الإثنين 29 ابريل 2024

«المتحدة» تقدم موسماً رمضانياً متميزاً دراما تحترم العقول

صورة أرشيفية

3-4-2024 | 15:32

بقلم: أحمد أيوب
على قدر النجاح الذى حققه مسلسل «الحشاشين» وسيطرته على المزاج العام للنسبة الأكبر من المشاهدين فى الموسم الرمضانى، على قدر ما ظلم غيره من مسلسلات الموسم التى طرحتها المتحدة بتشكيلة درامية متميزة تخاطب كل الأذواق والمستويات الثقافية وتناقش الكثير من قضايا المجتمع، تراجيديا اجتماعية وكوميديا وفانتازيا وتاريخ، من حق الحشاشين أن يكون فى المقدمة، يكشف أصل أخطر كارثة يواجهها فى العصر الحديث جماعات القتل وتنظيمات الإرهاب، لكنه مسلسل متميز ضمن موسم متكامل دراميًا لا يقوم على الإثارة التى تستهوى البعض، وإنما يعتمد على الفكرة والرسالة المرتبطة بقضية مجتمعية حقيقية، دراما تلامس الواقع وتناقش هموم المجتمع وقضايا الناس بجرأة وفى الوقت نفسه بعيدًا عن مرض الإسفاف والترخص الذى ابتليت به الدراما على مدى سنوات، وكانت تأثيراتها كارثية وتسببت فى تراجعها وتركها مكانتها لدراما مستوردة، الدراما المصرية هذا العام تؤكد نفس النهج الذى بدأته المتحدة منذ سنوات، دراما جادة، لا تبيع الوهم ولا تعتمد على البلطجة ولا ترسخ أفكاراً سلبية أو قيمًا دخيلة ولا تساهم فى نشر ما يسيء للمجتمع، وإنما دراما مختارة بعناية، أفكارًا وموضوعات ونجومًا، دراما يأمن الجميع أن تدخل بيوتهم ويشاهدها أبناؤهم وبناتهم، فليس فيها خروج ولا مشاهد مسيئة ولا ألفاظ نابية، ولا دماء ولا استعراض عضلات, وإنما تقدم حكايات اجتماعية مكتملة، حتى الكوميديا فيها مبنية على أفكار تمس قصصًا فعلية فى المجتمع، والأكشن فى إطار مضمون، والاجتماعى له قضية، والتاريخى فيه رسالة، لا مط ولا تزيد ممل، بل استثمار محسوب للوقت، كل مشهد له عنوان, وكل جملة لها معنى وكل بطل له دوره ورسالته، دراما تحترم العقول ولا تتجاوز الثوابت. من «بيت الرفاعى» إلى «عتبات البهجة» و«إمبراطورية ميم» تجد المجتمع المصرى بنماذجه المختلفة وحكاياته بحلوها ومرها وضغوط الحياة بأنواعها، وصراعات الخير و الشر وأولاد البلد الجدعان، ومن «بابا جه» إلى «الكبير» و«كامل العدد» تعيش الضحكة الحقيقية البعيدة عن التدنى. وفى «مليحة» تعرف حقيقة التحدى الذى تواجهه مصر فى سبيل الدفاع عن القضية الفلسطينية، ودعم ابناءها فى تحقيق حلم العودة والتخلص من الاحتلال الاسرائيلى وجوه جديدة تبرز وتضىء، فى كل الأعمال وتفرض نفسها كنجوم للمستقبل بأداء واعد ومواهب مبشرة، النسبة الأكبر من أبطال الأعمال والمشاركين شباب، مسلسلات بطولتها بالكامل للشباب مثل «مسار إجبارى» أسماء كبيرة تعود للشاشة بثقلها وقدراتها، فنانون كانوا فى طى النسيان لسنوات طالت بسبب سطوة بعض سماسرة إنتاج الدراما أعادتهم للمتحدة إلى الحياة بكرامة واحترام ليستمتع المشاهد بأدائهم الرصين، وفنهم الراقى، جيل جديد من كتاب السيناريو يثبت أقدامه ويؤكد أن مصر ولادة وأن البلد الذى أنجب أسامة أنور عكاشة ووحيد حامد قادر على أن ينجب أمثالهم عشرات يمتلكون مواهب إبداعية تناسب العصر، قادرون على تقديم نصوص راقية فكرة وكتابة، مخرجون يمتعون ويضعون بصماتهم الفارقة على العمل، يجعلون للصورة معنى. دراما مكتملة فى صورة وجبة رمضانية خفيفة على المعدة لكنها مشبعة فى رسالتها، مؤكد أن المتحدة لا تتاجر فى الخسارة، بل تبحث عن المكسب كأى شركة إنتاج، لكنها تكسب بدراما تستحق الاحترام، تخاطب العقول وترفه عن الناس وتناقش أصعب القضايا بعقلانية، والأهم أنها لم تحتكر الساحة وحدها, بل فتحت المجال للمشاركة مع كل شركات إنتاج جادة تبحث عن الفن الحقيقى. الخلاصة أننا أمام موسم رمضانى يواصل التأكيد على أن الدراما المصرية مهما بعدت لسنوات لكنها عندما تعود فمكانها محجوز فى المقدمة، وهذا ما فعلته «المتحدة» وأعادت الدراما المصرية إلى مكانتها التى تستحقها لتعود معها القوة الناعمة المصرية.