تميز العصر الإسلامي بغزارة عمائره الدينية، والتي أساسها بيوت الله المساجد، والجوامع، وسُمّيت المساجد بهذا الاسم : باعتبارها مكان للسجود، والمكان الذي أعد للصلاة فيه على الدوام، ويطلق على المسجد هذه التسمية إذا كان صغير الحجم، وهو مكان مهيئ للصلوات الخمس، أمّا إذا كان كبير الحجم فيُسمى جامعًا ، لأنه علامة لاجتماع عدد كبير من الناس للصلاة فيه وكذلك لإقامة صلاة الجمعة فيه أيضا، ويُقال لكل جامع مسجد، وليس كل مسجد جامع.

ونستعرض معكم عبر بوابة «دار الهلال» خلال شهر رمضان الكريم، يوميًا، مساجد وجوامع تاريخية، وسنلقي الضوء على الجوامع التاريخية  في مصر بشكل عام ومدينة القاهرة التي عرفت بمدينة الألف مأذنة بشكل خاص، ونستكمل في اليوم الرابع من رمضان 1445 هـ،  في جولة مع «جامع الحاكم بأمر الله » بالقاهرة.

بني جامع الحاكم بأمر الله خارج باب الفتوح أحد أبواب القاهرة ، وأول من أسسه أمير المؤمنين العزيز بالله، وخطب فيه وصلى بالناس صلاة الجمعة ثم أكمله ابنه الحاكم بأمر الله، فعندما وسع أمير الجيوش بدر الجمالي القاهرة وجعل أبوابها حيث هي اليوم، أصبح الجامع يقع داخل القاهرة.

أطلق على جامع الحاكم بأمر الله أكثر من أسم، فسمي بجامع الخطبة، وجامع الأنور، واليوم يعرف باسمه الحالي.

حدثت ترميمات وإصلاحات في جامع الحاكم بأمر الله سنه 703 هجري نتيجة حدوث زلزال في القاهرة عام 702 وكان من نتائجة تصدع وتهدم الكثير من مبان المدينة ومنها الجامع كذلك، فقد سقط الكثير من دعامات التي فيه و تصدعت أعالي المئذنتين  وكذلك جدرانه، حينها قام ركن الدين بيبرس بترميم ماتهدم منه وإعادة ما سقط من الدعامات، وأقام سقوف الجامع من جديد و أعاد تجديد دهاناته حتى عاد جديدا وأوقف له عدة أوقاف بناحية الجيزة وفي الصعيد والإسكندرية، كما حفر صهريجا بصحن الجامع ليملأ في كل سنة من ماء النيل وليسقى منه الناس يوم الجمعة .

تألف جامع الحاكم بأمر الله من الداخل من صحن مستطيل مستعرض، تحيط به أربعة ظلات أكبرها ظلة القبلة الرئيسية، وكان يوجد في الجامع ثلاثة عشر مدخلا ، ونميزت ثلاثة مداخل منهم بالبروز وهو من التأثيرات المغربية على العمارة الفاطمية بمصر،

وتوجد للجامع مئذنتين تحتلان ركني الجامع، وهما محيطان بمعطف"غلاف" حجري ، وذلك لتدعيم المئذنتين بعد اتمامهما خوفا من سقوطهما.

وذكر بعض المؤرخون تشابه جامع الحاكم بأمر الله مع جامع أحمد بن طولون، وذلك من حيث كبر مساحتة، كثرة أبوابة، إلا أن أبواب الجامع أكثر منه ، كما تميز الجامع بمداخله الثلاثةالبارزة والتي سبق ظهورها في الجامع الأموي بدمشق.