختيار، ولافي حالة الاكراه، وإنما يلزمها القضاء فقط.