السبت 27 ابريل 2024

فلاسفة الإسلام | سلطان العشق الإلهي جلال الدين الرومي ( 8_ 30 )

جلال الدين الرومي

ثقافة19-3-2024 | 14:37

إسلام علي

تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.

ومع بوابة «دار الهلال» نقدم  خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنعرض إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة وتوضيح كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في  تاريخ الحضارة الإسلامية.

ورحلتنا اليوم مع "سلطان العشق الإلهي"  كما كان يلقب  وهو جلال الدين الرومي.

عرف  جلال الدين الرومي بفيلسوف المتصوفة، وأعماله ترجمت إلى العديد من اللغات، و إستحدث الموسيقى والرقص وأدخلها في العبادة، اسمه محمد بن محمد بن حسين بهاء الدين البخاري الشهير بمولانا " جلال الدين الرومي"  .

ولد في مدينة بلخ  في أفغانستان   عام 604 هجريا وعرف الرومي مثل غيره من المتصوفة المسلمين باحترام جميع العقائد واعتبر أن الناس متساوون أمام الله .

ورأي أن الحب الإلهي هو الطريق الوحيد للوصول إلي الخالق، ولذلك تأسست فلسفته علي "الحب والعشق الإلهي" وكان الحب الإلهي بالنسبة له هو الذي خلق منه الكون، وكامل مخلوقاته واليه ترجع المخلوقات عن طريق حبها في الفناء في خالقها " أي العودة و المكوث في جنته " واشتياقها له وتنتهج المخلوقات ذلك النهج بسبب إحساسها بالعذاب والهموم بعد انفصالها عنه.  

نظريته في فلسفة وحدة الوجود

وحدة الوجود 
تعتبر من أهم نظرياته في الفلسفة والتصوف، فرأي الرومي الكون كله تجلي لله وأن كل ما في الكون هو الله ، وأن الله هو الكون وأن جميع المخلوقات بذلك هي تمثل وحدة داخل العالم و تتماشي هذه الفلسفة مع  الآية القرانية " الله نور السماوات والأرض " و " الله لا إله إلا هو الحي القيوم " .

و اتفقت بذلك أفكار "الرومي" الفيلسوف المسلم "مع فلاسفة الدين المسيحي مثل  القديس ديونيسيوس الأريوباغي "الذي اعتبر أن الكون تجلي صريح للإله، وأن الله متجاوز لفهم الإنسان، بالإضافة إلي القديس " غريغوريوس النيصي " الذي أكد علي وحدة الوجود وأن الله هو الوجود الأسمي .

فلسفته في التصوف 

الكمال الإنساني
يري الرومي أن الإنسان يمكنه الوصول إلي " الكمال "  وذلك لن يحدث إلا عن طريق الإندماج مع الله، عندما يتعلق الإنسان بالحب الإلهي ويتحدد مع الله يمكنه بشكل مباشر الاتحاد.

وعد التأمل والتخلص من الأنانية  وممارسة التصوف من أهم المفاتيح للوصول إلي الكمال، وكان الوصول إلي الكمال من ثلاث مراحل،اولها كان الشريعة وهي اتباع كافة الأخلاق التي تنص عليها الدين ، ثم الطريقة، وهي اختيار طريقة من الطرق الصوفية ، ثم الحقيقة وهي نتيجة لإنضمام الإنسانإلى طريقة من الطرق الصوفية وهي تساعده الي الوصول للكمال عن طريق مرشد روحي يدعي" شيخ الطريقة وبذلك يصل الإنسان إلى السعادة الأبدية. 

و أن هناك فلاسفة مسيحيون اتبعوا هذا النهج وأكدوا عل ىأن السعادة الإنسانية تأتي بتحقيق الكمال بالاتحاد مع الله عن طريق الأخلاق والفضائل وكان من ضمنهم "القديس إغناطيوس دي لويولا "و " القديس توما الأكويني " و" القديس أغسطينوس" مما يؤكد ان الفلسفة يؤدي اتباعها الي وحدة الأديان بلا تفرقة . 

الموسيقي 
اعتبر الرومي أن الهدف الرئيسي للإنسان هو الوصول إلي الوحدة مع الله،  ونتيجة لذلك كان عليه إيجاد طريقة لتوصيل الإنسان للإندماج مع إلهه ولو لفترة قصيرة وكان ذلك عن طريق الموسيقي التي اعتبرها لغة تخاطب مراكز محددة في العقل والروح الإنساني و، اذ كانت موسيقاه تكسر حواجز الأنانية وغيرها من الصفات الدنيئة في النفس الإنسانية التي تعيقها عن الوحدة مع الله  وفي النهاية تصل بالإنسان إلى أرقى مراحل الوعي وبالتالي يتحد بالله ، فضلا عن أنه رأى أن الموسيقي تقرب بين الناس وتوحد القلوب التي هي في الإصل قبل الخلق كانت موحدة في داخل  "ذات الله". 


وتأثر العديد من الموسيقيين عبر التاريخ بموسيقاه،  في الوقت نفسه، كان هناك قديسات سلكوا نفس المنهج هذا في العبادات، و تعاملوا مع الموسيقي على أنها مثل المرشد الروحي  إلى الله والاندماج الكامل معه وقاموا بتأليف الموسيقي و الأغاني مثل"  القديسة تريزا من أفيلا " و " القديس فرنسيس الأسيزي "  .

رأي الرومي بفلسفته العميقة للأشياء أن الشمس حاضرة في هذا العالم وهي بذلك تمثل الحب الإلهي، لأنها تنير العالم كله كمثل النور  الذي ينير قلوب المؤمنين. 


وعلى الجانب الآخر، يري الرومي السعادة والنشوة والتي يسعي الإنسان لها، لهذا السبب اعتبر الرقص هو يساعد للوصول الي هذه المشاعر ولكن ليس اي نوع من الرقص بل الرقص بقواعد صوفية منضبطة . 

توفي  جلال الدن الرومي  عام 672 هجريا في مدينة قونية بتركيا بعد أن خلدت أعماله مثل " مثنوي معنوي و الرباعيات " في ذاكرة الإنسانية عبر العصور .

Dr.Randa
Dr.Radwa