الأربعاء 1 مايو 2024

الطاقة أولوية رئاسية

الكاتب الصحفي غالى محمد

6-4-2024 | 02:16

بقلـم: غالى محمد
ولاية جديدة لحكم الرئيس عبدالفتاح السيسى سوف يواصل فيها بناء الدولة القوية التى تبهر العالم. بناء مصر القوية، تأسيساً على ما تم من مشروعات قومية وإنجازات للجمهورية الجديدة، خلال السنوات العشر الماضية شهدت فيها مصر من مشروعات البنية الأساسية، ما لم تشهده مصر من قبل، وما لم تشهده الكثير من الدول. تلك المشروعات التي تم بناؤها باقتدار يجنى المصريون ثمارها يومياً في حياتهم، من شبكات طرق ومحاور تنمية ومشروعات نقل خضراء، وتأمين مصادر الطاقة، وتطوير الموانئ، ومشروعات صناعية وزراعية. تلك المشروعات التى سوف تكون أساساً قوياً لمواصلة بناء الدولة القوية فى فترة الرئاسة الجديدة. ليس فقط لتبهر العالم، ولكن قبل هذا وذاك سوف تجنى الأجيال القادمة لعقود طويلة ثمارها، ولا سيما مع زيادة المساحة العمرانية من 6 فى المائة على مدى العقود والقرون الماضية إلى أكثر من 12 فى المائة الآن، بفضل مشروعات البنية الأساسية والمدن والمشروعات التى تم تنفيذها، سواء تجسد ذلك فى المشروع القومى للطرق أو فى مشروعات الاستصلاح الزراعى، أو المدن الجديدة التى يجرى إنشاؤها بدءاً من العاصمة الإدارية الجديدة، وأكثر من 30 مدينة جديدة، بدأ بناؤها فى الصحراء. نعم فترة رئاسية جديدة، تولد من رحم السنوات العشر الماضية الملهمة فى الإنجاز، والتى يجنى المصريون ثمارها الآن. وقبل هذا وذاك، أصبحت أساساً لجذب الاستثمارات الأجنبية. وخلال السنوات العشر كان تركيز الرئيس السيسى، على تحقيق الأمن القومى للطاقة بكافة مكوناته، والذى يقوى يوماً بعد يوم رغم الصدمات التى يشهدها السوق العالمى للطاقة، ورغم أزمة الدولار التى تخلصت مصر منها بشكل نهائي. ولم يكن تحقيق الأمن القومى للطاقة، ترفاً، بل كان وفق رؤية استراتيجية، للرئيس السيسى والتى تقوم على أنه لا تنمية ولا بناء لدولة قوية دون تحقيق الأمن القومى للطاقة. وتأكيداً على ذلك، كان الرئيس السيسى، يتابع كافة مشروعات الطاقة بنفسه. وهنا سوف نركز على اجتماعاته المستمرة لمشروع «حقل ظهر»، منذ لحظة اكتشافه وحتى بدء الإنتاج، وكذلك الحال فى كافة مشروعات الطاقة، سواء على مستوى قطاع البترول أو قطاع الكهرباء بما فى ذلك محطات كهرباء «سيمنز» ومصادر الطاقة الجديدة والمتجددة. والأمر المؤكد أيضاً أن الاستمرار فى تحقيق الأمن القومى للطاقة والحفاظ عليه، سوف يكون الأساس فى فترة الرئاسة الجديدة. والأمر المؤكد أن ملف الطاقة يحتاج إلى رؤى وخطط جديدة فى خلال السنوات القادمة للاستمرار فى الحفاظ على تحقيق الأمن القومى للطاقة، ولاسيما مع التوقعات الكبرى لتدفق الاستثمار الأجنبى على مصر فى فترة الرئاسة الجديدة، خاصة بعد تحرير سعر الصرف واختفاء تعدد الأسعار للدولار. نعم يتطلب الأمر أن تكون هناك رؤى وخطط جديدة لملف الطاقة على كافة مكونات سلة الطاقة فى مصر. وتأسيساً على ما تحقق فى قطاع البترول والغاز الطبيعى من إنجازات غير مسبوقة، فإن هناك توقعات قوية أن تكون هناك خطط جديدة لزيادة الإنتاج من الزيت الخام والغاز الطبيعى. بل وحدوث انطلاقة أكبر فى الاستمرار فى تنفيذ المشروعات البترولية والبتروكيماويات ومصافى ومعامل تكرير البترول. وقبل الاستطراد فى الحديث عن هذه الخطط المتوقع تنفيذها خلال فترة الرئاسة الجديدة فى قطاع البترول، ينبغى الإشارة إلى أن ذلك سوف يكون تأسيساً على ما تحقق خلال السنوات العشر الماضية. ومن أهم ذلك أن قطاع البترول قد تحول من العجز إلى الفائض لأول مرة، بفضل تطبيق سياسات الإصلاح الاقتصادى. فقد شهد عام 2018-2019 عودة قطاع البترول لأول مرة منذ سنوات طويلة لتحقيق فائض فى الميزان التجارى البترولى، بلغ حوالى 631 مليون دولار، واستمر فى الارتفاع لتصل قيمة فائض الميزان التجارى البترولى خلال عام 21 20-2022 إلى حوالى 5.1 مليار دولار. وارتفعت صادرات قطاع البترول خلال عام 2022 لتصل إلى 18.3 مليار دولار مقابل 13 مليار دولار خلال عام 2021 وزيادة نسبتها 41 فى المائة. ويعود ذلك بصورة أساسية إلى ارتفاع قيمة صادرات مصر من الغاز الطبيعى المسال خلال عام 2022 لتحقق 9.9 مليار دولار مقابل 3.9 مليار دولار خلال عام 2021 بنسبة زيادة 154 فى المائة. تحقيق معدلات نمو غير مسبوقة لقطاعى الغاز الطبيعى وتكرير البترول، حيث نجح قطاع البترول فى تحويل معدل نمو قطاع الغاز خلال الأعوام السابقة من -11 إلى +25 فى المائة فى ظل تحقيق الاكتفاء الذاتى للبلاد من الغاز واستئناف التصدير، كما بلغ معدل نمو قطاع التكرير حوالى 25 فى المائة عام 2019 - 2020. كما شهدت الفترة من يوليو 2014 حتى يونيو 2023، تنفيذ العديد من المشروعات فى قطاع البترول والغاز «مشروعات منفذة وجارية» باستثمارات 62 مليار دولار. باختصار، ما تحقق فى قطاع البترول خلال السنوات العشر الماضية من حكم الرئيس السيسي، يدعو إلى أن تشهد فترة الرئاسة الجديدة، ما هو أكثر من ذلك لتوفير الوقود البترولى من زيت خام وغاز طبيعى بمعدلات أكبر لمواجهة زيادة تدفق الاستثمار الأجنبى فى الصناعة، ولمواجهة احتياجات المشروعات العمرانية الجديدة، خاصة مع تنفيذ مشروع «رأس الحكمة» وغيره من المشروعات الكبرى المنتظرة. وإذا كان المهندس طارق الملا وزير البترول والثروة المعدنية، قد استطاع توقيع 120 اتفاقية جديدة مع الشركات العالمية للبحث عن البترول والغاز الطبيعى باستثمارات حدها الأدنى 23 مليار دولار ومنح توقيع 1.3 مليار دولار لحفر 452 بئرا استكشافية كحد أدنى، كما استطاع تطوير مناخ الاستثمار فى مجال البحث والاستكشاف فى اجتذاب شركات عالمية كبرى جديدة إلى مصر مثل أكسون موبيل وشيفرون وقطر للطاقة وغيرها. فإن فترة الرئاسة الجديدة، تحتاج إلى الاستمرار فى تحفيز الشركات العالمية بهدف زيادة معدلات البحث والاستكشاف وذلك لزيادة الإنتاج من الزيت الخام والغاز الطبيعى فى كافة المناطق وبخاصة فى البحر المتوسط شرق وغرب والبحر الأحمر. ويرتبط خلال فترة الرئاسة الجديدة العمل على جذب الشركات الكبرى التى تستخدم أحدث التكنولوجيات العالمية للوصول إلى تحقيق اكتشافات كبرى كما حدث فى حقل ظهر. بل من المهم فى الرؤى والخطط الجديدة، أن نتجاوز سقف حقل ظهر إلى ما هو أكثر من ذلك. وأستطيع أن أجزم أن قطاع البترول قادر على ذلك وزيادة الإنتاج من خلال تحقيق اكتشافات جديدة. ورغم تلك القدرة فإن الوقود البترولى مهما زاد إنتاجه خلال فترة الرئاسة الجديدة، لن يستطيع وحده تدبير كافة الاحتياجات من الطاقة لمواجهة احتياجات مشروعات التنمية على المدى القصير فى فترة الرئاسة الجديدة نظراً لطبيعة الصناعة البترولية والحاجة إلى فترة زمنية لتنمية الاكتشافات الجديدة، إلا إذا زاد معدل استيراد الوقود البترولى بكميات أكبر ومن ثم زيادة فاتورة الاستيراد، يزيد من الضغط على مواردنا من الدولار تحديداً. ومن ثم فالمتوقع فى فترة الرئاسة الجديدة، أن نرى رؤى وخططًا جديدة لزيادة إنتاج الكهرباء من مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة. وإذا كان الدكتور محمد شاكر وزير الكهرباء والطاقة قد صرح من قبل عن خطط لزيادة إنتاج الكهرباء من الطاقة الجديدة والمتجددة، سواء من الطاقة الشمسية أو من طاقة الرياح، فإننا أصبحنا بالفعل على أبواب متغيرات جديدة بعد تحرير سعر الصرف، وتدفق أكبر للاستثمار الأجنبى وزيادة المشروعات العقارية التى تحتاج إلى طاقة أكبر خاصة بعد مشروع رأس الحكمة ومشروعات أخرى. ومن ثم ينبغى وحسب ما تؤكده المؤشرات ستكون هناك خطط جديدة وعاجلة لجذب الاستثمارات العالمية إلى مشروعات الطاقة الجديدة والمتجددة خاصة لإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية. وأول هذه الخطط دعوة الشركات العالمية للاستثمار فى مشروعات الطاقة الشمسية ليس بهدف سد احتياجات السوق المحلى من الطاقة، ولكن بهدف التصدير لأوربا، وأن تكون مصر من أكبر منتجى ومصدرى الكهرباء الشمسية، خاصة وأن كافة التقارير العالمية تؤكد أن مصر تستطيع أن تكون من أكبر مصدرى الكهرباء الشمسية فى العالم. لأنه دون فتح سوق تصدير للكهرباء الشمسية فى فترة الرئاسة الجديدة لن تقبل الشركات العالمية على الاستثمار فى مشروعات الطاقة الشمسية بمصر. إذن فالاستمرار فى الحفاظ على تحقيق الأمن القومى للطاقة فى فترة الرئاسة الجديدة، سوف يعتمد بشكل أساسى على التوسع فى إنتاج الكهرباء من مشروعات الطاقة الشمسية وطاقة الرياح. ودون ذلك سوف تزيد فاتورة استيراد جزء من الوقود البترولى لتقفز من 2 مليار دولار إلى 4 مليارات دولار شهرياً. ولا خلاف على أن ما تحقق فى السنوات العشر الأولى من حكم الرئيس السيسى فى مشروعات الطاقة يحتم أن تكون هناك خطط ورؤى جديدة لزيادة الإنتاج المحلى من كافة مكونات سلة الطاقة، والتى يأتى فى مقدمتها إنتاج الكهرباء الشمسية. كما ينبغى التحرك من خلال الواقع الفعلى لتغيير الهدف من مساهمة الطاقة الجديدة إلى 42 فى المائة فى عام 2035 إلى أن يتحقق هذا الهدف خلال فترة الرئاسة الجديدة التى تنتهى فى 2030. أقول ذلك ليس بهدف أن مساهمة الطاقة الجديدة والمتجددة فى الواقع الآن لن تحقق الهدف المعلن حتى هدف عام 2035. ومن ثم لا بديل عن أن تشهد فترة الرئاسة الجديدة للرئيس السيسى خططاً ورؤى جديدة، قابلة للتنفيذ فوراً لجذب الاستثمارات العالمية لإنتاج الكهرباء الشمسية سواء للسوق المحلى أو للتصدير، بما فى ذلك تحفيز تلك الشركات على توطين صناعة مكونات الطاقة الشمسية فى مصر، اعتماداً على الخامات المحلية. وفى الوقت نفسه تحفيز الشركات العالمية فى البحث والاستكشاف عن الزيت الخام والغاز الطبيعى لزيادة الإنتاج المحلى. أعتقد أن ما تحقق فى السنوات العشر من حكم الرئيس السيسى يؤكد أنه يمكن تنفيذ ما هو أكثر من ذلك فى فترة الرئاسة الجديدة.