الخميس 2 مايو 2024

أذان المغرب فى الكنيسة

نزار السيسى

3-4-2024 | 23:11

بقلـم: نزار السيسى
الإثنين 11 مارس الماضى، مشهد روحانى يتعانق فيه المصريون بمختلف أعمارهم وطبقاتهم وأفكارهم، موعد حدده رب العالمين لمناسبتين دينيتين للمسلمين والمسيحيين على السواء، فى مصر المحروسة، حيث تزامن بدء صوم شهر رمضان مع بدء الصوم الكبير، والذى يمتد لـ 55 يومًا ينتهى بليلة عيد القيامة المجيد فى مايو المقبل.. وهذا يعكس تقليدًا قديمًا فى مصر، حيث يتوقف الجميع عن الأكل والشرب والكلام خلال ساعات الصيام، والتى تجعل الجميع يشاركون فى تجربة الصوم والتأمل والتقرب إلى الله.. ولهذا التقليد القدرة على أن يعزز التلاحم بين المسلمين والمسيحيين فى مصر، إذ إن الصوم هو أحد التقاليد المشتركة بين الإسلام والمسيحية، وتذكر الأديان الإبراهيمية المشتركة بأن الصوم هو وسيلة لتطهير النفس وتحقيق الروحانية والتواضع أمام الله.. ومن حسن حظى أن أكون أحد المدعوين فى ‎إفطار المحبة، الذى أقامته كنيسة من أعرق الكنائس المصرية «الكنيسة الإنجيلية»، لأرى بأم عينى تلك المبادرة الهادفة لتعزيز الصلة بين جميع أفراد المجتمع المصرى بغض النظر عن العقائد الدينية التي ينتمون إليها. فجميعنا انتظر أذان صلاة المغرب لنتقاسم ونتشارك نفس الخبز ونفس الماء، دقيقة بدايتها تعزيز الوئام والتفاهم بين جميع أفراد المجتمع، وتعزيز قيم التعايش والتعددية الثقافية والدينية.. كلنا سعينا جاهدين إلى بث روح المحبة والسلام بين جميع أطياف المجتمع المصري. وللمجتمع المصرى طبائع لو تعلمون عظيمة، «مينا» يهنئ «محمد» بعيد الفطر المبارك، وفاطمة تزور «ماريا» فى عيد الميلاد المجيد لتقدم لها طبق حلوى من صنع يديها.. هذه هى مصر يا سادة.. إن مثل هذه التجمعات التى اعتادت الكنائس المصرية بمختلف مذاهبها فى شهر رمضان المبارك، على إقامتها سنويًا، إنما هى المعدن الحقيقى للمواطنة على أرض المحروسة. والقيادة السياسية فى مصر، متمثلة فى الرئيس عبدالفتاح السيسى، تعى تماما كم للنسيج المصرى من خصوصية شديدة، فحين تقرر إنشاء عاصمة جديدة تم وضع الكنيسة والمسجد كلبنة أولى للعاصمة الجديدة، فهنا كاتدرائية ميلاد المسيح، وكذلك مسجد الفتاح العليم، جميعها دور عبادة، فالدين لله والوطن للجميع، ومصر وطن يفتح قلبه للجميع، مصر «هلال يحضن صليبًا».