الثلاثاء 30 ابريل 2024

القرار الذي لم يتخذ لوقف حرب غزة

مقالات7-4-2024 | 14:14

يعكس تاريخ الشرق الأوسط مجموعة من التوترات والصراعات الدائمة التي غالبا ما تكون في مركزها العلاقات بين إيران والولايات المتحدة، وعلى الرغم من ذلك فإن هذا الصراع يمكن أن يفهم بشكل أعمق من خلال النظر إلى الديناميات الإقليمية الأكبر وبالأخص الصراع بين إيران وإسرائيل، فإن الجدل بين إيران والولايات المتحدة قد يبدو أحيانا وكأنه صراع ثنائي ولكن الواقع أن الخلفية الحقيقية لهذا الصراع تكمن في المنافسة بين إيران وإسرائيل حيث تسعى كل منهما لتعزيز نفسها ككيان مؤثر يمكن الاعتماد عليه في حماية مصالح الغرب في المنطقة، فإسرائيل بدعم من الولايات المتحدة ترى إيران كتهديد رئيسي لأمنها القومي بينما تسعى إيران إلى توسيع نفوذها في المنطقة والتأثير في الشئون الإقليمية، ومع ذلك فإن الثقة في أي من الكيانين ككيان مؤتمن على مصالح الغرب تظل قضية محورية تحتاج إلى دراسة وتقييم دقيقين.

 لذا يتعين علينا أن ندرك أن الصراعات والتوترات في المنطقة ليست ببساطة نتيجة للصراع بين الولايات المتحدة وإيران بل هي جزء من مشهد أوسع يتضمن المنافسة بين إيران وإسرائيل على السيطرة والتأثير في المنطقة حيث تخطو إيران خطوات جريئة نحو تغيير ديناميات القوى في الشرق الأوسط وربما يكون ذلك مع ضوء ما يظهر من تطورات وتحولات سياسية عالمية وإقليمية ففي ظل الصراعات المستمرة والتوترات الإقليمية بدأت إيران تغير تركيزها الاستراتيجي نحو علاقاتها الدولية وأولوياتها الإقليمية وأظهرت إيران بتقديم تصريحات وإجراءات تشير إلى استراتيجية جديدة تركز على كسب ثقة الغرب وخاصة الولايات المتحدة بأنها شريك موثوق وحليف يمكن الاعتماد عليه في تحقيق الاستقرار في المنطقة وبالتالي أصبحت إسرائيل بموقعها الحالي تمثل عبئا على المصالح الغربية والأمريكية وهو ما يجعل إيران تستغل هذه الفرصة لتعزيز مكانتها كلاعب رئيسي في الشرق الأوسط.

ومن خلال التركيز على بناء علاقاتها مع القوى الغربية وتقديم نفسها كشريك موثوق تسعى إيران لإظهار نفسها بديلًا قويًا لإسرائيل في تحقيق الاستقرار في المنطقة بالتزامن مع ذلك تستمر إيران في تطوير قدراتها العسكرية والدبلوماسية وتوسيع نطاق تأثيرها في المنطقة وهو ما يثير تحديا كبيرًا أمام المصالح الغربية والأمريكية في الشرق الأوسط، وبالتالي فإن إيران تبدو مصممة على تغيير مسار الصراعات في المنطقة وتعزيز دورها كلاعب رئيسي وربما يكون ذلك على حساب مصالح الولايات المتحدة وإسرائيل التقليدية في المنطقة.

ويظهر التصاعد في النغمة المضادة لإسرائيل في الغرب وزيادة الضغوط على الحكومات والمؤسسات لتغيير سياستها تجاه إسرائيل أن هناك قطبا متزايدًا يفهم بأن إسرائيل قد تعتبر عبئا يجب التخلص منه ويعزى هذا الإدراك إلى عدة عوامل منها زيادة الوعي بانتهاكات حقوق الإنسان التي ترتكب ضد الفلسطينيين مثل سياسات الاستيطان وحصار قطاع غزة وقد أدت إلى تنامي الضغوط القانونية والمجتمعية على الدول الغربية لمعاقبة إسرائيل وفرض عقوبات عليها كما أن بعض القوى السياسية في الغرب تعتبر أن سياسات إسرائيل قد تعرقل جهود تحقيق السلام والاستقرار في الشرق الأوسط، وبالتالي قد يرى بعض القادة الغربيين ضرورة التخلص من هذا العبء لتحقيق أهدافهم الإقليمية والدولية.

بالإضافة إلى أن بعض الدول الغربية قد ترى أن الوفاء بمطالب الضغط الشعبي لتغيير العلاقات مع إسرائيل قد يخدم مصالحها الاقتصادية والتجارية في المنطقة لكن على أية حال فإن العلاقات الثنائية بين إسرائيل والعديد من الدول الغربية لا تزال قوية وتعتمد على مصالح مشتركة في مجالات مثل الأمن والدفاع والاقتصاد. لذلك قد يكون من الصعب تحقيق إدراك كامل لإسرائيل كعبء يجب التخلص منه في الوقت الحالي لكن هناك مؤشرات على تغير التوجهات السياسية والمجتمعية تجاهها في بعض الأوساط في الغرب.

وبلا شك فإن إنهاء الصراع الحالي في الشرق الأوسط يتطلب بالفعل تحقيق التطبيع الكامل بين الغرب وإيران وهو خطوة حاسمة في تحقيق الاستقرار في المنطقة وتحقيق حوار مفتوح يعالج القضايا الخلافية بطريقة بناءة يجب على الأطراف المعنية التخلي عن المساعي لتهديد نظام الملالي وفرض الحصار عليه وبدلًا من ذلك ينبغي التركيز على إيجاد حلول دبلوماسية للقضايا الإقليمية والدولية وبالتالي يعتبر التطبيع الكامل بين الغرب وإيران خطوة ضرورية لتحقيق السلام والاستقرار في المنطقة وسيسهم بشكل كبير في تخفيف حدة الصراعات وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي.

فالواقع يظهر أن الحرب الدائرة في الشرق الأوسط لا يمكن إيقافها بشكل نهائي دون حلول دبلوماسية شاملة ومستدامة. إيران لديها دور كبير في الاستقرار الإقليمي، وتحقيق التوازن في القوى في المنطقة يتطلب التفاوض معها ومع الأطراف الأخرى المعنية وإيران تسعى للحصول على اعتراف دولي واسع النطاق بدورها كبديل إقليمي مؤثر يمكن الاعتماد عليه في حماية مصالح الغرب في المنطقة. ومع ذلك، يجب على الأطراف المعنية أن تبحث عن حلول توافقية تلبي مصالح جميع الأطراف المعنية، وتضمن الاستقرار والسلام في المنطقة بشكل شامل بالتالي واهم من يعتقد أن الحرب يمكن إيقافها دون أن تتحقق إيران من أهدافها.

Dr.Randa
Dr.Radwa