تحل علينا اليوم 19 رمضان، ذكرى رحيل الشيخ حسنين مخلوف، مفتى الديار المصرية سابقاً وأحد أعلام الأزهر الشريف، والذي أفنى حياته في خدمة دينه داخل مصر وخارجها، إذ امتدت رحلاته إلى كثير من البلاد العربية ليؤدي رسالة العلم، ويلقي دروسه.
الشيخ حسنين مخلوف
ولد العلامة الشيخ حسنين محمد حسنين مخلوف، في حي باب الفتوح بالقاهرة في 16 رمضان 1307 هـ، الموافق 6 مايو 1890م، وكانت أسرة الشيخ أسرة علميَّة عريقة؛ فوالده فضيلة الشيخ محمد حسنين مخلوف، أحد أعلام الأزهر.
نشأ مخلوف في جو علمي محض، فمنذ الصغر تعاهده أبوه بالتهذيب والتعليم، فأتمَّ حفظ القرآن الكريم في العاشرة من عمره على يد الشيخ محمد علي خلف الحسيني شيخ المقارئ المصريَّة.
وبعد حفظ القرآن الكريم وجهه أبوه لحفظ المتون، فحفظ بعض متون التجويد والقراءات، والنحو، وعلوم الحديث، والفقه، والمواريث، والمنطق، والتوحيد، وغيرها من متون العلم المشهورة، وكان والده يعده من خلال ذلك للإلتحاق بالأزهر الشريف.
وبالفعل التحق بالأزهر وهو في 11 من عمره، وتلقى العلم على كبار علمائه وشيوخه، منهم والده، والشيخ عبد الله دراز، والعلَّامة الشيخ يوسف الدجوي، والعلَّامة الشيخ محمد بخيت المطيعي، والشيخ علي إدريس العدوي.
أراد الشيخ، التعمق في العلوم الشرعيَّة والعلوم الحديثة، فالتحق بالقسم العالي بمدرسة القضاء الشرعي التي كانت تابعة للأزهر- آنذاك - فدرس بها أربع سنوات، حصل بعدها على الشهادة العالميَّة عام 1914.
وبعد حصول الشيخ حسنين مخلوف على الشهادة العالميَّة باشر التدريس، فأخذ يلقي دروسه في الأزهر متبرعًا لمدة عامين، ثم انتقل الشيخ بعد ذلك إلى ساحات القضاء، حيث عُيِّنَ قاضياً بالمحاكم الشرعيَّة، إلى أن أصبح نائباً للمحكمة العليا الشرعيَّة سنة 1944.
وخلال عمله القضائي، أسهم مخلوف في المشروعات الإصلاحيَّة مثل: قانون إصلاح المحاكم الشرعيَّة، وقانون المجالس الحسبيَّة، ومحاكم الطوائف المحليَّة.
وفي عام 1946، تولى الشيخ منصب الإفتاء حتى عام 1950، أما في الأزهر، فقد نال عضويَّة كبار العلماء عام 1949، ضمن ستة من علماء الأزهر الشريف إلى جواره.
وفي أعقاب ذلك، عمل الشيخ رئيساً للجنة الفتوى بالأزهر الشريف مدة طويلة، كما اختير عضواً بمجمع البحوث الإسلاميَّة بالأزهر، وتولى رئاسة جمعيَّة البحوث الإسلاميَّة بالأزهر، كما تولى رئاسة جمعيَّة النهوض بالدعوة الإسلاميَّة، وكان عضواً مؤسساً لرابطة العالم الإسلامي بالمملكة العربيَّة السعوديَّة، وشارك في تأسيس الجامعة الإسلاميَّة بالمدينة المنورة، واختير في مجلس القضاء الأعلى بالسعوديَّة.
من ناحية أخرى، أثرى مخلوف المكتبة الإسلامية بالعديد من المؤلفات كان أبرزها كتابين عن القرآن الكريم، هما:"كلمات القرآن وتفسير البيان، صفوة البيان لمعاني القرآن".
ويتميز الكتاب الأول بأنه تفسير لما يحتاج إلى توضيح وبيان من كلمات القرآن الكريم، حيث يوضح الكتاب معاني الآيات، ويُعينُ على فهم الآيات التي هي فيها.
وفاة الشيخ
طالت الحياة بالشيخ حسنين مخلوف إلى أن تجاوز المئة عام، قضاها في خدمة دينه حتى لقي ربه في 19 من رمضان 1410هـ، الموافق 15 من أبريل 1990م.
كان الشيخ محل تقدير واحترام لسعة علمه وشدته في الحق، وكانت الأوساط العلمية والرسمية تنظر إليه بعين التقدير لجلائل أعماله في الدعوة والقضاء والإفتاء، فمُنح كسوة التشريفة العلمية مرتين: الأولى حين كان رئيسًا لمحكمة طنطا، والأخرى وهو في منصب الإفتاء.
وكُتِبَ في جوانب من علم الشيخ رسائل علمية، منها رسالة بعنوان: "الشيخ حسنين محمد مخلوف مفسراً" حصل بها باحث من لبنان على درجة الماجستير من إحدى جامعاتها.