تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية  وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.

ونقدم خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية،  سنوضح إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة فضلا عن كيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية. 

"ابن طفيل" هو عالم وفيلسوف وسياسي فضلا عن أنه كان طبيبا للخليفة أبي يعقوب يوسف بن عبد المؤمن، الحاكم الأموي بالأندلس  ولد في وادي آش بالقرب من غرناطة باسبانيا  من عام 502 هجريا.

وصف بأبرز الفلاسفة في العصر الذهبي للحضارة الإسلامية الذي امتد من القرن ال 8 الي 14 هجريا .

لم يصل ألينا إلا مرجع واحد فقط من اعمال بن طفيل الفلسفية وكان يحتوي علي كامل أفكاره الوجودية وقام بوضعها في هيئة قصصية لأجل ان تكون مادة سهلة الفهم  للعوام. وسوف نستلخص  من هذا الكتاب أهم النظريات التي توصل أليها بين طفيل..

حيث يعتبر كتاب "حي بن يقظان" من أعماله الاستثنائية والتي أثرت علي فلاسفة الشرق والغرب، فكانت قصة الكتاب عن رجل يدعي حي بن يقظان الذي ولد وعاش في جزيرة  منعزلة عن الناس، وبدأ هذا الرجل في طفولته في تلك الجزيرة فبدأ تدريجيا في اكتشاف النار و تعليم الصيد و الزراعة، وعن طريق الطبيعة حوله تعلم أسرار الوجود العميقة بدون معلم.

ومن خلال هذه القصة يوصل إلينا "بن طفيل" علي أننا قادرون للوصول للمعرفة الحقيقية عن طريق الإلهام من الطبيعة والعقل بدون إي تعليم مسبق، ومن هنا يمكننا أن نستخدم البحث العقلي في اكتشاف أعماق الوجود فضلا عن الدين. لذلك سمي بطل القصة حي " اي الحي " يقظان " اي اليقظ العقل " .

وفي ذلك الكتاب، ادخل الفيلسوف " بن طفيل "  فلسفته العميقة في قالب قصصي لكي تسهل كمادة فهم علي العامة، ايقن بطل القصة " بن يقظان" أن كل فعل لابد له من محدث وتوصل أن الأفعال ليست من ذوات الأشياء، فاستنتج  أن هناك شيء ما خارجي يجعل الأشياء في الطبيعة تنتقل من حال إلي حالة أخري، و لجأ في النهاية إلي الحواس المادية لكي يعرف من هو المسبب لذلك،  فبدأ في مراقبة الكواكب والنجوم فتوصل عن طريق مراقبة الطبيعة بدون معلم إلي نظريات فلسفية عن علم الفلك.

 

واعتمدت فلسفته في كتابه علي أن السعادة تتحقق من دوام مشاهدة الكون والطبيعة من حول الإنسان وكان "بن يقظان" يخاف من أن يحدث انقطاع في استمرار مشاهدته للإجرام السماوية والطبيعة حوله من كائنات، فإذا حدث انقطاع فسوف يقع في الشقاء والألم والمقصود هو سقوطه في هموم العالم المادي.

 

وفي النهاية يصل بن يقظان إلي أن الإنسان خلق لغاية إسمي من وجوده المادي وايقن أنه يمتلك جوهر روحيا أعلي من الكواكب والنجوم وأعتبره أطهر جزء  في الإنسان وهو غير قابل للفساد كسائر الأعضاء والذي بإمكانه الوصول إلي النورانية.

 

الوحدة مع الكون

 

وهي تستند على القصة السابقة لحي بن يقظان، لأجل الوصول إلى الاتحاد مع الكون فكان هناك مراحل متنوعة لبلوغ ذلك، أولها عن طريق الاعتماد على العقل والفطرة والابتعاد عن التقاليد والعلوم الدنيوية يمكن للإنسان تجاوز الوعي الوجودي، ثانيا عن طريق التأمل العقلي والروحي يمكن للإنسان الوصول إلى حالة من الوعي تمكنه من الاندماج مع الكون المحيط بنا ويصبح عقله مثل جهاز استقبال للمعلومات عن طريق الإلهام ثم يحدث اندماج مع الكون نتيجة للتأمل العميق في كافة مظاهر الطبيعة حولنا، وأخيرا يمكن في النهاية الاتحاد مع الذات الإلهية وحينها نشعر بالرضا والسعادة الحقيقية.

 

 توفي ابن طفيل في عام 581 هجريا بمراكش.