يُعتبر ألبرت أينشتاين، الذي تحل اليوم ذكرى وفاته، من أشهر العلماء والمفكرين في القرن العشرين، حيث قلبت نظرياته العلمية الرائدة مفاهيم الفيزياء الكلاسيكية رأسًا على عقب، فمن نظرية النسبية الخاصة إلى نظرية النسبية العامة، أثارت أفكار أينشتاين جدلاً واسعًا وغيرت نظرتنا للكون بشكل جذري.
لكن ما الذي جعل هذا العبقري المولود في ألمانيا يصل إلى تلك الآفاق العلمية المذهلة؟ هل كانت بوادر عبقريته واضحة منذ طفولته؟ كيف كانت حياته الشخصية وتجاربه مع الشخصيات البارزة في عصره؟ وما هي آراؤه حول القضايا السياسية والاجتماعية الملتهبة في تلك الفترة؟
في هذا الحوار النادر الذي نشرته مجلة "الهلال" في 1 يناير 1949، يكشف ألبرت أينشتاين بصراحة مذهلة ومثيرة للدهشة عن أعماق حياته العلمية والشخصية، بأسلوبه الفريد، يجيب العالم العبقري بنفسه عن أسئلة مباشرة تتناول مسيرته المهنية الاستثنائية، وجذور شغفه بالعلوم منذ نعومة أظافره، وتجاربه مع كبار القادة العالميين في عصره، ولا يتردد أينشتاين في الخوض في قضايا مثل الحروب والسلام والقنبلة الذرية.
نص الحوار:
1- هل صحيح ما يعال من أن أباك أهدى إليك «بوصلة» لكي تلهو بها وأنت طفل، فرحت تفكر في طريقة عملها، فأيقظ هذا في نفسك الميل إلى البحث العلمي؟
- نعم هذه قصة حقيقية.
2 - إذن فقد تجلت عبقريتك وأنت في مرحلة الطفولة؟
- لا، لقد كنت وأنا طفل معروفًا ببطء التفكير.
3 - هل كنت شقيا مشاغبا وأنت صغير أم كنت وديعا هادئا، وهل كانت طفولتك سعيدة؟
- كنت محبا للوحدة كثير الاسترسال في الخيال، ولم يكن من اليسير عليّ اجتذاب الأصدقاء.
4 - أصحيح أنك حينما كنت تلميذًا، عرض عليكم أحد المدرسين مسمارا كبيرا، زعم أنه استخدم في حادث صلب المسيح ؟
- نعم، هذا صحيح.
5 - ألم يقترح عليك أحد، لسبب ظروفك المالية، أن تحيد عن رغبتك في أن تصبح عالما وأن تلتحق بوظيفة لتكسب عيشك؟
- لم تكن المسألة مسألة رغبة وإنما كانت هدفا أجد متعة في السعي إليه، لقد كان مفروضا أن ألتحق بوظيفة، ولكن ذلك لم أكن أطيقه.
6 - هل قابلت القيصر ولهلم، وما رأيك في الشخصيات السياسية العالمية التي قابلتها أمثال بوانكریه وغاندي وملك البلجيك وامبراطور اليابان ؟
- لم أقابل القيصر ولهلم ولا بوانكريه ولكنني كنت معجبا بالأخير بوصفه عالما في الرياضة والطبيعة، أما علاقتي بالآخرين فكانت سطحية.
7- متى بدأت تهوى الموسيقى وبخاصة «الكمنجة» وهل تعرفها للتسلية وحدها، وهل تثير الضوضاء أعصابك، وهل تضايقك رؤية رجل يمضغ «لبانًا»؟
- أحب الموسيقى لأنني أحس أن فيها متعة نفسية، وأنا لا أهتم كثيرا بالضوضاء ولا أبالي أن أرى رجلا يمضغ لبانًا أو يمضغ ثعبانًا!.
8- هل تؤمن بأن من الميسور تفادي الحروب بيت روح السلام والتعاون في نفوس النشء الجديد؟
- لا أستطيع أن أقطع برأي في ذلك.
9 - هل ترى أن امتلاك أمريكا للقنبلة الذرية كاف وحده لحفظ السلام العالمي؟
- لا
10 - ماذا كان شعورك عند ضرب هیروشیما بالقنبلة الذرية، وهل تعتقد أنه يمكن الاحتفاظ بسرها ؟
- ساورني الرعب، ولست أعتقد أن صناعة القنبلة الذرية تنطوي على سر يمكن اخفاؤه.
11 - هل تظن أن في تقسيم فلسطين حلا لقضيتها، وما رأيك الخاص فيها ؟
- أرى ضرورة التعاون مع العرب.
12 - شاعت بین الناس دعابات كثيرة عن نظرية «النسبية»، فأي هذه الدعابات أعجبتك؟
- قيل أن فتاة ألمانية قابلت صديقة لها، فسألتها: «هل سمعت عن أینشتاین؟». فأجابت: ألست تقصدين ذلك الرجل المصاب «بغدة النسبية ؟!»
13- ما هو أعظم آثارك العلمية في نظرك؟
- نظرية التجاذب المبنية على قاعدة النسبية.
14 - هل صحيح أنك قلت مرة: إن إثنى عشر شخصا فقط في العالم كله يفهمون النسبية؟
- هذا ليس صحيحا.
15 - يحفظ الناس قولك:«الآن وقد ثبت أن نظرية (النسبية) صحيحة، سوف تعدّني ألمانيَا ألمانيًّا، وتعدّني فرنسا أنني لا جنسية لي.. ولو أن النظرية كانت خاطئة، لعدّتني فرنسا ألمانيًّا، وعدّتني ألمانيا یهودیا».. فمتى قلت ذلك؟
- حول سنة 1919 في مقال نشر بصحيفة «لندن تيمز»