بعد انتظار ومنع من الشرطة، تمكن إبراهيم أبو أحمد وشهد بشارة وهما مواطنان فلسطينيان في إسرائيل من التظاهر للمطالبة بوقف الحرب على غزة في مدينة شفا عمرو العربية في شمال إسرائيل.
فمنذ هجوم حركة حماس غير المسبوق داخل إسرائيل في السابع من أكتوبر، بدأ للمرة الأولى قبل أسابيع السماح بتنظيم تظاهرات في المنطقة حيث يعيش جزء كبير من الفلسطينيين في إسرائيل حيث يشكلون 21% من السكان.
الجمعة، تمكنت شهد بشارة من التعبير عن "تضامنها مع سكان غزة" من شفا عمرو على بعد 160 كيلومترا من القطاع الفلسطيني الذي تفرضه عليه إسرائيل "حصارا تاما" منذ هجوم حماس.
وقالت الطبيبة البالغة 30 عاما "مُنعنا من التعبير عن تضامننا" حتى الآن مؤكدة "لا يمكن لإنسانيتنا المشتركة أن تقبل الأزمة الإنسانية في غزة، والمذابح في غزة. ودعونا بالطبع لا ننسى الرهائن الذين ما زالوا محتجزين في غزة".
وأضافت بشارة "منذ 7 أكتوبر، يتعرض المجتمع الفلسطيني في إسرائيل لقمع شديد للغاية من السلطات، ولم نتمكن من التعبير عن تضامننا مع سكان غزة، مع الشعب الفلسطيني في غزة. وقد بذلنا مؤخرا الكثير من الجهود من أجل الحصول على تصريح من الشرطة لتنظيم مثل هذه التظاهرات".
وأدى هجوم 7 أكتوبر إلى مقتل أكثر من 1160 شخصا على الجانب الإسرائيلي وتم احتجاز 250 شخصا رهائن ونقلوا إلى غزة.
وأدت الحرب التي تشنها إسرائيل في قطاع غزة ردا على الهجوم إلى مقتل أكثر من 32600 شخص حتى الآن، غالبيتهم من النساء والأطفال، بحسب وزارة الصحة التابعة لحركة حماس.
الجمعة، لم يكن عدد المتظاهرين كبيرا، فقد بلغ وفق أقصى تقدير 150 شخصا. وسار الموكب الصغير الذي ضم أيضا يهودا من حركات منادية بالسلام، تحت شعار "وحده السلام يجلب الأمن".
وهتف المتظاهرون أثناء سيرهم في الشارع الرئيسي للمدينة الواقعة على تلة في الجليل، "سلام، حرية، عدالة اجتماعية" وكذلك "حرية، حرية لفلسطين الأبية".
تقدمت سيارة شرطة المسيرة التي استقبلتها ابتسامات السكان الذين بدوا متفاجئين.
في الأسبوع الماضي، تظاهر مئات في بلدة مجد الكروم بمبادرة من منظمة عربية للمطالبة بـ"وقف الحرب".
في المقابل، اضطر متظاهرون في نوفمبر إلى التراجع عن تنظيم مسيرة في إحدى البلدات العربية، بسبب عدم موافقة الشرطة، وهو قرار أيده القضاء. وحذّر قائد الشرطة الإسرائيلية كوبي شبتاي في رسالة عبر تطبيق تيك توك قائلا "نرحب بأي شخص يريد التماهي مع غزة. سأضعه في حافلة تنقله إلى هناك الآن".
من جهتها، قالت هيام طنوس في كلمة ألقتها بالعبرية "نتفهم آلام شعبنا، الفلسطينيين، وألم أصدقائنا الإسرائيليين، ومستقبل الشعبين يهمنا".
وقال إبراهيم أبو أحمد (31 عاما) وهو ناشط "سياسي ومن أجل السلام"، هنا "نذكّر بما حدث في 7 أكتوبر. ونقول أيضا إن مجتمعنا تضرر".
يصف الشاب نفسه بأنه "إسرائيلي فلسطيني" ويرفض عبارة "عربي إسرائيلي" المستخدمة في إسرائيل، معتبرا أنها "تنكر الكثير من عناصر هويتنا. والمشكلة هي أن مصطلح "فلسطيني" يُقدم (في إسرائيل) باعتباره مصطلحا سياسيا، وليس معبرا عن شعب. لكننا هذا الشعب".
بالنسبة لأبو أحمد "يجب أن نوقف هذا النزاع تماما إلى الأبد"، مضيفا "نحن الحل للنزاع، الوحيدين الذين يعيشون كلا الواقعين، الذين يتحدثون اللغتين"، داعيا إلى تقرير المصير وتغيير الحكومة على الجانبين، وتأسيس حزب يهودي–عربي حقيقي في إسرائيلي يتبنى أهدافا مشتركة.
وقد وثق مركز "مساواة" غير الحكومي زيادة في "التمييز المنهجي" ضد المواطنين العرب في إسرائيل منذ بدء الحرب: اعتقالات بعد نشر آيات من القرآن أو رسائل تضامن على الشبكات الاجتماعية، وهجمات في الجامعات، تمييز في العمل، منع التظاهرات في البلدات العربية الفلسطينية...
لكن في الأسابيع الأخيرة "سجلت حالات أقل"، ويعود ذلك جزئيا إلى اتخاذ المركز إجراءات قانونية في الكثير من الحالات، بحسب ما أوضح مديره العام جعفر فرح لوكالة فرانس برس مؤكدا أن الشرطة لم تعد تتعامل مع التحقيقات المتعلقة بحرية التعبير من دون إشراف قضائي.
وأشار فرح إلى أن من بين 350 شخصا أوقفوا، لا يزال 140 ملاحقين قانونيا. وسجل المركز غير الحكومي نحو عشرين حالة اعتقال يوميا عند بدء الحرب، وبات يسجل عددا قليلا أسبوعيا.
وختم إبراهيم أبو أحمد "اليوم، كان العرب واليهود معا في مدينة عربية، وهذه رسالة قوية جدا".