الخميس 28 نوفمبر 2024

السينما‭ ‬امرأة

  • 25-2-2017 | 20:03

طباعة

بقلم : ماجدة محمود

موعد جديد مع زيارة  ثالثة لمدينتى المفضلة أسوان «زهرة الجنوب المصرى» ذلك هو الاسم الذى تلقب به والتى يعنى اسمها باللغة النوبية «السوق»، وقد أطلق عليها هذا الاسم لكثرة أسواقها التى أقيمت بها لكونها حلقة وصل بين جنوب مصر والقارة الأفريقية السمراء.

ما يميز أسوان ليس فقط شتاؤها الدافئ ولا أثارها العظيمة الشاهدة على أمجاد الأجداد ولا سحر نيلها الذى يأخذ بالألباب وإنما قبل كل هذا طيبة أهلها التى صارت مضرب الأمثال. الموعد لم يكن لزيارة هذه المدينة فقط، وإنما للمشاركة فى مهرجان أسوان لأفلام المرأة وتحديدا منتدى «نوت» الذى يقام على هامش المهرجان والذى أشرف بالمشاركة فى جلساته للحديث عن المرأة والإعلام من خلال مايقدم عن صورة المرأة المصرية فى الدراما والسينما. والواقع يؤكد أن السينما لم تبدأ فى أى بلد فى العالم على يد امرأة إلا السينما المصرية، قد تبدو المعلومة صادمة لكنها الحقيقة المجردة التى ربما يجهلها الكثيرون, نعم فقد كانت البداية من خلال سينمائيات مصريات اجتمعن فى تصميم وعزيمة لتحقيق هدف عظيم هو أن يكون هناك فيلم مصرى مئة فى المئة، ولا شك أن هذا الهدف ارتبط بالنهضة الفكرية وإصلاح التعليم والتأثر بثورة 1919 ووجود مناخ ثقافى ساعد على مشاركة الفتاة المصرية فى الحياة الاجتماعية.. وفى ظل هذا المناخ تقدمت سيدات لعبن دورا أساسيا فى فترة مبكرة من تاريخ السينما المصرية واستطعن أن يقدمن عددا من الأفلام لم يجرؤ كثير من السينمائيين على القيام بإنتاجها.. وإن قدم هؤلاء الرجال لهن طواعية وإعزازا واحتراما كل عون ومساعدة.  من بين هؤلاء الرائدات يبرزاسم عزيزة أمير التى بدأ ميلاد صناعة السينما المصرية على يدها ، واقترن اسمها بتاريخها كمؤسسة لهذه الصناعة فى مصر والبلاد العربية بشكل عام حيث قامت بالإخراج والتأليف والانتاج، بل اعتبرت أول مخرجة سينمائية فى العالم. وعزيزة أميرهى صاحبة أول فيلم عربى، وهى أيضا أول سيدة مصرية تجرأت على اقتحام ميدان الإنتاج السينمائى بالفيلم الصامت «ليلى» الذى عرض بدار سينما «متروبول» فى السادس عشر من نوفمبر عام 1927، وأدت فيه دور البطولة، كما أخرجت عام 1929 فيلم «بنت النيل»، عن مسرحية «احسان بك»، تأليف محمد عبد القدوس. وعلى الدرب نفسه سارت فاطمة رشدى أو سارة برنارد الشرق  التى بدأت مشوارها الفنى من على خشبة المسرح ونقلها عزيز عيد كأستاذ ومعلم إلى دنيا مليئة بالمعرفة فأصبحت الممثلة الأولى لفرقة رمسيس وبطلة لمسرحيات عالمية، ثم كونت فرقة خاصة بها، وأنتجت وأخرجت فيلم «الزواج» عام 1933 ثم قامت ببطولة فيلم «الهارب» إخراج إبراهيم لاما وأدت فيه دور فتاة فلسطينية مكافحة , لكن دورها فى فيلم «العزيمة» لكمال سليم يظل دائما علامة مميزة فى تاريخها الفنى الطويل.  ولا يمكن لأى باحث فى تاريخ السينما المصرية أن يغفل دور الرائدة بهيجة حافظ التى حصلت على دبلوم فى الموسيقى ما ساعدها على أن تضع الموسيقى التصويرية لفيلمها الصامت «زينب» الذى أخرجه محمد كريم ليكون أول فيلم مصرى توضع له موسيقى تصويرية مؤلفة خصيصاً من أجله وكذلك إنتاج وإخراج فيلم «ليلى بنت الصحراء» الذى عرض للمرة الأولى عام 1937 والذى أحسن القائمون على مهرجان أسوان لأفلام المرأة اختياره للعرض فى افتتاح فعاليات المهرجان , وفى هذا الفيلم وعلاوة على القيام بدور البطولة تفوقت بهيجة حافظ فى تصميم الأزياء التاريخية للمشاركين فيه.  أيضا يزين مسيرة الرائدات اسما آسيا وابنة شقيقتها مارى كوينى حيث جاءت آسيا إلى القاهرة من لبنان وعشقت السينما فقامت بتأسيس شركة سينمائية وأنتجت أول أفلامها «غادة الصحراء»، الذى شاركتها فيه مارى كوينى بالتمثيل والمونتاج والإدارة الفنية كما  أنتجت آسيا أيضا فيلم «شجرة الدر» عام 1935 والذى يعتبر أول فيلم تاريخى مصرى،وخاضت الصعاب لإنتاج الأفلام التاريخية والوطنية ذات الميزانيات الضخمة مثل «الناصر صلاح الدين» - أول فيلم مصرى سكوب ألوان - و«رد قلبي»  وغيرهما من الأفلام التى تمثل قيمة فنية عظيمة فى تاريخ السينما المصرية الأسماء كثيرة وقائمة الرائدات طويلة ربما لا يتسع المجال لذكرها كاملة لكن إذا كان هؤلاء الرائدات قد حملن على أكتافهن عبء البدايات الصعبة وحفرن فى الصخر وبذلن الغالى والنفيس من أجل بدء صناعة السينما فى مصر فإن أخريات ساهمن بجهد عظيم فى الدفاع عن قضايا المرأة تأتى على رأسهن الراحلة الكبيرة الفنانة فاتن حمامة بأفلامها «الحرام» الذى سلط الضوء على قضية مهمة وهى تحمل المرأة العار والانتقام المجتمعى رغم كونها ليست مذنبة، وهو من إنتاج عام 1965 و«أريد حلا» عن قصة للكاتبة الصحفية حُسن شاه،  والتى كتبتها بواعز من جيهان السادات وأخرجه سعيد مرزوق وهو أحد أكثر الأفلام دلالة على دور السينما فى التعبير عن الواقع، والقدرة على تغييره، فقد كان سببًا فى تعديل قانون الأحوال الشخصية , و«الباب المفتوح» أيضًا الذى يعد واحدًا من أهم الأفلام التى ناقشت فكرة سعى المرأة للتحرر من قيود المجتمع، وفيلم «أفواه وأرانب» الذى جسد مشكلة الزيادة السكانية وتأثير كثرة الإنجاب على المرأة. كذلك قدمت المبدعة شادية فيلم «مراتى مدير عام» الذى ركز على فكرة الصراع بين الزوج والزوجة العامليْن فى نفس المجال، وشعور وتصرفات الزوج عندما يجد زوجته قد أصبحت مديرة وفى منصب أعلى منه، وبشكل كوميدى عرض الفيلم عمل المرأة وتأثير نجاحها على نفسية الزوج المصري, وفيلم «شيء من الخوف» الذى جسدت فيه  دور المرأة المقاومة الثائرة التى تتحدى ظلم السلطة المتمثلة فى عتريس فتفتح الهاويس، وتكون السبب فى ثورة أهل البلد. ويسير الجيل الثانى من الفنانات المصريات على نفس النهج فتقدم النجمة إلهام شاهين فيلم «خلطة فوزية» من إنتاج 2009 وإخراج مجدى أحمد على، الخلطة النفسية والتركيبة الشخصية للمرأة التى تتزوج أكثر من مرة وتجعل أزواجها السابقين أصدقاء يشاركونها تربية أبنائهم، وتواجه حياتها بتلك الطريقة. كما قدمت منى زكى فيلم «احكى يا شهر زاد» من إنتاج عام 2009، وإخراج يسرى نصر الله الذى تناول قضية قهر المرأة فى العالم العربي, ولا يمكن إغفال فيلم «بنتين من مصر» الذى تحدث عن مشكلات بطلاته وتحديدًا العنوسة ونظرة المجتمع لهن،  وفيلم ستة سبعة تمانية 678 الذى تناول مشكلة التحرش التى تتعرض لها الفتيات فى مصر، والتى أصبحت مشكلة منتشرة وتمثل عبئًا نفسيًّا واجتماعيًّا على الفتيات، وكانت الاستجابة سريعة بصدور قانون لتجريم التحرش. تاريخ المرأة فى صناعة السينما يدلل على أنها موجودة وبقوة منذ البدايات وحتى اليوم وإن كان قد أطل علينا هذا المهرجان بكل مايقدمه من تقدير لإنجازات العاملات فى حقل السينما فهو أيضا تتويج لهن فى ٢٠١٧ «عام المرأة المصرية».

    أخبار الساعة

    الاكثر قراءة