في ربوع الصعيد المصري، حيث تتلاقح روائح التراث بعبق الطبيعة الخلابة، ولد شاعر بارع ساحر البيان، دأب على جمع آللئ الشعر العامي المصري وصونها في سفر خالد، هو عبد الرحمن الأبنودي، شاعر العامية الذي أضفى لمسات جديدة على هذا الفن الشعبي الأصيل، وأبدع في نسج قصائد تجسد مشاعر الناس البسطاء وتصور واقعهم بكل تفاصيله الدقيقة، ومن أشهر أعماله السيرة الهلالية.

تُعتبر السيرة الهلالية من أشهر أعمال الشاعر عبد الرحمن الأبنودي، التي تأثر بها منذ صغره واستلهم منها روائع شعره العامي.

في رحلة استغرقت ربع قرن من عمره، جاب الأبنودي ربوع مصر وتونس والحجاز واليمن وأنحاء الوطن العربي، محاولًا جمع التراث الشفهي والموروث الحكائي للسيرة الهلالية من شعراء الصعيد، لينشرها في مجلد واحد دون أن يؤلفها بنفسه.

بعد رحلة شاقة وبحث دؤوب، نجح الأبنودي في جمع شتات السيرة الهلالية ومسك بأطرافها، حيث تمكن من جمع النصوص والتسجيلات وإعدادها للدراسة والتحليل.

خلال رحلته، اكتشف الأبنودي عمق هذا الفن الشعبي العريق الذي استمتع الجمهور باستماعه عبر العصور، وفيه يستهل الشاعر قصة السيرة بإيراد أحلام ترتبط ارتباطًا وثيقًا بحياة جمهوره، مغلفًا إياها بغلاف ديني يضمن انتباه الكبار والصغار على حد سواء.

تتألف السيرة الهلالية من خمسة كتب رئيسية، وهي:

1- خضرة الشريفة: يتناول هذا الكتاب قصة الفارس رزق بن نايل جرامون بن عامر بن هلال، قائد الهلاليين وأميرهم، الذي أسرته خضرة بخلقه وشهامته وفروسيته رغم فارق العمر البالغ 45 عامًا بينهما.

2- أبو زيد في أرض العلامات: بعد أن قضت خضرة خمس سنوات في كنف الملك فاضل بن بيسم، يسرد هذا الكتاب ما حدث لأبي زيد في بلاد الرحلان من مجد وشآم.

3-  مقتل السلطان سرحان: يتخفى أبو زيد في ملابس شاعر رباب ويدخل قصر حنظل، حيث تكتشف عجاجة ابنة السلطان حقيقة فارس هلال فتبلغ والدها الذي يعتقل غريم بني عقيل ويقيده بالسلاسل انتظارًا لشنقه.

4-  فرس جابر العقيلي: يتناول كيف خاض أبو زيد المخاطر ليعود بفرس جابر العقيلي التي حكت عنها الأجيال، حيث يحتال الدرويش لدخول جناح الأميرة ليقرأ لها الطالع ويكاد يُكتشف.

5- أبو زيد وعالية العقيلية: يصور هذا الكتاب كيف أسرت عالية العقيلية أبا زيد بجمالها، وكيف ناضل حتى اقترن بها، ويتضمن قصة ليلة وداعه لها حيث خدر الحراس ليتمكن من امتطاء فرس والدها والانطلاق خارج المدينة.