الأحد 28 ابريل 2024

حكايات «كليلة ودمنة».. قصة «كما تدين تدان» (19ـ 30)

كل

ثقافة29-3-2024 | 14:08

أروى أحمد

«كليلة ودمنة» هو من أشهر الكتب بالعالم التي تقدم عالما كبيرا من  الحكايات والكتاب يضم  مجموعة من القصص المتنوعة، التي ترجمها عبد الله بن المقفع من الفارسية إلى اللغة العربية في العصر العباسي وتحديدا في القرن الثاني الهجري، وكتبه بأسلوبه الأدبي، وقد أجمع عدد كبير من الباحثين على أن الكتاب يعود للتراث الهندي، وتمت ترجمته في البداية إلى اللغة الفارسية ثم إلى اللغة العربية، وسبب نشأته جاءت من رغبة ملك هندي يدعى دبشليم بتعلم خلاصة الحكم بأسلوب مسلي فطلب من حكيمه بيدبا أن يؤلف له هذا الكتاب.    

وكان للنسخة العربية من «كليلة ودمنة»  دورًا رئيسيًا ومهما في انتشاره ونقله إلى لغات العالم، ويصنفه النقاد العرب القدامى في الطبقة الأولى من کتب العرب، ويرون أنه أحد الكتب الأربعة المميزة إلى جانب كتب أخرى، وهو يحتوي على خمسة فصول تضم خمسة عشر بابًا رئيسيًا يتناول قصص تراثية للإنسان على لسان الحيوانات.  

وتقدم  بوابة «دار الهلال» لقرائها طوال شهر رمضان المبارك 1445 هجريا، من كتاب «كليلة ودمنة» كل يوم قصة،  وسنستكمل سلسلة الحكايات بقصة اليوم والتي بعنوان «كما تدين تدان».

وجاء بالقصة: زعموا أن لبؤة كانت في غيضة، ولهما شبلان، وأنها خرجت قي طلب الصيد وخلفتهما في كهفهما، فمرّ بهما إسوار فحمل عليهما ورماهما فقتلهما، وسلخ جلديهما فاحتقبهما، وانصرف بهما إلى منزله، ثم إنها رجعت، فلما رأت ما حلّ بهما من الأمر الفظيع اضطربت ظهراً لبطن وصاحت وضجّت.

وكان إلى جانبها ابن آوى، فلما سمع ذلك من صياحها قال لها: ما هذا الذي تصنعين؟ وما نزل بك؟ فأخبريني به.

قالت اللبؤة: شبلاي مرّ بهما إسوار فقتلهما، وسلخ جلديهما فاحتقبهما، ونبذهما بالعراء.

قال لها ابن آوى: لا تضجِّي وأنصفي من نفسك، واعلمي أن هذا الأسوار لم يأت إليك شيئاً إلا وقد كنت تفعلين بغيرك مثله، وتأتين إلى غير واحد مثل ذلك، ممن كان يجد بحميمه ومن يعز عليه مثل ما تجدين بشبليك. فاصبري على فعل غيرك كما صبر غيرك على فعلك: فإنه قد قيل: كما تدين تدان. ولكل عمل ثمرة من الثواب والعقاب، وهما على قدره في الكثرة والقلة، كالزرع إذا حضر الحصاد أعطى على حسب بذره.

قالت اللبؤة: بين لي ما تقول، وأفصح لي عن إشارته.

قال ابن آوى : كم أتى لك من العمر؟

قالت اللبؤة: مائة سنة.

قال ابن آوى: ما كان قوتك؟

قالت اللبؤة: لحم الوحش.

قال ابن آوي: من كان يطعمك إياه؟

قالت اللبؤة: كنت أصيد الوحش وآكله.

 قال ابن آوي : أرأيت الوحش التي كنت تأكلين، أما كان لها آباء وأمهات؟

 قالت: بلى.

 قال: فما بالي لا أرى ولا أسمع لتلك الآباء والأمهات من الجزع والضجيج ما أرى وأسمع لك؟ أما أنه لم ينزل بك ما نزل إلا لسوء نظرك في العواقب وقلة تفكيرك فيها، وجهالتك بما يرجع عليك من ضرها.

 فلما سمعت اللبؤة ذلك من كلام ابن آوى عرفت أن ذلك مما جنت على نفسها، وأن عملها كان جورا وظلماً، فتركت الصيد، وانصرفت عن أكل اللحم إلى الثمار والمسك والعبادة.  

 

Dr.Randa
Dr.Radwa