تعد الفلسفة الإسلامية من أرقى أنواع العلوم الإنسانية، حيث تعتبر بوابة لفهم حقائق غير ظاهرة في مختلف الميادين العلمية، ويعتبر الفلاسفة المسلمون «الفلسفة» هي العلم الذي تميز به الأنبياء للوصول إلى مرحلة اليقين في المعرفة الإلهية وقام علماء الفلسفة المسلمين بتوظيف قوانين الفلسفة في استكشاف حقائق الأمور في جميع ميادين المعرفة.
ونقدم خلال 30 يومًا من شهر رمضان 1445 هجرية، إسهامات هؤلاء الفلاسفة في ميدان الفلسفة وكيفية ربطها بالعلوم الأخرى، في رحلة مع أبرز علماء الفلسفة في تاريخ الحضارة الإسلامية.
يعد الأشاعرة من أبرز الفرق الفلسفية واللاهوتية التي أثرت على الساحة الدينية في تاريخ الحضارة الإسلامية قاطبة.
أسسها الإمام أبو الحسن الأشعري في القرن الثالث الهجري تحديدا في سنة 260هجريا.
إهتمت هذه الجماعة بفهم العقيدة الإسلامية بشكل صحيح, لكي يقوموا بتقديم الحجج والبراهين علي صحة الدين الإسلامي ضد المتشكيين. ومن ضمن أهم علمائها: الإمام النووي, الفخر الرازي, ابن تيمية وابن القيم.
نشر الأشاعرة أفكارهم التي من أهمها: رفض فكرة الإرادة المطلقة للإنسان, و أهمية التحاور مع أصحاب كافة الأديان الأخرى.
وقد أثاروا جدلا حول بعض الأفكار مثل تعريفهم للإيمان وهو التصديق بالقلب واللسان وليس بالأعمال الصالحة, وأنها ليست شرطا لصحة إيمان العبد. وأيضا محاولتهم للتوفيق بين العقل والنقل في دراسة المسائل الدينية.
يتحدث الأشاعرة عن نظرية الكسب والتي مفادها, أن الإنسان له مطلق الإرادة في أكتساب الأفعال التي يريدها, بمعني أمتلاكه مطلق الحرية في تنفيذ الفعل الذي يريده علي الرغم من أن خالقه هو من خلق الفعل من البداية سواء كان خيرا أو شرا, وعلم الله السابق بأفعال الأنسان لا يعني أن الإنسان مجبر في أكتساب أفعاله.
وأيدوا نظريتهم علي حرية إرادة الإنسان، بامتلاكه العقل مما يدل علي مسؤوليته عن كافة ما يصدر منه.
أما نظرية الصفات, فتعتبر أهم الجوانب في عقيدتهم وفسروها بطريقة تختلف عن المذاهب والفرق الأخرى, فقسم الأشاعرة صفات الخالق إلى قسمين: صفات ذاتية وهي صفاته التي لا تتغير مثل الحياة والقدرة, أما عن الصفات الفعلية وهي الصفات الممزوجه بالأفعال مثل الخلق والرزق.
ورفض الأشاعرة فكرة التجسيم والتشببه لصفات الله بأنها لا يمكن للإنسان مقارنتها أو تشبيهها بصفات الخلق.
حدد الأشاعرة لنظرية المعرفة في البداية العديد من الاسئلة لضمان وصولهم ألى العلم الروحي الذي لا يشوبه شائبة. ومن أهمها: كيف نكتسب المعرفة, وما هي مصادر المعرفة وما هي حدودها.
فأعتمد الأشاعرة علي العقل كأداة لاكتساب المعرفة النقية، وخصصوا هذه الأداة للوصول إلى المعارف العقلية الأولية مثل معرفة صفات الله التي خلق بها الكون.
وأكد الأشاعرة على أن المعارف لها حدود بالنسبة إلى قدرة الإنسان بسبب محدودية العقل البشري.
رفض الأشاعرة نظرية التشبية بين رؤية الله تعالى ورؤية مخلوقاته بقولهم" الله تعالى يري في الأخرة ولكن لا تشبه رؤية المخلوقات له.
أيد الأشاعرة أن الكون حادث وأن لم يكن متواجدا من قبل وأن الله أوجده من العدم عن طريق صفاته، و أن الكون عبارة عن مجموعة متناغمة مع بعضها البعض من صفات الخالق من الذرة إلى المجرة.
وأختلف الأشاعرة فيما بينهم على كيفية صنع الكون، فمنهم من رأى أن الكون خلق من مادة كانت موجودة من قبل، وعلى جانب آخر رأى بعض الأشاعرة أن الكون خلق من لا شيء.
ويتركز الأشاعرة حاليا في منطقة الشرق الأوسط وجنوب شرق أسيا، و شمال افريقيا من ليبيا إلى المغرب. ومن ضمن أهم الكتب التي توضح عقائد الأشاعرة: الإبانة واللمع للإمام الأشعري، ومنهاج السنة للإمام النووي.