الإثنين 29 ابريل 2024

مشروع «أحمس» نقلة نوعية فى تقديم خدمات متعددة عبر منصة واحدة

صورة أرشيفية

6-4-2024 | 02:22

تقرير يكتبه: عبداللطيف حامد
الرؤية الرئاسية بعيدة النظر لدور التكنولوجيا فى خدمة المواطن دفعت الحكومة ممثلة فى وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات إلى التركيز فى استراتيجيتها على تجسيد هذا التوجه من خلال قيادة التحول الرقمى بالتنسيق مع كل الوزارات والجهات الحكومية لرقمنة خدماتها من أجل حصول المصريين عليها بسرعة ودقة مع الفصل التام بين مقدم الخدمة والمتلقين لها، مما يمنع أية مخالفات إدارية أو مالية. وفى الوقت نفسه، وضعت الوزارة خطة متكاملة فى مجال التدريب على أحدث التطورات التكنولوجية لتأهيل شبابنا لفتح فرص العمل أمامهم محليًا ودوليًا، ليكون هؤلاء المهنيون المستقلون إلى جانب قطاع التعهيد أو تقديم الخدمات الرقمية للخارج مصدرًا معتبرًا للعملة الصعبة، فضلا عن جذب الاستثمارات الأجنبية فى هذا القطاع الواعد لتوطين التصنيع التكنولوجى، لتوفير احتياجات السوق المحلى، ثم التصدير للخارج؛ تحقيقا لحلم الـ100 مليار دولار صادرات. ولا يختلف أحد من المستثمرين بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، أو العاملون به، أو حتى المتخصصين على أن هذه المنظومة تعيش عصرها الذهبى نتيجة للمساندة الرئاسية المتواصلة خلال المرحلة الأخيرة، ومن المؤكد أن هذا الدعم فى تصاعد، لأن القيادة السياسية تدرك أهمية مسايرة الركب التكنولوجى العالمي، ووضع خطة مصرية ثابتة فى كل تطور جديد لملاحقة مستجدات عصر الذكاء الاصطناعى وتوظيفه لصالح معركة البناء فى كل القطاعات، ومختلف المجالات، مع التصدى للتحديات المتتابعة التى يفرضها، والاستعداد بسيناريوهات مدروسة، تضمن تغليب المنافع على المضار، وتفوق المكاسب على الخسائر، بحكم أن لكل تكنولوجيا إيجابيات وسلبيات، ولا مناص من التعامل معها، لأنها تحدد شكل مستقبل البلاد، وترسم مصير العباد فى العواصم والبلدان. الدكتور عمرو طلعت، وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات، يترجم هذا التوجه من القيادة السياسية ويؤكد أنه منذ تولى المسئولية وضع نصب عينيه التوجيهات الرئاسية بأن تكون كل المشروعات والمبادرات التى تحتوى عليه استراتيجية إدارة القطاع، محورها الرئيسى هو المواطن، والمردود الإيجابى الذى سيعود عليه، خاصة أن الرئيس السيسى لا يكتفى فقط بالتعليمات الشفهية، بل يترجمها بلغة الأفعال، كما حدث خلال مشاركته فى تدشين منصة مصر الرقمية، كسابقة هى الأولى من نوعها أن يفتتح رئيس الجمهورية منصة إلكترونية، لأنه أراد إثبات أنها نقلة نوعية فى طريقة أداء الحكومة، وقدرتها على تقديم الخدمات للمواطنين بأسلوب محدث وميسر، والأهم أن هذا النظام يضمن أن أى مواطن مهما كان موقعه الجغرافى أو مستواه التعليمى يستطيع الاستفادة من تلك الخدمات المميكنة، سواء كان قادرا على التعامل مع التكنولوجيا من خلال المنصة أو تطبيقها الإلكترونى، أو بشكل غير مباشر عن طريق مكاتب البريد المنتشرة فى كل المناطق، إلى جانب إمكانية الاتصال بالرقم 15999، وبمرور الوقت أثبتت الوقائع صحة هذا المسار، بدليل أن الإقبال على المنصة للحصول على الخدمات المميكنة فى تزايد، وأيضا ارتفع عددها من 32 خدمة إلى 165 خدمة حكومية الآن، مع مواصلة العمل على إطلاق مجموعة جديدة خلال المرحلة المقبلة. مشروع «أحمس» وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يكشف أيضا أن هذا النهج فى تسخير التكنولوجيا لخدمة المواطن الذى تسير عليه الدولة سيستمر بوتيرة أسرع فى المستقبل، والمثال الواضح هو مشروع «أحمس»، لأنه يستهدف تقديم خدمات متعددة تشترك فيها جهات حكومية مختلفة من خلال منصة واحدة بدلا من وجود منصة لكل وزارة، من الأحوال المدنية، إلى التعليم والصحة والعمل، وحتى المعاشات والتصرفات العقارية، بتصنيف كل هذه الأحداث الحياتية للمواطن مع تقسيم كل الخدمات الحكومية المرتبطة بها إلى نحو 12 منصة، وبالفعل تعاقدنا مؤخرا على أول منصتين؛ هما الحماية الاجتماعية ليكون عليها كل ما يتعلق بهذا الملف رغم تعدد الجهات التى ترتبط به مثل وزارات التضامن الاجتماعى والشباب والرياضة والتموين إلى جانب مؤسسات المجتمع المدني، أما المنصة الثانية فهى منصة العمل، ونعمل حاليا على تجهيز منصة ثالثة لإنشاء الشركات وجميع إجراءاتها وخطواتها لتكون عبر نافذة إلكترونية واحدة. ويلفت د. عمرو طلعت إلى أن محور التدريب فى استراتيجية قطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات يرفع لافتة «المواطن أولا» تنفيذًا للتوجيهات الرئاسية، لأن الوزارة تستثمر فيه كوسيلة وليس مجرد غاية، من خلال تتابع المبادرات والبرامج لتأهيل أكبر عدد من شبابنا حتى يصبحوا قادرين على المنافسة فى سوق العمل فى القرن الحادى والعشرين، فلم يعد هذا الأمر محليًا فقط بل دولى نتيجة للتطور التكنولوجى الذى سمح بوجود سباق شرس على الوظائف بين الباحثين عنها بلا حواجز أو عوائق عبر شبكة الإنترنت، وبالتالى يمكن لأى شاب مصرى أن ينافس على وظيفة فى دولة أو قارة أخرى، وهكذا غير المصريين، والأولوية لصاحب الكفاءة والقدرة، ومن هنا ركزت الوزارة منذ 2018 على هذا البعد بالتوسع فى خطة التدريب ومبادرات التأهيل من أجل توفير الكوادر التكنولوجية المطلوبة فى كل القطاعات الحكومية ضمن مشروعات التحول الرقمى، بالإضافة إلى فرص العمل المتاحة فى الشركات الخاصة والناشئة محليا، وفى الوقت نفسه المنافسة على الوظائف خارجيا فى المجال التكنولوجي، مع إدراك أهمية مواكبة التكنولوجيات الحديثة مثل أدوات الذكاء الاصطناعى التوليدى، وليس التوقف عند محطة البرمجة التقليدية، وأيضا الشمول فى منظومة التدريب، بحيث تصل المشروعات التدريبية إلى كل المحافظات، وتمتد من المدن إلى القرى، ونتج عن هذه السياسة المدروسة ارتفاع عدد الشباب المتدربين من 4 آلاف متدرب منذ 4 سنوات إلى أكثر من 400 ألف متدرب الآن، وأحدث مبادرتين هما: منصة مهارة «تك» التى تتيح التدريب لكل شاب يرغب فى الالتحاق بمجال تكنولوجيا المعلومات حسب التخصص الذى يريده أو يناسبه. ويرى أن النجاح فى محور التدريب ساهم فى جعل قطاع تكنولوجيا المعلومات لا يقتصر دوره على تقديم خدمات الاتصالات ومشاركة الجهات الحكومية فى مشروعات التحول الرقمى لتوفير خدمات مرقمنة للمواطنين فقط، بل تحول إلى قطاع إنتاجى له بصمة فى زيادة إيرادات العملة الصعبة من بوابة تصدير الخدمات الرقمية عن طريق المهنيين المستقلين من الشباب، الذين تخرجوا فى الدورات التدريبية وانطلقوا فى المنافسة على الوظائف التكنولوجية خارج مصر من بيوتهم أو شركاتهم الناشئة، وتتراوح مكاسب الواحد منهم من 500 دولار إلى 2000 دولار شهريا. أما بالنسبة لملف التعهيد أو تقديم الخدمات الرقمية لخارج مصر، فقد ساهمت خطة التأهيل للشباب فى توفير الكوادر اللازمة للعمل فى نحو 85 مركز تعهيد بمعدل 60 ألف فرصة عمل فى عدة محافظات منها القاهرة والإسكندرية وأسيوط والمنصورة، وتتراوح القدرة التصديرية للشاب الواحد فى مراكز الاتصال من 25 ألفًا 30 ألف دولار سنويا، أما فى مجال البرمجة والمشروعات الرقمية فيكون المتوسط 60 ألف دولار سنويا، بينما فى قطاع البرامج المدمجة أو تصميم الدوائر الإلكترونية تتراوح النسبة من 50 إلى 60 ألف دولار سنويا، فضلا عن الشركات الكبيرة، وهذا يفسر صعود صادرات مصر الرقمية من 4.9 مليار دولار فى 2022 إلى 6.5 مليار دولار فى 2023، والمستهدف بحلول 2026 الوصول إلى إجمالى نحو 9 مليارات دولار من مجال التعهيد والمهنيين المستقلين معا، مع زيادة عدد العاملين بقطاع الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات من 300 ألف إلى 500 ألف شخص. د. طلعت يشير إلى أن مبادرة أجيال مصر الرقمية تعد رقمًا صعبًا فى محور التدريب للتوسع فى هذا المسار بشكل مجانى ومن دون تحميل أية أعباء مالية على الأسرة المصرية، وقال د. عمرو طلعت: «علينا ألا ننسى الإنجازات التى حدثت فى مجال البنية التحتية بشقيها الثابت والمحمول، فالشركة المصرية للاتصالات قامت بدور محورى فى هذا الشأن، وبالفعل هم ملوك البنية التحتية للاتصالات فى مصر، فقد تم استثمار أكثر من 100 مليار جنيه فى الفترة من عام 2020 إلى 2022، وهذا ساهم فى رفع سرعة الإنترنت الثابت من 5.6 ميجا بايت فى الثانية إلى 65 ميجا بايت فى الثانية، أى نحو 10 أضعاف خلال قرابة 5 سنوات، وأيضا تصدرت مصر المركز الأول فى سرعة الإنترنت على مستوى قارة إفريقيا، والأهم أننا نعمل باستمرار على ثبات الخدمة ونشرها فى كل الجمهورية وليس سرعتها فقط، كما يحدث فى قرى «حياة كريمة» التى تكلفت المرحلة الأولى منها 13 مليار جنيه فى البنية التحتية، إلى جانب بدء الاستعدادات للمرحلة الثانية، وهذا ترجمة فعلية لسياسة التكنولوجيا فى خدمة المواطن كما يطالبنا الرئيس السيسى دائما». والاستثمار فى مجال البنية التحتية للاتصالات بلا توقف لأنه يحقق العدالة التكنولوجية بين أهل الريف والمدن، ويساعد فى تنفيذ استراتيجية التدريب عبر الإنترنت وفقا للنموذج الهجين المطبق بكل الدول، بحيث يتمكن الدارس من الاطلاع والقراءة عبر المنصات الإلكترونية، ثم يتواصل مع المدرب أون لاين إلى جانب الجلسات التطبيقية، ولا يمكن تحقيق ذلك من دون بنية تحتية مؤهلة لتحمل هذه المنظومة التدريبية. ويؤكد وزير الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات أن البريد المصرى كان، ومازال، حاضرا بقوة فى استراتيجية الوزارة لخدمة المواطن المصرى من خلال هيكلة دوره، حتى يتناسب مع مستجدات التطور التكنولوجى، مثل خدمة التوصيل بعائد فى إطار تنشيط التجارة الرقمية التى يستطيع فيها العميل، سواء كان شركة أو فردًا متابعة شحنته فى كل مراحلها، والاطمئنان على سلامتها، ووصولها فى الميعاد المحدد، فضلا عن أن البريد محرك رئيسى فى نشر خدمات مصر الرقمية فى كل مكاتبه المنتشرة على مستوى الجمهورية، مع التوسع فى الخدمات المالية من خلال التعاقد مع مجموعة من الشركات التى تقدم التسهيلات الائتمانية متناهية الصغر والقروض، بحيث يكون البريد هو الواجهة المعروفة للمواطن، ويقوم بالإجراءات المطلوبة لتيسير حصول المواطن على الخدمة، لكن قرار الائتمان ومخاطره تتحمله الشركة المتخصصة فى التسهيلات الائتمانية. ونظرا لثقة المواطنين فى البريد فإن عدد المكاتب ارتفع من 3400 مكتب إلى أكثر من 4600 مكتب، إلى جانب استحداث المنافذ المتحركة لمواجهة الزحام فى بعض مواسم العمل المؤقتة، كما تمت زيادة ماكينات الصراف الآلى التابعة لمكاتب البريد من 300 ماكينة إلى 2600 ماكينة لزيادة انتشار الخدمات المالية للمواطنين. ويؤكد وزير الاتصالات أن محور التصنيع الإلكترونى يحظى بدعم رئاسى متواصل، بالتركيز على معيار القيمة المضافة، لأنه من السهل جذب شركات لتجميع أجهزة لكن خطوط الإنتاج هذه يتم تركيبها خلال شهرين، ثم تغادر سريعا بقيمة مضافة لا تزيد على 15 فى المائة، ولا تساهم بنسبة مقبولة فى القدرة التصديرية، لكن عند إنشاء مشروعات تصنيع إلكترونى تتراوح فيها القيمة المضافة من 40 إلى 45 فى المائة تحقق تصنيعًا إلكترونيًا مرتفعًا، وهنا نشجع القطاع الخاص بكل السبل، ومن ثمار ذلك فى عام واحد جذب 4 شركات كبيرة هى سامسونج لكى تصنع حاسبات لوحية وهواتف محمولة، وكذلك الشركات الأخرى مثل ديفو وشاومى وبروماكس، ومنذ أسبوع تم التوقيع مع شركة تيجاس الهندية لتصنيع معدات اتصالات محلية، والمعيار هو القيمة المضافة مقرونا بالتدريب، والاستدامة والبحث والتطوير مما يخلق فرص عمل لشبابنا، ويوطن هذه الصناعة الضرورية مع زيادة معدلات التصدير، لتحقيق فائدة مزدوجة بخدمة المواطن وتقوية الاقتصاد المحلي.