كان قدرها أن تحيا معه، مع ذلك المخلوق الذي يقطر كراهية لكل ماهو مبهج ومبشر للخير في هذه الحياة؛ تلتف كلماته المعبأة بالسلبية حول عنقها لتزهق روحها، تحاول جاهدة انتزاعها لتكتشف أنها تصارع عدوًا للحياة فهو لم يستأنس بعد، وجدت صورتها تترنح أمام مرآة عداوته القاتمة، تحيا حبيسة داخل إطارها، تغمرها ظلالها الكئيبة التي تشبهه وكلما عزمت على ترويضه كلما ازداد هو في عناده وانفلت منه عقد تسلطه معيقًا خطواتها الوليدة نحو الأمل.
ما أسوأ حديثه وما أصعب التفاوض معه، خبأه القدر لها في طيات حكمه النافذ، ومن منا لا يستجيب للقدر؟، صفعات القلوب كانت دائمًا أشد وأعظم من صفعات الوجوه وهى لم تكن يومًا ذليلة وهذا ما زاد شعورها بالضجر، غابت عن سمائها كل النجوم فلم تكترث ومكثت في ركن حجرتها المظلمة تبتهل، إنها ما زالت تحلم بالقمر، الأمل هو سلاحها الوحيد الذي تصطحبه معها لمواجهة المحن، الإيمان بنصر من الله قريب وفرج قادم بداخلها يزدهر.
عادت وحيدة تجر ثوب أحزانها المطرز بدموعها المتلألئة، جلست في ركن حجرتها تصارع الأفكار مغتربة، تحتضن صورتها القديمة التي طالما نبضت بالحياة وأشرقت عليها في كل يوم شمس جديدة بعدد سنوات عمرها، غربتها الإجبارية طالت ولم تزل تشعر بالأمل، أراها تدخل لقدس أقداسها منفردة تسطر على جدار معبدها القديم نقوشًا من أحلام بنصر مبين وبنهاية حصار أثقلها بمرور الزمن.
ما أبشع السوادويون المصدرون للإحباط في قولهم وعملهم، فهم كمن غرس في أرضه بذورًا من المر وانتظرها حتى نضجت، ثم ذهب ليجني منها العسل، لو كانت هناك قوانين تسن وتحكم برجمهم، بضرورة التخلص منهم!، مهلًا فالخطوات مرسومة والأحداث مكتوبة ومن منا يستطيع أن يبدل القدر؟!.
الأمل قائم والحلم قابل للتحقيق، فمن العبث أن نتجاهل تصاريف القدر، فكم أصابتها من قبل طعنات وكم داعبتها أغصان الشجر، لعل الحلم يتحقق قريبًا، وتستبدل الحسناء ثوب عزاءها وتعود عروسًا لا يشيبها الزمن.