أوجب الله علينا الصيام في شهر رمضان، حيث قال {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ} [البقرة: 183] .
وورد في السنة قول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"بُنِيَ الْإِسْلَامُ عَلَى خَمْسٍ"، وَذَكَرَ فِيهَا الصَّوْمَ. وَقَوْلِهِ لِلْأَعْرَابِيِّ: "وَصِيَامُ شَهْرِ رَمَضَانَ، قَالَ: هَلْ عَلَيَّ غَيْرُهَا؟ قَالَ: لَا إِلَّا أَنْ تَطَّوَّعَ".
ويجب الصوم في الإسلام على كل بالغ عاقل، وهذا إِذَا لَمْ تَكُنْ فِيهِ الصِّفَةُ الْمَانِعَةُ مِنَ الصَّوْمِ، وَهَذَا لَا خِلَافَ فِيهِ لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {فَمَنْ شَهِدَ مِنْكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ} [البقرة: 185] .
وجاء في السنة النبوية جملة من الأحاديث التي رهبت من الفطر في رمضان، فعن ابن عباس رضي الله عنهما: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " عرى الاسلام، وقواعد الدين ثلاثة، عليهن أسس الاسلام، من ترك واحدة منهن، فهو بها كافر حلال الدم: شهادة أن لا إله إلا الله، والصلاة المكتوبة، وصوم رمضان " رواه أبو يعلى، والديلمي، وصححه الذهبي.
وعن أبي هريرة، أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "من أفطر يوما من رمضان، في غير رخصة رخصها الله له لم يقض عنه صيام الدهر كله، وإن صامه".
قال الذهبي:"وعند المؤمنين مقرر أن من ترك صوم رمضان بلا مرض، أنه شر من الزاني، ومدمن الخمر، بل يشكون في إسلامه، ويظنون به الزندقة، والانحلال".
من يرخص لهم الفطر ويجب عليهما القضاء؟
يباح الفطر للمريض الذي يرجى برؤه، والمسافر، ويجب عليهما القضاء، قال تعالى:{فَمَنْ كَانَ مِنْكُمْ مَرِيضًا أَوْ عَلَى سَفَرٍ فَعِدَّةٌ مِنْ أَيَّامٍ أُخَرَ}.
وما جاء عن معاذ:"إن الله تعالى فرض على النبي صلى الله عليه وسلم الصيام، فأنزل : ( يا أيها الذين آمنوا كتب عليكم الصيام كما كتب على الذين من قبلكم)إلى قوله : ( وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين) فكان من شاء صام، ومن شاء أطعم مسكينا، فأجزأ ذلك عنه. ثم إن الله عز وجل أنزل الآية الأخرى : (شهر رمضان الذي أنزل فيه القرآن ) إلى قوله : ( فمن شهد منكم الشهر فليصمه ) فأثبت الله صيامه على المقيم الصحيح ورخص فيه للمريض والمسافر، وثبت الإطعام للكبير الذي لا يستطيع الصيام".
والمرض المبيح للفطر، هو المرض الشديد الذي يزيد بالصوم، أو يخشى تأخر برئه، وإذا صام المريض، وتحمل المشقة، صح صومه، إلا أنه يكره له ذلك لاعراضه عن الرخصة التي يحبها الله، وقد يلحقه بذلك ضرر.
قال حمزة الأسلمي:"يا رَسولَ اللهِ، أَجِدُ بي قُوَّةً علَى الصِّيَامِ في السَّفَرِ، فَهلْ عَلَيَّ جُنَاحٌ؟ فَقالَ رَسولُ اللهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلَّمَ: هي رُخْصَةٌ مِنَ اللهِ، فمَن أَخَذَ بهَا، فَحَسَنٌ وَمَن أَحَبَّ أَنْ يَصُومَ فلا جُنَاحَ عليه"، رواه مسلم.
أيهم أفضل للمسافر من صام أو من أفطر؟
في رأي أبو حنيفة، والشافعي، ومالك: أن الصيام أفضل، لمن قوي عليه، والفطر أفضل لمن لا يقوى على الصيام، وعند أحمد الفطر أفضل.
وقال عمر بن عبد العزيز: "أفضلهما أيسرهما، فمن يسهل عليه حينئذ، ويشق عليه قضاؤه بعد ذلك، فالصوم في حقه أفضل".