الإثنين 29 ابريل 2024

المسجد النبوى (3) فضل زيارة مسجد الرسول

صورة أرشيفية

1-4-2024 | 02:01

بقلـم: د. عزيزة الصيفى
كنت متعبة من كثرة الأعمال المطلوب تنفيذها، فقمت بطلب تأجيل مقالى الأسبوعى فى رمضان عن المسجد النبوى، وإذا بى أرى رؤيا جعلتنى أستفيق وأقرر تأجيل كل عمل وأن أتفرغ للمقال، وخاصة أنه عن فضل زيارة المسجد النبوى، رأيت المسجد أمامى وهاتف يهتف بى، أن أكتب المقال، خاصة أنه عن فضل المسجد النبوى، وانبثقت الأنوار من كل مكان وكأنى أراه رأى العين، رأيت أن أحكى هذه الرؤيا وأعتذر عن تقصيرى، وأقول: إن النفوس المؤمنة لتهفو دائمًا إلى رؤية المسجد النبوى والتبرك بوجودها فى حضرة رسول الله صلى الله عليه وسلم والشعور بالأنس والراحة فى رحابه، ويُفضل كثير من الحجاج والمعتمرين زيارته، والتبرك به. المسجد الكائن فى المدينة المنورة، موطن هجرة النبى صلى الله عليه وسلم ومثواه، وإنه لمن خير الأماكن التى تُشد إليه الرحال، كما قال عليه الصلاة والسلام: «لا تُشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد، المسجد الحرام، ومسجدى هذا، والمسجد الأقصى”، وقد رأى بعض المفسرين أن قوله تعالى “لَا تَقُمْ فِيهِ أَبَدًا لَّمَسْجِدٌ أُسِّسَ عَلَى التَّقْوَى مِنْ أول يَوْمٍ أَحَقُّ أَن تَقُومَ فِيهِ فِيهِ رِجَالٌ يُحِبُّونَ أَن يَتَطَهَّرُوا وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُطَّهِّرِينَ”، يقصد به المسجد النبوي، الذى شُرع شد الرحال إليه. ومن فضائل المسجد، أولا: أن الرسول صلى الله عليه وسلم شارك فى بنائه بيديه الشريفتين. ثانيًا: أنه مسجد أُسس على التقوى. ثالثًا؛ أنه أكبر مسجد فى العالم من حيث المساحة. رابعًا: أنه ثالث مسجد تُشد إليه الرحال بعد الحرم المكى، والمسجد الأقصى. خامسًا: أن الصلاة فيه تعادل ألف صلاة. سادسًا أن به الروضة الشريفة التى قال عنها الرسول صلى الله عليه وسلم: “ما بين بيتى ومنبرى روضة من رياض الجنة”. سابعًا: أنه من أتى إليه ليتعلم علمًا أو ليعلمه كان كالمجاهد فى سبيل الله: قال صلى الله عليه وسلم “من جاء مسجدى هذا لم يأته إلا لخير يتعلمه، أو يعلمه فهو بمنزلة المجاهد فى سبيل الله، ومن جاءه لغير ذلك فهو بمنزلة الرجل ينظر إلى متاع غيره”. ثامنًا: والزائر الذى يذهب إلى المدينة المنورة للصلاة فى مسجد النبى صلى الله عليه وسلم تعد الصلاة فيه خيرًا من الصلاة فيما سواه، إلا المسجد الحرام. وإذا كانت زيارة المسجد النبوى ليست شرطًا، أو واجبًا فى الحج، وليست من مناسك الحج، إلا أنها مستحبة فى أى وقت طوال العام، لأهل المدينة ولكل من ييسر له الله الوصول إلى بلاد الحرمين الشريفين. وعندما يصل الزائر إلى المسجد النبوى يقدم رجله اليمنى عند الدخول، ويذكر الله ويصلى على نبيه صلى الله عليه وسلم، ويسأل الله تعالى أن يفتح له أبواب رحمته قائلًا”: أعوذ بالله العظيم ووجهه الكريم وسلطانه القديم من الشيطان الرجيم، اللهم افتح لى أبواب رحمتك”، ويفضل هذا الدعاء عند دخول جميع المساجد. وبعد الوضوء والدخول فى المسجد النبوى يبدأ بالصلاة ركعتين تحية المسجد، ويكون محظوظًا لو كانت الصلاة فى الروضة. ثم يتوجه إلى قبر النبى صلى الله عليه وسلم، ويبدأ بالسلام عليه صلى الله عليه وسلم، ويقول: “السلام عليك أيها النبى ورحمة الله وبركاته اللهم آته الوسيلة والفضيلة وابعثه المقام المحمود الذى وعدته، اللهم أجزه عن أمته أفضل الجزاء». ويقول أيضًا “السلامُ عليك يا أبا الْقَاسِمِ، السلاَمُ عليكَ يا رَسُولَ رب العالمينَ، السلامُ عليك يا سيدَ المُرْسَلينَ ويا خاتَم النَّبيين، السلامُ عليكَ يا خيرَ الخَلائِقِ أجْمَعينَ، السلامُ عليك يا قائد الغُر المُحَجَّلينَ، السَّلامُ عليكَ وَعَلى آلِكَ وأهْلِ بَيْتِكَ وأزواجِكَ وذُريتِكَ وأصحابِكَ أجمعين”، ثم يبدأ بالدعاء، ثم يتحول إلى يمينه قليلًا ويقف أمام قبر أبى بكر الصديق رضى الله عنه فيسلم عليه ويدعو له بالرحمة والمغفرة والرضوان، ثم يتحول قليلًا مرة أخرى إلى يمينه ويقف أمام قبر عمر بن الخطاب رضى الله عنه فيسلم عليه ويدعو له بالرحمة والمغفرة والرضوان. وقد نجد بعض الزائرين للمسجد النبوى يقومون بتصرفات تعد من البدع التى لا أصل لها ولم يفعلها الصحابة رضوان الله عليهم، ومن هذه الأخطاء التمسح بشباك الحجرة، وبجوانب المسجد، واستقبال القبر عند الدعاء، والصواب استقبال القبلة عند الدعاء. ويجوز للزائرين زيارة قبور أهل البقيع وفيها العديد من الصحابة ومنهم الخليفة الثالث عثمان بن عفان رضى الله عنه. وكذلك زيارة قبور شهداء غزوة أحد، ومنهم سيد الشهداء حمزة بن عبدالمطلب، ويسلمون عليهم ويدعون لهم كما علم النبى صلى الله عليه وسلم أصحابه أن يقولوا عند زيارة القبور «السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين والمسلمين وإنا إن شاء الله بكم لاحقون نسأل الله لنا ولكم العافية». وقد شهد المسجد النبوى عدة توسعات ليستوعب الأعداد المتزايدة من الزوار والمقيمين فى المدينة، فعندما كثر عدد المسلمين نتيجة للفتوحات الإسلامية، واتساع رقعة الدولة الإسلامية، قام الخليفة عمر بن الخطاب بتوسعة المسجد قائلاً “إنى أريد أن أزيد فى المسجد، ولولا أنى سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: “ينبغى أن يُزاد المسجد ما زدتُ فيه شيئًا”، فكانت أول توسعة للمسجد النبوى منذ بنائه فى عهد النبى صلى الله عليه وسلم، فأبوبكر الصديق لم يزد على مساحة المسجد شيئًا، ربما لأنه كان منشغلاً بالأحداث التى نتجت بعد وفاة الرسول، ثم توالت التوسعات فى العصور المتتابعة، حتى بلغت تسع توسعات، ليستوعب آلاف الزائرين. وكلمة أخيرة عن فضل زيارة المسجد النبوى أن كل من زار المسجد النبوى يشعر بالراحة والطمأنينة كلما جلس فى جنباته، يشعر بالسلام والهدوء النفسى، وأقول ذلك عن تجربة، وكذلك من شهادات الزائرين.