شدد فضيلة الإمام الأكبر الدكتور أحمد الطيب شيخ الأزهر على أن ما يحدث في غزة يهدِّد بهدم جهود التواصل والتقارب التي بدأناها منذ سنوات ومحاولات التقريب بين الشرق والغرب، مشيرا إلى أن ردود فعل المجتمع الدولي تجاه العدوان على غزة جاءت محبطة ومخيبة للآمال من مجلس الأمن والمجتمع الدولي، على عكس الشعوب، فقد رأينا إنصافًا كبيرًا من الشعوب الغربية والأمريكية، وحتى من بعض اليهود المنصفين الذين خرجوا للمطالبة بوقف العدوان على غزة.
جاء ذلك خلال استقبال شيخ الأزهر الشريف، اليوم الأحد بمشيخة الأزهر، أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، يرافقه السيد "فيليب لازاريني" مفوض عام وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا"، و "إلينا بانوفا" المنسقة المقيمة للأمم المتحدة في مصر؛ حيث ناقش الطرفان مستجدات الأوضاع في غزة.
ورحَّب فضيلة الإمام الأكبر بـ جوتيريش في رحاب الأزهر الشريف، مشيدًا بمواقفه الشجاعة في نصرة الحق الفلسطيني ودعم العدالة وحقوق الإنسان في غزة ومواقفه الواضحة لتحذير العالم من مخاطر هذا العدوان، وما قامت به منظمة الأونروا التابعة للأمم المتحدة من جهودٍ كبيرةٍ تجاه اللاجئين والفارين من نيران العدوان.
وقال فضيلته "تابعنا خطواتكم الشجاعة وكلماتكم المنصفة في مختلف المحافل الدولية وما تعرضتم له من ضغوطات ومواقف صعبة وأنتم تدافعون عن العدالة والحق الفلسطيني، وأؤكد لكم أننا في الأزهر الشريف؛ علماء وأساتذة وطلابًا ومنتسبين، ندعم مواقفكم ولن نتخلى عن دعمكم، ونعلم جيدًا أنكم تشعرون بما نشعر به من ألم وحزن ولا نملك سوى التعلق بالمولى عزَّ وجلَّ، وأنتم بمواقفكم ومواقف أمثالكم من القادة والحكماء المنصفين تمثلون بريق أمل لحماية المستضعفين والمظلومين في غزة".
وأكد شيخ الأزهر أن العالم يسير في اتجاه خاطئ بلا قواعد إنسانية أو ضوابط أخلاقية، مشددًا أنه إذا استمر الوضع الحالي فسنرى تفشِّيًا غير مسبوقٍ للجريمة والكراهية والدمار والحروب وأعمال العنف، وستنتقل هذه العدوى من مناطق الصراع إلى كل دول العالم، وسيصل تأثيرها إلى الغرب وأمريكا، ولذا علينا جميعًا الاتحاد والتضامن لوقف شلالات الدماء البرئية التي تنتهك في كل ساعة.
من جانبه، قال الأمين العام للأمم المتحدة، "إنه لشرفٌ كبيرٌ لي أن التقي بفضيلتكم وأن اعبر لكم عن تقديري لجهودكم الدائمة في تعزيز السلام والتضامن، أنتم مثالا يحتذى به للجميع، وأود أن أنقل لفضيلتكم تقديرنا للأزهر الشريف باعتباره صوتا قويا مدافعا وداعما للشعب الفلسطيني، وإصرارنا على ممارسة الضغط على المجتمع الدولي حتى يتم احترام حقوق الفلسطينيين وتقليل معاناتهم.
وأضاف أنه زار بالأمس معبر رفح لتوجيه رسالة بضرورة وقف العدوان وأن يضطلع المجتمع الدولي بمهامه بالقرارات وليس بمجرد الكلمات، ورأيت على الجانب الآخر من المعبر الفلسطينيين وهم يعاون أشد المعاناة من نقص في الطعام والشراب وانتشار لشتى أنواع الأمراض المعدية، علينا جميعًا أن نسلط الضوء على هذه المعاناة ووقفها بشكل فوري، إنها مسؤوليتنا جميعا".
وأشار جوتيريش أنه اجتمع بالأمس مع مسئولين لعدد من المؤسسات والمنظمات الدولية، واستمع لقصص كثيرة حول ما يحدث في قطاع غزة، مشيرًا إلى أن بعض المسئولين حكى له أنه طيلة فترة عمله ولمدة تجاوزت ٢٥ عامًا في مناطق النزاع والحروب حول العالم، لم يرَ هذا الحجم من الدمار والمعاناة والعنف الذي رآه في غزة.
وأكد جوتريريش أنَّ الإسلاموفوبيا تطوَّرت بشكل ملحوظ، وأصبحت من أكثر أشكال التمييز والكراهية انتشارًا، وساعد على ذلك التطور التكنولوجي الحديث، مشيرًا إلى أن العالم الآن يشهد حالة من الكراهية والعنف هي الأكبر على الإطلاق، مستشهدًا بالوضع في السودان وغزة وأوكرانيا وأجزاء متفرقة في إفريقيا، قائلا: "أنا لا أتذكر حقبة زمنية أكثر خطورة مما نعيشه الآن" مشددًا على استمراره في دعم العدالة في غزة، ولن يستطيع أحد أن يكتم صوته أو يخرسه.
وفي نهاية اللقاء، أهدى فضيلة الإمام الأكبر السيد أنطونيو جوتيريش، درع مجلس حكماء المسلمين؛ تقديرًا من الأزهر ومن كل حكماء العالم الإسلامي لمواقفه الشجاعة تجاه الفلسطينيين الأبرياء في غزة، وكذا مواقفه في مكافحة الإسلاموفوبيا وظاهرة العداء للإسلام.