ذلك الحدث الثقافي الفريد الذي ينبض بالحياة في قلب صعيد مصر كان سببًا في إحياء الفنون المسرحية في هذه المنطقة العريضة، حيث لعب مسرح الجنوب دورًا محوريًا في تعزيز قوة مصر الناعمة كدولة لها تاريخ وثقافة عريقة، مما ساعد على بناء جسور التواصل بين الشعوب المختلفة وتبادل الخبرات والتجارب بين الفنانين المصريين والفنانين من مختلف دول العالم.
هذا التنوع الثقافي هو أحد أهم سمات المهرجان، حيث شاركت العديد من الدول العربية بعروضها المسرحية من (فلسطين والأردن وتونس و الجزائر والمغرب وسلطنة عمان والعراق والسودان والجزائر والبحرين )، هذا بالإضافة الى مشاركة عدد من الدول الأجنبية (اسبانيا ورومانيا والهند).
يضم المهرجان باقة متنوعة من الفعاليات التي تلبى احتياجات جميع الاذواق من عروض مسرحية تناقش عدد من القضايا الاجتماعية، فقد تناولت العروض المسرحية قضايا المرأة العربية بدايةً من قضايا العنف ضد المرأة والتمييز بين الجنسين الى مشكلات الحياة الزوجية والخيانة ، وتناول قضايا الثأر كما في العرض المصرى "الوابور" و قضية الصراع بين العائلات كما في العرض المصري "جبخانة" ، والحروب وأثارها النفسية والاجتماعية والسياسية كما في العرض العراقي "طقوس الحطب" و"الشهداء لا يدخلون الجنة" ،وناقش قضية صراع الأجيال كما في عرض سلطنة عمان "على قارعة النسيان".
ولم يغفل المهرجان دوره في المشاركة المجتمعية والتنمية لأهالي الصعيد من خلال مشاركتهم للعيد القومي بمحافظة قنا وتقديم عدد من الفعاليات الثقافية والفنية في القرى والنجوع والمستشفيات ودور الرعاية على مدار أيام المهرجان.
هذا بالإضافة الى الدور البارز الذي قدمه المهرجان في تحقيق التبادل الثقافي من خلال الندوات وورش العمل التي تهدف الى تبادل الخبرات بين المسرحيين من مختلف أنحاء مصر والعالم والتعرف على أحدث الاتجاهات في المسرح العالمي.
ودعم المهرجان فكرة توطيد العلاقات الاجتماعية بين أعضاء الفرق المشاركة باختلاف جنسياتهم من خلال تنظيم رحلات للتعرف على المعالم السياحية بصعيد مصر.
فبالرغم من أن المهرجان مدته ستة أيام فقط إلا أنه قدم وجبة ثقافية دسمة لأهلنا بالصعيد، هذا النجاح الذي حققه المهرجان يدل على اهتمام الدولة المصرية بالثقافة والفنون ورغبتها في تنمية وتطوير الحركة المسرحية في صعيد مصر.
ويتوقع أن يستمر مهرجان مسرح الجنوب في النمو والتطور خلال السنوات القادمة، ومع نمو البنية التحتية في الجنوب وزيادة الدعم الحكومي ودعم القطاع الخاص، سيصبح المهرجان حدثًا ثقافيا هامًا على المستوى الدولي ينتظره محبي المسرح في مصر والعالم العربي.